موسم زيتون مغمّس بالدم في الضفة الغربية
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
الضفة الغربية - خاص صفا
في استراحة الصباح القصيرة، وبعد بضع ساعات من العمل في قطف ثمار الزيتون، اجتمعت العائلة تحت ظل الشجرة، واحتسوا القهوة متكئين على جذعها العريض لبضع دقائق، قبل ارتقاء الأم حنان أبو سلامة (59 عاماً) برصاص الاحتلال، في قرية فقوعة شمال شرق جنين.
"لحظات الوداع الأخير"، هكذا وصف فارس أبو سلامة نجل الشهيدة، الدقائق القليلة التي حظي بها مع والدته قبيل استشهادها، مضيفاً "كانت أكثرنا حماساً لموسم العام، وأكثرنا اشتياقاً لزيتوناتنا اللاتي لم نزرهن منذ عامين".
وكان مجلس قرية فقوعة أعلن الأربعاء الماضي، عن تنسيق الارتباط المدني الفلسطيني مع الاحتلال على السماح لأصحاب الأراضي التي تبعد الجدار 100 متر فأكثر، بالذهاب لقطف ثمار الزيتون.
وأفاد أبو سلامة في حديثه لوكالة "صفا"، بأن عائلته وأصحاب الأراضي توجهوا فجراً إلى أراضيهم في اليوم المقرر حسب التنسيق، ولم تمض إلا بضع ساعات حتى أمطرهم جنود الاحتلال بالرصاص، رغم التزامهم بالمسافة التي اشترطها الاحتلال.
وقال "تواصل إطلاق النار بعد تراجع العائلات إلى مسافات أبعد، لذا بدأ الجميع بالاستعداد للمغادرة ورفع والدي قبعته البيضاء ولوح بها للجيش أثناء مغادرتنا".
وأوضح أن والدته أصيبت برصاصة في الظهر أدت إلى استشهادها، أثناء تواجدها في منطقة تبعد عن جدار نحو 200 متر.
وتابع "أوشك الجنود على ارتكاب مجزرة في حق الأهالي، ولا أعلم كيف نجوت من وابل الرصاص الكثيف المنهال على رؤوسنا".
الموسم الأخطر
ومنذ مطلع أكتوبر/ تشرين أول الحالي، تصاعدت اعتداءات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين في كافة محافظات الضفة، بالتزامن مع دخول موسم قطف الزيتون، الذي وصف بالموسم الأخطر بسبب القيود المفروضة على الوصول والهجمات التي يشنّنها المستوطنون لمنع جمع المحصول.
وأفاد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، بأن موسم العام من أخطر المواسم التي مرت على المزارع الفلسطيني، بسبب إجرام وإرهاب جيش الاحتلال ومستوطنيه في كل مناطق الضفة.
وبيّن شعبان في حديثه لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يعلن مساحات شاسعة مزروعة بأشجار الزيتون المعمرة مناطق عسكرية، ويمنع وصول المزارعين إليها، ناهيك عن قطع مئات أشجار الزيتون وسرقة الثمار والاعتداء المباشر على المزارعين أثناء القطاف.
وقال إن زيتون العام مغمس بالدم، إذ يتزامن الموسم مع حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال في غزة، والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في الضفة.
وخلال النصف الأول من العام 2024، اقتلع الاحتلال 800 شجرة زيتون، بحسب شعبان، مضيفاً أن الاحتلال يستهدف شجرة الزيتون على مدار العام كاملاً كونها جزءاً من التراث والتاريخ والرواية الفلسطينية، ولتعبيرها عن صمود وتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه.
وأكد "على أن الرابط الوثيق بين المزارع الفلسطيني غير قابل للاجتثاث، وكنا نرى المزارعين كيف يقبلون بشوق على الشجرة التي لم يتمكنوا من رؤيتها منذ عامين".
وأشار شعبان إلى ضرورة التواجد الشعبي الكثيف لحماية المزارعين من اعتداءات المستوطنين، فضلاً عن تواجد ممثلين دوليين عن مؤسسات حقوق الإنسان في المناطق الأكثر عرضة لجرائم وإرهاب المستوطنين.
وبيّن أن المتضامنين الأجانب لم يسلموا من اعتداءات المستوطنين في قصرى ومسافر يطا والأغوار، وجرى اقتحام أماكن سكنهم والاعتداء عليهم بالضرب المباشر، كما تم ترحيل بعضهم إلى بلدانهم.
ولفت شعبان إلى أن موسم العام رغم وفرته تحفه الكثير من المخاطر، لاسيّما بعد موسم العام الماضي الذي انخفض انتاجه إلى الثلث، إذ تم انتاج ثمانية أطنان من الزيت من أصل 20 ألف طن.
وخلال موسم عام 2023، بقي أكثر من 96 ألف دونم من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون في جميع أنحاء الضفة، دون قطاف بسبب قيود الاحتلال التي فرضت على تنقل المواطنين والعنف الذي مارسه جيش الاحتلال ومستوطنيه تجاه المزارعين، وفق تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
وقدّرت خسارة المزاعين الفلسطينيين بأكثر من 1,200 طن من زيت الزيتون، ما أدى إلى خسارة مالية بلغت 10 ملايين دولار، تحديداً في محافظات طولكرم، ونابلس وقلقيلية، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: موسم الزيتون الضفة الغربية موسم العام
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تصعّد اقتحاماتها واعتداءاتها في الضفة
تشهد الضفة الغربية المحتلة تصعيدا ميدانيا خطيرا ومتواصلا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، يشمل عمليات اقتحام واعتداءات واسعة في مختلف المحافظات، وسط موجة قمع متصاعدة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي – أمس الخميس – مدينة البيرة وعدة بلدات وقرى في محافظة رام الله والبيرة.
وأفادت مصادر أمنية بأن الاقتحامات شملت حي أم الشرايط في مدينة البيرة وبلدة ترمسعيا وقرية عجول شمال المحافظة، إلى جانب بلدتي بيتونيا وبيت عور الفوقا غربا، وقرية دير نظام شمال غرب رام الله.
وخلال الاقتحامات، داهمت قوات الاحتلال عددا من المنازل والبنايات السكنية، وسط ترويع السكان وتحطيم محتويات منازل في بعض المناطق.
ولم ترد حتى الآن تقارير مؤكدة عن عدد المعتقلين أو الإصابات في هذه العملية، لكن شهود عيان أكدوا وقوع عمليات تفتيش عنيفة ومواجهات محدودة مع شبان فلسطينيين.
متابعة .. جانب من اقتحام قوات الاحتـلال دوار المنارة وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية pic.twitter.com/V1vzoD1ksT
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) May 8, 2025
وفي جنوب نابلس، اقتحمت قوات الاحتلال قرية اللبن الشرقية مساء الخميس، حيث أطلقت قنابل الغاز السام والصوت بكثافة تجاه الفلسطينيين ومنازلهم، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق.
إعلانوأكدت مصادر محلية أن قوات الاحتلال منعت تحرك المركبات داخل القرية طيلة ساعة من الاقتحام.
إصابات واعتقالاتكذلك، شهدت بلدة الخضر جنوب بيت لحم اقتحاما جديدا من قوات الاحتلال، التي تمركزت في منطقة "البوابة" ونشرت قناصة على الأسطح.
وأطلقت القوات الرصاص الحي وقنابل الغاز، ما أسفر عن إصابة شاب بعيار ناري في القدم، وطفل بشظايا في الصدر والوجه. كما ألحق الجنود أضرارا بمحل تجاري بعد تكسير واجهته الزجاجية.
وفي بلدة طمون جنوب طوباس، أصيب فلسطينيان، أحدهما مطارد كان هدفا للعملية، حيث أطلقت قوات الاحتلال الرصاص عليه قبل أن تعتقله، وسط حصار لمنزله ومنع طواقم الإسعاف من الوصول إليه.
وتمت العملية بعد تسلل وحدة إسرائيلية خاصة إلى البلدة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين قبل انسحاب القوة.
دمار ممنهجوفي سياق متصل، تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة جنين ومخيمها، حيث تقوم بعمليات تجريف وهدم واسعة النطاق داخل المخيم.
ووفقا لمسؤولين محليين، تهدف عمليات التجريف إلى تغيير معالم جنين بالكامل وطمس هويتها. وتشير تقديرات البلدية إلى أن إسرائيل هدمت ما يقرب من 600 منزل بالكامل، بينما تضررت مئات المنازل الأخرى بشكل كبير.
كما حوّلت قوات الاحتلال مدرسة الإناث التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى ثكنة عسكرية، استخدمت لتخزين العتاد والطعام والنوم، وسط أعمال تخريب في الصفوف والمرافق.
وفي بلدة برطعة شمال غرب جنين، اقتحمت قوات الاحتلال منزلا واعتقلت منه شابا بعد تدميره وتفتيشه. كما واصلت القوات إغلاق حاجز برطعة، وهو المعبر الحيوي الوحيد لسكان البلدة وقرية طورة.
وتعيش محافظة جنين حالة من الشلل الاقتصادي والاجتماعي، مع نزوح أكثر من 22 ألف شخص، وخسائر مادية تجاوزت 300 مليون دولار، بسبب الدمار الكبير في البنية التحتية والمنشآت التجارية.
إعلانوفي تطور مأساوي آخر، استشهد الأسير الفلسطيني المحرر والمبعد معتصم رداد في أحد مستشفيات مصر، متأثرا بمرض أصيب به داخل سجون الاحتلال.
وأفرجت إسرائيل عن رداد، المنحدر من بلدة صيدا شمال طولكرم، ضمن صفقة تبادل في يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن يتم نقله إلى مصر بسبب تدهور حالته الصحية.
ومنذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعدت قوات الاحتلال من اعتداءاتها في الضفة الغربية، حيث استشهد أكثر من 961 فلسطينيا، وأُصيب نحو 7 آلاف آخرين، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 16 ألفا و400 فلسطيني.