عربي21:
2025-06-03@12:38:28 GMT

يا أشقاء.. مأساة غزة ليست بورصة ضحايا!

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

ظلّ قادة المقاومة في كل مكان، من أرض المعركة وعبر الشتات، يستنفرون منذ أشهر الأشقاء من بني جلدتهم، حكامًا ومحكومين، للوقوف إلى جانب سكان غزة، لمنع الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها على يد جيش الاحتلال.

لقد كانت نداءات هؤلاء الرجال جد معقولة، فلم يطلبوا من الأنظمة العربية والإسلامية أن تمدهم بالسلاح أو تدخل معهم الحرب في مواجهة الجيش الصهيوني، حتى لا يكلفوها فوق إرادتها المشلولة ولا يحرجوها أمام شعوبها المغلوبة، بل ناشدوها فقط التحرك لكبح آلة الهمجية الإسرائيلية التي تقتل الأبرياء وتدمر كل شيء فوق الأرض وتحتها.



لكن حدث، ويا للأسف، ما لم يخطر على بال أحد، استمرار الإبادة قرابة 13 شهرا بمنحنى تصاعديّ من دون أي رادع، في وقت لاذ فيه هؤلاء بالصمت، كأنّ تسارع الأحداث في الاتجاه الدراماتيكي قد بثّ في قلوبهم الرعب من بطش العدوّ، عوض أن يثير فيهم روح المسؤولية الأخلاقية والأخويّة تجاه أشقاء يموتون بطريقة شنيعة، بلا أدنى اعتبار لمعايير الإنسانيّة.

لن نقتنع أبدا أن الأنظمة في المنطقة عاجزة عن الوقوف في وجه الغطرسة الصهيونية والأميركية، وهي تملك الكثير من الأوراق للضغط الواقعي، يمكنها إشهارها ميدانيًّا لإجبار الكيان الإسرائيلي وحلفائه على وقف آلة العدوان الجهنميّة، لكن حسابات العروش والسلطة تدفع بحكام العرب والمسلمين للانسحاب إلى الخلف، آخذين موقع المتفرّج على المجزرة المجنونة.

لا.. بل إنّ جزءًا كبيرا منهم متواطئ في الجريمة، يترقب بفارغ الصبر “اليوم التالي” للعدوان، حتّى يرى قطاع غزة من دون مقاومة ولا سلاح، خاليًا من حركة حماس التي صارت كابوسًا يؤرقهم بخيارها الثوري.

هذا الواقع المرّ هو ما يفسّر شلل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن أي حركة فعلية للدفاع عن الفلسطينيين حتّى في حقّ الحياة، وليس في حقوق الحرية والدولة، إذ من الغريب أن تعجز أكثر من 57 دولة عن فرض موقف موحّد داخل الأجهزة الأممية، خاصة أنّ قرارات إدانة صدرت ضدّ الكيان الإسرائيلي، أبرزها منطوق محكمة “العدل الدولية” في لاهاي، بيد أن الاحتلال لم يأبه بها إطلاقًا، لإدراكه الجازم بغياب من يقف في الجانب الآخر لمؤازرة الفلسطينيين في تنفيذ تلك الأحكام الصادرة باسم شرعيّة الأمم المتحدة.

أسوأ من ذلك، فإنّ “السلطة الفلسطينية” نفسها القابعة في رام الله تظهر خارج الحدث، بينما سوّقت لوجودها منذ 30 عامًا بذرائع الدبلوماسية الدولية، في حين لم نر منها اليوم سوى تهديد محمود عباس بالدخول إلى قطاع غزة، رفقة القيادة السياسية، في انتظار تنفيذه، بشرط أن لا يكون على ظهر الدبابة الإسرائيلية.

بكل بساطة، يحدث كل ما يحدث من تنكيل مروّع ضد أهلنا في فلسطين، لأنّ بلدانا فاعلة في صناعة القرار الجماعي، ضمن الإطاريْن العربي والإسلامي، لا ترغب بجدية في إنهاء المأساة، ولا يهمها الأمر الفلسطيني في وضعه الحالي، بل هي فرصتها لتغيير المعادلة الميدانيّة، بعدما أجهض “طوفان الأقصى” المبارك “مخطط أبراهام “المشؤوم” لتوسيع رقعة التطبيع باسم السلام المزعوم، في آخر خطوة كان يُراد منها وأد القضية المركزية والتخلص من عبئها نهائيًّا.

لذلك لا تستغربوا ما يتم تداوله مؤخرا من تغريدات متحاملة ومقالات مسمومة وفتاوى باطلة على يد أبواق البلاطات، من إعلاميين مأجورين وعلماء سلاطين، تقاطعوا كلهم في تشويه المقاومة وضرب رموزها، لتبرير الاستكانة إلى الصهاينة ورفع الحرج عن أسيادهم، ولسان حالهم ومقالهم صريح بأنّ المقاومين وحدهم مسؤولون عما يجري لشعبهم من إبادة شنيعة.

لا شكّ أن رفاق البطل السّنوار، رضي الله عنه وكل إخوانه الشهداء، لم يراهنوا أساسًا على قادة تلك الأنظمة في نصرة الطوفان، لكنهم يقينًا مصدومون من برودة الشعوب واستسلامها للأمر الواقع، بتعايشها مع الجرائم اليوميّة.

والعتب في هذا السياق على نخبها المجتمعية بمختلف مشاربها وميولاتها، والتي عجزت عن تعبئتها العامّة في اتجاه الضغط السياسي على الأنظمة الخائرة والمصالح الغربية في الإقليم، ولم لا في عقر دارها، مثلما كاد أن يحدث في بدايات العدوان الصهيوني، قبل أن يتلاشى الحماس الجماهيري عمليًّا بمرور الوقت، لتصبح الفاجعة مجرد بورصة خبريّة يوميّة، نطالع أرقامها على الفضائيات وصورًا نتداولها على مواقع التواصل الاجتماعي!
أصبحت نداءات رجال المقاومة شبه يومية للشعوب بضرورة الخروج إلى الميادين والتظاهر في الشوارع
لقد أصبحت نداءات رجال المقاومة شبه يومية للشعوب، بضرورة الخروج إلى الميادين والتظاهر في الشوارع، في رسالة صريحة على أنهم الأمل الأخير، بعد الله، في التخفيف من معاناة أهلنا في أرض الرباط، لأنّ المأساة تجاوزت كل الحدود المتخيلة، ولم يعد ينفع معها الاحتفاء بالبطولات الأسطورية للمجاهدين وتحميل الأنظمة وزر الخيبة الكبرى، لأننّا صرنا شركاء فيها على السواء، بالتقاعس عن أداء الواجبات المقدور عليها.

ما كان متوقعًا أن تستمر الحياة بشكل طبيعي، بين العرب والمسلمين في أقطار المعمورة، بما نراه الآن من أفراح ولهوٍ بسفاسف الأمور وانشغال بنشاطات ثانوية، بينما أشقاؤهم في العقيدة والدم يُبادون عن بكرة أبيهم، فلا يفزعون لفزعهم، إلا قلة قليلة لا تزال قلوبهم حيّة تنبض بالكرامة!

إنه يتعين فوريًّا على كل القوى الحيّة في الأمة، خاصة المنظمات العُلمائيّة والسياسية والجمعوية، أن تعيد ضبط البوصلة بتحريك الجماهير عبر الجغرافيا الإسلاميّة كلها وربوع العالم الحرّ، للانتفاضة مجددا تضامنًا مع الفلسطينيين في وجه المحرقة الصهيونية، وبذلاً للمال وكل ما هو ممكن، لنصرتهم في منعرج مفصلي بمسار القضية المركزية قبل فوات الأوان.

الشروق الجزائرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة الاحتلال الشهداء غزة الاحتلال المقاومة شهداء الموقف العربي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تفاعلي أفكار سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الإجادة ليست عزفًا منفردًا

 

 

عباس المسكري

 

في عالم الإدارة، لا يُقاس النجاح الحقيقي بعدد الكلمات الرنانة، ولا بشهادات التقدير المُعلّقة على الجدران، بل يُقاس بما يتركه القائد من أثر في من حوله. فالإدارة، في جوهرها، هي فن صناعة الفرق وتشكيل الفارق. وإذا كانت القيادة بلا أتباع ناجحين، فهي أشبه بسفينة شراعية تبحر وحدها في عرض البحر، دون طاقم، ودون وجهة.

من هذا المنطلق، تستوقفنا أحيانًا مفارقات يصعب تبريرها، مثل أن يحصل مدير أو مدير عام على تقييم "ممتاز" في برنامج أداء وقياس مثل "إجادة"، بينما معظم موظفي إدارته يتراوح تقييمهم بين "ضعيف" و"جيد". فهنا يُطرح سؤال جوهري: ما قيمة إجادة المدير إذا لم تنعكس في أداء فريقه؟ وأين هو أثر القيادة إذا لم تظهر نتائجها في تطور وتقدّم من يقودهم؟

إن من أبرز أدوار المدير الناجح ليس فقط إدارة المهام وتحقيق الأرقام، بل بناء الإنسان المهني، وصقل مهارات فريقه، وتحفيزهم للوصول إلى أقصى طاقاتهم. فنجاح القائد الحقيقي لا يُقاس فقط بما ينجزه بيده، بل بما يستطيع أن ينجزه عبر الآخرين، وبما يزرعه فيهم من ثقة وكفاءة وروح عمل.

المدير الذي يكتفي بالتميّز الفردي دون أن ينعكس ذلك على منظومته، ربما ينجح كفرد، لكنه يفشل كقائد. فالقيادة مسؤولية جماعية في جوهرها، لا تقبل بالأنانية، ولا تُبرّر العزلة. وإن تميّز المدير يجب أن يكون مظلة تُظلّل موظفيه، لا سقفًا يعلوهم بلا أثر؛ بل إن أحد مؤشرات القائد الفاعل هو قدرته على تحويل الضعف إلى قوة، وتوجيه الموارد البشرية من حالة الأداء المتواضع إلى التميّز، عبر التوجيه، والمتابعة، والتدريب، والتمكين. أما إذا بقي الموظفون في مواقعهم الراكدة، رغم تميّز من يقودهم، فهنا يجب إعادة النظر في أدوات القياس، وفي مفهوم "الإجادة" ذاته.

كثيرٌ من أدوات التقييم تعتمد على تقارير مكتبية، ومؤشرات جامدة، وأرقام صامتة لا تُعبّر دائمًا عن الواقع. وقد يحصل المدير على تقييم مرتفع لأنه أنجز متطلبات شكلية، أو أتقن كتابة التقارير، بينما تغيب الجوانب الجوهرية، كالروح في فريق العمل، ومعدّلات التحفيز، ومدى شعور الموظف بأنه جزء من نجاح حقيقي، لا مجرّد رقم في جدول. وهنا تتّسع الفجوة بين التقييم الورقي، والتأثير الفعلي على الأرض.

ومن جهة أخرى، لا يمكن فصل القائد عن بيئة العمل التي يصنعها. والمدير الفعّال هو من يخلق بيئة يشعر فيها الموظف بالاحترام، والأمان الوظيفي، والرغبة في التعلّم والتطوّر. بيئة يشعر فيها الموظف أن صوته مسموع، وجهده مُقدّر، وخطأه فرصة للتعلّم لا للّوم. وهذه البيئة لا تُبنى بالأوامر، بل بالمثال الشخصي الذي يُقدّمه القائد، وبالعدل، والتواضع، والإنصاف في المعاملة.

من الضروري – إذن – أن تتحرر أدوات التقييم من نظرتها الضيّقة التي تقتصر على الإنجاز الفردي، لتتبنّى معيار الأثر الجماعي. فالقائد الناجح ليس من يعلو فوق فريقه، بل من يرتقي بهم. وعليه، فإن نجاح المدير لا يُستكمل إلا حين تنعكس تلك "الإجادة" في نضج موظفيه، وتقدّمهم، وتحسّن نتائجهم.

قائدٌ بلا أثر، كمن يسير في صحراء بلا رمال، خطواته لا تُرى، وتأثيره لا يُشعر. وإن بدا متقدمًا في الظاهر، فجوهر القيادة لا يكمن في الحضور الشكلي، ولا في تقييمات صامتة، بل في القدرة على صناعة أثر باقٍ في من حولك، وعلى تمكين الآخرين من الوقوف على أقدامهم بثقة وكفاءة. فالقائد الذي يمرّ دون أن يُغيّر، يُعد راعيًا لا قائدًا، وشاغل منصب لا صانع أثر.

وحين نمنح تقييم "ممتاز" لقائد، علينا أن ننظر خلفه: ماذا حقق فريقه؟ كيف تطور أداؤهم؟ كم موظفًا ألهم؟ كم موهبة اكتشف؟ وكم إنسانًا مكّنه من أن يثق في نفسه ويُحقق فرقًا؟

وأخيرًا... الإجادة ليست وسامًا يُعلّق على صدر المدير، بل مسؤولية تُترجم إلى تغيير، وتطوير، ونموّ في كل فرد يعمل تحت قيادته. وما لم يحدث ذلك، فكل تقييم يظل ناقصًا، مهما بدا لامعًا.

 

مقالات مشابهة

  • المساعدات تحوّلت إلى مأساة.. جيش الاحتلال يعترف بجريمته في رفح
  • إصابة خمسة أشقاء في انقلاب تروسيكل بالوادي الجديد
  • إذاعة أمريكية: نداءات من شمال غزة لاغتنام الفرصة الأخيرة
  • مأساة في الدرب الأحمر .. 3 أطـ.ـفال ضحايا لأسطوانة غاز ووالدتهم بالمستشفى
  • خبراء يكشفون عن نظام غذائي يحمي من أمراض القلب
  • باحث فلسطيني : الصواريخ اليمنية تترجم خطابا وطنيا وقوميا يرى فلسطين جزءاً من الأمة العربية
  • أوكرانيا.. استقالة قائد القوات البرية بسبب مأساة ساحة التدريب
  • مدير الأمن العام: رجال الأمن بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن أو مخالفة الأنظمة
  • في قلب لشبونة... ألعاب وملابس أطفال تجسّد مأساة أطفال غزة
  • الإجادة ليست عزفًا منفردًا