تناولت الكثير من وسائل الاعلام العالمية والعربية امس الاول ولاتزال تتناول حتي هذه اللحظة و علي نطاق واسع تقارير اخبارية عن شحنات اسلحة ايرانية تقول اخبار منسوبة الي جهات سودانية انها قد ارسلت الي السودان في اعقاب لقاء تم بين وزراء خارجية السودان وايران في العاصمة الاذربيجانية اثناء انعقاد قمة عدم الانحياز الاخيرة .


ولاتوجد تاكيدات قاطعة حتي هذه اللحظة عن هذا الموضوع ولكن لايوجد ايضا ماينفي العملية بل تدعم الرواية المشار اليها الكثير من قرائن الاحوال والمتغيرات الخطيرة علي الاصعدة السودانية والعربية واقليم الشرق الاوسط وعلي الاصعدة الدولية .
ومن المعروف ان وزير الخارجية السوداني الراهن علي الصادق مجرد " دوبلير " من صناعة غرفة عمليات الحرب السودانية التي تديرها الحركة الاسلامية السودانية وهو ليس وزير خارجية بالمعني المفهوم ولايحزنون وانما عبارة عن مرسال بدرجة وزير مثله مثل عشرات الدوبليرات الاخوانية من المستاجرين لتنفيذ الاجندة الخفية للحركة الاسلامية السودانية والامر ليس بالجديد وانما له جذور قديمة منذ بدايات الاحتلال الاخواني للسودان في العام 1989 حيث برعت الحركة الاخوانية في استخدام بعض الشخصيات والرموز لتنفيذ بعض المهام التي لاتستطيع الحركة الاخوانية القيام بها في العلن .
قامت حكومة الترابي في بداية عهدها بتعيين احد الشخصيات القانونية المشهورة بالظرف وخفة الدم وله شبكة من الاصحاب الظرفاء المعروفين في ليالي الخرطوم وامسياتها الساهرة وقامت الحكومة الاخوانية بوضع حراسة علي باب منزله ولما ذهب اليه اصحاب الامسيات ليعبروا عن استنكارهم ودهشتهم لقبولة ذلك المنصب في مناخ الرعب والصدمة السائد في البلاد في بدايات حكم الاسلاميين لم يجد مايدافع به عن نفسه ولكنه رد عليهم مستفسرا عن اسباب غضبهم قائلا لهم
" انه الوزير الوحيد الذي يشرب الويسكي في حراسة الشرطة "
القصة حقيقية لكنها تكشف عن اسلوب الرشوة السياسية المنهجية التي اتبعها نظام الاخوان والحركة الاسلامية في صناعة الدوبليرات المتواصلة حتي هذه اللحظة .
العلاقات الاخوانية السودانية مع ايران كانت متواصلة في سنين الانقاذ الاولي وعلي مدي فترة طويلة ولكنها تعرضت لانتكاسات وصلت قمتها عن طريق انقلاب الرئيس المعزول عمر البشير علي ايران بمبررات كاذبة وغير حقيقية واتهامه ايران بالعمل علي نشر المذهب الشيعي في السودان ثم عودته منكسرا الي المحور السعودي الخليجي بطريقة وضيعة ليس لها مثيل في تاريخ العلاقات السودانية السعودية - الخليجية التي كانت قائمة علي الاحترام المتبادل والمودة الصادقة ولكن الاسلاميين السودانيين انحدروا بتلك العلاقات اسفل سافلين واتجهوا الي التسول والمتاجرة بدماء السودانيين في حرب اليمن التي يحيط الغموض اليوم بما انتهت اليه تلك الحملات الحربية المكلفة وتاثيرها السلبي الخطير علي الامن والسلم واقتصاديات المنطقة العربية .
لذلك تظل احتمالات التدخل العسكري الايراني وامداد احد اطراف الحرب الراهنة في السودان امر محتمل الي حد كبير وقد جاء ذلك في افادات للكاتب والباحث والمؤرخ والخبير في الشؤون الايرانية والمحلل السياسي في عدد كبير من القنوات الفضائية واجهزة الاعلام العالمية السيد محمد محسن ابو النور نشرتها صحيفة العرب اللندنية جاء فيها ما نصه :
“ " إيران ترى أن دعم الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع يوفر لها عودة مأمولة لعلاقاتها مع إحدى أهم الدول العربية والأفريقية التي تمتعت فيها إيران بنفوذ واسع خلال ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته "
ومضي السيد ابو النور قائلا في هذا الصدد قائلا :

" وتمثل العلاقة العضوية بين الجيش والحركة الإسلامية السودانية أحد المفاتيح الرئيسية التي تساعده على تطوير علاقاته مع دولة مثل إيران على أساس أيديولوجي، ويجني منها كل طرف مكاسب مختلفة تساعده على امتلاك أوراق قوة في تفاعلاته، سواء أكانت عسكرية أم سياسية "

الي جانب ذلك يتضح بمالا يدع مجالا للشك ان الوضع الاقليمي والمصالحات العربية الايرانية ومع المملكة العربية السعودية علي وجه التحديد اصبحت تتحول بسرعة الي ضوء اخضر للتدخل العسكري الايراني في حرب السودان بموجب اتفاق استراتيجي طويل المدي بين النظام الايراني والتنظيم الاقليمي لجماعة الاخوان المسلمين في مخطط طموح يهدف بداية الي انقاذ الاسلاميين السودانيين من السقوط و تكريس مخطط الاحتلال الاخواني القديم المتجدد للسودان وترجيح كفة الاسلاميين في الحرب الراهنة في السودان والانطلاق من هناك الي دول الجوار السوداني والخليج العربي في البلاد العربية التي سياتي عليها الدور واحدة بعد الاخري ضمن اتفاق يهدف الي اقتسام النفوذ بين ايران وجماعة الاخوان في المنطقة العربية واقليم الشرق الاوسط واجزاء واسعة من القارة الافريقية ولاحديث بالطبع عن سوريا والعراق ولبنان التي تحولت الي قواعد طائفية وعقائدية مسلحة للجمهورية الاسلامية المزعومة في ايران .
لاتنتظروا امريكا ولا احد من العرب اوالعجم لكي ياتي لانقاذ السودان ولاتعتمدوا علي جماعات اليسار الامريكي السودانية والمعالجات الانصرافية والغير واقعية في ظل الحرب الاخوانية الراهنة ولابد من كيان جديد للمقاومة السودانية يستوعب بداية حقيقة مايجري في البلاد والعمل باجندة وطنية واقعية لحماية البلاد من تدخلات الراديكالية الشرق اوسطية والتحالفات الجديدة بين ايران وجماعة الاخوان السودانية والاقليمية .

https://www.facebook.com/mohamed.siddig.355/  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

للحرب وجوه كثيرة

لم تكن الحرب يوماً ما بكل آلامها ومآسيها غريبة عن البشرية، فقد صاحب انتشار الحروب في أنحاء كثيرة من العالم تطور كبير في الأسلحة المستخدمة فيها ، ونتيجة لذلك ظهرت أنواع من الأسلحة بالغة الأثر في هلاك البشرية، من تلك الأسلحة الفتاكة ؛ الأسلحة الكيميائية التي ظهرت لأول مرة في الحرب العالمية الأولى حينما أطلق الجيش الألماني غاز الكلورين على مساحة أربعة أميال مربعة وأصاب خمسة عشر ألف جندي، ثم استعمله البريطانيون بعد ستة أشهر في نفس المعارك وخلفت قتلى ومصابين كثر ، إلا أن الاستخدام في تلك الحرب كان بدائياً إلى حد كبير إذا ما قورن بالتقدم الذي حدث للأسلحة الكيميائية فيما بعد ، حيث لم تقتصر على غاز الكلور واكتشفت غازات أخرى كثيرة أكثر فتكاً بالإنسان ، وأصبحت قدرتها تفوق آلاف الأميال ولها آثار واضحة يسهل الاستدلال عليها و تسبب أنواعاً كثيرة من الأمراض مثل السرطانات والتشوهات الخلقية للأجنة وبعضها يحدث شللا للإنسان و آخر يحدث حروقاً تؤدي إلى الوفاة – لكنها في كل الأحوال لن تكون (كوليرا) مثلاً !!

هذا السلاح (الكيماوي) لابد له من عدة عوامل أهمها :

1/أن يكون غازاً ساماً جداً، حارقاً يؤثر على الإنسان والحيوان والبيئة من حوله.

2/يجب ألا يكون سهل التحلل خلال صناعته وحفظه إلى حين استعماله.

3/أن يكون له مواد خام سهل الحصول عليها وبكميات تكفي للعمليات الحربية.

4/يجب أن يكون سهل الحمل والنقل تحت احتياطات شديدة الحيطة والحذر لخطورته.

هذه الغازات – على حسب حديث الخبراء – إن لها آثارا على المسطحات المائية وتربة الأرض والتلال والمباني العالية ، وأنه يسهل فحص هذه العناصر الكيميائية بواسطة لجان مختصة وعبر تقارير من منظمات متخصصة ، وقد أفردت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وأوضحت الإجراءات التي تتبع عند الادعاء وإجراء التفتيش وجمع الأدلة حول استخدام دولة ما أسلحة كميائية وإرسال فريق خبراء وكيفية إعداد التقارير المتخصصة التي تدين الدولة إذا ثبت فعلا أنها استخدمت أسلحة كميائية ،، وليس بالادعاءات والافتراضات دون أدلة أو براهين عبر وسائل الاعلام ، فهل زارت لجنة خبراء متخصصة موقع الهجمات المزعومة في السودان ؟ و هل تم فحص عينات للتربة أو المياه في ذات المنطقة ؟ وهل تم تحليل للمخلفات البيولوجية فيها؟؟ وهل تم فتح تحقيق دولي رسمي عبر آليات المنظمة أو الأمم المتحدة حول استخدام الأسلحة الكيميائية؟؟ ،، هذه التساؤلات لابد وأن تكون حاضرة أولاً.

لخطورة الوضع سعى العالم للحفاظ على البشرية من خطر الأسلحة الكيميائية بوضع اتفاقية دولية عرفت بمعاهدة (حظر الأسلحة الكيميائية) وتكونت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومقرها لاهاي (هولندا) ، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 29 أبريل 1997م ، وتمثل المعاهدة نسخة موسعة ومنقحة من بروتوكول جنيف للعام 1925م حول الأسلحة الكيميائية، ومنعت المعاهدة استخدام الأسلحة الكيميائية وانتاجها وتخزينها ونقلها ، وأعطت المنظمة الحق في إجراء تفتيش لأي دولة عضو فيها يثور الشك حول استخدامها سلاحاً كميائياً وفق إجراءات معينة موضحة في الاتفاقية، وتضم الاتفاقية 193 دولة.

حصلت هذه الاتفاقية على جائزة نوبل للسلام في العام 2013م للجهود المبذولة في مكافحة استخدام الأسلحة الكيميائية في العالم .

علي الصعيد الوطني فقد إنضمّ السودان للاتفاقية في 16مايو 1999م ، ومنذ ذلك التاريخ والسودان عضو فاعل وملتزم بالاتفاقية وعضو داخل المنظمة الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وترأس المجموعة الأفريقية فيها ثم أصبح عضوا في المجلس التنفيذي لها وترأس المجلس التنفيذي ثلاث مرات ، آخرها كان حينما انتخب للمجلس التنفيذي في الدورة التاسعة والعشرين للدول الاعضاء في المنظمة والذي عقد في لاهاي نوفمبر 2024 للفترة من 2025 إلى 2027 م ، بالتالي من البدهي أن يكون السودان مدركا وملتزما بالاتفاقية وأحكامها وأن يحافظ على وضعه داخل المنظمة – بأقل تقدير – ووضعه الدولي أمام العالم كدولة فاعلة نالت ثقة رصيفاتها من الدول الأعضاء في ملف حظر الأسلحة الكيميائية.

لذلك فالادعاءات التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية ماهي إلا وجه آخر للحرب أو (نوعية جديدة) لكروت الضغط علي الحكومة السودانية بعد فشل خطط أبوظبي في تدمير السودان وهزيمة المليشيا الإرهابية أمام القوات المسلحة – رغم دعم ومساندة وتمويل أبوظبي لها بسخاء – وما أبوظبي إلا أداة لأيد خبيثة تود تدمير بلادنا لكن هيهات! !!

بالتالي جاء تدخل واشنطن بادعاء استخدام الجيش السوداني لأسلحة كميائية، دون الرجوع للمنظمة المعنية ودون إجراء تفتيش قانوني ودون أدلة تشير لهذا الادعاء المزيف متجاوزة بذلك أحكام الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وأحكام الأمم المتحدة التي تحدد الإجراءات في مثل هذا الوضع ، وتوقيع عقوبات على السودان بسبب تصريح صحفي أو معلومات مغلوطة يعد تسييساً للقانون الدولي لا يمت للعدالة بصلة .

وللولايات المتحدة سوابق بافتعال مثل هذه الادعاءات في العراق ثم في قصف مصنع الشفاء بالسودان بصواريخ كروز في 22 اغسطس 1998م .

بالتالي ما يحدث الآن ماهو إلا استمرار في سياسة استهداف السودان منذ سنين عبر العديد من صور الاستهداف منها تطبيق عقوبات اقتصادية وحظر دولي وعزلة عن العالم ، وحظر بعض الصادرات الأميركية للسودان ووضع قيود علي إمكانية الحصول علي قروض أمريكية وضمانات الائتمان ، واستغلال لحالة الحرب التي تعيشها البلاد ، لنشر الفوضى ، حتي تقبل بالحلول السياسية المفروضة من الخارج ولكن أيضا هيهات فالارادة والقيادة السودانية لا ولن تقبل هذا مهما حدث ، وهل هناك شئ أمر وأصعب من الحرب ؟!!!

لكن على بلادنا أن تتمسك بحقها القانوني وأن تواصل إجراءاتها عبر منصات القانون ووفق أحكام اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية للوصول لحقها القانوني والتعامل الجاد مع هذه الاتهامات المزيفة .

والتحية لقواتنا المسلحة التي أينما حلت حل الأمن والأمان ودخل معها السلام والطمأنينة للمواطن ، واستقبلها الشعب بالفرح والزغاريد ، وحل الاستقرار والإعمار بوجودها .

د .إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الخديعة الامريكية في المفاوضات النووية ماهي خسارة ايران التي لايمكن تعويضها
  • أبو الغيط يزور الأردن الأحد القادم ضمن وفد من اللجنة العربية الاسلامية
  • أبو الغيط إلى الأردن الاحد ضمن وفد من اللجنة العربية الاسلامية
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • بعد توليه رئاسة الحكومة السودانية.. من هو كامل إدريس؟
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • نغوغي وا ثيونغو وكرازيات الحرب السودانية
  • للحرب وجوه كثيرة
  • إنهم الآن يذوقون من الكأس ذاتها التي أرادوا أن يذيقوها للسودان
  • البرهان يصدر قرار عاجل بشأن إتهامات أمريكية بإستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب