تابعت بيان جامعة الدول العربية الصادر في 20 يونيو 2025، بشأن الحرب القائمة بين النظام الخميني والكيان الإسرائيلي، وهو ما يدفعني كيمني إلى وضع هذه الملاحظات المختصرة، مخاطبا المسؤولين عن هذا الموقف.

من الطبيعي أن تلجأ بعض الدول العربية إلى احتواء الموقف وتجنب الانخراط في الصراع حرصا على مصالحها وأمنها القومي، لا سيما في ظل محاولات مستمرة لاستهداف عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها دول الخليج وجمهورية مصر العربية وهي دول نحرص جميعا على أمنها وسلامة أراضيها كونها صمام أمان دولنا العربية.

لكن ما ليس طبيعيا هو تجاهل الاستهداف الممنهج الذي يتعرض له العرب عموما واليمنيين خصوصا منذ أكثر من ثلاثة عقود على يد النظام الخميني.

كيف يؤيد اليمن مضامين بيان يتبنى الدفاع عن النظام الخميني دون تحفظ؟ أليس هذا هو النظام الذي أشعل حربا في اليمن، وسلح ومول جماعة عرقطائفية، قتلت مئات الآلاف وهجرت وجوعت الملايين؟

كان من المفترض -على الأقل- أن يتضمن البيان إشارة إلى القلق من السلوك الإيراني في المنطقة، وأن يحمل هذا النظام مسؤولية دوره في تمزيق أربع دول عربية وهذا لا يعني تأييد لإسرائيل بأي شكل من الأشكال.

لكن البيان ذهب إلى تقديم غطاء سياسي غير مباشر للنظام الإيراني، وكأنه طرف بريء لا علاقة له بمآسي اليمنيين والسوريين واللبنانيين والعراقيين.

لنفترض أن اليمن كعضو في الجامعة العربية لم يستطع وضع مادة تحمل إيران مسؤولية ما يحدث في بلادنا، كان على الأقل تسجيل تحفظ أسفل البيان، كما فعلت دول أخرى (تونس، العراق) في البيان نفسه.

أليس من الأجدر أن يسجل تحفظ يمني يدين فيه النظام الإيراني الذي أصلا لا يعترف حتى اليوم بالحكومة الشرعية اليمنية، في المقابل يرسل سفراءه للحوثيين؟! لماذا هذا التردد والتراخي في واحدة من أكثر القضايا وجودية ومصيرية لليمنيين؟ لماذا تسترخص دماء اليمنيين في مواقف دبلوماسية كهذه؟ حتى لو اقتصر الموقف على إبداء تحفظ في خاتمة البيان، يحمل إيران مسؤولية دعمها للحوثيين، ويطالبها بوقف هذا الدعم، وصدقوني لن تعترض أي دولة عربية على هذا التحفظ وهو يعتبر أضعف الإيمان.

صيغة البيان توحي بوجود إجماع عليه، لكنه لا يمثل موقف كل الدول الأعضاء بصدق. فدولة مثل اليمن التي تدفع ثمن التدخل الإيراني يوميا وفي كل لحظة، لا يمكن أن تكون ضمن المدافعين عن ما يسمى “الحرس الثوري الإيراني”، الذي تورط في تسليح الحوثيين وتدريبهم وإرسال الأموال والمسيرات والصواريخ التي تقتل أطفالنا كل يوم.

المؤسف أن البيان الأخير تجاهل بالكامل ما جاء في بيان الدورة الوزارية 158 سبتمبر/أيلول 2022، والذي أدان تدخلات إيران في الدول العربية بوضوح، وأكد على مخاطر برنامجها النووي. ما الذي تغير خلال عامين حتى ينسى كل ذلك ويقدم النظام الإيراني اليوم كضحية، ويمنح غطاء عربيا بلا مقابل؟

أما الربط بين العدوان الإسرائيلي على إيران والقضية الفلسطينية، فهو خلط غير مبرر. لأن الجميع يعرفون بأن الصراع القائم اليوم مرتبط ببرنامج نووي إيراني وصواريخ بالستية طويلة المدى وتوازنات إقليمية، ولا علاقة له بمعاناة أهلنا في فلسطين.

ولو كان النظام الإيراني صادقا في دعم القضية الفلسطينية، لأطلق صواريخه عقب عملية 7 أكتوبر وليس بعد استهداف منشآته النووية.

إن صدور مثل هذا البيان دون تحفظ يمني، رغم معاناتنا بسبب هذا النظام، يمثل خذلانا سياسيا لقضيتنا الوطنية، وتفريطا بفرصة لتذكير العرب والعالم بحقيقة المأساة اليمنية.

لا نطالب بالدخول في مواجهة مع شركاءنا في الدول العربية، لكن صدقوني: لا أحد سيقف أمامكم إذا أصريتم على التمسك بقضيتكم وحقوقكم وعدم التنازل عنها حتى على الأقل بالإشارة إليها وعدم منح عدوكم مشروعية سحقكم بمثل هذه المواقف.

من صفحة الكاتب على منصة “أكس”

همدان العليي22 يونيو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام تقرير صادم: ضحايا ترامب المدنيون في اليمن خلال 52 يومًا يعادلون قتلى 23 عامًا من العمليات الأمريكية مقالات ذات صلة تقرير صادم: ضحايا ترامب المدنيون في اليمن خلال 52 يومًا يعادلون قتلى 23 عامًا من العمليات الأمريكية 22 يونيو، 2025 أولويات الحوثيين.. هل أصبحت اليمن درعًا لإيران في الحرب؟ 21 يونيو، 2025 السعودية تجدد التزامها بدعم السلام في اليمن 21 يونيو، 2025 إصابة شخصين في تبادل لإطلاق النار بصبر الموادم في تعز 21 يونيو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة تفكيك الوهم 18 يونيو، 2025 الأخبار الرئيسية لماذا لا يتحفظ اليمن على بيان عربي يتجاهل معاناته؟ 22 يونيو، 2025 تقرير صادم: ضحايا ترامب المدنيون في اليمن خلال 52 يومًا يعادلون قتلى 23 عامًا من العمليات الأمريكية 22 يونيو، 2025 أولويات الحوثيين.. هل أصبحت اليمن درعًا لإيران في الحرب؟ 21 يونيو، 2025 السعودية تجدد التزامها بدعم السلام في اليمن 21 يونيو، 2025 إصابة شخصين في تبادل لإطلاق النار بصبر الموادم في تعز 21 يونيو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك تفكيك الوهم 18 يونيو، 2025 لا تتخلوا عن الدبلوماسية مع إيران 18 يونيو، 2025 عدن روح المشروع الوطني 12 يونيو، 2025 كيف تسبب “مجتمع دولي من فاعلي الخير” في فقدان الولايات المتحدة بوصلتها في اليمن؟ 7 يونيو، 2025 تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن 30 مايو، 2025 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 20 ℃ 28º - 19º 27% 0.34 كيلومتر/ساعة 28℃ الأحد 29℃ الأثنين 28℃ الثلاثاء 28℃ الأربعاء 30℃ الخميس تصفح إيضاً لماذا لا يتحفظ اليمن على بيان عربي يتجاهل معاناته؟ 22 يونيو، 2025 تقرير صادم: ضحايا ترامب المدنيون في اليمن خلال 52 يومًا يعادلون قتلى 23 عامًا من العمليات الأمريكية 22 يونيو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬499 غير مصنف 24٬217 الأخبار الرئيسية 16٬684 عربي ودولي 7٬896 غزة 10 اخترنا لكم 7٬388 رياضة 2٬572 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬421 كتابات خاصة 2٬184 منوعات 2٬112 مجتمع 1٬954 تراجم وتحليلات 1٬966 ترجمة خاصة 196 تحليل 25 تقارير 1٬715 آراء ومواقف 1٬621 ميديا 1٬540 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬423 فكر وثقافة 955 تفاعل 859 فنون 506 الأرصاد 483 بورتريه 68 صورة وخبر 41 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات ليلى علي عمر الاحمدي

أنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...

علي الشامي

نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...

محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد

محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...

موطن غلبان

قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...

أحمد ياسين علي أحمد

المتحاربة عفوًا...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الدول العربیة تقریر صادم

إقرأ أيضاً:

البيان الختامي في غدير خم

 

لم يكن يوم الغدير لحظة عابرة في التاريخ، بل لحظة فاصلة، على صعيدٍ رملي بين مكة والمدينة، اختار المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله مكانًا لم يُعرف من قبل بغير كونه مفترق طرق، فجعل منه مفترقًا للمواقف والولاءات، حين رفع يد الإمام علي -عليه السلام- أمام آلاف الحجاج، وأعلن، بأمر من السماء، نهاية مرحلة النبوة وبداية امتدادها.
في غدير خم، لم يُلقِ المصطفى خطبة وداعية فقط، بل بلّغ أمرًا إلهيًا بحجم الرسالة نفسها، الكلمات التي نطقها كانت فاصلة، لم تكن مجرد وصية، بل تفويض إلهي يُتمم الرسالة، ويوصل الأمانة إلى من يستحقها، ويؤسس لمفهوم القيادة المستمرة بعد النبوة، قيادة للحق والعدل، لا للملك والوراثة.
كانت السماء شاهدة، والجموع شاهدة، والأرض التي عانقت أقدام الحجاج كانت تحفظ صدى ذلك الإعلان الإلهي. لم يكن ذلك يومًا من أيام الفخر، بل يومًا من أيام المحنة للقلوب التي لم تطق سماع اسم الإمام علي مرفوعًا فوق رؤوسهم، فبدأت منذ لحظتها محاولات الطمس، ومحاولات التجهيل، وتدوير النصوص لخدمة الحكم لا للدين.
ومع ذلك، ظل صوت الغدير يتردد في قلوب المؤمنين. في اليمن، هذا الصوت لا يزال حيًّا، يُردَّد في المدارس، في المساجد، في البيوت، وفي جبهات القتال، يرفرف رايةً وولاءً، ويرفع الإمام علي إمامًا كما رفعه المصطفى بيده الشريفة. فكل عام، يجدد اليمنيون عهدهم معه، لا لذكرى فقط، بل كهوية، كقضية، كعقيدة لا تموت.
في المقابل، يقف الأعراب في خندقٍ معاكس، تائهين بين موائد التطبيع، ومبادرات الذل، يسلّمون لفكرة “الوليّ” الجديد الذي يسكن تل أبيب، ويجعلون من أمريكا ربًّا أعلى في قراراتهم، سقطت عنهم آخر أوراق الادّعاء، بينما يرفع اليمنيون راية الغدير سيفًا بوجه العدوان، وموقفًا مع فلسطين، وتجسيدًا لمعنى الولاية التي لا تنفصل عن قضايا الأمة.
غدير خم ليس ماضياً يُروى، بل ضميرٌ حي، ونداءٌ يتجدد، من يزعم محبة المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله ثم يعرض عن وصاياه، فقد خان العهد، ومن يتمسك بآل بيته، فقد تمسك بحبل الله المتين.
إنه البيان الختامي، لكنه في وجدان الأوفياء بداية لا تنتهي.

مقالات مشابهة

  • أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الأحد 22 يونيو 2025
  • انكشاف أولويات الحوثيين.. هل أصبحت اليمن درعًا لإيران في الحرب؟
  • الدولار بكام؟.. أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 يونيو 2025
  • الترجي يحقق أول فوز عربي في مونديال الأندية 2025
  • مواقيت الصلاة اليوم السبت 21 يونيو 2025 في المدن والعواصم العربية
  • البيان الختامي لسينودس اساقفة الروم الكاثوليك: الحوار أفضل وسيلة علاج للتحديات
  • أكذوبة الاحتلال.. لماذا فشلت القبة الحديدية في التصدي لصواريخ إيران؟
  • لتحسين الربط في منطقة البحر الأبيض المتوسط.. السفارة الفرنسية وزعت هذا البيان
  • البيان الختامي في غدير خم