العناصر النزرة بالمطبخ الجزائري.. رسائل مطمئنة وتوصية بالاعتدال
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
بينما كشفت دراسات سابقة عن تقييم محتوى الأغذية في المطبخ الجزائري من عناصر شهيرة مثل الفيتامينات والبروتينات وغيرها، فإن تقييم محتواها من العناصر النزرة، ظل يمثل فجوة بحثية، إلى أن نجح فريق بحثي من مؤسسات بحثية جزائرية عدة، ولأول مرة، في المساعدة على ملئها، عبر دراسة نشرتها دورية "جورنال أوف فوود كومبوسيشن آند أنالسيس".
و"العناصر النزرة"، تحتاجها الكائنات الحية، بما في ذلك البشر، بكميات صغيرة جدا، بحيث إذا زاد ما يدخل إلى الجسم عن تلك الكميات يكون هناك ضرر، وإذا كان ما يحصل عليه في المعدلات المطلوبة يكون له أدور حاسمة في الحفاظ على الصحة وتسهيل العمليات الكيميائية الحيوية الأساسية، ودعم الوظائف الحيوية مثل نشاط الإنزيمات، وإنتاج الهرمونات، والاستجابة المناعية، وصيانة بنية الخلية.
اختبار 5 عناصر نزرةواختبر الفريق البحثي، الذي يضم عادل بن عرفة، من حدة البحث في النباتات الطبية بولاية الأغواط التابعة لمركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة، ومحمد مسعودي من مركز البحث النووي في بيرين، تركيز 5 من هذه العناصر، وهي الكروم والكوبالت والحديد والروبيديوم والزنك، في 12 من الأطعمة المستهلكة بشكل شائع في المطبخ الجزائري، وهي الخبز والدقيق والمعكرونة والفاصوليا والعدس والطماطم والكوسة والبيض ولحم البقر وسمك السردين وسمك القد وسمك البوري الأحمر.
وحصل الباحثون على جميع المواد الغذائية في شكلها الخام، من سوق محلي في ولاية سطيف الجزائرية، في حين تم جمع 3 إلى 5 عينات على فترات لبضعة أيام، حتى تكون العينات التي يتم فحصها معبرة قدر الإمكان، ثم تم تحليل محتواها من العناصر الخمسة النزرة، باستخدام تقنية "تحليل التنشيط النيوتروني الآلي"، وهي طريقة دقيقة وغير مدمرة، ويتم تنفيذها عن طريق تشعيع عينات الطعام بالنيوترونات، مما يتسبب في تكوين نظائر مشعة للعناصر داخل العينة، وتصدر هذه النظائر أشعة جاما، التي يمكن قياسها بعد ذلك لتحديد تركيز كل عنصر.
وكانت نتائج فريق البحث مطمئنة فيما يتعلق بوجود العناصر النزرة في الأطعمة الجزائرية المستهلكة بشكل شائع. ومع ذلك، أكدت الدراسة أهمية الاعتدال في تناول بعض الأطعمة بسبب تركيزاتها المتفاوتة من عناصر معينة.
وسلطت الدراسة الضوء على لحم البقر، الذي يحتوي على أعلى تركيز من الكروم (4.02 مليغرامات/كيلوغرام) والروبيديوم (9.41 مليغرامات/كيلوغرام)، ووجد أن البوري الأحمر غني بشكل خاص بالزنك (268 مليغراما/كيلوغرام)، في حين تميزت العدس بمحتواها العالي من الحديد (151 مليغراما/كيلوغرام)، كما أظهرت الكوسة مستويات مرتفعة من الكروم (2.17 مليغرام/كيلوغرام) والروبيديوم (6.38 مليغرامات/كيلوغرام).
ويقول عادل بن عرفة، الباحث الرئيسي بالدراسة للجزيرة نت: "رسالتنا الأساسية هي الاعتدال في تناول الأطعمة، فرغم أنها توفر في الغالب مستويات كافية من العناصر الغذائية الأساسية، ولكن قد تكون هناك مخاطر مرتبطة بالإفراط في استهلاك عناصر معينة، إذا لم تتم مراقبة مستويات المدخول".
والحديد كأحد العناصر، ضروري لإنتاج خلايا الدم الحمراء، والزنك يدعم وظيفة المناعة، والكروم يساعد في تنظيم عملية التمثيل الغذائي، ويقدم الملف الغذائي المتنوع للمطبخ الجزائري، الغني بالبقوليات والخضروات والأسماك، مزيجا متوازنا من هذه العناصر، مما يدعم الصحة العامة والرفاهية، ولكن يجب التأكيد على الاستهلاك المعتدل، كما يؤكد بن عرفة.
ويضيف أنه "بالنظر إلى اعتماد الجزائريين على هذه المواد الغذائية، وخاصة خلال الأشهر الأكثر برودة من أكتوبر/تشرين الأول إلى مارس/آذار عندما يتم استهلاك الأطباق التقليدية المصنوعة من العدس والفاصوليا والمعكرونة بشكل متكرر، فإنه يجب التأكيد على التوصية بالاعتدال في الاستهلاك التي خرجت بها دراستهم، لتجنب أضرار الاستهلاك المفرط للعناصر النزرة".
ويتسبب الزنك على سبيل المثال، عند زيادة معدلة عن الاحتياج الطبيعي للجسم في مشاكل مثل الغثيان وفقدان الشهية وحتى قمع المناعة، أما الكروم الزائد فيصيب الكلى والكبد بمشاكل صحية، بينما الروبيديوم، الذي ليس له دور بيولوجي راسخ في جسم الإنسان، فتكون نتيجة الإفراط في تناوله، أعراضا عصبية مثل النعاس أو الرعشة أو التخدير ومشاكل في القلب، لذلك فإن نتائج الدراسة غير المسبوقة، تسلط الضوء على أهمية مراقبة وفهم المحتوى الغذائي للأطعمة اليومية، لضمان حصول السكان على العناصر الغذائية اللازمة للصحة المثلى، كما يوضح بن عرفة.
وتعد هذه الدراسة "غير المسبوقة" مقدمة لدراسات أخرى سيعمل عليها الفريق البحثي، ومنها دراسة يتم الإعداد لها حول عنصر "الزرنيخ" في الأطعمة الجزائرية.
والزرنيخ من العناصر النزرة، ولكن تصنيفه مثير للجدل إلى حد ما، وفي حين يتم تعريف تلك العناصر عادة على أنها معادن أو فلزات تحتاجها الكائنات الحية بكميات صغيرة جدا للوظائف الفسيولوجية الطبيعية، فإن الزرنيخ ليس له دور أساسي راسخ في علم الأحياء البشري، وهو معروف بخصائصه السامة وليس بأي آثار مفيدة.
ويقول بن عرفة: "عانت الصين قريبا من زيادة محتواه في بعض أطعمة المطعم الصيني ببعض المدن، ونريد أن نتأكد من أن مستوياته بالمطبخ الجزائري ضمن المعدلات الآمنة، التي توصي بها المنظمات الدولية".
ووضعت بلدان ومنظمات مختلفة، مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية وهيئة سلامة الأغذية الأوروبية، إرشادات للمستويات المسموح بها من الزرنيخ في بعض المنتجات الغذائية، وخاصة الأرز وعصائر الفاكهة، التي قد تحتوي على تركيزات أعلى بسبب التلوث البيئي.
وحددت إدارة الغذاء والدواء، على سبيل المثال، حدا أقصى يبلغ 100 جزء في المليار للزرنيخ في عصير التفاح، و200 جزء في المليار لأنواع معينة من الأرز.
بالإضافة لذلك، يخطط بن عرفة وأعضاء الفريق البحثي، لدراسة أخرى تتضمن فحص مستويات جميع العناصر النزرة في عينات من الأظافر والشعر البشري، لاختبار مدى توفرها في الجسم ضمن المعدلات المقبولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من العناصر
إقرأ أيضاً:
متبقيات المبيدات يختتم البرنامج التدريبي الدولي لمتخصصين من موريتانيا
اختتم المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية، التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، البرنامج التدريبي الدولي لمتخصصين من جمهورية موريتانيا والذي استمر لمدة شهر كامل.
وقالت الدكتورة هند عبداللاه، مدير المعمل، إن ذلك يأتي في إطار توجيهات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ومتابعة الدكتور عادل عبد العظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، بتعزيز التعاون مع الدول العربية الشقيقة ودول القارة الأفريقية، وتقديم كافة الخدمات المتاحة، ونقل الخبرات الفنية المتميزة التي تمتلكها مصر في هذا المجال.
وأشارت مدير المعمل إلى أن هذا التدريب الدولي تم بقسمي متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية بمركز التدريب التابع للمعمل، في إطار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالتنسيق مع هيئة الطاقة الذرية المصرية وتحت إشراف وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية.
وتابعت أن التدريب الذي تم إجراؤه داخل قسم متبقيات المبيدات جاء تحت عنوان "الكشف عن متبقيات المبيدات في العينات الغذائية والبيئية"، وتم باستخدام أحدث الأجهزة وأكثرها تطورًا على مستوى العالم في مجال فحص متبقيات المبيدات.
وأضافت أن من أهم العناصر التي اشتمل عليها البرنامج التدريبي بقسم متبقيات المبيدات: (تصنيفات المبيدات، الكيمياء، اللوائح، التطبيقات، آلية العمل)، تحضير محاليل معايير المبيدات وتأكيدها، طرق تحليل متبقيات المبيدات، فضلًا عن تحضير العينات، الاستخلاص، التنظيف، المعايرة، إعداد التقارير، استكشاف الأخطاء وإصلاحها، الصيانة، والطرق المختلفة للكشف عن بقايا المبيدات في عينات الأغذية باستخدام التقنيات الحديثة والمتطورة، فضلًا عن تنظيم وإدارة ضمان الجودة ومراقبة الجودة في مختبر بقايا المبيدات، وفقًا لمتطلبات الآيزو.
ونوهت عبداللاه بأن التدريب الذي تم بقسم العناصر الثقيلة في الأغذية جاء تحت عنوان: "طرق وتقنيات تحليل العناصر الثقيلة في العينات الغذائية والبيئية"، وذلك باستخدام أحدث الأجهزة، تم خلاله التدريب على عدة موضوعات ومن أهمها مصادر التلوث، السمية، التشريعات الدولية ذات الشأن للعناصر الثقيلة في الأغذية والبيئة، تحضير محاليل العناصر الثقيلة القياسية، الطرق القياسية لإعداد العينات بهدف تقدير العناصر الثقيلة، طرق تحليل وتقدير العناصر الثقيلة في العينات الغذائية، طرق تحليل وتقدير العناصر الثقيلة في العينات البيئية، تنظيم وإدارة مراقبة الجودة وفقًا لمواصفة الآيزو القياسية، إجراءات مراقبة الجودة الداخلية للإجراءات التحليلية.
وأوضحت مدير المعمل أن المعمل نظم خلال النصف الأول من العام الجاري 2025 أكثر من أربعة برامج دولية لدول أفريقية وعربية منها السنغال وتونس وموريتانيا في مجال فحص ملوثات سلامة الغذاء.