«الجارديان»: فوز ترامب انتصار لـ«نتنياهو».. لكنه قد لا يحصل على كل ما يريده
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن نتيجة الانتخابات الأمريكية لها أهمية كبيرة بالنسبة للشرق الأوسط، وهى فى المقام الأول فوز لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى لم يحاول إخفاء تفضيله لفوز دونالد ترامب.
وأشارت "الجارديان" إلى أن إدارة بايدن كانت قد أرجأت فرض أى ضغوط ذات مغزى على رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى ما بعد الانتخابات، رغم إحباطها المتزايد تجاهه بشأن قضايا متعددة: "عرقلة المساعدات إلى غزة، وحملته ضد الأمم المتحدة، وعرقلته لاتفاق الرهائن مقابل السلام، ودعم حكومته للمستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية".
إن النفوذ الذى كان الديمقراطيون التقدميون يتوسلونه إلى جو بايدن طوال الأشهر الثلاثة عشر من الصراع فى غزة هو النفوذ الذى كان يستغله. لقد ساهم الغضب إزاء القنابل الأمريكية المستخدمة لتدمير غزة، فى ميشيغان، موطن أكبر تجمع للأمريكيين العرب فى الولايات المتحدة، وفى أماكن أخرى فى هزيمة كامالا هاريس.
والآن، حتى لو كان النفوذ الأمريكى الساحق فى المنطقة ليُطلق العنان له أخيرا، فسوف يكون الأوان قد فات لإحداث أى تأثير ذى مغزى.
فى الشهر الماضي، كتب وزير الخارجية أنتونى بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن إلى الحكومة الإسرائيلية تفاصيل عن عرقلة المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة وتحدى جهودها لإغلاق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وقد منحت الرسالة إسرائيل مهلة ٣٠ يومًا، حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لتغيير مسارها أو مواجهة قيود بموجب القانون الأمريكى على توريد الأسلحة الأمريكي، وتنتهى المهلة فى الثانى عشر من نوفمبر ٢٠٢٤، وعند هذه النقطة قد تقيد الولايات المتحدة تدفق الأسلحة عندما لا يكون هناك أى خطر انتخابي.
ولكن فى ظل نتيجة الانتخابات الأمريكية، لن يكون لها تأثير يذكر على حكومة نتنياهو. ويمكنه ببساطة انتظار تنصيب ترامب فى العشرين من نوفمبر.
هل تواجه الأمم المتحدة وجهود الإغاثة فى المنطقة أزمة تمويل؟
وأضافت "الجارديان" أنه من المؤكد أن الإدارة القادمة لن تدافع عن الأونروا، فقد قطع ترامب التمويل الأمريكى عن الوكالة فى عام ٢٠١٨ ولم يستأنفه بايدن إلا بعد ثلاث سنوات. ومن المحتمل أن تواجه الأمم المتحدة وجهود الإغاثة فى المنطقة أزمة تمويل.
كما أن عودة ترامب إلى السلطة تزيل حاجزًا كبيرًا أمام سيطرة إسرائيل الكاملة وضمها المحتمل لجزء على الأقل من غزة والضفة الغربية.
وقد أظهر الرئيس القادم أنه غير مثقل بثقل القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بالأراضي. وقد اعترفت إدارته بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان فى عام ٢٠١٩.
من الذى سيقود سياسة الشرق الأوسط فى إدارة ترامب؟
من غير الواضح من الذى سيقود سياسة الشرق الأوسط فى إدارة ترامب الجديدة، ولكن فى المجموعة المحيطة بالرئيس المنتخب هناك مؤيدون بارزون لحركة الاستيطان؛ مثل صهره جاريد كوشنر، الذى تحدث عن إمكانات العقارات فى "العقارات الواقعة على الواجهة البحرية " فى غزة.
وكذا السفير السابق فى إسرائيل ديفيد فريدمان، الذى قدم طلبا للحصول على وظيفة جديدة فى الإدارة القادمة فى شكل كتاب يمجد حق إسرائيل الملهم من الله فى الاستيلاء على الضفة الغربية.
وربما يكون الدعم الذى حصل عليه الجناح المؤيد لضم الأراضى فى أقصى اليمين الإسرائيلى هو النتيجة الأكثر إلحاحًا وأهمية لفوز ترامب فى الشرق الأوسط، وذلك بسبب قدرته على إعادة رسم الخريطة.
عودة ترامب وموقف نتنياهو
وأضافت "الجارديان"، كما أن عودة ترامب من شأنها أن تعزز موقف نتنياهو فى السياسة الداخلية، ومن المرجح أن تعمل على تسريع تحركاته نحو تحويل إسرائيل إلى دولة أقل ليبرالية.
ولن يسمع نتنياهو شكاوى من أحد رفاقه الشعبويين فى واشنطن بشأن حملته الرامية إلى إضعاف قوة واستقلال القضاء، لكن عودة حليف وثيق إلى المكتب البيضاوى لا تمنح نتنياهو حرية التصرف بالكامل.
فعلى النقيض من بايدن، لا يخشى ترامب أن يلحق رئيس الوزراء الإسرائيلى الأذى به سياسيا فى الداخل. وسوف تكون علاقة القوة الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر انحيازا، وسوف يكون نفوذ الرئيس الجديد أعظم كثيرا من نفوذ أسلافه.
لقد أوضح بالفعل فى رسالة إلى نتنياهو فى ذروة الحملة أنه يريد انتهاء الحملة على غزة بحلول الوقت الذى يتولى فيه منصبه، على الرغم من أن ترامب من المرجح أن يقبل بنتيجة تميل بشكل كبير لصالح إسرائيل، بما فى ذلك السيطرة العسكرية على القطاع.
نتنياهو غير متأكد من دعم ترامب
كما أوضح الرئيس العائد أنه سيرغب فى التوصل إلى اتفاق سريع فى لبنان، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر الأخيرة من ولاية بايدن العرجاء. والأمر الأكثر أهمية هو أن نتنياهو لا يستطيع أن يكون متأكدًا من أن ترامب سيدعم أولويته الاستراتيجية، وهى الحرب لتدمير البرنامج النووى الإيراني.
ومن المرجح أن يجتذب أى صراع من هذا القبيل الولايات المتحدة، ونفوره من الحروب الخارجية يشكل عنصرا ثابتا فى السياسة الخارجية غير المستقرة التى ينتهجها ترامب.
ومن ناحية أخرى، ربما لا يعجز نتنياهو عن إقناع الرئيس السابق والمستقبلى بأن قصف إيران قد يوفر انتصارا سريعا وسهلا على نظام تعتقد أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنه خطط لاغتياله.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الانتخابات الامريكية نتنياهو ترامب كامالا هاريس الولایات المتحدة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
الهجرة وفقدان الهوية الأمريكية
د. طارق عشيري
يبدو شهر يونيو 2025 ساخنًا بعد أن أعلنت إدارة الرئيس ترامب سلسلة قرارات جديدة تشكّل تحولًا جذريًا في سياسة الهجرة الأمريكية، فبدأت بحظر سفر مشدد على 19 دولة، من بينها 12 دولة بحظر كامل و7 دول بالدخول الجُزئي، بدعوى “مخاوف أمنية وطنية” وارتفاع معدلات تجاوز التأشيرات، وقد دخل هذا الحظر حيز التنفيذ يوم 9 يونيو الساعة 12:01 صباحًا بالتوقيت الشرقي، مع استثناءات لحاملي البطاقة الخضراء، والفيزا الصالحة، وطالبي اللجوء ذوي الحالات الخاصة.
ومع تزايد الاعتماد الأمريكي على الحجج الأمنية، صدرت أوامر تنفيذية أخرى منذ بداية العام، مثل توسيع صلاحيات الترحيل السريع، وحرمان البلديات “المأوى” من الدعم الفيدرالي، وزيادة تمويل وتجنيد ضباط إنفاذ الهجرة. كما تم إقرار قانون “لاكن رايلي” في يناير، الذي يلزم وكالات الهجرة بتوقيف المهاجرين غير الموثقين المتهمين بجرائم، ويسمح للدول بمقاضاة الحكومة الفيدرالية في حال الإخلال بتنفيذ هذه الالتزامات.
كما تدرس السلطات حاليًا تعليق إصدار تصاريح العمل لطالبي اللجوء الجُدد، وتأخيرها حتى يتم حسم طلب اللجوء كاملًا، قد تصل المدة إلى عام بدلًا من ستة أشهر. هذه الخطوة قد تُلحق أضرارًا اقتصادية بالمئات من الآلاف الذين يعتمدون على هذه التراخيص للبقاء والاندماج في المجتمع الأمريكي.
كما تعكس قرارات يونيو 2025 في أمريكا توجهًا حازمًا نحو تشديد إجراءات الهجرة، يعتمد على الأمن والمراقبة، مع تعزيز أدوات الترحيل والقيود على الإقامات المؤقتة واللجوء. هذه السياسات أثارت موجة من الجدل والاعتراضات، خصوصًا من المنظمات الحقوقية وأطراف محلية عديدة في الولايات المتحدة وخارجها.
العالم يتابع في كل لحظه تداعيات المشهد في الولايات المتحدة الأمريكية والقرارات التي اتخذت بشأن الهجرة التي تُعدّ واحدة من أكثر القضايا جدلًا وتأثيرًا في السياسة والمجتمع الأمريكي المعاصر. وهي تلعب دورًا مركزيًا في تشكيل السياسات الداخلية، وتؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، التركيبة السكانية، والجدل السياسي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
قضية الهجرة أصبحت محورًا أساسيًا في الحملات الانتخابية الأمريكية. الجمهوريون غالبًا ما يركزون على ضبط الحدود، وتقليل الهجرة غير النظامية، بينما يميل الديمقراطيون إلى نهج أكثر ليونة يركّز على إصلاح نظام الهجرة وتوفير مسارات قانونية للمهاجرين.
مثال حي على ذلك، قضية الحدود الجنوبية مع المكسيك تُعدّ من أكثر الملفات سخونة في الفترة الأخيرة، مع تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين؛ الأمر الذي أدّى إلى توترات سياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات الحدودية مثل تكساس.
المهاجرون يشكّلون قوة عاملة حيوية في قطاعات مثل الزراعة، البناء، الرعاية الصحية، والخدمات. ومع ذلك، هناك جدل مستمر حول ما إذا كانت الهجرة تُشكّل ضغطًا على الوظائف والخدمات العامة، أو تساهم في دعم الاقتصاد من خلال الضرائب والعمل في وظائف لا يُقبل عليها المواطنون.
ووفقًا لبعض الدراسات، المهاجرون يساهمون في النمو الاقتصادي لكن التوزيع غير المتوازن لهذه الفوائد قد يخلق شعورًا بالاستياء لدى بعض المجتمعات المحلية.
الهجرة المستمرة ساهمت في جعل الولايات المتحدة واحدة من أكثر الدول تنوعًا عرقيًا وثقافيًا في العالم. هذا التنوع ساعد في إثراء المجتمع الأمريكي، لكنه في الوقت نفسه غذّى حركات قومية ويمينية تشعر بالقلق من "فقدان الهوية الأمريكية"، بحسب منظورهم.
ونتيجة ذلك تنامي الخطاب الشعبوي والمعادي للمهاجرين في بعض الأوساط، والذي تُرجم إلى سياسات متشددة مثل الحظر على بعض الدول الإسلامية، أو الجدران الحدودية.
الهجرة أصبحت واحدة من أبرز أسباب الانقسام داخل المجتمع الأمريكي. الإعلام اليميني يصوّر الهجرة على أنها "أزمة" تهدد الأمن القومي، بينما الإعلام الليبرالي يراها قضية إنسانية تتطلب حلًا عادلًا وشاملًا.
وهذا الانقسام ينعكس على الكونغرس الأمريكي؛ حيث تفشل محاولات تمرير قوانين إصلاح شاملة بسبب الخلافات الحادة بين الحزبين.
الهجرة لا تؤثر فقط على الداخل الأمريكي، بل تُجبر الإدارة الأمريكية على اتخاذ مواقف معينة تجاه دول المصدر. مثلًا، زيادة الهجرة من أمريكا الوسطى دفعت الولايات المتحدة لزيادة دعمها لتلك الدول، في محاولة لمعالجة "الأسباب الجذرية".
إن الهجرة اليوم ليست فقط مسألة قانونية أو إنسانية، بل قضية استراتيجية تُعيد تشكيل السياسة والاقتصاد والمجتمع في أمريكا يُتوقّع أن تكون هذه القضية في صدارة المشهد، خاصة مع تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية والتغيرات الديموغرافية داخل البلاد.