الكلفة الفادحة للإسلاميين كحليف للجيش: كفارة بلا ضفاف (1-2)
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
ملخص
أثقل الإسلاميون بتاريخهم المنكور هذا على الحرب التي دخلوها إلى جانب القوات المسلحة من جانبين، فالجانب الأول هو اصطفاف خصومهم ضد هذه القوات بذريعة أنها مجرد ميليشيات كيزانية. أما الجانب الثاني فهو أنهم، لإسلاميتهم وتاريخهم في دولتهم الإسلامية، ذريعة سائغة لدمغ الجيش الذي وقفوا معه، بـ"الإرهاب" كما تواتر أخيراً.
حل بالسودان قادماً من مهجره في تركيا منذ أسبوعين أو نحوه رئيس حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم خلال ثلاثة عقود من "نظام الإنقاذ" (1989-2018) إبراهيم محمود حامد، وتطير المعارضون للحزب في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم" وآخرون من تلك العودة، إثر نجاحات مختلفة أحرزتها القوات المسلحة في ميادين مختلفة بعد طول هزائم. وصدق عند المتطيرين قولهم إن "الكيزان" عماد "المؤتمر الوطني" أشعلوا الحرب للعودة للحكم، وها هم ما شموا رائحة النصر حتى جاؤوا براجمتهم، رئيسهم، ليرعى تلك العودة.
ومهما كان من أمر عودة رئيس "المؤتمر الوطني" فلا يبدو من تصريحه الأول أنه استوعب الحرج الذي يثقل به حزبه على القوات المسلحة، وممن في صفها من المدنيين قبل خصومه في "تقدم" وغيرها. فبدأ بالقول إن حزبه غير راغب في الحكم ليطمئن أولئك الذين اتهموه بشن الحرب للعودة إلى دسته، وزاد بأنهم "حزب مشروع وطني رائد محكوم بمؤسسية تنشرح لاختلاف الرأي". وأضاف، وهذا مربط الفرس، أنهم بصدد إجراء "مراجعات شاملة للتجربة الماضية وتقديم رؤية استراتيجية متكاملة للمرحلة القادمة". وبدا أنه ربما وضع العصي في عجلات استراتيجيته الموعودة بسبقه القول إنهم "حزب مؤسسي ذو مشروع وطني رائد". فلم تصح هذه المعاني في "المؤتمر الوطني" قديماً قبل سقوط دولته خلال عام 2019 لتصح اليوم، وربما انطبقت مفارقة هذه المعاني لـ"المؤتمر الوطني" مفارقتها لـ"الاتحاد الاشتراكي" على عهد دولة الرئيس نميري (1969-1985). فقال ناظر شعب المسيرية الشيخ بابو نمر إن قولنا بـ"الاتحاد الاشتراكي" مثل قولنا في البادية بـ"شجرة المرفعين (الضبع)" التي لم يقيل مرفعين في ظلها يوماً ولا نام ليلة.
ربما من السابق لأوانه التنبؤ بالاستراتيجية التي وعدنا بها رئيس حزب "المؤتمر الوطني"، غير أنهم جماعة تأنف التصالح بنفس لوامة مع تاريخها، فهي لا تزال تنكر في صحة الثورة عليهم أو جدواها. ووجدوا في سوء إدارة قيادتها للحكومة الانتقالية ذريعة على أنهم من كانوا على المحجة البيضاء في الحكم. وقصراً للحديث عن بؤس شفافيتهم، يكفي أن هؤلاء الإسلاميين وجدوا أنفسهم بعد الثورة عليهم خلال عام 2018 للمرة الثانية في الجانب الخطأ من التاريخ. وكانت الأولى خلال عام 1985 وخدموا منذ 1977 مع الرئيس نميري في سكرات نظامه الديكتاتوري، وتخلص منهم هم أنفسهم قبيل سقوطه في ثورة 1985، ثم سقط نظامهم الديكتاتوري بالأصالة بالثورة عام 2019 وشيعهم خصومهم باللعنات. فهم خلال عام 1985 "سدنة" نظام نميري وهم "الفلول" بعد 2019. وتستغرب لهم بل وترثى لأن نجمهم بزغ أول مرة بثورة عام 1964. والخروج من "السدانة" ليس مثل الخروج من "الفلول". فالسادن ديدبان الظالم، والفلول نفايات الظالم تذروها رياح الثورة التي لا يعرف من طلبها بإساءة الحكم مثلهم على أنها عليهم.
تاريخ ثقيل
أثقل الإسلاميون بتاريخهم المنكور هذا على الحرب التي دخلوها إلى جانب القوات المسلحة من جانبين، فالجانب الأول هو اصطفاف خصومهم ضد هذه القوات بذريعة أنها مجرد ميليشيات كيزانية. أما الجانب الثاني فهو أنهم لإسلاميتهم وتاريخهم في دولتهم الإسلامية ذريعة سائغة لدمغ الجيش الذي وقفوا معه، بـ"الإرهاب" كما تواتر أخيراً.
وكان هناك من حذر الإسلاميين أول عهدهم في الحكم بالانقلاب، من أن ينتجوا من فرط استبدادهم بالحكم معارضة كئيبة تلعنهم شيطاناً رجيماً لا خصماً سياسياً ذا مشروع، مهما توسل له بغير استحقاق أو نباهة، وحدث. فما اصطفوا ليومنا مع الجيش حتى تبخر الجيش في حساب خصومهم وصار "ميليشيات كيزانية" محض. فقالت الصحافية رشا عوض إنه ما من "حزب سياسي في السودان يمتلك جيشاً سوى الكيزان" ليتهم بإشعال الحرب، وحذر الحزب الشيوعي من عودة "نظام الإخوان المسلمين برماح قيادة القوات المسلحة".
ويبعد خصوم الإسلاميين النجعة في أبلستهم. فرأى الصحافي فائز الشيخ السليك فيهم "شيطاناً ذا شر مستطير". فقال إنهم من افتعل مأساة ولاية الجزيرة لجعل أهلها "حقل تجارب" في الاستثمار في ضحايا الحرب. فهم من سلم ولاية الجزيرة "تسليم مفتاح" لـ"الدعم السريع" بأمرهم للفرقة الأولى مشاة بالولاية بالانسحاب ليحتلها "الدعم" بقيادة أبو عاقلة كيكل، الذي هو في الأصل دسيسة من استخبارات الجيش العسكرية فيه. وعاث كيكل في الجزيرة قتلاً ونهباً، وكانت خطة الكيزان من وراء تسليم الجزيرة أن يسحب "الدعم السريع" بعض قواته من الخرطوم لاستكمال السيطرة على الولاية، وهو الانسحاب الذي أضعف وجود "الدعم السريع" بالخرطوم. وذلك ما انتظره الكيزان لاستعادة بعض الخرطوم من "الدعم" ونجحوا ما وسعهم. ثم لما انتهت مهمة كيكل طلبوا منه الخروج على "الدعم السريع" كما حدث فعلاً، وترك الجيش الجزيرة نهباً لـ"الدعم السريع" كما رأينا. وتساءل السليك قائلاً "أي شيطان يا ترى صمم هذه السيناريوهات؟ وكيف سولت له وضع 5 ملايين مواطن عرضة للأذى بهرب الجيش في المرة الأولى وتفرجه على ما جرى لهم خلال المرة الثانية". وتضرجت الجزيرة في قوله بينما "رقص الكيزان في الحالين على مارشات العسكر ومشوا فوق جماجم الأبرياء". وهي نفس الجماجم التي جاءت على لسان المتخصص الحوكمي الوليد مادبو بقوله "كيف برر الإسلاميون لأنفسهم استثمار الحرب والقفز فوق جماجم المواطنين وصولاً إلى سلطة زائلة ونعيمها زائل". وهو نفس الاستثمار الذي انزعج له بيان الحزب الجمهوري. فقال إن الكيزان أشعلوا الحرب ومصرون على مواصلتها "للمتاجرة بإفرازاتها من انتهاكات وفظائع وهم فرحون بها سراً ويصرخون منا جهراً".
ونواصل
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة المؤتمر الوطنی الدعم السریع خلال عام
إقرأ أيضاً:
فيديو - مع بدء "العملية البرية الواسعة" للجيش الإسرائيلي.. نزوح جماعي من جباليا
تقول إسرائيل إن حركة حماس تتحمل مسؤولية سقوط ضحايا مدنيين، بسبب "نشاطها في مناطق مأهولة بالسكان". اعلان
فرّت عشرات العائلات من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، الأحد، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية برية واسعة جديدة في المنطقة، ترافقت مع ضربات جوية مكثفة.
وتنقل السكان سيرًا على الأقدام، أو باستخدام عربات تجرها الحمير، أو في سيارات نادرة لا تزال تعمل، حاملين ما استطاعوا من متعلقاتهم الشخصية. وقال أحد السكان: "لا أملك المال للانتقال. نحن نجمع بعض الحطب والبلاستيك ونبيعه لنحصل على ما يكفي من المال للإخلاء".
وأضاف: "حين تطلب إسرائيل الهدنة، ترفض حماس، وحين تطلب حماس الهدنة، ترفض إسرائيل. وكأن الطرفين متفقان على القضاء على الشعب الفلسطيني. ارحمونا، بالله عليكم".
Relatedمكتب نتنياهو: إسرائيل منفتحة على اتفاق يتضمن إنهاء القتال في غزةإطلاق صاروخين باتجاه غلاف غزة الجنوبي تزامنًا مع بدء الجيش الإسرائيلي عمليته الواسعة في القطاعوبحسب مصادر طبية، فقد أسفرت الغارات الجوية المرتبطة بالهجوم الجديد، خلال الليل وحتى صباح الأحد، عن مقتل ما لا يقل عن 103 أشخاص، بينهم عدد كبير من الأطفال، وأدت إلى إغلاق المستشفى الرئيسي في شمال غزة.
في المقابل، لم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي، إلا أنه أعلن في بيان بدء العملية البرية، مشيرًا إلى أن الضربات التمهيدية خلال الأسبوع الماضي استهدفت أكثر من 670 هدفًا وقتلت "عشرات المسلحين"، بحسب البيان.
وتقول إسرائيل إن حركة حماس تتحمل مسؤولية سقوط ضحايا مدنيين، بسبب "نشاطها في مناطق مأهولة بالسكان".
وتتزامن هذه العمليات مع استمرار الحصار المفروض على دخول الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية إلى غزة منذ نحو ثلاثة أشهر، فيما حذر خبراء أمن غذائي دوليون من خطر المجاعة التي تهدد أكثر من مليوني نسمة في القطاع.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة