بحثا عن سردية انتصار.. هذه روايات الاحتلال لقصة استشهاد السنوار
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
منذ إعلان استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، سعت إسرائيل إلى التلاعب بروايتها حول كيفية مقتله؛ بحثًا عن سردية انتصار تعزز صورتها أمام المجتمع الإسرائيلي والدولي.
ووفقًا للتقارير الإسرائيلية، تعددت الروايات حول كيفية وقوع الحدث، حيث حاول الإعلام الإسرائيلي والجيش صياغة رواية متماسكة تؤكد السيطرة والنجاح، في وقت أظهرت فيه الحقائق تناقضات وتغييرات مستمرة.
ورصد صهيب العصا في تقرير للجزيرة، روايات الاحتلال المتتالية لما حدث مساء الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتي بدأت بإعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس أنه تم قتل زعيم حركة حماس في رفح جنوبي القطاع الليلة الماضية.
إلا أن ذلك كشف أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن إلا بعد 24 ساعة من وقوع الحدث من التعرف على هوية الرجل المنشود، وهو الأمر الذي يُمكن أن يطرح تساؤلات حول كيفية تنفيذ العملية وفاعليتها.
وبينما سارع وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس جهاز الأمن الداخلي (شاباك) رونين بار، إلى موقع الحدث دون أي تفاصيل عما جرى قبل ذلك بساعات، انتشرت صور عبر منصات إسرائيلية على تليغرام تظهر السنوار مقتولا، مما دفع وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى التكهن بأن من ظهر في الصور قتل في مواجهة واشتباك.
طابع درامي
ورغم ذلك، سعت إسرائيل إلى تجاهل الصور وركزت على نشر مقاطع فيديو تزعم أنها توثق عملية مطاردة السنوار على مدار عام، محاولة إضفاء طابع درامي على العملية.
وفي تحول آخر في رواية الجيش، أُعلن أن السنوار لم يكن مختبئا في نفق كما زعمت الرواية الأولى، بل قُتل أثناء اشتباك مسلح مع قوات إسرائيلية.
واعترف الجيش لاحقًا بأن السنوار قُتل مع اثنين من مرافقيه، ولكن الرواية تبدلت مرة أخرى لتصبح أن الثلاثة تفرقوا من المنزل الذي تحصنوا فيه.
وكان أحد المرافقين الذين قُتلوا قائد كتيبة تل السلطان، محمود حمدان، الذي كانت إسرائيل قد أعلنت اغتياله في العاشر من سبتمبر/أيلول، أي قبل الاشتباك بـ5 أسابيع.
ولم تعلم إسرائيل بوجود حمدان مع السنوار إلا بعد إعلان حماس عن ذلك في اليوم التالي، مما كشف عن فجوات في المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية.
مشاهد مبالغ فيها
ونشرت القناة 12 الإسرائيلية مقطع فيديو مدته 3 دقائق يُظهر جزءا من الاشتباك الذي استمر لـ6 ساعات، ولكن الفيديو تضمن مشاهد درامية مبالغًا فيها، حيث ظهر جنود إسرائيليون وهم يتقدمون نحو المنزل الذي تحصن فيه السنوار دون أي مقاومة نارية تُذكر من الطرف الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن إسرائيل عادة ما تستخدم القوة المفرطة في مثل هذه العمليات، كتدمير أحياء كاملة أو إطلاق قذائف على المباني، فإن الفيديو لم يظهر مثل هذه المشاهد، مما أثار تساؤلات حول مصداقيته.
وفي محاولة أخرى لتشويه صورة السنوار بعد رحيله، نشر الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو يقول إنها تُظهر السنوار وعائلته قبل ساعات من تنفيذ عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث تم تصوير الرجل وهو يؤمّن نفسه وعائلته في نفق محصن، مما دفع الجيش إلى اتهامه بترك الفلسطينيين لمصيرهم.
كما نشر الجيش مزيدا من التفاصيل حول "الحياة المرفّهة" التي كان يعيشها السنوار، زاعمًا أنه كان بحوزته أموال كبيرة في مخبئه.
ومع كل هذه التفاصيل المتضاربة، يبدو أن إسرائيل لا تزال تسعى لبناء رواية متماسكة حول مقتل السنوار، ولكن مراقبين إسرائيليين يرون أن هذه الروايات المتعددة والمتناقضة قد تُحوِّل استشهاد السنوار إلى رمز وأيقونة للصمود والمقاومة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
بعد أحداث الخامس والعشرين من أكتوبر، وبعد استقالة حمدوك من رئاسة الوزراء، سعى الجيش السوداني لإزالة الاحتقان السياسي وفتح قنوات تواصل مع قوى الحرية والتغيير. تمخضت هذه الاجتماعات عن تكوين لجنة للتفاوض بين الجيش وقوى الحرية والتغيير..
كان الغرض الأساسي من تلك اللجنة هو التمهيد للوصول إلى اتفاق شامل بأفق وظروف جديدة متجاوزة لفترة حكم اتفاق كورنثيا، فضلاً عن توسيع دائرة المشاركة والاتفاق على صيغة جديدة تعالج الإخفاقات التي وقعت في الفترة الانتقالية وتمهد لفترة انتقالية جديدة تقود إلى الانتخابات. كان من وجهة نظر الجيش أن الوصول لتسوية شاملة يزيل مخاوف القوى السياسية التي رأت في أحداث أكتوبر انقلاب سيفرض مسار شمولي تكون فيه السيطرة للجيش..
ومن ناحية أخرى أراد الجيش أن يرسل رسالة للخارج بأنه ملتزم بعملية سياسية تقود لحكومة مدنية، بعيداً عن مخاوف عودة الإسلاميين. ومن هنا بدأ التواصل مع قحت وبدأ ما يسمى بالاتفاق الإطاري. وحتى لا تتفاجأ، فالجيش هو من مهد له، بعيداً عن الدعم الصريع، ولكن ليس بصيغته النهائية المعروفة..
إذا ماذا حدث، ولماذا الجيش الذي نادى باتفاق مع قحت رفضه في النهاية؟
ببساطة لأن ما حدث هو أن قوى الحرية والتغيير استفادت من دعوة الجيش لها، وقامت بتطوير الاتفاق والاتفاق مع الدعم الصريع على توظيف دعوة الاتفاق لتكون خصما على الجيش، وكل ذلك برعاية من دول إقليمية أرادت أن تضع الجيش في زاوية ضيقة، خصوصاً وهو من دعا للاتفاق. فقام الدعم الصريع بسرقة المبادرة وتطويعها لإقصاء الطرف المبادر وهو الجيش. بمعنى أن قوى الحرية والتغيير استحوذت على مبادرة الجيش وبنت تحالفاً انقلابياً على الطرف المبادر، وقدمت له اتفاقاً خصماً عليه..
فالجيش الذي نادى بالاتفاق وجد نفسه في اتفاق ينتقص منه ويجرده من صلاحياته لصالح قوى مدنية متحالفة مع الدعم الصريع. ذهب الجيش للاتفاق الإطاري البديل، ووجد نفسه مجددا مضطرا للمضي فيه بضغط خارجي، وتكشفت له أجندة جديدة وألغام مزروعة، كلما تخطى واحدة وجد نفسه أمام مشكلات كثيرة..
تورط الجيش بدخوله في اتفاق دعا له هو، وتحول إلى عبء عليه. بعد مدة اكتشفت استخبارات الجيش أن هنالك لجنة تنسيق سرية بين قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع برعاية دول عربية، هدفها الأساسي توحيد الرؤى والأهداف قبل بداية اللجان المشكلة..
فما كان يظنه الجيش موقف خاص للدعم، ما كان إلا جزءا من تبادل أدوار بينه وبين وقوى الحرية والتغيير..
وبعدما تم كشف تلك اللجان السرية واتخاذ الجيش موقف رافض لبعض بنود الاتفاق، ودعا لمعالجة بعض القضايا قبل الذهاب لاتفاق مع قوى متحالفة ضده، لم يعد أمام قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع إلا الانقلاب..
فبالمعطيات التي حصل عليها الجيش من تلك اللجان، لم يكن أمامهم سوى التحرك لحماية مستقبلهم، لكونهم تورطوا في مؤامرة استهدفت الدولة وجيشها. قام الانقلاب وفشل، وتبخرت أحلام الدعم وحلفائه.
الآن تحاول نفس القوى الإقليمية إعادة نفس مشاريعها لجر الجيش لتبني مبادرة للحل، ليعاد توظيف هذه المبادرة لتكون خصماً على الجيش كما حدث من قبل وتوجيه دعوات الحل لمصلحة أطراف أخرى..
لسنا محتاجين لتذكير الجيش بأخطائه، ولكن ما نطلبه منه هو بناء رؤية واضحة للحل، بعيداً عن سياسة اللا رؤية والفوضى التي انتهجها في السنين السابقة. وأول خطوات هذه الرؤية هي محاسبة الذين تآمروا عليه، واتخاذ موقف واضح منهم واجتثاثهم، حتى لا يأتي يوم ونرى الجيش يستجدي خصومه ليشركوه في الحل ويشركوه في التشاور.
حسبو البيلي
#السودان