القدس المحتلة- عكس إعلان وزارة الدفاع الإسرائيلية -الشروع في خطة لتأهيل وتحصين الملاجئ والمباني العامة وحماية البلدات الحدودية في الجليل الأعلى والغربي والجولان المحتل– إخفاق الجيش الإسرائيلي بتحقيق الهدف المعلن للحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، بإعادة السكان الإسرائيليين إلى بلداتهم بعد إخلائهم منها في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وفي إطار الخطة الحكومية "تحصين الشمال"، بدأت وزارة الدفاع الإسرائيلية بالتعاون مع قيادة الجبهة الداخلية، تنفيذ أعمال الصيانة والترميم للملاجئ، وإنشاء أكثر من 200 ملجأ وغرفة محصنة في المستوطنات القريبة من الحدود شمالا، بتكلفة أولية تقدر بحوالي 130 مليون شيكل (35 مليون دولار).

وصادق مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية إيال زمير على الخطة التي تشمل أعمال تحصين وترميم حوالي 150 مؤسسة عامة وتعليمية، وبناء أكثر من 200 منطقة محمية بالمؤسسات العامة، في مناطق المجالس الإقليمية والمحلية في الجليل الأعلى والغربي، والجولان، بحسب ما أفادت القناة 12 الإسرائيلية.

وإلى جانب أعمال الحماية والتحصين، تعمل شعبة الهندسة والبناء، ووحدة الاستيطان وقيادة الجبهة الداخلية وقيادة الشمال بالجيش الإسرائيلي، على تعزيز وجود القوات الأمنية المختلفة في المستوطنات بالجولان والجليل الأعلى والمناطق الحدودية مع لبنان، بميزانيات أخرى بقيمة عشرات الملايين من الشواكل شهريا.

الحكومة الإسرائيلية تسعى لبناء غرف محصنة في منطقة الجولان المحتلة ضمن خطة "تحصين الشمال" (الحكومة الإسرائيلية) خطة مجمدة

وتمهيدا لحث سكان مستوطنات الشمال للعودة لمنازلهم -رغم استمرار الهجمات الصاروخية التي ينفذها حزب الله من الأراضي اللبنانية- تقوم مديرية "تحصين الشمال" في وزارة الدفاع حاليا ببناء 261 ملجأ خاصا في منازل المستوطنات التي تبعد 10 كيلومترات عن الحدود اللبنانية.

وتضاف هذه الأعمال إلى مئات من الملاجئ الخاصة الإضافية التي تم الانتهاء من عملها قبل وأثناء الحرب، وعلى الرغم من المخاطر في الميدان، يتم تنفيذ الأعمال وفقا لتعليمات قيادة المنطقة الشمالية وقيادة الجبهة الداخلية، بما في ذلك في مناطق القتال، وذلك بهدف تعزيز الدفاع في المستوطنات القريبة من الحدود.

وأعاد إعلان وزارة الدفاع الشروع في تنفيذ الخطة إلى الواجهة السجال بشأن ما أجمعت عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية "إخفاق الحكومة في تحصين بلدات الشمال"، وهو الإجماع الذي يتوافق مع تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي متنياهو إنغلمان، الذي كشف أن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو وجدت مصدرا في الميزانية لـ18% فقط من خطة "تحصين الشمال".

وذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن قرار تشكيل خطة "تحصين الشمال" صدر عام 2018 من قبل المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" ​​آنذاك، والذي تقرر فيه "صياغة خطة متعددة السنوات للأعوام 2019-2030" لحماية الجبهة الداخلية وتحسين الاستعداد لمواجهة الزلازل والحروب.

ويبلغ نطاق الخطة 5 مليارات شيكل (1.35 مليار دولار)، وكان أحد أهدافها بناء ملجأ في كل شقة على مسافة تصل إلى 45 كيلومترا من الحدود الشمالية مع لبنان، بيد أن الخطة بقيت مجمدة، وفقط بعد اندلاع الحرب متعددة الجبهات تم الشروع في تنفيذها خلال عام 2024، حيث رصدت الحكومة ميزانية 890 مليون شيكل من أصل 1.4 مليار شيكل كان من المفروض رصدها.

الحرب تخدم نتنياهو

وأجمعت تقديرات محللين إسرائيليين على أن الشروع في تنفيذ خطة "تحصين الشمال"، هو مؤشر على إطالة أمد الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، وهو يعكس إخفاق الجيش الإسرائيلي في إعادة السكان إلى بلداتهم في الشمال، بحسب الهدف المعلن للعملية العسكرية الواسعة في جنوب لبنان، والتي توافق القراءات فيما بينها على أن إطالتها تخدم مصلحة نتنياهو بالبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.

ويعتقد الكاتب الإسرائيلي المختص في قضايا الحكم والفساد مردخاي غيلات أن ظل المحاكمة يلاحق كل قرار يتخذه نتنياهو، قائلا إن "استمرار الحرب في الشمال يخدمه، وبالتالي فهو لن يتردد في دعوة السكان -ممن طالبتهم الحكومة بإخلاء منازلهم- العودة إلى بلداتهم الحدودية، وإن استمر إطلاق الصواريخ من لبنان".

وأضاف أن "غطرسة رئيس الوزراء تستدعي حتما -إلى جانب الإنجازات التكتيكية المرحلية- توجيه الانتقادات وطرح الأسئلة، مثل كيف حولت إسرائيل على مر السنين حزب الله إلى وحش وشيطان؟ وكيف نجح الجيش بإحداث ضجة إعلامية وبالمقابل يفشل في سحقه وهزيمته؟" مجيبا "ماذا سيكون ذلك إن لم يكن استمرارا للفشل الكبير والإخفاق الذي حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي".

مئات الملاجئ تم بناؤها في المنازل الخاصة في البلدات الشمالية بعد أن أخليت من سكانها بسبب الحرب (الحكومة الإسرائيلية) سقف المطالب

ويضيف الكاتب الإسرائيلي في مقالة له في صحيفة "هآرتس" سؤالا آخر مقلقا من وجهة نظره، وهو "كيف وصلت إسرائيل إلى هذا الوضع؟ حيث إنه على مدى عام كامل بقي 100 ألف من سكان الشمال المهجرين من منازلهم يتوسلون للحكومة لإعادة الأمن إلى مستوطناتهم، ثم يكتشفون أنهم يتحدثون إلى الحائط"، معلقا أيضا "كيف يكون رئيس وزرائهم مهتما بمسبحه الخاص في القصر في قيساريا أكثر من التهديد بالموت المعلق فوق رؤوسهم؟".

وتعكس هذه التساؤلات -التي طرحها الكاتب الإسرائيلي- ما تشعر به العائلات اليهودية التي أخليت من منازلها في البلدات الحدودية الشمالية، والتي تصر على مطالبة الجيش الإسرائيلي بتوفير الأمن الأمان، وترفض تطلع الحكومة لإعادتها إلى منازلها بظل الحرب المستمرة والهجمات الصاروخية التي ينفذها حزب الله، وهو من تم رصده من خلال تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت".

وحتى بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي برج المراقبة الضخم لحزب الله الذي يطل على المستوطنات الشمالية، يقول مراسل الصحيفة يائير كركاوس في الجليل الأعلى إنه "لم يكن السكان الذين تم إجلاؤهم في عجلة من أمرهم للعودة إلى منازلهم، وقالوا إنهم لن يعودوا حتى بعد تحقيق الهدف المعلن للجيش، ووعده بإعادة حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني".

وأوضح كركاوس أن كثيرا من العائلات التي أخليت من منازلها لا تبدي استعدادا للعودة إلى بلداتها حتى وإن تم توفير الملاجئ العامة والغرف المحصنة في المنازل، وهناك من رفض أن يبقى هدفا مستقبليا للصواريخ والقذائف من الأراضي اللبنانية، وبعضهم رفع سقف طلباته من الحكومة الإسرائيلية باشتراط العودة إلى البلدات الحدودية في حال كان جنوب لبنان منطقة منزوعة السلاح.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی الجبهة الداخلیة وزارة الدفاع الشروع فی حزب الله مع لبنان

إقرأ أيضاً:

محللون إسرائيليون: فشلنا في هزيمة حماس وحربهم هي الأصعب في تاريخنا

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية ما وصفته بـ"الفشل الإستراتيجي" الذي مُنيت به إسرائيل في حربها على قطاع غزة، بعد عامين من القتال، مشيرة إلى أن إسرائيل عجزت عن هزيمة حركة حماس أو حتى إضعافها.

ووصف محلل الشؤون العسكرية في القناة 13 ألون بن دافيد الحرب ضد حماس بأنها "الأطول والأصعب في تاريخ إسرائيل" موضحا أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 1972 شخصا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 913 جنديا، إضافة إلى أكثر من 30 ألف مصاب، منهم أكثر من 10 آلاف تم تشخيصهم بإصابات نفسية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نصر عسكري وهزيمة سياسية.. نتنياهو ونهاية حرب غزة بمعايير إسرائيلlist 2 of 4ما الأبعاد الإستراتيجية العسكرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟list 3 of 4حماس والجهاد والجبهة الشعبية: نرفض أي وصاية أجنبية على غزةlist 4 of 4ترامب: اتفاق غزة سيصمد وحماس وإسرائيل تعبتا من القتالend of list

وأشار بن دافيد إلى أن الثمن الفلسطيني كان فادحا وغير مسبوق في أي حرب سابقة خاضتها إسرائيل، إذ تتحدث الإحصاءات الرسمية عن نحو 65 ألف قتيل، في حين ترجح التقديرات أن العدد الحقيقي يقترب من 100 ألف، أي ما يعادل تقريبا 5% من سكان قطاع غزة.

وفي سياق متصل، قال خبير الشؤون الفلسطينية الدكتور روني شاكيد إن الصراع مع الفلسطينيين "لن ينتهي قريبا" مضيفا أن السلام المنشود يتطلب تغييرا في النهج الإسرائيلي ذاته، وليس فقط من الطرف الآخر.

وأوضح أن إسرائيل ما زالت "تعيش في وهم" أنها قادرة على حل المشكلة عسكريا في وقت تزداد تعقيدا مع مرور الوقت.

ورأى شاكيد أن حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "سلام شامل في الشرق الأوسط" بدا بعيدا عن الواقع الميداني، مضيفا أن إسرائيل ما زالت غارقة في صراعها مع الفلسطينيين رغم كل الوعود والمبادرات التي أُطلقت خلال السنوات الماضية.

إخفاق تاريخي

أما الرائد في الاحتياط جلعاد آخ (رئيس حركة "جنود احتياط حتى النصر") فقد أقر بأن الجيش الإسرائيلي فشل رغم كل قوته في القضاء على حماس، مشيرا إلى أن حماس بقيت صامدة رغم الهجمات الواسعة التي طالتها.

وأضاف آخ أن "الجيش الذي تمكن من ضرب إيران والحوثيين لم يستطع إنهاء وجود حماس" معتبرا أن حماس حققت ما لم يحققه حزب الله في لبنان أو حتى الجيوش العربية في حروبها السابقة مع إسرائيل، مشددا على أن صمودها "يمثل إخفاقا عسكريا وتاريخيا" لإسرائيل.

إعلان

واعتبر أن إطلاق سراح قيادات المقاومة ضمن صفقات التبادل، مثل صفقة شاليط سابقا، سيؤدي إلى ظهور قادة جدد من طراز يحيى السنوار، متسائلا بمرارة "ماذا سيفعل كل هؤلاء غدا صباحا؟" في إشارة إلى القلق من عودة المقاومة إلى المواجهة بعد انتهاء التبادل.

وفي تعليق يعكس الغموض السياسي المحيط بمرحلة ما بعد الحرب، قال خبير الشؤون السياسية الأميركية يفتح ديان إن إسرائيل لا تعرف ما ينتظرها في المرحلة الثانية من صفقة التبادل، ولا ما إذا كانت بنودها ستصب في مصلحة حماس.

وأوضح ديان أن المبادرة التي قدمها ترامب تضم أكثر من 20 بندا "قد تنطوي على تنازلات مؤلمة" لإسرائيل، على حد وصفه.

وفي المقابل، تحدث عضو الكنيست من حزب الليكود أوشر شكاليم عن مستقبل غزة بعد الحرب، مؤكدا أنه لا يتوقع قيام أي مشروع استيطاني هناك في المرحلة الراهنة لكنه شدد على ضرورة إبقاء فكرة الاستيطان مطروحة على جدول النقاش السياسي.

وأعرب شكاليم عن ثقته في أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيتخذان "القرارات الصحيحة لمصلحة إسرائيل" داعيا إلى التريث قبل الحكم على مخرجات المرحلة الأولى من التفاهمات الجارية بشأن غزة.

مقالات مشابهة

  • الحكومة الإسرائيلية تؤكد بدء إطلاق المحتجزين صباح الاثنين
  • اليونيفيل يُطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية عليه في لبنان
  • هاشم: تحصين الواقع الداخلي بتوحيد الموقف الوطني
  • محللون إسرائيليون: فشلنا في هزيمة حماس وحربهم هي الأصعب في تاريخنا
  • رسميا.. الحكومة الإسرائيلية تصدق على اتفاق وقف الحرب في غزة
  • الحكومة الإسرائيلية تصادق على المرحلة الأولى من اتفاق غزة
  • الحكومة الإسرائيلية تصدق على قرار وقف النار في قطاع غزة
  • وسائل إعلام عبرية: الحكومة الإسرائيلية توافق على اتفاق إنهاء الحرب في غزة
  • بدء جلسة الحكومة الإسرائيلية للمصادقة على وقف حرب غزة
  • تأجيل جلسة الحكومة الإسرائيلية إلى العاشرة مساء للتصويت على اتفاق غزة