حذرت نائبة مدير دائرة أفريقيا في صندوق النقد الدولي، كاثرين باتيلو، من أن الحرب في السودان قد تتسبب بأضرار اقتصادية جسيمة في البلدان المجاورة، تضاف إلى عواقب النزاعات العالمية على الاقتصاد الأفريقي.
قالت باتيلو تزامناً مع نشر الصندوق تقريراً عن النشاط الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إن «ما يحدث في السودان أمر مفجع ومدمر للشعب السوداني ولكل الدول المجاورة أيضاً».


وتابعت أن «العديد من هذه البلدان المجاورة ضعيفة أصلاً ولديها تحديات خاصة يجب أن تتغلب عليها، وتواجه حالياً تدفق لاجئين، ومشاكل أمنية، وصعوبات في مجال التجارة، ما يمثل تحدياً حقيقياً لنموها»، علماً أن صندوق النقد الدولي أشار، في تقريره الذي يعرض توقعاته الاقتصادية للقارة إلى أن جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان قد تعاني بشكل خاص من هذا الوضع.
وأضافت أنه بالنسبة إلى جنوب السودان، أصبح الوضع مقلقاً، خصوصاً بعدما خسرت البلاد أحد مصادر دخلها الرئيسية في فبراير الماضي، بعد تعرض خط أنابيب يسمح لها بتصدير النفط لأضرار في السودان. خط الأنابيب حيوي لنقل نفط جنوب السودان الخام إلى الخارج، فيما يمثل النفط حوالي 90% من صادرات هذه الدولة غير الساحلية.
وبينت باتيلو أن «هذه نزاعات داخلية» في أفريقيا، لافتة إلى «المشاكل الأمنية في بلدان الساحل، والتي تؤثر أيضاً على النمو لدى بعض جيرانها». وقالت إن «نزاعات خارجية أخرى، مثل تدهور الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا قد تؤثر على أسعار المواد الغذائية والطاقة» في كل أنحاء القارة، بعد عامين ونصف عام من بدء الحرب في أوكرانيا، والذي أحدث اضطرابات في سلاسل التوريد، وتسبب بارتفاع معدلات تضخم أسعار الغذاء والطاقة في كل أنحاء العالم.
وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره إلى مخاطر ناتجة من السياسات الاقتصادية التي تتبناها دول لحماية صناعاتها المحلية من المنافسة الأجنبية، باعتبارها ضغطاً يؤدي إلى انخفاض النمو القاري، في وقت تؤدي فيه التوترات التجارية إلى زيادة التعريفات الجمركية، خصوصاً بين الأطراف الثلاثة الأقوى في العالم، الولايات المتحدة وأوروبا والصين.

البيان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: صندوق النقد

إقرأ أيضاً:

هل يدفع الذكاء الاصطناعي اقتصادات دول كاملة نحو الهامش؟

تكشف تقارير بحثية وإخبارية عن تحول متسارع قد يعيد تشكيل خارطة التوازنات الاقتصادية العالمية، مع تحذيرات واضحة من أن الذكاء الاصطناعي -ورغم وعوده الإنتاجية- قد يصبح عاملًا رئيسيًا في تعميق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، وربما يعيد إحياء ما يشبه "الانقسام الكبير" الذي رافق الثورة الصناعية، وفق تعبير أسوشيتد برس.

وتُجمع مصادر متعددة على أن مكاسب التنمية التي تحققت في العقود الأخيرة أصبحت "معرضة للتآكل"، ما لم تُتخذ سياسات جادة تضمن توزيعًا أكثر عدالة لفوائد التكنولوجيا.

فجوة قدرات تتسع

يقدم مركز التنمية العالمية (Center for Global Development) قراءة دقيقة للفوارق الهيكلية التي تسبق دخول الذكاء الاصطناعي إلى الأسواق، موضحًا أن الدول مرتفعة الدخل تمتلك بنية رقمية متقدمة، واستثمارات ضخمة، ونظم بيانات معقدة، تمنحها قدرة شبه احتكارية على تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

استثمارات الذكاء الاصطناعي الهائلة في أميركا تُعيد توزيع القوة التقنية بما يعزز تفوق الاقتصادات الكبرى (شترستوك)

ويشير المركز إلى أن الولايات المتحدة وحدها جذبت 67.2 مليار دولار من استثمارات الذكاء الاصطناعي الخاصة في 2023 -أي 8.7 مرات أكثر مما جذبته الصين، وفقًا لبياناته- في حين أنتجت واشنطن 61 نموذج ذكاء اصطناعي بارز في العام نفسه.

ويضيف المركز أن اتصال الإنترنت في الدول منخفضة الدخل لا يتجاوز 27% من السكان، مقارنة بـ 93% في الدول الغنية. كما تشكّل كلفة الإنترنت الثابت 31% من الدخل القومي الشهري للفرد في الدول الفقيرة، مقابل 1% فقط في البلدان الغنية، وهو تفاوت يُنظر إليه كعامل بنيوي يعمّق فجوة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.

وتشير تحليلات المركز إلى أن هذه الفوارق ليست تقنية فقط، بل تتحول إلى فجوات في فرص النمو، إذ تعزز الدول الغنية حضورها في القطاعات عالية القيمة مثل التمويل والتصنيع المتقدم وصناعات الدواء والدفاع، بينما تتراجع قدرة الدول الفقيرة على المنافسة حتى في القطاعات التقليدية القائمة على العمالة منخفضة التكلفة، بسبب تسارع الأتمتة في التصنيع والخدمات.

صدمات غير متكافئة

من جهتها تنقل رويترز عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحذيره من نشوء "تباين كبير" بين الدول، نتيجة اختلاف مستويات الاستعداد للتعامل مع التحولات القادمة.

إعلان

ويقول فيليب شيلكينز، كبير الاقتصاديين في مكتب البرنامج لآسيا والمحيط الهادئ: "نعتقد أن الذكاء الاصطناعي يبشر بعصر جديد من التفاوت المتزايد بين الدول، بعد سنوات من التقارب في السنوات الخمسين الماضية".

وتضيف رويترز أن الدول الغنية، رغم تعرضها لمخاطر فقدان الوظائف نتيجة أتمتة الوظائف عالية المهارة، تمتلك شبكات حماية اجتماعية قوية، وسياسات نشطة لإعادة تأهيل العمال، كما في ألمانيا.

وتواجه الدول منخفضة الدخل واقعًا أكثر هشاشة، مع محدودية الموارد، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي، وارتفاع معدلات العمالة غير الرسمية، ما يجعل أي صدمة ناتجة عن الذكاء الاصطناعي مؤهلة للتحول إلى زيادة الفقر وتعطّل الأسواق.

ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن عدم امتلاك الدول الفقيرة المرونة المالية اللازمة للاستثمار في إعادة المهارات أو تحديث البنية التحتية الرقمية، سيجعلها الأكثر عرضة للاضطراب، في وقت يتحول فيه الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في إدارة الخدمات العامة والاقتصاد.

نماذج التنمية التقليدية تحت الضغط

يرصد مركز التنمية العالمية تحولًا مقلقًا في قدرة الدول النامية على الاستفادة من الأنماط التنموية التي قادتها خلال العقود الماضية، خاصة قطاع التصنيع كثيف العمالة.

فمع توسع استخدام الروبوتات وتقنيات الأتمتة في التصنيع، يتراجع الدور التاريخي لهذا القطاع في استيعاب العمالة ونقلها من الأنشطة الريفية إلى الصناعية، وهو ما كان عنصرًا جوهريًا في نجاح نماذج النمو في آسيا.

الدول الغنية تمتلك شبكات حماية اجتماعية قوية تخفف صدمة فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي على عكس الدول الفقيرة (شترستوك)

ويضرب المركز مثالًا ببنغلاديش، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60% من وظائف قطاع الملابس قد تختفي بحلول 2030، بسبب دخول الأتمتة والذكاء الاصطناعي في مراحل الإنتاج المختلفة، من التفتيش إلى القص والخياطة.

ولا تبدو البدائل أوضح حالًا؛ إذ أصبحت الخدمات الموجّهة للتصدير -خصوصًا مراكز الاتصال وخدمات تكنولوجيا المعلومات- عرضة للتراجع مع توسع قدرة الذكاء الاصطناعي على تأدية المهام نفسها بكفاءة أعلى وكلفة أقل، ما قد يحدّ من الدور الاقتصادي الذي لعبته دول مثل الفلبين والهند خلال العقود الماضية.

الإنسان قبل التقنية

تنقل أسوشيتد برس في تقريرها عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن المخاطر ليست فقط في الاقتصاد، بل بواقع الإنسان نفسه، محذّرة من أن الفئات الأكثر تهميشًا -من كبار السن، إلى المجتمعات الريفية، والمتضررين من النزاعات وتغيّر المناخ -قد تصبح "غير مرئية في البيانات"، وبالتالي خارج نطاق سياسات الدعم والخدمات.

ويقول مايكل موثوكريشنا، المؤلف الرئيسي للتقرير، في تصريحات نقلتها الوكالة: "نحن نبالغ في تقدير دور التكنولوجيا… ويجب أن نضمن أن يكون الإنسان أولًا، لا التقنية أولًا".

ويضيف التقرير أن ربع سكان آسيا والمحيط الهادئ لا يزالون خارج الإنترنت، ما يعني أنهم قد يُستبعدون من فرص التعليم الرقمي، والوظائف الجديدة، وأنظمة الدفع، والهويات الرقمية، والخدمات الأساسية.

فجوات الابتكار العالمي تتسع مع احتفاظ الدول الغنية بمعظم النماذج المتقدمة والبنى الحاسوبية الكبرى (رويترز)

كما يحذّر من مخاطر الهجمات السيبرانية المؤتمتة، والتزييف العميق، وانتهاكات الخصوصية، مؤكدًا ضرورة وضع أطر تنظيمية صارمة تضمن استخدامًا أكثر عدالة وشفافية للذكاء الاصطناعي.

المستقبل لم يُكتب بعد

وتتفق أسوشيتد برس ورويترز ومركز التنمية العالمي على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد عدم المساواة داخل الدول وبينها، لكن الصورة ليست قدَرية؛ إذ يمكن للسياسات الصحيحة -من التعليم إلى البنية الرقمية، ومن الحماية الاجتماعية إلى التعاون الدولي -أن تضمن أن تتحول التقنية إلى رافعة للتنمية لا أداة لإعادة إنتاج التفاوت العالمي.

إعلان

ويوصي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ختام تقريره أن يكون الهدف المركزي هو: "ديمقراطية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي، بحيث تستفيد منه كل دولة وكل مجتمع، مع حماية الفئات الأكثر عرضة للصدمات".

مقالات مشابهة

  • متحدث الوزراء يكشف آخر تطورات زيارة وفد النقد الدولي
  • موسكو: صندوق النقد الدولي يعارض مصادرة الأصول الروسية
  • اليونيسف تدق ناقوس الخطر: ملايين الأطفال السودانيين مهددون وسط تصاعد الصراع
  • أحمد موسى: صندوق النقد الدولي يتحدث عن الاقتصاد المصري بشكل إيجابي
  • صندوق النقد: اقتصادات دول الخليج تحافظ على مرونتها
  • صندوق النقد الدولي في منتدى الدوحة 2025: الاقتصاد العالمي أكثر صمودا وينمو لـ3.2%
  • وزير الاستثمار يلتقي بعثة صندوق النقد الدولي ويستعرض جهود تحسين بيئة الأعمال
  • الخطيب.. يلتقي بعثة صندوق النقد الدولي ويستعرض الرؤية الإصلاحية وجهود تحسين بيئة الأعمال
  • تدهور الوضع المعيشي يهدد آلاف الأسر في عدن والمحافظات المجاورة
  • هل يدفع الذكاء الاصطناعي اقتصادات دول كاملة نحو الهامش؟