الشعاع الحديدي نظام دفاعي إسرائيلي مكمّل للقبة الحديدية
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
الشعاع الحديدي نظام دفاع ليزري جوي إسرائيلي صنعته شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، صُمم لاعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى، ويهدف إلى استكمال نظام القبة الحديدية الاعتراضي.
وقد كشف عنه في 11 فبراير/شباط 2014، ويتميز بدقة عالية في توجيه الليزر، مما يقلل المخاطر على المناطق المجاورة.
تصنيع نظام الشعاع الحديديهذا النوع من الأنظمة من تصنيع شركة تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية "رافائيل" وكشفت عنه في 11 فبراير/شباط 2014، واختبرته للمرة الأولى في أغسطس/آب 2020.
وقد صُمم لاعتراض الطائرات بدون طيار، وتحييد الصواريخ والقذائف المدفعية والهاون، ويهدف لتوفير وسيلة دفاعية إضافية إلى جانب الأنظمة المعمول بها (القبة الحديدية).
ويُعتبر نظام الليزر الدفاعي "الشعاع الحديدي" جزءا من حزمة مساعدات أميركية بقيمة 1.2 مليار دولار، ويهدف إلى دعم نشر النظام وتطويره.
مميزات نظام الشعاع الحديدييحتوي النظام على ليزر قوي بقدرة 100 كيلووات، مما يتيح له اعتراض التهديدات الجوية حتى مسافة 4.3 أميال بدون قيود على عدد الطلقات، إذ يمكنه الاستمرار في إطلاق الليزر طالما أن الطاقة متوفرة.
ويتميز بتكلفته المنخفضة، مقارنة بصواريخ القبة الحديدية، إذ يبلغ سعر الصاروخ الواحد بين 40 ألفا و50 ألف دولار، في حين تصل تكلفة الطلقة الشعاعية الواحدة حوالي 3.50 دولارات، ويصل مداها 7 كيلومترات.
ويتسم النظام بدقة عالية في توجيه الليزر، مما يقلل المخاطر على المناطق المجاورة ويجعله خيارا آمنا وفعالا للدفاع الجوي.
يعتمد النظام الليزري على آلية دقيقة لاعتراض التهديدات الجوية عبر نشر شعاع عالي الطاقة لتدمير الصواريخ وتعطيلها.
وتتضمن العملية اكتشاف وتتبع الصواريخ المعادية عبر أجهزة الاستشعار والرادار، مما يتيح استهدافا دقيقا للهدف.
وبمجرد تحديد التهديد، يبدأ الليزر بتوجيه الشعاع نحو الصاروخ مع تثبيته عليه باستخدام آليات تتبع متطورة تضمن دقة الاستهداف على الهدف المتحرك.
وبعد إصابة الليزر نقطة محددة بالصاروخ، يولّد حرارة شديدة تسبب إتلاف مكوناته الحيوية، بما في ذلك هيكله الخارجي أو نظامه الحربي، مما يؤدي إلى تعطيل مسار طيرانه أو تفجيره بالكامل، أو التسبب بأضرار هيكلية كافية لجعله غير فعال، ومن ثم تحييد التهديد قبل وصوله إلى المناطق المستهدفة.
سلبيات نظام الشعاع الحديدييعتبر نظام الشعاع الحديدي خطوة متقدمة في أنظمة الدفاع الجوي، لكنه يواجه تحديات تقنية ومعوقات بيئية قد تؤثر على فعاليته في مواقف قتالية معقدة.
ومن أبرز سلبياته ما يلي:
الحاجة إلى دقة عالية في التركيزفهو يعتمد على تركيز شعاع الليزر على بقعة صغيرة جدا في الصاروخ المستهدف، الأمر الذي يتطلب دقة شديدة وتوجيها مستمرا مع تغيّر المسافة بين الهدف ومصدر الليزر.
ويعد تثبيت الشعاع على هدف متسارع، لإنشاء بقعة مضيئة صغيرة جدا بمساحة 1-2 سنتيمتر، أمرا معقدا تقنيا، ويحتاج الليزر للتركيز على هذه النقطة لثانيتين تقريبا لإحداث ثقب كافٍ في محرك الصاروخ، وهو ما يصعّب صد الصواريخ قصيرة المدى.
يعتبر الطقس مؤثرا سلبيا على فعالية نظام الشعاع الحديدي، فالأجواء المغبرة أو المليئة بالدخان تؤدي إلى تشتت شعاع الليزر وانخفاض كثافته، مما يقلل فاعليته في اختراق غلاف الصواريخ أو الطائرات دون طيار، كذلك يكون النظام غير فعال بالطقس الغائم، مما يحد من استخدامه بشكل مستمر في مختلف الظروف الجوية.
عدم الفعالية ضد الأهداف الكثيفة أو الأسرابتقتصر فعالية نظام الشعاع الحديدي على استهداف جسم واحد كل مرة، مما يجعل النظام أقل كفاءة في مواجهة الهجمات المتعددة أو أسراب الطائرات دون طيار، وهذا القصور يجعله غير قادر على التعامل بكفاءة مع الصواريخ الكبيرة أو الأهداف الجماعية، التي تتطلب قدرة على مواجهة هجمات منسقة ومركزة.
التعرض لهجمات مضادةتحتاج أنظمة الشعاع الحديدي إلى البقاء ثابتة على الهدف لبضع ثوانٍ حتى تتمكن من إحداث ضرر كافٍ، وهذه الحاجة تمنح الخصم وقتا لمحاولة اتخاذ تدابير مضادة، من حيث تعديل مسار الهدف أو إطلاق أعداد أكبر من الأهداف في وقت واحد، مما يزيد من فرصة فشل الليزر في اعتراضها.
تاريخ استخدام الليزر الدفاعيبدأت فكرة توظيف الليزر بالأغراض الدفاعية في ستينيات القرن العشرين أثناء فترة الحرب الباردة، عندما اكتشف الباحثون إمكانيات الأسلحة التي تعتمد على الطاقة الموجهة.
وفي السبعينيات، أُطلقت البحوث الأولية والدراسات النظرية ضمن مبادرة الدفاع الإستراتيجي التي أشرف عليها الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، ولقّب هذا البرنامج بـ"حرب النجوم".
أما في الثمانينيات فزادت وتيرة التقدم وطُورت نماذج تجريبية لاستكشاف جدوى استخدام الليزر للدفاع الصاروخي، وشهدت هذه الفترة اختبار الليزر الكيميائي في المختبر والتجارب الأولية على أرض الواقع.
وبزيادة التقدم التكنولوجي في التسعينيات، ركز الباحثون على تطوير أشعة ليزر أكثر إحكاما وكفاءة وقوة، وأيضا مناسبة للتطبيقات الدفاعية، ثم أتاحت التطورات التكنولوجية بالعقد الأول من القرن الـ21 تحسين قدرات التحكم في شعاع الليزر وكفاءة الطاقة وقدرات التتبع.
وقد امتدت الاختبارات لتشمل أنظمة الليزر المحمولة جوا، وقياس تأثير الليزر على مكونات الصواريخ.
ومنذ عام 2010 واصلت عدة دول بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل تطوير أنظمة الدفاع المعتمدة على الليزر.
وتركزت الدراسات والتجارب العلمية على تعزيز التقنيات، وتحسين أنظمة التتبع والاستهداف، ودراسة تأثيرات الليزر على المواد الصاروخية، ومعالجة التحديات العملية المرتبطة بنشر أنظمة الدفاع الصاروخي المعتمدة عليه.
الشعاع الحديدي والقبة الحديديةالشعاع الحديدي نظام دفاع جوي يعتمد على تقنية الليزر، ويتميز بعدة نقاط قوة مقارنة بالقبة الحديدية، فهو يستخدم طاقة مخزونة غير محدودة، مما يتيح له العمل لفترات طويلة دون الحاجة إلى إعادة التزويد، على عكس القبة الحديدية التي تعتمد على إطلاق صواريخ محدودة العدد للرد على الهجمات.
ويستطيع النظام الليزري -وفق ما ذكره مصنعوه- اعتراض التهديدات على مسافات بعيدة مع تحقيق دقة عالية وتقليل الأضرار الجانبية، مما يضمن حماية المدنيين والقوات العسكرية في الوقت نفسه.
كما أن تكلفة تشغيل الشعاع الحديدي منخفضة جدا، إذ تصل تكلفة كل عملية اعتراض بضعة دولارات فقط، مقارنة بصواريخ "تامير" باهظة الثمن التي تستخدمها القبة الحديدية.
غير أن الشعاع الحديدي لديه بعض القيود، إذ يمكنه التعامل مع هدف واحد فقط كل مرة، ويتطلب ذلك البقاء على اتصال مع الهدف بضع ثوانٍ لتدميره، إضافة إلى الحاجة المستمرة للتبريد، مما يجعله أكثر فعالية في الدفاع عن المواقع الثابتة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نظام الشعاع الحدیدی القبة الحدیدیة أنظمة الدفاع عالیة فی
إقرأ أيضاً:
في الأمازون.. الليزر يكشف عن عالم مفقود عاد للظهور
في مخيلة كثيرين، تعني الأمازون غابة "طبيعية" هائلة بالكاد لمستها يد الإنسان، لكن في شمال بوليفيا، حول بحيرتي روجاغوادو وجينيبرا، كشفت الأدلة العلمية والأثرية عن مشهد قديم صاغته مجتمعات بشرية عبر قرون، لا عبر مدن حجرية شاهقة، بل عبر هندسة ترابية ذكية تتعامل مع الماء كحليف لا كعدو.
الفكرة ليست أن حضارة "اختفت ثم ظهرت فجأة"، بل إن آثارها كانت موجودة طوال الوقت، ممتدة في الأرض على هيئة منصات زراعية وقنوات وردميات، لكنها لم تُقرأ جيدا إلا الآن، حين اجتمعت أدوات حديثة مثل الليدار مع حفريات وتحاليل بيئية دقيقة، ومعرفة محلية حيّة من السكان الأصليين.
الليدار هو جهاز (غالبا مثبت على طائرة أو درون) يطلق نبضات ليزر سريعة جدا نحو الأرض، ثم يقيس زمن رجوعها ليحسب المسافة بدقة ويصنع خريطة للتضاريس.
ميزة الليدار في الأمازون أنه يستطيع التقطات شكل سطح الأرض حتى لو كان مغطى بنباتات، فيظهر تفاصيل دقيقة لا تلاحظها العين من المستوى الأرضي، مثل القنوات، والخنادق، الردميات، والحقول المرتفعة.
وفي مسوحات بحيرة روجاغوادو، غطّى الليدار نحو 8.6 كيلومترات مربعة، وكشف أشكالا متعددة، من خنادق، ومنصات، وقنوات، وحقول زراعية مرتفعة، أي أن "الأثر" ليس قطعة فخار منفردة، بل شبكة بنية تحتية كاملة من التراب المصنوع.
والأهم أن الليدار لا "يثبت" وحده أن هذه الأشكال من صنع البشر أو يحدد تاريخها، فهو أشبه بخريطة كنز دقيقة ترشد الباحثين إلى أين يحفرون وكيف يضعون أسئلتهم.
وبعد أن يرسم الليدار تضاريس التفاصيل الخفية، تأتي الحفريات وأخذ العينات من التربة وبقايا الفحم أو العظام أو البذور لتأكيد طبيعة البنى المكتشفة وتأريخها بالكربون المشع.
في هذا السياق، لجأ الباحثون، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من مؤسسة فرونتيرز الناشرة للدراسة، إلى عمليات المسح الميداني وتمشيط المنطقة على الأرض بشكل منظم للعثور على مؤشرات وجود بشري قديم، مثل شظايا فخار، أو أدوات حجرية، أو تغيرات غير طبيعية في التربة، أو تلال وردميات صنعتها الأيدي.
إعلانوبعد تحديد النقاط الواعدة، تأتي الحفريات، ويتم ذلك عبر فتح مربعات أو خنادق صغيرة مدروسة لكشف الطبقات واحدة واحدة، لأن كل طبقة هي صفحة من الزمن. بهذه الطريقة يعرف الباحثون أين كان الناس يعيشون، وكيف بُنيت المنصات أو القنوات، وما الذي تراكم فوقه مع القرون، ثم يأخذون عينات للتأريخ (مثل الكربون المشع) وربط كل شيء بتسلسل زمني واضح بدل التخمين.
إلى جانب ذلك، فالفخار هو "بصمة ثقافية" ممتازة، فشكل الإناء وزخرفته وطريقة الحرق وتصنيع العجينة قد تشير لمن صنعه، ولأي فترة ينتمي، وهل كان للاستعمال اليومي أم للتخزين أم للطهي.
أما علم آثار الحيوانات، فيتعامل مع تحليل بيولوجي لعظام وبقايا الأسماك والبرمائيات والثدييات، لتحديد نوع الحيوان، وأجزاء الجسم الموجودة، وآثار القطع أو الحرق، وكل هذا يكشف ماذا كان الناس يأكلون، وهل كانوا يصطادون من البحيرة أكثر أم من اليابسة، وهل كان هناك ذبح أو تقطيع منظم أو طبخ، بل قد يلمّح لتغيرات في نمط المعيشة عبر الزمن.
وهناك كذلك التحليل النباتي القديم، هذا المجال يبحث عن "آثار النباتات" في المواقع الأثرية لفهم علاقة البشر بالنباتات قديما، زراعة وجمعا وتخزينا واستخداما.
الأدلة قد تكون بذورا متفحمة، أو قشورا، أو خشبا، أو بقايا نشويات دقيقة عالقة على أدوات الطحن، أو حتى فحما نباتيا يدل على أنواع الأشجار التي استُخدمت.
عندما تُفحص هذه البقايا، بأساليب كيميائية متخصصة، يمكن معرفة المحاصيل (مثل الذرة)، والنباتات البرية التي اعتمدوا عليها، ومدى وجود إدارة مقصودة للغابة (كالأصناف المختلفة من النخيل).
بجمع البيانات الأثرية والعلمية، سواء عبر تقنيات الليزر أو تحاليل بيولوجية أو كيميائية، يظهر أنه في بيئة كهذه، تُهزم الزراعة العادية بسهولة أمام الفيضان الموسمي، وتُبتلع الطرق بالطين، وتحتاج المستوطنات أن تتعايش مع تغيّر الماء بدل أن تقاتله، فكيف عاش العلماء مع هذا التغير الموسمي؟
هنا بالضبط تظهر عبقرية الحل، فبدلا من محاولة تجفيف الأرض، رفعت المجتمعات القديمة أجزاء منها، وشقّت قنوات، وحولت التفاوتات الصغيرة في الارتفاع إلى نظام إنتاج غذائي مرن.
إلى جانب ذلك كانت هناك تغيرات تظهر تكيفا مع الواقع. ففي الدراسة الجديدة، التي نشرها الباحثون في دورية "فرونتيرز إن انفيرونمنت آند أركيولوجي"، ظهرت 3 مراحل رئيسية لاستيطان هذه المنطقة قبل الحقبة الإسبانية، لكل منها بصمتها الزمنية والمكانية:
المرحلة الأولى (حوالي 600م): وجود مبكر قرب بحيرة روجاغوادو. المرحلة الثانية (1000–1200م): مرحلة أكثر كثافة، فهناك فخار أكثر، بقايا حيوانية ونباتية أكثر، وزراعة ترتكز على الذرة، مع شبكة هيدروليكية "مفصلة" مرتبطة بالحقول المرتفعة. المرحلة الثالثة (1300–1400م): تترافق مع تعديلات أوسع في المشهد واستخدام أغنى للنباتات، مع حضور أقل لبقايا الحيوانات، مما قد يشير إلى تحول تدريجي نحو إدارة نباتية أكثر كثافة (زراعة وتدجين موارد غابية). إعلانهذه ليست سردية خطية عن تقدم ثم انهيار، بل أقرب إلى تغيّر في الإستراتيجيات بحسب الظروف الاجتماعية والبيئية، وكأن المجتمع يعيد ضبط أدواته مع كل قرن. في الواقع، يبدو الأمر وكأن القدماء وعوا أهمية البيئة التي عاشوا فيها، فقرروا أن يتعايشوا معها، وألا يعتبروها مجرد مصدر للموارد، بل "صحبة" أو "صديق"، نأخذ منه ونعطيه.
ليست سيطرة بل تعاونأحد أجمل أجزاء القصة هو أن الاقتصاد القديم لم يكن أحاديا حتى يضغط على جانب محدد من البيئة، لم يعتمد فقط على حقل ذرة كبير، ولا على صيد عشوائي، بل على سلة غذائية متنوعة.
في جينيبرا مثلا، يذكر الباحثون ثراء لافتا في الأدلة النباتية، فهناك أنواع نخيل متعددة، وبذور وثمار ومحاصيل، ومن بينها توثيق أثري مهم لـ"جوز الأمازون".
وعندما تُضاف أدوات مثل أحجار الطحن وشواهد تنوع الفخار، تتشكل صورة لاقتصاد يخلط بين الزراعة وإدارة الغابة.
وفي روجاغوادو، يعرض الليدار تفاصيل مذهلة لعمارة ترابية، فهناك خنادق مربعة (مثل خندق بطول وعرض 136 مترا) وقنوات تمتد نحو البحيرة، وحقول مرتفعة مستطيلة وشبكات تصريف أو ري صغيرة، بما يوحي باقتصاد يجرّب حلولا متعددة بحسب مستوى الفيضان ومواسم الجفاف.
الورقة البحثية تشدد على أن العمل لم يكن تنقيبا فوق أرض الآخرين، بل جرى بالحوار والتعاون مع المجتمعات المحلية، وبمساعدة أدلاء محليين في تحديد مواقع وآثار، وبحساسية تجاه أماكن ذات قيمة ثقافية يفضّل أهلها عدم المساس بها.
هذا مهم لأن كثيرا من تاريخ الأمازون كُتِب، لأسباب استعمارية قديمة، كأنه بلا "تعقيد حضاري"، وكأن سكانه مجرد جماعات متناثرة لا أثر لها في المشهد. لكن هذه المنطقة تقول شيئا آخر، وهو أن هناك تاريخا طويلا من "تدجين المنظر الطبيعي"، أي إعادة تشكيله تدريجيًا بطرق لا تدمّره بل تعيد تنظيمه.