صدى البلد:
2025-05-21@00:32:27 GMT

مي حمدي تكتب: مرآة أولادك

تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT

هل فكرت يوماً في أن ابنك أو ابنتك يستقون فكرتهم عن العالم وعن أنفسهم منك، وخاصة في السن الصغيرة؟ فأنت المسئول عن تكوين معايير الصواب والخطأ لديهم، وذلك بشكل أساسي من خلال أفعالك وليس أقوالك كما قد تعتقد، فتأثير تصرف واحد منك أقوى بكثير من محاضرة طويلة ثقيلة تلقيها عليهم.

وأيضا أنت المسؤول عن تكوين شخصياتهم وفكرتهم عن أنفسهم ومستوى الثقة لديهم.

فإذا كنت دائم النهر والتوبيخ لابنك، كثير الانتقاد، تنعته بصفات غير حميدة، بل وقد تهينه - حتى وإن كنت تعتقد أنك تصوبه أو تصلحه وتقومه - كيف تتوقع أن تكون قناعته عن نفسه؟ ومن أين سيأتي بصورة مغايرة وأنت مرآته ونافذته على العالم؟ شبهت المستشارة التربوية حنان صبري الطفل حتى سن 7 سنوات بالإسفنجة، لذلك فوصمه بصفة سيئة قد يكون لديه معتقدا عن نفسه.

ولكن لا تعتقد أن تأثيرك يتوقف فقط عند هذا العمر، فهي تصف الطفل في المرحلة التالية من سن 7 إلى 11 سنة بأنه كالموزة، لين طري، قد نتسبب له في خدوش وجروح وثقوب تترك آثارا، بل وقد نكسره إذا حاولنا تقويمه بالشدة. أما في المرحلة التالية وهي مرحلة المراهقة فالطفل كالبيضة! يبدو صلبا من الخارج، بينما هو لين من الداخل، فإذا أستمرينا في توجيه الخبطات سوف يتشقق، بل وقد ينفجر في وجوهنا، فالطفل يبدو قوي من الخارج بينما هو هش من الداخل.
إذا رأيت من إبنك أو ابنتك سلوكاً غير مرغوب فيه، فاحذر من التعامل بشكل عنيف، ولا أعني هنا العنف الجسدي. احذر من القسوة والإهانة وخاصةً أمام الآخرين. بل احتوي أبنائك، وناقشهم، وعلمهم، برفق ولين وحزم عند الحاجة. لأن استخدام القسوة سوف يؤدي لنتائح عكسية على المدى الطويل، إما عن طريق: التمرد، فيفعل الطفل أو المراهق عكس ما تريد، أو عن طريق الانتقام ، فيرغب في إيلام المربي حتى ولو أضر بنفسه، أو ربما كانت النتيجة هي الانطواء والانسحاب منك، فيسعى لفعل ما يريد من وراء ظهرك، أو للأسف الانسحاب من من النفس، عن طريق التقييم السلبي للذات، فتتكون لديه قناعة بأنه شخص سيء، وتضيع ثقته في نفسه.  وقديما قال ابن خلدون: "من كان مرباه بالعسف والقهر سطا به القهر وحمله على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه“".


عامل أولادك كما تحب أن تعامل، فلأطفال مشاعر مرهفة، فلا ترض لهم إلا ما ترضاه لنفسك مثلهم مثل أي شخص بالغ. فاحترام مشاعرهم يمنحهم شعوراً بالثقة والأمان والتواصل. اسمح لهم بالتعبير عن آرائهم بحرية، وحتى وإن كانت آرائهم لا تعجبك، ناقشهم فيها بوعي ونضج وصبر وسعة صدر.

شجع أولادك على استكشاف قدرتهم، واسند إليهم مهاماً حسب أعمارهم وقدراتهم، مما يعزز من قوتهم الشخصية واستقلالهم. وحتى وإن لم ينجحوا من المرة الأولى، شجعهم على الاستمرار في المحاولة وبذل ما يستطيعون، وإن أخفقوا في شيء، فاعتبر أخطائهم فرصاً للتعلم.   ركز على تشجيع  سلوكهم الطيب ومجهوداتهم، وليس مدح شخصهم، مما يعزز من التقييم الذاتي والثقة بالنفس والاعتماد على النفس ، أما المدح فقد يؤدي إلى الاعتمادية وانتظار الاستحسان من الآخرين.

إحرص أيضاً على إبداء حبك غير المشروط لأولادك، وعلى قضاء وقت ممتع معهم، ومناقشة ما يخصهم حتى وإن بدا لك تافها، واشركهم في اتخاذ بعض القرارات، واظهر ثقتك فيهم. أما في مواقف الضعف وفقد الثقة شجهم على التفكير في مميزاتهم ومحاولاتهم المستمرة، وإنجازاتهم ، حتى وإن كانت بسيطة.

عزيزي المربي، هذه دعوة لمراجعة النفس إذا كنت دائم الانتقاد والتعنيف، والحرص على عدم محو الشخصية أو تدمير نفسية الطفل أو المراهق، وإلا فلا تلم إلا نفسك إذا قدمت للعالم شخصا ضعيف الثقة، متخبط، مائع الرأي، فأنت إذا أرهبته من مواجهتك، كيف تتوقع أن يواجه العالم؟
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حتى وإن

إقرأ أيضاً:

شيخة الجابري تكتب: الإمارات تصنعُ الدهشة

منذ اللحظة الأولى، وقبل أن تطأ قدمه أرض الدولة، والطائرات العسكرية الإماراتية من نوع «أف 16» ترافق طائرته، إلى أن حطت على أرض المطار الخاص، إلى أن ترجل من الطائرة، وتلقاه واستقبله بالترحاب والسلام والمحبة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وحتى مغادرته الدولة، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعبّر عن سعادته ودهشته، لما يشاهد في وطني من إنجازات لم تدهشه وحده، بل العالم بأسره.
نعم هي الإمارات الوطن الذي يصنع الدهشة، فكيفما عبرت طرق الوطن، وجلتَ في أرجاء الإمارات السبع، وجدت ما يخلب اللب، ويسلب القلب، ويروي ظمأك للجديد المبتكر، الذي لن تشاهده سوى هنا على أرض النمو والتطور الذي يسابق الزمن، والتي أصبحت الآن ثالث دولة تعمل على مشاريع الذكاء الاصطناعي الذي ستصدره قريباً للعالم.
جميعنا شاهد اللقطات التي اقتنصتها الكاميرات من طائرة الرئيس ترامب لنخلة دبي، هذا المشروع الكبير الذي يتسابق على الفوز بالإقامة فيه رجال الأعمال والأثرياء والمشاهير من كل أنحاء العالم، ويوم أن تُلتقط مشاهد من النخلة من طائرة أهم رئيس دولة في التاريخ الحديث، فهذا يعني أنها حصدت الإعجاب وأثارت الدهشة.
في زيارات الرئيس ترامب لمواقع مختارة في إمارة أبوظبي، كنّا نراه وابتسامته لا تفارق محيّاه، تعبيراً عن الإعجاب بالمنجزات الحضارية العظيمة التي تتحقق على مدار الساعة، حتى قصر الوطن، كانت نظرات الإعجاب به تكشف إلى مدى تصل لأهمية وجمال وروعة التصميم في القصر البهي. ومن الفتيات الجميلات اللاتي استقبلن الرئيس ترامب في المطار، في تعبيرٍ حيٍ عن اعتزاز الإمارات بتراثها وإرثها الوطني الضارب في عمق التاريخ، وإلى المشاهد التي نقلتنا إلى قصر الوطن، وعند صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والإعلان بحضورهما عن تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي  الأميركي الشامل بسعة قدرها 5 جيجاوات، والذي يُعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، نقف حقيقة أمام الدهشة العظيمة التي تصنعها الإمارات بكل اقتدار.
إن الفرحة تخالج قلوبنا جميعاً، محبة وتقديراً وامتناناً لقيادتنا الرشيدة، التي ومنذ عهد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحتى يومنا هذا، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يتعاظم دور الإمارات الإنساني والاقتصادي والسياسي والثقافي، هذا الدور الكبير الذي يحصد إعجاب العالم ومحبته وتقديره، حفظ الله وطني وقيادته وكلّ من يعيش على أرضه من كل شر.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: العالم على صفيح ساخن شيخة الجابري تكتب: في السفر وحكاياته

مقالات مشابهة

  • سونيا الحبال تكشف عن علامات الطاقة السلبية في المنزل
  • نهال علام تكتب: وعملت إيه فينا السنين
  • منى أحمد تكتب: صانع البهجة
  • النمر يوضح هل يؤثر كتم النفس على دقة قياس ضغط الدم
  • منال الشرقاوي تكتب: فيلم Delicious.. مذاق الصراع الطبقي تحت سطح الهدوء
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: الثقافة والأمن القومي
  • هند عصام تكتب: أصل النرجسية
  • كريمة أبو العينين تكتب: السيسي والقمة العربية
  • في ذكرى ميلاده .. يوسف إدريس طبيب النفس وتشريح المجتمع
  • شيخة الجابري تكتب: الإمارات تصنعُ الدهشة