في قلب ولاية ميتشيغان، الولاية التي لعبت منذ فترة طويلة دورا حاسما في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، نشعر بهزة سياسية عميقة تحدث هناك. تغمر المظاهرات الشوارع، مع ارتفاع الأصوات ضد الإبادة الجماعية في غزة ولبنان واللافتات التي تدعو إلى إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين.

يطالب المتظاهرون، بوضوح وقوة، بتغيير في السياسة الخارجية الأمريكية ووضع حد لدعم أمريكا الثابت وغير المشروط لإسرائيل. ما يجعل هذه المظاهرات ذات أهمية خاصة ليس فقط أعداد المشاركين فيها ولكن الرسالة التي يحملها هؤلاء، وهي رسالة تحمل القدرة على تغيير مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024. فاليوم ربطت المجتمعات العربية والمسلمة مشاركتها بالانتخابات بإقرار وقف إطلاق نار في غزة وتوقف الحكومة الأمريكية عن المشاركة في الإبادة الجماعية الإسرائيلية لشعب بأكمله، ووضعوا يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر كبداية لتحرك شعبي واسع يدعو لمقاطعة الانتخابات ودعم غزة بالحد الأدنى الممكن، وهو الضغط على الإدارة الديمقراطية.

في انتخابات عام 2020، كان يُنظر إلى الأمريكيين العرب والمسلمين كمساهمين حاسمين في فوز جو بايدن في الولايات المتأرجحة الرئيسية، حيث ساعدت أصواتهم، كجزء من تحالف أوسع من الأقليات، في تأمين فوز ضيق في ولايات مثل ميتشيغان وبنسلفانيا وجورجيا. ولكن انتخابات 2024 تتجه إلى أن تكون قصة مختلفة، فهذه المرة يشير الناخبون العرب والمسلمين إلى أنهم قد لا يكونون على استعداد لدعم حزب سياسي يشعرون أنه تجاهل مخاوفهم، وخاصة فيما يتصل بالعنف الإسرائيلي غير المسبوق تاريخيا في غزة ولبنان. وفي ولايات مثل ميتشيغان، حيث يشكل العرب والمسلمون نسبة كبيرة من السكان، فإن احتمالات العواقب الانتخابية عميقة.

آثار هذا التحول تتجاوز انتخابات 2024. إذا نجح الأمريكيون العرب والمسلمون في مقاطعة الانتخابات أو تحويل أصواتهم إلى مرشحين من أطراف ثالثة، فقد يشير ذلك إلى بداية إعادة تنظيم أوسع في السياسة الأمريكية
ويتمثل جوهر هذا التحول في الشعور المتزايد بالخيانة، فقد كان الأمريكيون العرب والمسلمون، الذين ترجع جذور العديد منهم إلى بلدان متأثرة بالسياسة الخارجية الأمريكية، حساسين لفترة طويلة لتصرفات الإدارات الأمريكية في الشرق الأوسط. وعلى مدى عقود من الزمان، كانت هذه المجتمعات تراقب الحكومات الأمريكية المتعاقبة وهي تقدم الدعم غير المشروط لإسرائيل، حتى مع تسبب جرائمها في غزة والضفة الغربية في مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين. وبالنسبة للعديد من الأمريكيين العرب والمسلمين، فإن هذه ليست مجرد مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية، بل إنها أزمة أخلاقية ووجودية تضرب في قلب هوياتهم وأسرهم وإيمانهم.

تأتي انتخابات 2024 في وقت وصل فيه الوضع في غزة إلى نقطة تحول خطيرة، لقد خلفت الغارات الجوية المتواصلة والحصار والدمار عددا لا يحصى من القتلى المدنيين الفلسطينيين، وكثير منهم من النساء والأطفال. لا تقتصر صور الدمار على تقارير إخبارية بعيدة للأمريكيين العرب والمسلمين؛ بل إنها شخصية نظرا للروابط التي تربط هذه المجتمعات بأسر وعائلات في غزة ولبنان والشرق الأوسط. لقد ترك دعم إدارة بايدن الثابت لإسرائيل، وتوفير المساعدات العسكرية والغطاء الدبلوماسي، العديد من أفراد هذا المجتمع يشعرون بالغربة وخيبة الأمل.

أدى هذا الشعور بالخيانة إلى دعوات لمقاطعة انتخابات 2024. في ميتشيغان وعبر ولايات أخرى ذات أعداد كبيرة من السكان العرب والمسلمين، ينظم الناشطون مظاهرات واسعة النطاق وحملات سياسية للضغط على إدارة بايدن لتغيير موقفها من الحرب على غزة. المطلب واضح وهو أنه بدون وقف إطلاق النار في غزة، وبدون تحول ذي مغزى في السياسة الأمريكية، لن يشاركوا في الانتخابات. بالنسبة للحزب الديمقراطي الذي يعتمد على دعم المجتمعات الأقلية للفوز بالانتخابات المتقاربة، فهذا تهديد لا يمكن تجاهله.

ولكن أسباب هذا التحول تتجاوز العنف المباشر في غزة. فلسنوات، شعر الأمريكيون العرب والمسلمون بأن مخاوفهم -سواء كانت متعلقة بالحريات المدنية أو التمييز أو السياسة الخارجية- قد تم تهميشها من قِبَل الحزبين السياسيين الرئيسين. وفي حين أيدوا بايدن بأغلبية ساحقة في عام 2020، على أمل العودة إلى الحياة الطبيعية بعد الانقسام الذي شهدته سنوات ترامب، يشعر كثيرون الآن بأنّ ما يحدث في غزة والشرق الأوسط هو عبارة عن خيانة لأصواتهم، ويزعمون أن إدارة بايدن فشلت في الوفاء بوعودها، وخاصة في مجال السياسة الخارجية. والواقع أن الحرب في غزة عملت ببساطة على بلورة هذه الإحباطات.

كان الأمريكيون العرب والمسلمون تاريخيا كتلة تصويتية صغيرة، ولكنها مهمة. وفي حين يمثلون أقلية من الناخبين الإجماليين، فإن نفوذهم يتضخم في الولايات المتأرجحة، حيث يمكن حتى للتحول الطفيف في نسبة الإقبال على التصويت أن يقرر نتيجة الانتخابات. وميتشيغان مثال رئيس على ذلك. ففي عام 2020، فاز بايدن بولاية ميتشيغان بأكثر من 150 ألف صوت، وفي ولاية يقدر عدد سكانها من العرب والمسلمين بأكثر من 500 ألف نسمة، لعبت أصواتهم دورا حاسما. وفي عام 2024، قد تؤدي المقاطعة الجماعية من جانب الناخبين العرب والمسلمين إلى ترجيح الميزان لصالح الجمهوريين، وهو السيناريو الذي يثير قلق الاستراتيجيين الديمقراطيين بشدة.

إن ما يجعل هذه اللحظة ذات أهمية خاصة هو النضج السياسي المتزايد للمجتمع العربي والمسلم الأمريكي. لسنوات، كان هذا المجتمع مجزأ سياسيا، حيث تدعم الفصائل المختلفة أحزابا مختلفة على أساس القضايا المحلية أو التفضيلات الشخصية. لكن الحرب في غزة وحّدت العديد من الأمريكيين العرب والمسلمين حول قضية واحدة هي السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وقد أعطى هذا التوحيد المجتمع قوة سياسية جديدة، وهم على استعداد متزايد لاستخدامها. لم يعد الأمريكيون العرب والمسلمون راضين عن أن يُنظر إليهم على أنهم كتلة تصويتية ديمقراطية موثوقة، بل يشيرون إلى استعدادهم لحجب دعمهم ما لم يتم تلبية مطالبهم.

إن آثار هذا التحول تتجاوز انتخابات 2024. إذا نجح الأمريكيون العرب والمسلمون في مقاطعة الانتخابات أو تحويل أصواتهم إلى مرشحين من أطراف ثالثة، فقد يشير ذلك إلى بداية إعادة تنظيم أوسع في السياسة الأمريكية. لعقود من الزمان، شكلت المجتمعات الأقلية، بما في ذلك الأمريكيون من أصل أفريقي واللاتينيين والأمريكيين الآسيويين، بالنسبة للحزب الديمقراطي، فإن التحدي واضح. إذا كانوا يأملون في الاحتفاظ بدعم الأمريكيين العرب والمسلمين، فيجب عليهم أن يثبتوا أنهم على استعداد للاستماع إلى مخاوفهم واتخاذ إجراءات ذات مغزى. وقد يعني هذا الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، أو إعادة النظر في المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، أو الانخراط في دبلوماسية أكثر مباشرة مع القادة الفلسطينيينالعمود الفقري للائتلاف الانتخابي للحزب الديمقراطي. ولكن إذا تمكن الأمريكيون العرب والمسلمين من التعبئة حول مخاوفهم المشتركة والاستفادة من أصواتهم للمطالبة بالتغيير، فقد يلهم ذلك مجموعات مهمشة أخرى للقيام بنفس الشيء. وهذا من شأنه أن يمثل تحولا زلزاليا في السياسة الأمريكية، مما يجبر كلا الحزبين الرئيسيين على التعامل مع مخاوف الأقليات بجدية أكبر.

بالنسبة للحزب الديمقراطي، فإن التحدي واضح. إذا كانوا يأملون في الاحتفاظ بدعم الأمريكيين العرب والمسلمين، فيجب عليهم أن يثبتوا أنهم على استعداد للاستماع إلى مخاوفهم واتخاذ إجراءات ذات مغزى. وقد يعني هذا الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، أو إعادة النظر في المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، أو الانخراط في دبلوماسية أكثر مباشرة مع القادة الفلسطينيين. لكن الوقت ينفد فمع كل يوم يستمر فيه العنف في غزة، ينمو الغضب والإحباط داخل المجتمع العربي والإسلامي. إذا لم تتحرك إدارة بايدن قريبا، فإنها تخاطر بخسارة ليس فقط دعم الناخبين العرب والمسلمين، ولكن أيضا مكانتها الأخلاقية في قضايا حقوق الإنسان والعدالة.

تتجه انتخابات عام 2024 إلى أن تكون واحدة من أكثر الانتخابات أهمية في الذاكرة الحديثة، ليس فقط لمستقبل الولايات المتحدة ولكن لمستقبل الديمقراطية الأمريكية. إن المعارضة المتزايدة بين الناخبين العرب والمسلمين تعكس استياء أوسع نطاقا من نظام سياسي يتجاهل في كثير من الأحيان أصوات المجتمعات المهمشة، ولكنها أيضا تذكير بأن هذه المجتمعات تتمتع بالقوة، وهي مستعدة لاستخدامها. وسواء من خلال المقاطعات أو الاحتجاجات أو التنظيم السياسي، يطالب الأمريكيون العرب والمسلمون بأن تُسمَع أصواتهم. وفي انتخابات متقاربة النتائج، قد تكون مطالبهم العامل الحاسم.

وفي النهاية، فإن السؤال ليس ما إذا كان الأمريكيون العرب والمسلمون سيصوتون في انتخابات 2024، بل ما إذا كان الحزب الديمقراطي سيعطيهم سببا للقيام بذلك.

x.com/fatimaaljubour

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات غزة الديمقراطيين امريكا غزة انتخابات المسلمين الديمقراطيين مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمریکیین العرب والمسلمین وقف إطلاق النار فی غزة فی السیاسة الأمریکیة للحزب الدیمقراطی السیاسة الخارجیة انتخابات 2024 على استعداد إدارة بایدن هذا التحول إذا کان

إقرأ أيضاً:

الديمقراطية تتجسد في انتخابات الصحفيين.. التجديد النصفي يعيد شبانة ويمدد عضوية الزناتي وعبد المجيد

شهدت نقابة الصحفيين المصريين في الثاني من مايو الجاري حدثًا مهنيًّا بارزًا تمثَّل في انتخابات التجديد النصفي لاختيار النقيب وستة أعضاء جدد لمجلس النقابة. وبعد سلسلة من التأجيلات التي بدأت في السابع من مارس الماضي، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، اكتملتِ الجمعية العمومية، وسط مشاركة واسعة من الأعضاء، وأجواء ديمقراطية عكست حرصَ الجماعة الصحفية على إظهار صورة لائقة بالنقابة ودورها المهني.

تُعَد نقابة الصحفيين واحدةً من أعرق النقابات المهنية في المنطقة العربية، بعدما تأسست عام 1941 لتكون صوتًا للصحفيين المصريين في الدفاع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية، فضلًا عن الموقف القومي العروبي للنقابة، الذي تبدى خلال العقود الماضية، ووضح بقوة خلال اجتماع الجمعية العمومية الأخيرة، من واقع القرارات التي وافق عليها معظم الأعضاء.

ومن بين قرارات وتوصيات أعلنها رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، جمال عبد الرحيم: الرفض القاطع لمخططات تهجير الشعب الفلسطيني، تأييد الموقف المصري الرسمي الداعم للحقوق الفلسطينية، استمرار دعم الصحفيين الفلسطينيين الموجودين في مصر، التمسك بقرارات كل الجمعيات العمومية السابقة بشأن حظر كل أشكال التطبيع المهني والنقابي والشخصي بكافة أشكاله مع الكيان الصهيوني، ومنع إقامة أي علاقات مع الشركات والأفراد الإسرائيليين.

وجاءتِ انتخابات التجديد النصفي (تُجرى كل عامين) لتجديد منصب النقيب ونصف أعضاء المجلس، ومن ثم شكَّلت محطةً حاسمةً لتحديد مسار النقابة، وتزامنتِ الانتخابات مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، كما تزامنت مع تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور الأوضاع المالية للصحفيين، مما جعل قضايا كزيادة بدل التكنولوچيا وتحسين المعاشات محورًا رئيسيًّا في البرامج الانتخابية.

ضوابط المنافسة

حرصتِ اللجنة المشرفة على الانتخابات، برئاسة سكرتير عام النقابة، على وضع ضوابط صارمة لضمان نزاهة العملية الانتخابية. تم الإعلانُ عن إجراءات استرشادية شملت تسجيل الحضور من الساعة العاشرة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، مع إمكانية التمديد إذا لزم الأمر، كما تم تحديد آليات واضحة للاقتراع والفرز، مع إشراف قضائي كامل لضمان الشفافية. وقد ساهمت هذه الإجراءات في تعزيز ثقة الأعضاء في العملية الانتخابية، حيث لم تُسجَّل أيُّ شكاوى رسمية تتعلق بانحياز اللجنة لمرشح بعينه.

وقفتِ النقابة على مسافة متساوية من جميع المرشحين، وهو ما تجلَّى في عدة جوانب. أولًا، تم السماح لجميع المرشحين بتقديم برامجهم الانتخابية دون قيود، مع توفير منصات متساوية للدعاية داخل مقر النقابة. ثانيًا، حظرتِ اللجنة المشرفة أيَّ دعاية تحمل شعارات عنصرية أو تسيء للمنافسين، مما ساعد في الحفاظ على أجواء تنافسية مهنية. وثالثًا، تم التعاملُ مع جميع المرشحين بنفس المعايير فيما يتعلق بإجراءات الترشح، ومسار العملية الانتخابية، حتى إعلان النتائج.

مظهر حضاري

تميَّز الناخبون من الصحفيين بمظهر حضاري عكس وعيَهم بأهمية الحدث، وشهد مقر النقابة إقبالًا كبيرًا من الصحفيين من مختلف الأجيال والتوجهات. وأعلنتِ اللجنة المشرفة على الانتخابات اكتمالَ الجمعية العمومية بمشاركة 6051 عضوًا من بين 9902 عضوٍ مسدِّدٍ للاشتراك (بنسبة 61%)، بينما كان الحد الأدنى اللازم لاكتمال النصاب هو 2550 عضوًا (25%). وقد بلغ عدد الأصوات الصحيحة 5970 صوتًا، مقابل 81 صوتًا باطلًا.

تجلَّى المظهر الحضاري في مظاهر عدَّة، ليس فقط في الإشراف القضائي الذي لعب دورًا حاسمًا في تعزيز الثقة بالعملية الديمقراطية، خلال التصويت والفرز بحضور ممثلي المرشحين، بل أيضًا في: أولًا، التزام الناخبين بالضوابط التنظيمية، حيث لم تُسجَّل أيُّ حالات شغب أو تجاوزات أثناء التسجيل أو التصويت. ثانيًا، حرْص الأعضاء على مناقشة البرامج الانتخابية في إطار مهني، مع التركيز على قضايا مثل تحسين بيئة العمل الصحفي وحماية الحريات. وثالثًا، ساهم تنوع المشاركين، الذي شمل صحفيين شبابًا ومخضرمين، في إثراء النقاشات وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

كما أسهمتِ الإجراءات اللوجستية في تعزيز هذا المظهر الحضاري. فقد جهزتِ النقابة خيمةً أمام المقر لاستقبال الناخبين، مع توفير خدمات طبية للطوارئ. وتجسدتِ الأجواء الديمقراطية في حرية التعبير التي تمتع بها المرشحون والناخبون على حدٍّ سواء، وأسهم التنوعُ في المرشحين في تعزيز الطابع الديمقراطي، بعدما تنافس 43 مرشحًا لعضوية مجلس النقابة فوق وتحت السن، و8 مرشحين لمنصب النقيب، مما عكس تعدد الرؤى والتوجهات داخل الجماعة الصحفية.

أسفرتِ الانتخابات عن فوز خالد البلشي بمنصب النقيب لدورة ثانية، بحصوله على 3346 صوتًا، مقابل 2562 صوتًا لعبد المحسن سلامة. كما تم انتخاب ستة أعضاء لعضوية المجلس، هم: محمد شبانة، حسين الزناتي، محمد سعد عبد الحفيظ، أيمن عبد المجيد، إيمان عوف، ومحمد الشاذلي، وسط رهانات على تحسين الخدمات الاجتماعية وزيادة بدل التكنولوچيا دون التنازل عن المبادئ المهنية.

توصيات مهمة

فيما يتعلق بالتوصيات، وافقتِ الجمعية العمومية على عدد من البنود الجوهرية. شملتِ التوصيات: تفعيل القرار السابق بحظر الجمع بين مواقع النقيب وأعضاء مجلس النقابة، وبين أي منصب حكومي بالتعيين أو الانتداب أو الإعارة أو على أيِّ نحوٍ كان، لصون استقلال نقابة الصحفيين واستقلالية نقيبها وأعضاء مجلسها المنتخبين، وحرصًا على تجنُّب تعارض المصالح، وكذلك إعمالًا لضمانات القانون التي تشدد على استقلالية الصحفيين أنفسهم، وفقًا للمادة (7) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018.

كما أوصتِ الجمعية العمومية بعدم الموافقة على إجراء تعديلات على قانون نقابة الصحفيين (رقم 76 لسنة 1970)، إلا بعد العرض على جمعية عمومية مكتملة النصاب.

وأوصتِ الجمعية مجلسَ النقابة بعدم قبول الحاصلين على شهادات «التعليم المفتوح» للقيد بالنقابة، ويُستثنى من ذلك الحاصلون على الثانوية العامة أو الأزهرية قبل الالتحاق بالتعليم المفتوح.

كما دعتِ الجمعية مجلس النقابة إلى مخاطبة الهيئة الوطنية للصحافة لتحويل صرف بدل التدريب والتكنولوچيا الخاص بالمؤسسات الصحفية القومية إلى نقابة الصحفيين مباشرة، تمهيدًا لإعداد لائحة مالية موحدة لأجور الصحفيين في المؤسسات القومية، بما يضمن المساواة بين الزملاء في مختلف المؤسسات.

وشملتِ التوصيات كذلك إنشاء دار مسنين لشيوخ المهنة، مع تنظيم ملتقى سنوي للتوظيف يتيح للصحفيين وأبنائهم فرصةَ التواصل المباشر مع الجهات والمؤسسات المختلفة، بما يسهم في توفير فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم وخبراتهم، ويعزز من دور النقابة كجسر فاعل بين أعضائها وسوق العمل.

تكليفات نقابية

كلَّفتِ الجمعية العمومية مجلسَ النقابة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العام السادس للصحفيين، الذي عُقد خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر الماضي، واعتمادها كخطة عمل لإصلاح أوضاع المهنة. وشمل ذلك: تعديل لائحة القيد لغلق الأبواب الخلفية أمام غير الممارسين للمهنة، إلزام المجلس بالمراجعة الدورية لأوضاع الصحف، منع القيد من صحف متوقفة أو غير مستوفاة للهياكل الإدارية، إلى جانب مراجعة دورية لأعداد المقبولين من الصحف المختلفة.

كما تم تكليف المجلس بتفعيل قرار الجمعية السابق بالتصدي للكيانات النقابية الموازية، التي تغتصب جزءًا من الدور القانوني والمهني للنقابة، رغم كونها كيانات عمالية لا علاقة لها بالمهنة. وأكدتِ الجمعية أن هذه الظاهرة تفتح البابَ لانتحال صفة صحفي، وتسمح بتدخلات غير قانونية في شئون الصحافة.. مطالبةً الأجهزة المعنية بعدم منح هذه الكيانات أيَّ تسهيلات أو مزايا باسم الصحفيين، والتأكيد على أن التعامل في هذا الشأن يتم حصريًّا مع النقابة. كما شددت على ضرورة تفعيل قانون النقابة تجاه مَن ينتحل صفة صحفي.

وأقرتِ الجمعية تكليفَ مجلس النقابة بسرعة إقرار لائحة موحدة للأجور في كل المؤسسات الصحفية التي يُقبل منها الأعضاء بالنقابة، بما يضمن حياةً كريمةً للصحفيين، على ألا يقل الحد الأدنى للعقود المعترَف بها عن الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة. كذلك شددتِ الجمعية على ضرورة التحرك العاجل لحل أزمة الصحف الحزبية والمستقلة المتوقفة عن الصدور.

وأكدتِ الجمعية تفعيل قرارِها السابق بإلزام مجلس النقابة بإحالة رؤساء مجالس إدارات الصحف من أعضاء النقابة، ورؤساء التحرير، إلى التأديب حال فصلهم الصحفيين تعسفيًّا. كما شددت على ضرورة التعامل الجاد والسريع مع ظاهرة الفصل التعسفي، واعتباره «خطًا أحمر»، مع تأكيد التضامن الكامل مع الزملاء الذين لا يزالون رهن الحبس الاحتياطي، والمطالبة بالإفراج عنهم بضمان النقابة، وتحسين أوضاعهم المعيشية والصحية، وتسهيل زيارات أسرهم، وتمكين أعضاء مجلس النقابة ومحاميها من التواصل معهم.

وجاء إعلان نتائج الانتخابات متزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)، وهو مناسبة سنوية لتذكير الحكومات بضرورة احترام حرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين. كما يشكل اليوم فرصةً للتأمل في قضايا حرية الصحافة وأخلاقياتها، ويخصصه العالم لتقييم حال الصحافة، والتذكير بانتهاكات حرية التعبير، وتكريم الصحفيين الذين ضحّوا بحريتهم أو حياتهم من أجل إيصال الحقيقة.

اقرأ أيضاً"يوم".. الصحفيين

«عبد المحسن سلامة» يهنئ البلشي لفوزه بمنصب نقيب الصحفيين ويشكر الجمعية العمومية

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين يشمل البحر الأحمر والملاحة الدولية
  • مناقشة إجراءات مقاطعة البضائع المنتجات الأمريكية والإسرائيلية في البيضاء
  • مرشّح مدعوم سراً في انتخابات طرابلس
  • السريري: الأزمة الليبية لن تُحل إلا بتوافق وطني حقيقي يُفضي إلى انتخابات برلمانية ورئاسية
  • الديمقراطية تتجسد في انتخابات الصحفيين.. التجديد النصفي يعيد شبانة ويمدد عضوية الزناتي وعبد المجيد
  • فوز لائحة نبض جديد كاملة في انتخابات بلدية دفون
  • الرئيس سليمان هنأ الفائزين في انتخابات المجالس البلدية
  • أول انتخابات في لبنان منذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله
  • انتخابات الضاحية: فوز الثنائي كان محسوماً
  • مؤيد ترامب يتصدر نتائج انتخابات الرئاسة في رومانيا