كلثوم عودة فاسيليفا.. أول أكاديمية فلسطينية وعربية في الاتحاد السوفياتي
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
كلثوم عودة فاسيليفا كاتبة ومترجمة فلسطينية مهتمة بالدراسات الشرقية، وأول أكاديمية عربية في الاتحاد السوفياتي ومن أبرز أعلام الدراسات الشرقية في روسيا. كانت عضوا في الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، وهي معروفة في روسيا باسم كلاوديا عودة فاسيليفا.
المولد والنشأةولدت كلثوم عودة فاسيليفا في مدينة الناصرة بالجليل الأسفل في الثاني من أبريل/نيسان 1892 أثناء عهد الدولة العثمانية، وهي البنت الأصغر في أسرة من 5 فتيات.
دخلت مدرسة المعلمات النسائية التابعة للجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية التي أسسها الضابط الروسي فاسيلي خيتروفو في بيت جالا (إحدى ضواحي بيت لحم)، وتخرجت فيها عام 1908.
بعد الانتهاء من دراستها، حصلت على وظيفة معلمة في مدرسة المعلمين التابعة للجمعية في مدينة الناصرة الفلسطينية. وفي ذلك الوقت كان هناك أكثر من 100 مؤسسة تعليمية روسية في الشرق الأوسط.
وكان لهذه الجمعية دور مهم في تراكم ونشر المعرفة العلمية عن فلسطين وسوريا ولبنان ومصر ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، في وقت احتل فيه المشرق العربي مكانة هامة في تاريخ العالم وجغرافيته، وكانت الدول الكبرى كلها تسعى إلى زيادة نفوذها الثقافي والسياسي في هذه المنطقة، ومنها روسيا القيصرية الأرثوذكسية التي كانت معنية بمقاومة النفوذ الكاثوليكي والبروتستانتي في ذلك الحين.
أثناء هذه الفترة كتبت فاسيليفا مقالات أدبية عديدة في مجالات عربية مختلفة، كـ"النفائس العصرية"، التي كانت تصدر في حيفا ومجلة "الهلال" في القاهرة و"الحسناء" في بيروت.
وعام 1910 تعرفت على المستشرق الروسي إغناطيوس كراتشوفسكي الذي كان يزور فلسطين حينئذ مع زوجته، فأثّر في مسيرتها وحياتها العلمية.
عام 1913 وأثناء عملها بالمدرسة في الناصرة، التقت الطبيب الروسي إيفان فاسيليف، رئيس العيادة الخارجية بمجمع سرغيوس الروسي في فلسطين، وتزوجته رغم المعارضة الشديدة من أسرتها، وأنجبت منه 3 بنات.
وفي عام 1914، وبعد إغلاق المدارس الروسية بقرار من السلطات العثمانية، غادرت مع زوجها إلى روسيا وعملت معلمة في جامعة سانت بطرسبورغ.
ولم تمر أشهر قليلة على قدومها إلى روسيا حتى اندلعت الحرب العالمية الأولى ووجدت ابنة الناصرة نفسها معزولة عن وطنها فلسطين.
عملت عودة ممرضة في الجيش الإمبراطوري الروسي، وبعد اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 ساهمت في مشروع الثورة للقضاء على الأميّة.
ومن عام 1920 حتى 1924، شاركت متطوعة في مكافحة وباء التيفوس الذي انتشر آنذاك في أوكرانيا، وأصاب زوجها عام 1924 وتوفي متأثرا به.
استطاعت عودة الحصول على وظيفة معلمة للغة العربية في معهد لينينغراد للغات الشرقية الحية، بمساعدة من المستشرق الروسي إغناطيوس كراتشكوفسكي، الذي أصبح لاحقا مؤسس المدرسة الروسية للدراسات العربية. وعام 1928 انتقلت للتدريس في معهد لينينغراد للتاريخ والفلسفة واللغويات.
ونشطت عودة بين عامي 1928 و1930، في أعمال حلقة "البارون روزن" المخصصة للدراسات العربية. وبين عامي 1939 و1941 درست في جامعة لينينغراد.
في مارس/آذار 1938، ألقي القبض عليها بعد محاولتها، مع عدد من المستعربين، الدفاع علنا عن مؤرخين ومستعربين مشهورين اعتقلتهم الشرطة السرية السوفياتية، وهما ألكسندر شامي وصوفيا روغينسكايا.
بينما تقول رواية أخرى إنها اعتقلت عام 1948 بسبب رسالة وجهتها للزعيم السوفياتي آنذاك، جوزيف ستالين، احتجت فيها بشدة على اعتراف الاتحاد السوفياتي بإسرائيل.
وبعد إطلاق سراحها وانتقالها إلى موسكو عملت في تدريس اللغة العربية وآدابها وكذلك اللهجات السورية (بلاد الشام) بجامعة موسكو الحكومية، واكتسبت شهرة كبيرة بصفتها باحثة عربية.
وعملت عودة في معهد الاستشراق (1943-1956)، ومن ثم في المعهد الدبلوماسي الأعلى التابع لوزارة الخارجية السوفياتية، ومجددا بجامعة موسكو الحكومية حتى عام 1965.
إرث أكاديميهي واحدة من أبرز الشخصيات الفلسطينية في تاريخ الاتحاد السوفياتي، إذ عملت على تدريس وتأهيل عدد كبير من المستشرقين السوفيات الذين كرّسوا أنفسهم لدراسة مختلف جوانب اللغة والتاريخ والثقافة العربية.
ومن أبرز من تتلمذ على يديها السياسي الروسي الراحل يفغيني بريماكوف الذي شغل مناصب عدة في الحقبتين السوفياتية والروسية، من بينها رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومدير المخابرات في روسيا الذي تحدث عن دورها في تعليمه اللغة العربية ومساعدتها له في الحصول على درجة الدكتوراه في الاستشراق.
توفيت كلثوم عودة فاسيليفا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1965 في موسكو، ودفنت في مقبرة نوفوديفيتشي، التي تعرف بمقبرة المشهورين والعظماء في التاريخ الروسي.
ومن الأقوال المأثورة المفضلة لديها أن "العرب بحاجة إلى روسيا، وروسيا بحاجة إلى العرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الاتحاد السوفیاتی إلى روسیا فی روسیا
إقرأ أيضاً:
مدحت العدل يستنكر استغلال الاحتلال الإسرائيلي لتراث أم كلثوم
أكد الدكتور مدحت العدل، الكاتب والسيناريست ورئيس جمعية المؤلفين، أن ما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي من استغلال غير مشروع لتراث أم كلثوم يمثل سطواً ثقافياً واضحاً، مشددًا، على أن التعامل مع هذا الكيان لا يتم بمنطق الندّية القانونية، لأنه كيان غير قانوني ولا تطبيع معه.
وأضاف مدحت العدل في مداخلة هاتفية مع الإعلاميين شادي شاش ونانسي نور، مقدمي برنامج "ستوديو إكسترا"، عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن النقابات والكيانات الثقافية والشعبية أعلنت مقاطعته بشكل كامل.
وتابع مدحت العدل أن محاولات إقامة حفلات مستوحاة من أعمال أم كلثوم داخل الأراضي المحتلة ليست الأولى من نوعها، وأن المجتمع الدولي نفسه لم يتمكن من ردع ممارسات هذا الكيان.
وأوضح العدل أن تحرك عضو مجلس النواب الدكتور إيهاب رمزي بسؤال لوزير الثقافة يأتي في إطار الخطوات البرلمانية المشروعة، مشيراً إلى أن التحرك على مستوى الدولة قد يسمح باللجوء للمؤسسات الدولية مثل اليونسكو والجهات المعنية بحماية التراث، وأن نتائج مثل هذه التحركات تعتمد على ما يمكن أن تنجح فيه الدولة دبلوماسياً وقانونيًا.
مصر تمتلك بالفعل منظومة قانونية قوية لحماية تراثهاوأكد أن التعامل القانوني الكامل مع الكيان المحتل يوحي بأنه طرف قانوني مشروع، بينما مصر والمثقفون يعتبرونه كياناً قاتلاً وسارق أرض، وبالتالي فإن سرقة تراث فني ليست مفاجأة ولا تتطلّب مخاطبته مباشرة.
وأشار العدل إلى أن مصر تمتلك بالفعل منظومة قانونية قوية لحماية تراثها، موضحاً أن التراث الفني يخضع لقوانين الملكية الفكرية الدولية، وأن الدولة قادرة على التحرك من خلال الويبو في سويسرا، والمنظمات الدولية المختلفة، إلى جانب القنوات الدبلوماسية.
ولفت إلى أن مصر عضو في جميع الاتفاقيات التي تحمي الملكية الفكرية، وأن الرئيس سبق أن أطلق عاماً كاملاً للملكية الفكرية، ما يعكس اهتمام الدولة بحماية حقوقها الثقافية والفنية محلياً ودولياً.