دعا ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، الشعب المصري إلى اليقظة والتنبه لما يُحاك ضد الدولة ومؤسساتها القومية من مخططات شريرة تستهدف النيل منها والإساءة إليها، لافتا إلى وقوع بعض النخب المصرية في مصيدة وشراك أصحاب هذه المخططات وترديدها على نطاق واسع، ما يحقق أهدافها الخبيثة.

جاء ذلك بعدما نفى مصدر رفيع المستوى ما تردد في بعض وسائل الإعلام المغرضة بشأن استقبال ميناء الإسكندرية السفينة كاثرين الألمانية التي تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل، وتأكيده عدم صحته.

وأكد رئيس حزب الجيل في بيان له، أن تلك الأكاذيب تأتي في محاولة من تلك العناصر والأبواق المناهضة للدولة المصرية لتشويه الدور المصري التاريخي والراسخ في دعم القضية الفلسطينية والذى أكده مواقف الدولة المصرية التى كشفت أهداف حرب الإبادة الوحشية على أهلنا فى قطاع غزة هى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهلها تحت تأثير الغارات الجوية الإسرائيلية إلى سيناء، بحيث تكون فلسطين أرضا بلا شعب.

مصر كشفت المخطط الإسرائيلي بشأن القضية الفلسطينية

وأوضح الشهابي أن الكشف المصري عن هذا المخطط تجسد من خلال مؤتمرات صحفية عالمية علنية للرئيس عبدالفتاح السيسي مع نظرائه من رؤساء دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وأيضا مع وزير الخارجية الأمريكي وإعلانه رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية، وأنها تهدد الأمن القومي المصري، وأن مصر قادرة على حماية أمنها القومي وأراضيها، وإعلانه للعالم كله أن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط مرتبط بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى تبنى كثير من دول العالم الطرح المصري بضرورة إقامة دولة فلسطين.

وأشار الشهابي إلى عدد من المواقف المصرية الداعمة للقضية الفلسطينية ولشعبنا، وكان بدايتها خارطة الطريق التى أعلنها مؤتمر القاهرة للسلام والتى تبنتها مؤتمر القمة العربى الإسلامى فى السعودية، مرورا بإصرار مصر على إدخال المساعدات لشعبنا الفلسطينى الصامد فى غزة وربطها خروج الجنسيات الأجنبية عبر معبر رفح المصرى بإدخال المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى قطاع غزة ووصل نسبة حجم المساعدات المصرية إلى قطاع غزة حوالى 85% من حجم المساعدات التي دخلت إلى القطاع من كل دول العالم، بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة المصرية نتيجة انعكاس أزمات عالمية على الاقتصاد المصري، ووصولا إلى مواقف الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية فى الحماية العامة للأمم المتحدة وفى كل المحافل الدولية وكذلك انضمام مصر لدولة جنوب أفريقيا في دعوتها أمام محكمة العدل الدولية ومساندتها لطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه كمجرمي حرب ارتكبا جرائم الإبادة الوحشية ضد المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ شعبنا الفلسطيني البطل الصامد.

محاولات التشكيك والتشويه للدولة المصرية لن تتوقف لأنها جزء من المخططات الشيطانية

أكد رئيس حزب الجيل أن محاولات التشكيك والتشويه للدولة المصرية لن تتوقف لأنها جزء من المخططات الشيطانية لتحالف حلف الناتو بقيادة أمريكا مع الصهيونية العالمية ضد مصر بعد نجاحها في إيقاف مخطط الفوضى الخلاقة وإزاحة حكم الجماعة الإرهابية التي تحالفت مع إدارة الرئيس أوباما لتنفيذ هذا المخطط الذى يستهدف إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط على غرار الخارطة التي رسمتها الدول الاستعمارية عقب الحرب العالمية الأولى من خلال اجتماع وزير خارجية بريطانيا وفرنسا «والتى عرفت باتفاقية سايكس بيكو».

ودعا ناجى الشهابي الشعب المصرى العظيم ونخبه السياسية لعدم تصديق حملات التشكيك والأكاذيب وأن يكون كل مواطن حائط صد أمام هذا المخطط ولا يشارك في ترويج هذه الأكاذيب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الشائعات حقوق الفلسطينيين القضية الفلسطينية دعم الشعب الفلسطيني القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

أسرار تصفية القيادات ومقتل الرئيس عبد الفتاح إسماعيل بمذبحة عدن

على امتداد أكثر من قرن، ظل جنوب اليمن خاضعا للسيطرة البريطانية، التي حولت عدن ومحيطها إلى نقطة ارتكاز محورية ضمن شبكتها الإمبراطورية العالمية، وفي ظل هذا الواقع الاستعماري الطويل، ظهرت بوادر مقاومة محلية على فترات متباعدة، لكنها بقيت مشتتة وضعيفة التأثير، ولم تنجح في تقويض النظام الاستعماري الراسخ.

بيد أن الأمور بدأت تتغير بصورة ملموسة مع حلول النصف الثاني من القرن الـ20، حين ظهرت تنظيمات سياسية مسلحة ذات توجه تحرري، أبرزها "جبهة التحرير" و"الجبهة القومية".

ومع تصاعد العمل المسلح ضد الوجود البريطاني في جنوب اليمن، وجدت بريطانيا نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرار الانسحاب، بعد قرابة 129 عاما من الهيمنة الاستعمارية، وفي خضم هذا التحول برزت "الجبهة القومية" باعتبارها القوة السياسية والعسكرية الأبرز على الساحة.

وفي 26 سبتمبر/أيلول 1962 قامت الثورة في الشمال بقيادة عبد الله السلال ضد الملكية وإعلان الجمهورية، بمساندة مصر التي أرسلت جيشها لدعم هذه الثورة.

وتأثرًا بهذه الأحداث، قادت الجبهة القومية في اليمن الجنوبي وأنصارها بدعم من الرئيس المصري جمال عبد الناصر -بداية عام 1963- مواجهة الاستعمار البريطاني الموجود في عدن والمحميات منذ عام 1839 ودعم الحركات الوطنية المطالبة بالاستقلال ماديا وعسكريا وإعلاميا.

العقيد عبد الله السلال (بالمقدمة) وضباط بوسط صنعاء في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1962 بعد أسبوعين من اندلاع الثورة (الفرنسية) من الثورة إلى الصراع على الدولة

وبالفعل بدأت الجبهة القومية في تعز بقيادة قحطان الشعبي حملتها الإعلامية والعسكرية ضد بريطانيا بدعم كامل من الرئيس عبد الناصر، وافتتحت الجبهة القومية نضالها بثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963 في جنوب اليمن كحراك شعبي مسلح ضد الاحتلال البريطاني.

وبعد سنوات من النضال والتضحيات الجسيمة، نجح الثوار في فرض واقع جديد على الأرض، توّج بإعلان الاستقلال الكامل في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، لتنتهي بذلك مرحلة استعمارية طويلة كانت قد رُسخت عبر القمع والتفكيك البنيوي للمجتمع.

إعلان

وكما يذكر جوزيف كوستينر في كتابه "الصراع من أجل جنوب اليمن" فإن مرحلة ما بعد التحرير سرعان ما اتّسمت بتنازع حاد على السلطة بين الفصيلين الرئيسيين في الحركة الوطنية، "الجبهة القومية" و"جبهة التحرير".

سرعان ما تطوّر النزاع إلى مواجهات مسلحة، وانتهى الأمر بتفوق الجبهة القومية، أثناء المفاوضات التي جرت في جنيف، والتي أفضت فعليا إلى تسليمها مقاليد الحكم وتحييد منافستها.

هكذا بدأ الاستقلال في ظل هيمنة فصيل واحد، مما ألقى بظلاله على شكل الدولة الوليدة، ومهّد لمركزية حزبية صارمة ستكون سمة رئيسية للحكم في جنوب اليمن لعقود لاحقة.

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، أُعلن رسميًا عن ميلاد "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، بعد مغادرة آخر جندي بريطاني لمدينة عدن، وتسلّمت الجبهة القومية مقاليد السلطة، واختير أمينها العام قحطان محمد الشعبي رئيسا للجمهورية، ليشكل أول حكومة في الدولة الوليدة.

قحطان محمد الشعبي (يمين) وفيصل الشعبي (مواقع التواصل)

تولت الجبهة القومية إدارة الدولة الوليدة في جنوب اليمن عقب الاستقلال، متبنية توجها يساريا في بنيتها السياسية وخطابها الأيديولوجي، غير أن التباينات الداخلية سرعان ما تفجرت، فاندلع صراع خفي بين تيارين داخل الجبهة: أحدهما معتدل يتبنى نهجًا براغماتيا في التعاطي مع السلطة والمجتمع، والآخر راديكالي يدفع باتجاه مشروع أيديولوجي أكثر حدة.

وقد أفضى هذا الصراع إلى إقصاء الجناح المعتدل عن المشهد السياسي، حيث أُجبر كل من قحطان محمد الشعبي أول رئيس للجمهورية، وفيصل عبد اللطيف الشعبي مؤسس الجبهة القومية في اليمن وأحد أبرز قادة الاستقلال، على مغادرة السلطة في 22 يونيو/حزيران 1969.

وكما ترصد هيلين لاكنر في كتابها "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" فقد تقدَّم الجناح الراديكالي ليتصدر واجهة الحكم، مكرسا هيمنة تيار ماركسي لينيني بقيادة عبد الفتاح إسماعيل الذي تبنى فكرة "الحزب الطليعي" و"الماركسية العلمية" كمرجعية صارمة للدولة والحزب، إلى جانب الرئيس سالم ربيع علي، الذي مثل تيارا متأثرا بالنموذج الماوي الصيني، وكان يرى في البناء الريفي والتنظيم الجماعي أساسًا لشرعية النظام السياسي، مع رفضه لتركيز السلطة بيد النخبة المركزية.

بيد أن الاستقرار ظل بعيد المنال؛ فالصراع بين الرفاق بلغ ذروته بعد أقل من عقد، عندما تم الانقلاب على سالم ربيع علي وإعدامه في 26 يونيو/حزيران 1978، في واحدة من أكثر اللحظات الدامية في تاريخ الحزب.

وفي ذلك العام، أُعلن عن تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني ككيان سياسي موحّد، ليتولى عبد الفتاح إسماعيل قيادة الدولة، مُكرسا مشروعا أيديولوجيا عابرا لمرحلة التحرر الوطني نحو تجربة اشتراكية مركزية صارمة.

عبد الفتاح إسماعيل الأمين العام لجبهة التحرير الوطنية يتوسط الرئيس سالم ربيع علي (يسار) ورئيس الوزراء علي ناصر (مواقع التواصل) الطريق إلى المذبحة

وفي ظل قيادة عبد الفتاح إسماعيل وتبني التوجه الماركسي الذي اتسم بجذرية وشمولية التعامل في الداخل وتوسعيةٍ في الخارج، فقد رُسخت "الاشتراكية العلمية" كإطار فكري شامل للدولة، وانعكس ذلك في سياسات التأميم الواسع لمفاصل الاقتصاد الوطني، بما شمل الصناعات الأساسية ووسائل الإنتاج، إلى جانب فرض نمط انتخابي مُوجّه حافظ على احتكار الحزب الاشتراكي للسلطة.

إعلان

وبدأ النظام السياسي في الجنوب يشهد ملامح رمزية سلطوية، عبرت عنها مركزية شخصية إسماعيل في الخطاب السياسي وتزايد حضور الحزب كمرجعية شاملة للدولة والمجتمع.

وعلى الصعيد الإقليمي لم تكتفِ حكومة اليمن الجنوبي بسياسة الحياد أو حسن الجوار، بل انخرطت بنشاط في دعم الحركات الماركسية المسلحة في الخليج العربي، كان أبرزها "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي" و"الجبهة الشعبية لتحرير عُمان".

وقد وفرت عدن دعما مباشرا لهذه الحركات، عبر التدريب والإمداد اللوجستي وتأمين مسارات لتمرير الأسلحة القادمة من دول المعسكر الشرقي، لا سيما الاتحاد السوفياتي والصين، مما جعل جنوب اليمن لاعبا أساسيا في تمرد ظفار ضد سلطنة عمان منذ منتصف ستينيات القرن الـ20 وحتى السبعينيات.

وامتد هذا النشاط الثوري إلى الساحة اليمنية الشمالية، حيث سعت القيادة الجنوبية إلى تمكين حلفائها الشيوعيين من تقويض حكم الرئيس علي عبد الله صالح، تمهيدا لإقامة وحدة يمنية بقيادة اشتراكية موحّدة، وقد خلقت هذه الإستراتيجية واقعا مشحونا في الإقليم.

وقد أفضى هذا المسار إلى إدخال جمهورية اليمن الجنوبي في حالة من العزلة الإقليمية، نتيجة لتبنيه مشروعا أمميا ثوريا لا يراعي المعادلات الجيوسياسية القائمة، وهو ما أسهم في توتر علاقاته مع دول الجوار العربي، ورسّخ صورة الدولة الثورية التي تتجاوز حدودها الجغرافية من أجل تصدير نموذجها الأيديولوجي.

وعلى المستوى الداخلي مضى الحزب في تطبيق برنامج شامل لتأميم الممتلكات الخاصة، شمل العقارات والأراضي والمؤسسات التجارية، وأُخضعت الملكية الفردية لإجراءات صارمة حدّت من نشاطها.

عبد الفتاح إسماعيل أثناء دخوله إلى قاعة اللجنة المركزية مع قيادات الدولة (مواقع التواصل)

وقد أسفرت هذه السياسات عن إرباك المنظومة الإنتاجية المحلية، وتفكيك أنماط اقتصادية تقليدية دون أن يتم تعويضها بمشاريع بديلة قادرة على استيعاب الطاقات البشرية وتوفير فرص عمل جديدة، فضلا عن مواجهة القوى المحلية التي وُصفت بالرجعية مثل شيوخ القبائل وكبار التجار والعلماء وغيرهم.

وأمام هذا الواقع وكما يقول بول دريش في كتابه "تاريخ اليمن الحديث"، فقد اضطر عدد كبير من سكان الجنوب إلى النزوح نحو الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي)، التي كانت في تلك المرحلة أكثر استقرارا على الصعيد الاقتصادي، مدفوعة بعائدات المغتربين، وبتحولات تدريجية شملت البنية التحتية، والحراك الاجتماعي، وانفتاحا نسبيا في الحياة السياسية والدينية، مقارنة بالحالة الانغلاقية التي طبعت الحياة العامة في الجنوب.

ولكل هذه الأسباب تصاعدت التحديات أمام عبد الفتاح إسماعيل بعد فشل مشروع تصدير الثورة إلى سلطنة عمان، وتزايد التوتر مع صنعاء، مما أسهم في إضعاف موقعه داخل الحزب، وفقدانه دعم تيار كبير من أنصاره، كما بدأت موسكو -الحليف الرئيسي لعدن وقتئذ- في مراجعة دعمها له، مفضّلة الدفع بعناصر أقل تشددا وأكثر انسجاما مع مصالحها الإقليمية في ظل احتدام الصراع داخل القيادة الجنوبية.

وتحت ضغط داخلي من أطراف بارزة في الحزب، أبرزها علي ناصر محمد وعلي عنتر وصالح مصلح، وبفعل مخاوف من تعرضه لمحاولة اغتيال، اضطر إسماعيل إلى الاستقالة في أبريل/نيسان 1980، وغادر إلى موسكو، منهيا بذلك مرحلة من الحكم اتسمت بالتصلب العقائدي والعزلة السياسية.

علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (يسار) والرئيس السوري حافظ الأسد في دمشق عام 1978 (الفرنسية)

وقد خلفه في السلطة علي ناصر محمد، الذي تبنّى نهجا أكثر اعتدالا، وحرص على إعادة تطبيع العلاقات مع دول الجوار ومع القوى الدولية، وتميّزت سياساته بالبراغماتية، وابتعدت عن الخط الثوري الراديكالي.

إعلان

إلا أن هذا التحول لم يُنه الصراع داخل الحزب، فقد استمر الاستقطاب بين أنصار إسماعيل، الذين تمسكوا بالنموذج الثوري الصارم، وجناح علي ناصر الذي سعى إلى إعادة توجيه السياسة الداخلية نحو الانفتاح، مما مهّد الطريق لانفجار سياسي كبير تمثل في أحداث 13 يناير/كانون الثاني 1986، التي دخلت التاريخ كأحد أكثر الفصول دموية وتعقيدا في تاريخ اليمن الجنوبي.

وبعد توليه السلطة لـ5 سنوات دون شريك، دخل علي ناصر محمد في مواجهة غير معلنة مع تيارات وشخصيات داخل الحزب الاشتراكي، أبدت اعتراضها على سياساته وأسلوب إدارته للدولة، وفي محاولة لامتصاص التوتر المتصاعد داخل الحزب، وافق في منتصف عام 1984 على عودة عبد الفتاح إسماعيل من منفاه، وهي العودة التي تحققت في فبراير/شباط من العام التالي.

ومع انعقاد المؤتمر الثالث للحزب في أكتوبر/تشرين الأول 1985، نجح التيار المناوئ لعلي ناصر في فرض صيغة تقاسم للسلطة، اضطر معها إلى التنازل عن قيادة المكتب السياسي لمصلحة خصومه، محتفظا بعضوية اللجنة المركزية، وفي يونيو/حزيران 1985 أقر الحزب منع اللجوء إلى العنف لتسوية الخلافات الداخلية، معتبرا من يفعل ذلك خارجا على القانون.

لكن هذا الترتيب لم يُنهِ الأزمة بل فاقمها، فكما يرى فريد هاليداي في كتابه "الثورة والسياسة الخارجية: حالة جنوب اليمن، 1967-1987″، فقد تصاعدت حدة الانقسام بين أجنحة الحزب حتى تفجرت في 13 يناير/كانون الثاني 1986، في صراع دموي عنيف داخل مدينة عدن، خلّف آلاف القتلى من القيادات والكادر الحزبي.

وقد اتسمت التصفيات خلال الأحداث بخلفيات مناطقية، وأسفرت المواجهات عن نجاة عدد من القيادات مثل علي سالم البيض، وحيدر أبو بكر العطاس، وسالم صالح محمد، الذين حافظوا على مواقعهم في مرحلة ما بعد الحرب.

من قتل عبد الفتاح إسماعيل؟

في 13 يناير/كانون الثاني عام 1986، أقدم الحراس الشخصيون للرئيس علي ناصر محمد على إطلاق النار داخل اجتماع للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، مستهدفين عددا من أبرز القيادات.

وقد أدى ذلك إلى اندلاع اشتباك مسلح فوري، إذ كان أغلب الحضور من قيادات الحزب يحملون السلاح ويحيط بهم حراسهم في ظل أجواء توتر داخلي متصاعد منذ شهور، ومن المفارقة أن علي ناصر وأنصاره لم يكونوا في قاعة الاجتماع لحظة اندلاع الهجوم، ما أثار كثيرا من التكهنات حول دوافع العملية وتوقيتها.

وقد أسفر الاشتباك الأولي عن مقتل عدد من كبار القادة، أبرزهم نائب الرئيس علي أحمد ناصر عنتر، ووزير الدفاع صالح مصلح قاسم، ورئيس دائرة الانضباط الحزبي علي شائع هادي، بينما نجا عبد الفتاح إسماعيل من الهجوم المباشر، لكنه ما لبث أن لقي مصرعه لاحقا في اليوم نفسه، على الأرجح نتيجة قصف مدفعي نفذته وحدات بحرية موالية لعلي ناصر استهدفت مواقع حيوية داخل مدينة عدن.

وتوسعت رقعة القتال بعد ذلك لتشمل معظم أرجاء عدن واستمرت المعارك لمدة 12 يوما، مخلفة حصيلة بشرية مروعة قدرت بين 4 آلاف و10 آلاف قتيل، إلى جانب دمار واسع في البنية التحتية، وقد أدى الصراع إلى الإطاحة الفعلية بعلي ناصر محمد من موقعه السياسي.

وعقب انتهاء المواجهات، فرّ ما يقرب من 60 ألف شخص من أنصار علي ناصر محمد، يتقدمهم هو شخصيا، نحو جمهورية اليمن الشمالي، حيث حصلوا على دعم سياسي ولوجستي، وطُويت صفحة دامية من تاريخ الحزب.

علي سالم البيض الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني (الفرنسية)

وبرز على إثرها علي سالم البيض بوصفه أحد القيادات القليلة من تيار عبد الفتاح إسماعيل التي نجت من المجزرة، ليصبح لاحقا شخصية محورية في مسار جنوب اليمن السياسي، وخاصة في مرحلة ما بعد الحرب وحتى الوحدة اليمنية.

وفي عام 2021 أدلى حيدر أبو بكر العطاس آخر رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بتصريحات إعلامية هي الأولى من نوعها منذ عقود، ألمح فيها إلى تورط الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض في الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب في 13 يناير/كانون الثاني 1986.

إذ قال العطاس بشكل غير مباشر إن عبد الفتاح إسماعيل، أحد أبرز قادة الحزب ومهندسي مشروعه الأيديولوجي، قد تم استدراجه إلى موقع تصفيته من قبل بعض قيادات الحزب.

وأوضح العطاس في حديثه أن "علي سالم البيض وبعض الإخوان" كانوا طرفا فاعلا في إرسال عبد الفتاح إلى مكان وجوده وقت مقتله، دون أن يوضح ما إذا كان ذلك قد جرى عن علم منهم بما سيحدث أو بتنسيق مسبق مع طرف آخر.

إعلان

وقد اعتبر متابعون أن هذه الإشارة، وإن جاءت بلغة تلميحية، تمثل تحولا في رواية أحد أبرز شهود تلك المرحلة الحساسة، التي طالت تداعياتها المشهد السياسي في اليمن لعقود لاحقة.

وفي أغسطس/آب 2022 قام برنامج المتحري الذي تنتجه الجزيرة بعمل حلقة استقصائية شاملة عن أحداث 13 يناير/كانون الثاني 1986 الدموية، وأثبت من خلال العديد من شهود العيان أن الأمر كان مدبرا ومخططا له، واستُدرج فيه عبد الفتاح إسماعيل وعدد كبير من قيادات الحزب في فخ ليتم التخلص منهم.

واتهم بعض شهود عيان -منهم الصحفي والمؤرخ سعيد الجناحي- 3 بأنهم وراء الاغتيال، وهم علي سالم البيض وسعيد صالح وسالم صالح.

مقالات مشابهة

  • أسرار تصفية القيادات ومقتل الرئيس عبد الفتاح إسماعيل بمذبحة عدن
  • ترامب: وسائل إعلام تحاول تشويه سمعة الضربة الناجحة على إيران
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: مراكز المساعدات بغزة تحولت إلى مصائد موت
  • جورج شيحان يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة والشعب المصري برأس السنة الهجرية
  • رئيس البنك الزراعي المصري يستقبل وفداً من أنجولا لبحث سبل التعاون
  • “الأحرار الفلسطينية”: مجازر توزيع المساعدات جريمة حرب مركبة بشراكة أمريكية وصمت دولي
  • مستشار كوفي أنان: القضية الفلسطينية مؤشر واضح على انهيار النظام الدولي
  • رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة: الاحتلال يستغل حرب إيران لشنّ مذبحة صامتة بغزة
  • مصطفى بكري يكشف بنود المقترح المصري - القطري لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لغزة
  • محاولات للنجاة منه.. القبض على المتهم بالتحرش بسيدة في مدينة نصر