أكثر من عام على معركة “طوفان الأقصى، وهي المعركة الأطول والأكبر في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية، عام برزت فيه قوة المقاومة كقوة دافعة لا تنكسر، قوة ليست مجرد تكتل عسكري مزود بمعدات متطورة، بل إنها رمز لإرادة أمة ترفض الاستسلام وتسعى للعيش بكرامة. وعلى الرغم من كثرة الهجمات التي تعرضت لها، والطعنات التي تلقتها من الأقربين قبل البعيدين، ورغم وحشية الاحتلال وأعوانه، واستشهاد عدد من قادتها البارزين، إلا أن المقاومة لا تزال تقاتل بشجاعة، وتتصاعد عملياتها يوماً بعد يوم، لذلك تظل المقاومة رمزًا للقوة والبسالة والصمود.
قد يختصر البعض نجاح المقاومة في معارك عسكرية محددة، ويعتقدون أن استشهاد بعض قادتها يعكس ضعفها وانهيارها، لكن هذه الرؤية تتعارض مع الحقيقة. فالقوة الحقيقية للمقاومة تكمن في تصميمها الثابت وعزيمتها التي لا تنكسر، ولنعلم أن الحروب هي من تحيي الشعوب من حالة الركود التي أصابتها نتيجة الاستعمار الفكري، والشعوب التي تضحي هي الشعوب الحرة، التي لا يمكن أن يدنس وطنها محتل أو يستقر فيه.
عام من العدوان المستمر، ارتكب المحتل جرائم بشعة بحق المواطنين العزل، اغتال القادة، واقتحم المنازل، وعاث في الأرض فسادًا، ورغم اعتقاده أنه بهذا سيحقق نصراً، إلا أنه يتزلزل يوماً بعد يوم، ويصاب بالإحباط والانكسار. مع كل ضربة قوية من المقاومة، يزداد عدد الجبهات ويتكبد الاحتلال خسائر فادحة في الأفراد والمعدات والمعسكرات، فقد تضاعف عدد القتلى بشكل كبير، سواء على الحدود اللبنانية أو داخل الأراضي الفلسطينية، أو في ضربات المقاومة التي تصل إلى قواعد ومعسكراته. وهذا بفضل الله يعد إنجازًا عظيمًا، وهو ما دفع نتنياهو إلى التصريح بقوله “سننتصر حتى لو كان الله معهم”. فهو يعلم يقيناً، من خلال الأحداث أن الله مع المقاومة، فزاد من تجبره ليواجه الله، وهذا يعد قمة الجنون والتخبط. لقد فقد الأمان على نفسه وعائلته، فكيف لشعبه؟
عام من العدوان، سطر فيه المجاهدون أعظم الملاحم البطولية، والتي تم توثيق بعضها عبر الشاشات والكثير منها سيسجله التاريخ في الكتب والروايات. ومع هذا، يتحدث المنافقون بقولهم: “وأي انتصار وغزة قد أُبيدت؟”، ونحن نؤكد أن غزة لا تزال تقاوم ولن تستسلم، فما زالت أرضها مليئة بالعبوات التي ستنفجر في جنود العدو ومعداته، غزة لا تزال ولادة بالأبطال، لا تزال حية في قلوب الشعوب الحرة.
فالانتصار لا يكون لمن يقتل أكثر إذ أن أي شخص يمكنه ارتكاب الجرائم، ولكنه في النهاية سيزول وينهزم. الانتصار هو الثبات والصمود والمقاومة وعدم الاستسلام. إنه القدرة على البقاء صامداً، مقاوماً، ومواجهة كل هذه الجرائم بكل ما تملك، حتى لو كان بالعصا، كما فعل القائد الشهيد يحيى السنوار الذي قاوم وبقي شامخًا حتى آخر نفس له، مما وضع أمامنا درسًا عظيمًا في المقاومة والصمود.
أيضًا، يتكرر الحديث من المنافقين بقولهم: “لو لم تقم المقاومة الفلسطينية بالهجمات في السابع من أكتوبر لما ارتكبت إسرائيل كل هذه الجرائم”، لكنهم يتجاهلون أو ينسون أن إسرائيل منذ نشأتها ارتكبت أبشع المجازر في غزة وكل فلسطين، فكانت تعيث فسادًا في الأرض دون أي فعل من المقاومة. فقط المقاومة في السابع من أكتوبر هي من بدأت الهجوم قبل أن تتلقى الضربات المتوقعة. الحقيقة الواضحة للجميع: المقاومة قوية وما زالت قوية وستبقى كذلك حتى تطهر الأرض الفلسطينية بالكامل من دنس المحتلين ولن تنكسر.
إن المعركة اليوم في غزة ليست بين فلسطين وإسرائيل فقط، بل هي أيضًا بين المقاومة الفلسطينية وكل دول العالم العظمى، من أمريكا إلى أوروبا إلى آسيا. فقد اجتمعت إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا لتزويد الاحتلال بأحدث الأسلحة المتطورة التي تُلقى على منازل المواطنين في غزة ولبنان، ولن ينتصروا ويحققوا أحلامهم، بجرائمهم وتُعلن المقاومة الاستسلام كما أُعلنت اليابان الاستسلام بعد إلقاء أمريكا القنابل عليها. الشيء الذي يجهلونه هو أننا مسلمون لا نستسلم ولا نخاف الموت، بل نعشق الشهادة، ونعلم أن قضيتنا قضية حق، وإن الله معنا. ومادام الله معنا، فلا نخاف أي قوة في العالم لأننا مؤمنون بالله ونثق بوعده، ونمضي تحت أوامره وقوانينه.
ولقد كانت اليمن مثالًا في الصبر والصمود والقوة، فقد تعرضت لعدوان العالم بأكمله وارتُكبت فيه أبشع المجازر، ومع ذلك، بقي اليمن صامدًا مقاومًا، لم يستسلم، وحتى استهلك العدو كل قوته ووجد أن الخطر أصبح مُحدِقًا به، استسلم العدو ودعا للسلام. وها هي اليوم، اليمن أصبحت بفضل الله قوة أمام العالم، على عكس ذلك ما حصل في جنوب اليمن، حيث أصبح حالهم اليوم فاقدين للحرية والكرامة، وحتى لقمة عيشهم قطعوها عليهم.
اخيراً نؤكد إن الأمل في النصر راسخ في قلوب المؤمنين، ستبقى قصص الصمود والتضحية ملهمة للأجيال القادمة، ولن تُنسى تضحيات أولئك الذين ضحوا بدمائهم من أجل الدفاع عن أوطانهم وحقهم في العيش بكرامة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يوم القر.. أعظم الأيام بعد عرفة وفضائله التي يغفلها الكثيرون
يوم القر المقصود به هو اليوم الأوّل الخاص بأيام التشريق، بمعنى أنه اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحِجّة وهو بعد يوم النَّحر، وثبت فَضل هذا اليوم بما ورد عن نبي الله- صلّى الله عليه وسلّم-: “إنَّ أعظمَ الأيامِ عندَ اللهِ -تباركَ وتعالى- يومُ النحرِ ثمَّ يومُ القَّرِّ”.
وفي السطور التالية من التقرير نتعرف على أبرز معلومات عن يوم القر وسبب تسميته وحكم صيامه وفضله.
سبب تسمية يوم القرسبب تسمية يوم القر بهذا الاسم، يرجع لأن الحُجّاج يستقرّون في هذا اليوم ويقرون بمِنى بعد يوم النَّحر، لكي يأخذون قسط من الراحة بعد تأدية بعض الأعمال مثل طواف الإفاضة، النَّحر، والرَّمي.
ويلتزم الحجاج بأن يظلوا في مِنى، ولا يجب لأحد أن يذهب من منى وينهي المناسك بذلك.
ويرجع سبب تسمية يوم القر أيضًا إلى سمي يوم القر بذلك لأن الناس يقرون أي يستقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا، و«القرّ» بفتح القاف وتشديد الراء.
متى يبدأ يوم القر ؟يطلق يوم القر على ثاني أيام عيد الأضحى، وهو أول أيام التشريق التي تمتد من اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.
وبما أن يوم القر يوافق اليوم الأول من أيام التشريق، فقد نهى الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذه الأيام، عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ».
فضل يوم القريوم القر من الأيام التي لها منزلة وفضل عظيم، فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».
عن فضل يوم القر بيّن حديث صحيح أنه من أفضل الأيام عند الله تعالى، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ اْلأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». رواه أبو داود، (1765) ويوم القر: هو الغد من يوم النحر، وهو حادي عشر ذي الحجة، لأن الناس يقرون فيه بمنى، أي يسكنون ويقيمون.
كما أن في هذا اليوم العظيم يستجاب الدعاء وورد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه ذكر به الناس في خطبته الملقاة يوم النحر، فكان يقول: «بعد يوم النحر ثلاثةُ أيام، الّتي ذكَرَ الله الأيامَ المعدودات لا يُردّ فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكم إلى الله عزّ وجل».
طواف الإفاضة.. ماذا يفعل الحجاج أول أيام عيد الأضحى؟
وقت إنهاء الحج السريع.. كيف يتعجل ضيوف الرحمن في مغادرة مكة؟
إيذاء وإزعاج للمسلمين.. خطيب المسجد الحرام يحذر الحجاج من هذه الأمور
حجاج بيت الله الحرام يؤدون طواف الإفاضة في أجواء إيمانية وخدمات متكاملة.. فيديو
حرم على المسلمين صيام أيام التشريق ويعد هذا اليوم هو أول أيام التشريق عند المسلمين، وأيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، ولا يجوز الصيام في هذه الأيام لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ)، وكذلك قول عائشة وابن عمر رضي الله عنهما : (لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ)، ولكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي، أو القارن أو المتمتع.
نسك الحجاج في يوم القرفي يوم القر يؤدي حجاج بيت الله الحرام، أول أيام التشريق الثلاثة، رمي الجمرات الثلاث بدءًا من الظهر وفي أي وقت نظرًا للازدحام.
ويرمي ضيوف الرحمن الجمرات الثلاث، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبتدئين بالجمرة الصغرى، فالوسطى، ثم جمرة العقبة كل منها بسبع حصيات مع التكبير في كل رمية والتوجه بالدعاء بعد كل جمرة من الجمرات الثلاث.