العلاقات العمانية الجزائرية تتسم بالمصداقية والاحترام المتبادل والتنسيق السياسي والتعاون فـي مختلف المجالات، حيث انطلقت هذه العلاقات منذ الزيارة التاريخية للسلطان قابوس بن سعيد - طيّب الله ثراه - إلى الجزائر عام ١٩٧٣، والتي جاءت بعد التغيير فـي سلطنة عمان عام ١٩٧٠ وانفتاح البلاد على العالم، ووضعت أسس التعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين.

كما جاءت زيارة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ـ رحمه الله ـ إلى سلطنة عمان عام ١٩٩٠ لتشكل نقلة جديدة فـي مجمل العلاقات بين مسقط والجزائر، مما فتح المجال لعلاقات اتسع مجالها بعد تشكيل اللجنة العمانية الجزائرية وتبادل الكثير من الزيارات بين مسؤولي البلدين، علاوة على وجود العشرات من الشركات العمانية والجزائرية فـي كلا البلدين من خلال المشروعات الاستثمارية التي يقوم بها القطاع الخاص، وهناك تطور لافت فـي مجال التبادل الثقافـي والعلمي.

ومن هنا تأتي زيارة «دولة» التي يقوم بها حاليًا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى بلادنا ولقاؤه المثمر مع السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - والمباحثات المهمة بين قيادتي البلدين والوفود الرسمية لتعطي زخمًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافـيًا فـي علاقات البلدين والشعبين الشقيقين.

كما أن هناك مجالات اقتصادية مهمة وحيوية فـي مجال التعاون بين البلدين، لعل فـي مقدمتها الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية وقضايا الاستثمار فـي مجال النفط والغاز باعتبار البلدين من الدول المنتجة والمصدرة للطاقة إلى العالم، كما أن موضوع إقامة الصناعات المشتركة من قبل شركات القطاع الخاص يعد من الأمور الأساسية خاصة وأن هناك إمكانات كبيرة لدفع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين الشقيقين وفـي عدد من المجالات الحيوية التي تشكل دفعة قوية لتبادل الصادرات والواردات.

إن زيارة «دولة» للرئيس الجزائري لسلطنة عمان ولقاءه المهم مع السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - والمسؤولين بين البلدين يشكل نقلة مهمة فـي تطوير العلاقات ودفعها للأمام فـي ظل ثبات العلاقات السياسية بين البلدين طوال أكثر من نصف قرن.

ويعد النموذج العماني والجزائري، على صعيد الدبلوماسية، من النماذج المشرفة فـي تاريخ البلدين الحديث حيث لعبت الدبلوماسية الجزائرية دورًا مهمهًا فـي حلّ عدد من الملفات المعقدة، وكانت الدبلوماسية الجزائرية ورموزها دومًا حاضرة فـي المشهد السياسي العربي والإقليمي والدولي ولعلّ من أشهر الإنجازات الدبلوماسية الجزائرية هو دورها المهم فـي حل قضية الرهائن خلال الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بعد انتصار الثورة الإسلامية وسقوط شاه إيران عام ١٩٧٩، حيث تمت السيطرة على السفارة الأمريكية فـي طهران من قبل الثوار واحتجاز عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين وكان للدبلوماسية الجزائرية دور مؤثر من خلال الدور الدبلوماسي الذي قاده وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة ـ رحمه الله ـ والذي أصبح فـيما بعد رئيسًا للجزائر الشقيقة، وكان حلّ أزمة الرهائن نجاحًا كبيرا للدبلوماسية الجزائرية التي يسجل لها حل عدد من الملفات الصعبة خاصة على صعيد القارة الإفريقية وفـي لبنان، ولا نزال نتذكر كبار الدبلوماسيين الجزائريين من أمثال الأخضر الإبراهيمي الذي كان مبعوثًا للأمين العام لعدد من الأزمات فـي لبنان والعراق وأفغانستان.

ومن هنا تميزت الدبلوماسية الجزائرية عبر وزراء خارجيتها بمصداقية عالية وحياد يدل على الحنكة السياسية، والذي جعل من الدور الجزائري مهمًا وحيويًا فـي التعاطي مع عدد من الأزمات الإقليمية والدولية بهدف خفض التصعيد وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة.

هناك بالمقابل الدبلوماسية العمانية والتي كان لها أدوار مشهودة خلال أكثر من نصف قرن ومن خلال متابعة وبذل جهود كبيرة فـي عدد من الملفات المعقدة فـي المنطقة وحتى بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ولعل الملف النووي الإيراني يعد من أبرز الملفات والذي نتج عنه الاتفاق النووي الإيراني عام ٢٠١٥. كما لعبت الدبلوماسية العمانية دورًا بارزًا على صعيد خفض التصعيد خلال الحرب العراقية الإيرانية، والتي انتهت عام ١٩٨٨، علاوة على دور لعب مهم فـي عودة العلاقات العربية مع مصر خلال القمة العربية فـي الدار البيضاء عام ١٩٨٩ علاوة على الجهود الدبلوماسية المتواصلة لخفض التصعيد والتوتر فـي المنطقة، التي وصلت الآن إلى مرحلة صعبة ومعقدة خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وعموم فلسطين وأيضا الهجمات العسكرية بين إيران والكيان الإسرائيلي.

ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية والجزائرية لعبتا دورًا محوريا طوال تاريخهما الحديث ولا يزال دورهما مهما فـي قضايا السلام والاستقرار فـي المنطقة والعالم العربي، من خلال السمات المشتركة التي تجمع سياستهما الخارجية حيث المصداقية حاضرة والحرص على تطبيق القانون الدولي واحترام ميثاق الأمم المتحدة وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي ومنها القضية الفلسطينية التي تعد قضية العرب المركزية.

إن التنسيق السياسي بين سلطنة عمان والجزائر يمضي بشكل إيجابي وفق توجيهات قيادتي البلدين ولعل زيارة دولة التي يقوم بها حاليًا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ولقاءه المثمر مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ستكون لها نتائج مثمرة وإيجابية تعزز من أواصر التعاون الاقتصادي والتنسيق السياسي بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين وأيضا يساهم فـي تعزيز العلاقات العربية العربية وفق منهجهما الدبلوماسي المميز والذي أصبح سمة من لعب دور إيجابي يهدف إلى إيجاد حلول دبلوماسية على صعيد المنطقة والعالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدبلوماسیة الجزائریة بین البلدین على صعید من خلال عدد من

إقرأ أيضاً:

العمانية للغاز الطبيعي تدعم الرياضات البحريةواللجنة العمانية

عمان: وقّعت الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال، ممثلةً في مؤسستها التنموية، مذكرة تفاهم مع اللجنة العُمانية للرياضات البحرية، في خطوة تعكس التزام الجانبين بدعم وتطوير الرياضات البحرية وإحياء التراث البحري العُماني، إلى جانب تمكين مختلف فئات المجتمع من المشاركة في الفعاليات الرياضية والثقافية ذات الطابع البحري. وتهدف هذه المذكرة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين وتنمية الرياضات البحرية التقليدية والحديثة بما يُسهم في إبراز الهوية العُمانية الأصيلة وصونها.

ويتضمن نطاق التعاون دعم ورعاية الأنشطة والمبادرات التي تنظمها اللجنة، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجالات الإدارة الرياضية والعمل التطوعي وتنظيم الفعاليات، بالإضافة إلى تقديم برامج تدريبية لتأهيل الكوادر الوطنية، والتنسيق الإعلامي والتسويقي لإبراز هذه الفعاليات وتسليط الضوء على أهدافها وأثرها.

وقال المكرم الدكتور عامر بن ناصر المطاعني، الرئيس التنفيذي للمؤسسة التنموية بالشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال: "تُجسّد هذه المذكرة التزام المؤسسة بدعم الهوية والتراث البحري العُماني، وتمكين المجتمع من المشاركة في فعاليات تعبّر عن قيمنا وأصالتنا، لا سيّما بين فئة الشباب والعائلات. ويأتي توقيع هذه المذكرة امتداداً لدور الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال في دعم المبادرات الثقافية والرياضية، وتعزيز المشاركة المجتمعية بما يتماشى مع رؤيتها في تحقيق التنمية المستدامة و"رؤية عُمان 2040".

بينما أكد علي بن سعيد بيت فاضل، رئيس اللجنة العُمانية للرياضات البحرية، أن لدى اللجنة برنامجًا طموحًا لتطوير رياضات الإبحار الشراعي بالتعاون مع مؤسسة عُمان للإبحار، بهدف تنظيم مسابقات محلية لتوسيع قاعدة الممارسين لهذه الرياضات العريقة وتدريب الكوادر العُمانية. وقد أسهمت اللجنة، بالتعاون مع عدد من الجهات، خلال الفترة الماضية، في تنظيم سباق قوارب التجديف التقليدية السنوي بمحافظة شمال الباطنة ومهرجان صور للرياضات البحرية، كما أن لديها خلال الفترة المقبلة مشاركات مهمة في عدة بطولات، منها البطولة العربية للإبحار الشراعي للنساء في شهر أكتوبر القادم بدولة الكويت، والبطولة العربية للإبحار في جمهورية مصر العربية، والنسخة الأولى من بطولة العالم للإبحار الشراعي للأشخاص ذوي الإعاقة، التي تستضيفها سلطنة عُمان خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 8 ديسمبر 2025. كما يشارك حاليًا كل من البطل عمر الغيلاني، والبطل إبراهيم السليطني، وموسى الحديدي في بطولة اليونان للغطس الحر.

وأضاف: "تسعى اللجنة إلى تعزيز التعاون مع الاتحادات العربية والدولية لتبادل الخبرات وتطوير الرياضات البحرية، حيث التقيت مؤخرًا بسعيد كمال زاد، الأمين العام للاتحاد العربي للشراع، في العاصمة المصرية القاهرة، وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون المشترك وتوسيع آفاق الشراكة بين الجانبين، إلى جانب مناقشة عدد من البرامج والمشروعات التي تُسهم في تطوير رياضة الشراع والرياضات البحرية".

شهد مراسم توقيع الاتفاقية عبدالله بن محمد بامخالف، أمين عام اللجنة الأولمبية العُمانية، إلى جانب عدد من المسؤولين بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وأعضاء اللجنة العُمانية للرياضات البحرية.

وتجدر الإشارة إلى أن الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال تُعد من أبرز الشركات الرائدة في مجال إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال على المستوى الإقليمي، ويقع مقرها الرئيسي في ولاية صور بسلطنة عُمان، وقد أُنشئت الشركة بموجب مرسوم سلطاني صدر عام 1994، وهي ملتزمة بتوفير طاقة نظيفة للأسواق العالمية، مع ضمان تحقيق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ومصلحة المجتمع العُماني. وتُولي الشركة اهتمامًا بالغًا بالتميّز التشغيلي، والتنمية المستدامة، والمسؤولية الاجتماعية، حيث تُسهم بفاعلية في دعم الاقتصاد الوطني وتنمية المجتمعات المحلية من خلال مجمعها الصناعي المتكامل، ومنهجها التشاركي مع مختلف الفئات.

مقالات مشابهة

  • العمانية للغاز الطبيعي تدعم الرياضات البحريةواللجنة العمانية
  • تحقيقات في أحداث السويداء والأردن يعزز العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • العلاقات الروسية السورية.. اتفاقيات للمراجعة وملفات للمستقبل
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأمريكى تطوير العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين
  • سفير مصر لدى موريتانيا: العلاقات بين البلدين تقوم على أسس راسخة من التقدير والاحترام
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: تدفق الغاز الأذربيجاني إلى سوريا حدث تاريخي يعكس عمق العلاقات بين البلدين
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • حكايات المحاصصة التي حوّلت الدبلوماسية إلى دار مزاد حزبي مغلق وفاسد
  • الخارجية تبحث مع الجانب العراقي آفاق التعاون المشترك
  • ليبيا وسوريا تبحثان إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارة في طرابلس