هل فكرت يوماً في أن ابنك أو ابنتك يستقون فكرتهم عن العالم وعن أنفسهم منك، وخاصة في السن الصغيرة؟ فأنت المسئول عن تكوين معايير الصواب والخطأ لديهم، وذلك بشكل أساسي من خلال أفعالك وليس أقوالك كما قد تعتقد، فتأثير تصرف واحد منك أقوى بكثير من محاضرة طويلة ثقيلة تلقيها عليهم.
وأيضا أنت المسؤول عن تكوين شخصياتهم وفكرتهم عن أنفسهم ومستوى الثقة لديهم.
ولكن لا تعتقد أن تأثيرك يتوقف فقط عند هذا العمر، فهي تصف الطفل في المرحلة التالية من سن 7 إلى 11 سنة بأنه كالموزة، لين طري، قد نتسبب له في خدوش وجروح وثقوب تترك آثارا، بل وقد نكسره إذا حاولنا تقويمه بالشدة. أما في المرحلة التالية وهي مرحلة المراهقة فالطفل كالبيضة! يبدو صلبا من الخارج، بينما هو لين من الداخل، فإذا أستمرينا في توجيه الخبطات سوف يتشقق، بل وقد ينفجر في وجوهنا، فالطفل يبدو قوي من الخارج بينما هو هش من الداخل.
إذا رأيت من إبنك أو ابنتك سلوكاً غير مرغوب فيه، فاحذر من التعامل بشكل عنيف، ولا أعني هنا العنف الجسدي. احذر من القسوة والإهانة وخاصةً أمام الآخرين. بل احتوي أبنائك، وناقشهم، وعلمهم، برفق ولين وحزم عند الحاجة. لأن استخدام القسوة سوف يؤدي لنتائح عكسية على المدى الطويل، إما عن طريق: التمرد، فيفعل الطفل أو المراهق عكس ما تريد، أو عن طريق الانتقام ، فيرغب في إيلام المربي حتى ولو أضر بنفسه، أو ربما كانت النتيجة هي الانطواء والانسحاب منك، فيسعى لفعل ما يريد من وراء ظهرك، أو للأسف الانسحاب من من النفس، عن طريق التقييم السلبي للذات، فتتكون لديه قناعة بأنه شخص سيء، وتضيع ثقته في نفسه. وقديما قال ابن خلدون: "من كان مرباه بالعسف والقهر سطا به القهر وحمله على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه“".
عامل أولادك كما تحب أن تعامل، فلأطفال مشاعر مرهفة، فلا ترض لهم إلا ما ترضاه لنفسك مثلهم مثل أي شخص بالغ. فاحترام مشاعرهم يمنحهم شعوراً بالثقة والأمان والتواصل. اسمح لهم بالتعبير عن آرائهم بحرية، وحتى وإن كانت آرائهم لا تعجبك، ناقشهم فيها بوعي ونضج وصبر وسعة صدر.
شجع أولادك على استكشاف قدرتهم، واسند إليهم مهاماً حسب أعمارهم وقدراتهم، مما يعزز من قوتهم الشخصية واستقلالهم. وحتى وإن لم ينجحوا من المرة الأولى، شجعهم على الاستمرار في المحاولة وبذل ما يستطيعون، وإن أخفقوا في شيء، فاعتبر أخطائهم فرصاً للتعلم. ركز على تشجيع سلوكهم الطيب ومجهوداتهم، وليس مدح شخصهم، مما يعزز من التقييم الذاتي والثقة بالنفس والاعتماد على النفس ، أما المدح فقد يؤدي إلى الاعتمادية وانتظار الاستحسان من الآخرين.
إحرص أيضاً على إبداء حبك غير المشروط لأولادك، وعلى قضاء وقت ممتع معهم، ومناقشة ما يخصهم حتى وإن بدا لك تافها، واشركهم في اتخاذ بعض القرارات، واظهر ثقتك فيهم. أما في مواقف الضعف وفقد الثقة شجهم على التفكير في مميزاتهم ومحاولاتهم المستمرة، وإنجازاتهم ، حتى وإن كانت بسيطة.
عزيزي المربي، هذه دعوة لمراجعة النفس إذا كنت دائم الانتقاد والتعنيف، والحرص على عدم محو الشخصية أو تدمير نفسية الطفل أو المراهق، وإلا فلا تلم إلا نفسك إذا قدمت للعالم شخصا ضعيف الثقة، متخبط، مائع الرأي، فأنت إذا أرهبته من مواجهتك، كيف تتوقع أن يواجه العالم؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حتى وإن
إقرأ أيضاً:
إيمان كمال تكتب: شيرين ثروة قومية..انقذوها
طريقي ولازم أمشي فيه.. مفروض عليا ومفروضة عليه
لا أنا قادرة إني منه ارجع.. ولا عارفة حتى نهايته إيه
يهزمني هو مرة.. وأبكيله وأقوله ليه
وفي وسط بكايا ابتسمله وابصله واضحك عليه
إيه اللي عايزه مني وأنا عايزة منه إيه
حلقة مفقودة وما بينا صراع يا ليا يا إما ليه
هل كانت تدرك شيرين عبد الوهاب، حين غنت "طريقي" عام 2015، أن كلمات الأغنية ستصبح لاحقًا انعكاسًا حقيقيا لمسيرتها؟
ربما لم تكن تعلم أن هذا الطريق، الذي بدا حينها مفروشا بالنجاح والتألق، سيتحول إلى درب مليء بالتقلبات.
تحولت كلمات الأغنية بعد سنوات إلى جزء من تفاصيلها الانكسار والانتصار، الصعود والانهيار، نبؤة لما وصل إليه حال شيرين عبد الوهاب، حولت كلمات الشاعر الغنائي وليد الغزالي من مجرد حالة درامية إلى واقع تعيشه شيرين التي لم تعد تستطيع الإمساك بزمام خطواتها الفنية.
في السنوات الأخيرة أصابت التخبطات الشخصية توازن شيرين الفني تدريجيًا، لتتحول إلى النجمة الأكثر جدلًا، ورغم هذه التخبطات رصيدها الفني جعلها في الأكثر استماعا عبر المنصات المختلفة، وألبومها الأخير الذي قررت أن تطرحه عبر "البوتجاز" اعادها لصدارة المشهد، فنالت دعمًا من جمهورها المتعطش لحضورها.
هفوات وتخبطات مرت بها شيرين خلال العشر سنوات الأخيرة قوبلت بالتسامح والمحبة والسند، قبل أن تخيب آمال بعض من جمهورها في حفلها في ختام الدورة العشرين لمهرجان موازين إيقاع العالم ليفاجئ الحضور بشيرين تغني (بلاى باك) وكأن حضورها على المسرح مجرد صورة، وحتى حينما حاولت أن ترضي جمهورها وتغني "لايف" لم تكن شيرين في أفضل حالاتها، على مستوى التدريب والغناء.
في الحقيقة تحتاج شيرين عبد الوهاب لوقفة تحتاج إلى إرادة حقيقية لاسترداد بريقها قبل أن تفقده نهائيًا، قبل أن يأتي الوقت الذي تفقد فيه الدعم والسند فتجد نفسها محاصرة بالأخطاء.
تحتاج إلى التركيز على موهبتها فقط، إلى التدريب المستمر ربما تستعيد لياقتها الغنائية، على ألا تورط نفسها بالغناء في أى حفل جديد ولقاء جمهورها بشكل مباشر قبل أن تتعافى نهائيا من كل التخبطات.
تحتاج شيرين أن تصبح في يد إدارة أعمال أمينة، تتعامل معها كالجوهرة التي لا يمكن التفريط في موهبتها وإهدارها بالشكل الذي لا يليق بفنانة تنافس على لقب "صوت مصر".
أن ترجح كافة العقل إلى جانب رهافة الإحساس فتتعلم أن الحياة لن تنتظرها ولن تمنحها مزيد من الفرص، وأن الجمهور الذي أحبها واعتبرها الأكثر قربا وشبها والأقرب إلى القلب، سينفذ رصيدها لديه، مكتفيا بما قدمته عبر مسيرتها حتى وإن كان قليلًا.
إذا تحدثنا عن موهبة ومكانة شيرين عبد الوهاب فهى بكل تأكيد ثروة قومية وموهبة لا تتكرر كثيرًا عبر الزمن موهبة ربما لا تدرك هى نفسها قيمتها وقدرها أو ربما اطمأنت للمكانة التي وصلت واعتبرت أنها في المساحة الآمنة من النجاح التي لن تتغير دون أن تدرك أن كثير من النجوم والنجمات ما دام سقطوا في فخ الزمن الذي حرمهم من البريق فأصبح حضورهم ذكرى.
لازال لدى شيرين الوقت الكافي لتنقذ ما تبقى، لازال هناك الوقت لمساعدتها على الخروج من كل الأزمات الصحية والنفسية وحتى الغنائية، بمساندة ودعم ومحبة، صوتها الذي كان بوابة نجوميتها لم يعد وحده كافيًا لينقذها من تعقيدات الصورة التي رُسمت حولها.
أتمنى أن تدرك شيرين جيدًا الخطأ الدي وقعت فيه في ختام موازين، الذي أحيته ولم تكن مؤهلة لذلك، لتقرر أنها لن تعود على المسرح قبل أن تعيد إلينا مطربة نحبها من الأعماق، موهبتها أهم من كل الألقاب هى شيرين عبد الوهاب.