يمكن القول إن الوساطة الأميركية لوقف إطلاق النار في لبنان قد باءت بالفشل، أقله حين غادر المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ومستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، تل أبيب إلى واشنطن من دون زيارة الأول بيروت أو حتى إبلاغ لبنان بنتائج مهمته. هذا يعني أن التفاوض عُلّق إلى ما بعد الانتخابات الأميركية وبات مرتبطاً بنتائجها بحسب رهانات بنيامين نتنياهو الذي يضع شروطاً مرتفعة السقف ويصر على استمرار الحرب لتحقيق أهدافه.


وففي هذا السياق كتب ابراهيم حيدر في"النهار": قبل زيارة هوكشتاين وماكغورك لإسرائيل رُوّجت أجواء إيجابية حول إمكان التوصل بضغوط أميركية إلى هدنة موقتة تؤسس لإطلاق التفاوض حول القرار 1701، لكن سرعان ما تبخّر التفاؤل وسط رفع إسرائيل شروطاً تعجيزية تضمنتها وثيقتها المسربة التي تتحدث عن مطالب هي بمثابة استسلام للبنان واستباحة لسيادته فضلاً عن الإطباق على المجال اللبناني براً وبحراً وجواً. ومع هذه الشروط خرج الأمر عن سياق القرار 1701 ليتبين أن هوكشتاين حاول إقناع نتنياهو بالتوصل إلى هدنة لتمرير الانتخابات الأميركية انطلاقاً من حسابات إدارته الديموقراطية، لكن إسرائيل لم تمنحه ما كان يطالب به. 

وفي المقابل، روّجت إسرائيل مسوّدة قالت إنها تعكس تقدماً في المفاوضات التي جرى النقاش فيها مع الموفد الأميركي، وأنها لا تقفل الباب أمام مساعي واشنطن، لكن تبيّن أنها عبارة عن شروط إسرائيلية محضة تنسف القرار 1701، حيث أبلغ نتنياهو، هوكشتاين، وفق مصدر دبلوماسي، أنه لن يوقف الحرب قبل تحقيق المنطقة الأمنية العازلة.  

الأخطر في هذا الأمر ما رُوّج عن مسودة اتفاق أميركي-إسرائيلي ينص على وقف النار لمدة 60 يوماً، وما سُرّب في بنوده عن تعهدات أميركية بضمان أمن إسرائيل، وهو ما لم ينفه هوكشتاين، خصوصاً ما تريده إسرائيل من تعديلات يفرضها كأمر واقع للقرار الدولي، ومنها مراقبة البر والجو لمنع دخول أي أسلحة ومنح الجيش اللبناني مع اليونيفيل مهمات أوسع وصولاً إلى نزح سلاح "حزب الله". وإن كانت واشنطن لم تتبنّ هذه المسودة رسمياً فإنها لم تنفها في ضوء ما قدمته من مقترحات لوقف إطلاق النار، وفيها تقاطعات بين أميركا وإسرائيل، لا يمكن للبنان أن يوافق عليها. 

وعلى وقع اشتعال الميدان، تبدو الحرب الإسرائيلية مفتوحة وطويلة، فيما يواجهها "حزب الله" بمعركة وجودية، وهو لذلك أعاد تنظيم أوضاعه بإشراف إيراني مباشر انطلاقاً ممّا تعتبره طهران ضرب ذراعها الرئيسية أي إنهاء قوتها التفاوضية على الجبهات، ولذا صعّد ضرباته الصاروخية، ومنها يراهن في الميدان على إجبار نتنياهو على إعادة النظر في حربه، وأبلغ الحزب الجميع رفضه أي بحث في تسليم سلاحه أو الانسحاب شمالاً إلى ما بعد خط الليطاني. 

كان "حزب الله" قد وافق على ما أبلغه لبنان لهوكشتاين حول تطبيق الـ1701 وانتشار الجيش اللبناني جنوباً، مع إجراءات لإخفاء سلاحه، لكنه اليوم أقفل البحث أمام المطروح إسرائيلياً وحتى أميركياً. وبالتالي بات لبنان الرسمي عاجزاً عن فعل أي شيء، مع تجدد رهانات الحزب على تحقيق "توازن الردع" وإلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي في الميدان، فيما يستمر الاحتلال في حربه المفتوحة ودفع لبنان إلى مزيد من الفوضى وخلق حالة من التفكك لا يستطيع معها النهوض ولا الإعمار ولا حتى تحرير أرضه المحتلة، وهذا هو الخطر الداهم.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني: احتلال إسرائيل لتلال الخمس يعيق حصر السلاح بيد الدولة

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون مساء اليوم السبت، خلال لقاء وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من أجل التوصل لاتفاق مع إسرائيل بإن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لتلال الخمس جنوب نهر الليطاني هو ما يعيق حصرية السلاح في يد الدولة،وإنسحاب قوات حزب الله من تلك المنطقة لم يحدث.

وفي ظل الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وعدم تنفيذها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بانسحابها من الأراضي اللبنانية المحتلة، وأعلن الرئيس اللبناني استعداد 10 ألاف من قوات الجيش اللبناني.

لاستلام تلك المواقع من حزب الله،وإنسحابه حالة التزام إسرائيل بقرار مجلس الأمن الدولي مع الدعوة لوجود قوات تابعة للأمم المتحدة لتشرف على صمود وقف إطلاق النار المفعل بين إسرائيل ولبنان بالرعاية الفرنسية منذ نوفمبر عام 2024.

وجاءت كلمة الرئيس اللبناني متوافقة مع بيان حزب الله اللبناني الذى رأى في العرض الأمريكي بإنسحاب حزب الله أولا مع استمرار وجود قوات الإحتلال الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية ورقة استسلام.

طباعة شارك الرئيس اللبناني جوزيف عون الاحتلال الإسرائيلي لتلال الخمس يعيق حصرية السلاح يد الدولة

مقالات مشابهة

  • دعم خارجي لـ الورقة الأميركية وموقع عون
  • الرئيس اللبناني: احتلال إسرائيل لتلال الخمس يعيق حصر السلاح بيد الدولة
  • عن الردّ اللبناني على ورقة براك.. هذه آخر المعلومات
  • بيان من المجلس الوطني الأرثوذكسي اللبناني... ما مضمونه؟
  • معاريف تتحدّث عن الخطة الأميركية للبنان.. ماذا سيجري خلال 6 أشهر؟
  • الورقة الأميركية بين برّاك والفرنسيين.. بن فرحان يحذر ورد حاسم لقاسم
  • اللجنة الرئاسية تجتمع اليوم وأسئلة لبنانية على الورقة الأميركية: من يضمن الإسرائيلي؟
  • ما جديد الردّ اللبناني على الورقة الأميركية؟
  • إيكونوميست: لماذا فشلت إسرائيل بغزة وانتصرت على إيران وحزب الله؟
  • السلاح بين العصا والجزرة: واشنطن والرياض تصعّدان وحزب الله يوازن الرد