ترامب.. قاهر النساء
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
د. أحمد بن علي العمري
ترامب قاهر النساء؛ هكذا تقول نتائج الانتخابات الأمريكية، فعندما نافس هيلاري كلينتون في عام 2016، فاز عليها، وعندما قابل بايدن في عام 2020 انهزم، والآن في 2024 قابل مرة أخرى كامالا هاريس وفاز عليها، وهذا يعني أن الرجل عندما يُقابل رجلاً آخر ينهزم، وعندما يقابل امرأة ينتصر عليها!
واستنتاج هذا أتركه لكم الأعزاء القراء الكرام!!
المهم في الانتخابات الأمريكية التي شغلت العالم وجعلت العالم أجمعه بين مؤيد لهذا أو منحاز لتلك، وكلٌ يظن الظنون ويتوقع التوقعات ويتأمل التأملات، وهنا نقول لكم وبكل صراحة إن الرئيس الأمريكي لا يملك من الصلاحيات سوى النذر اليسير؛ فهو ليس رئيسًا مطلق الصلاحيات، ولا يملك جميع القرارات بيده، هذا إضافة إلى تأثيرات الداعمين بمئات الملايين والذين ينتظرون نصيبهم من الكعكة، فهل يُعقل أن يدفع إيلون ماسك 114 مليون دولار وتسخير منصة إكس واستخدام كل علاقاته وجميع متابعيه دون أن يستفيد، والرجل له علاقات واسعه في الصين وله مصالح كثيرة وبالتأكيد سوف يكون له تأثيره.
ماذا يبقى من الرئيس الأمريكي وماذا يبقى بين يديه ليعطيه؟!
أرجو أن لا يفرح هذا بفوز من يؤيده، ولا يحزن ذلك على خسارة من يدعمها؛ فالرئيس الأمريكي مهما يكن لونه أو جنسه أو حزبه؛ فهو مُسيَّر وليس مُخيَّر.
كثيرون تكلموا وكثيرون حللوا؛ بل وشرحوا وأوضحوا وحتى فصَّلوا، ولكن يبقى الواقع واقعًا، والحقيقة ليس لها سوى وجه واحد!
ربما ترامب أخذ فرصته من التحضير واستفاد من هفوات سابقة في عام 2020، لكن هاريس على النقيض لم تُنافس داخل الحزب الديمقراطي فقد أتت من "دكة الاحتياط" بعد تنحِّي بايدن، ولم يكن أمام حملتها سوى 107 أيام، وهي قليلة جدًا، وقد ظهرت كمرشحة الوقت بدل الضائع!
ويُؤخذ على الحزب الديمقراطي تخليه عن مبادئه وقيمه وتخليه عن اللاتينيين والسود والعرب والمسلمين والريفيين والعمال؛ الأمر الذي جعل الجمهوريين يستغلون هذا ويلعبون في ملعب الديمقراطيين بكل حرية وأريحية، وهذا هو الذي قلب الموازين.
لقد نسي الديمقراطيون كل واجباتهم والتزاماتهم المجتمعية التي تلامس معايش الناس وحاجاتهم وركزوا على woke (أي قضايا العدالة الاجتماعية والعرقية) وكذلك قضايا الإجهاض، وكلتيهما حالتين شاذتين.
لهذا خسروا ورجعت عليهم بخيبة وحسرة ووبال، وكما يقول أغلب المحللين إنه ربما يكون هذا غباء استراتيجي للديمقراطيين، بينما الجمهوريون ركزوا على عاملين مُهمين لامسوا بهما قلوب الناخبين وثبتوا عليهما؛ وهما: الاقتصاد والهجرة غير الشرعية، وقد نجحوا في ذلك بامتياز؛ بل إن هناك من يتجاوز ذلك ويقول إن ترامب لم يفز؛ بل إن هاريس هي التي خسرت؛ أي أن النتيجة النهائية للمباراة فوز ترامب بهدفين مقابل هدف واحد!
هنا نحن جميعاً نعرف أن ترامب رجل أعمال ناجح وهو يعرف أن هذه فترته الأخيرة في البيت الأبيض وعليه فسوف تكون عينه على استثماراته بعد فترة الرئاسة؛ سواءً كان ذلك في روسيا أو منطقة الخليج العربي أو حتى الصين، وربما إيران، أو أي مكان آخر في العالم، من باب تجاوز المدى القصير إلى المدى الطويل في النظره الاقتصادية.
وفي جميع الأحوال ومن المؤكد الذي يميل إلى المضمون أن ترمب في فترة رئاسته الثانيه لن يكون كما كان في الأولى؛ بل سيختلف ذلك شكلًا ومضمونًا وتوجهًا، والأيام شواهد وربما يسعى في ولايته الثانية وهو المفتون بالإعلام والظهور فيه ويراوده الأمل لنيل جائزة نوبل للسلام ومن المؤكد أنه سوف يسعى لها حتمًا.
المهم والخلاصة، أننا في منطقتنا يجب أن نحافظ على ثوابتنا ومعتقداتنا ومنهاجنا، ونقول لمن يفوز في أمريكا أو غيرها مبروك ومن يودع نقول له مع السلامة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التحرك الأمريكي في ليبيا.. مصالح متجددة في ظل إدارة ترامب الثانية
أولًا: عودة ليبيا إلى واجهة الاهتمام الأمريكي
مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعادت ليبيا مكانة متقدمة ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية, ويأتي ذلك في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة، أبرزها تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، واحتدام التنافس بين القوى الكبرى داخل القارة الإفريقية، ما جعل من ليبيا بوابة استراتيجية لا يمكن تجاهلها.
ثانيًا: خلفيات وأبعاد الزيارة الأمريكية
زيارة مستشار الرئيس الأمريكي، مسعد بولس، إلى كل من طرابلس وبنغازي، لم تكن مجرد بروتوكولية، بل يمكن قراءتها باعتبارها خطوة استطلاعية لجمع معلومات مباشرة من الفاعلين الليبيين، وتشكيل تصور دقيق لصانع القرار في واشنطن حول موازين القوى واتجاهات النفوذ.
وقد عبّر بولس خلال لقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، عن قلق الولايات المتحدة العميق من الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، في ظل استمرار انتشار السلاح بيد التشكيلات المسلحة، وغياب سيطرة حقيقية للدولة على هذه القوى.
ويأتي هذا القلق خصوصًا بعد الاشتباكات التي شهدتها العاصمة قبل نحو أربعة أشهر بين قوات حكومية وتشكيلات تابعة لقوة “دعم الاستقرار”، والتي قلّص الدبيبة نفوذها مؤخرًا، ما فاقم التوتر داخل طرابلس. واليوم، تعيش العاصمة على وقع حالة احتقان أمني متصاعدة، وسط مخاوف من تفجر الوضع في أي لحظة.
هذا الواقع دفع بولس إلى التركيز خلال محادثاته على أولوية الأمن والاستقرار، مشددًا على أن استمرار حالة التفلت الأمني يعيق أي مسار سياسي أو اقتصادي، ويثير قلقًا أمريكيًا ودوليًا متزايدًا مما قد يحدث، خاصة في ظل اقتراب استحقاقات مفصلية، منها الحديث عن تنظيم الانتخابات واستئناف المسار السياسي.
تأتي هذه الزيارة أيضًا في لحظة حساسة، حيث تواجه المنطقة خطر التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يهدد إمدادات الطاقة العالمية، ويجعل من ليبيا — بثرواتها وموقعها الجيوسياسي — بديلًا استراتيجيًا في الحسابات الأمريكية.
ثالثًا: السيطرة الميدانية ودلالاتها الاستراتيجية
لا يمكن فصل التحرك الأمريكي عن المعادلة الميدانية الليبية. إذ يسيطر الجيش الليبي على نحو 80% من مساحة البلاد، وهي مناطق تحتوي على أهم الحقول النفطية والثروات المعدنية، إضافة إلى مناطق استراتيجية متاخمة لدول الساحل الإفريقي.
هذه السيطرة تعكس واقعًا أمنيًا يختلف عن حالة الانقسام السياسي، وتفتح المجال أمام فرص استثمارية وتنموية، لأن المصالح الاقتصادية — بما فيها الاستثمارات الأمريكية المحتملة — لا يمكن أن تتحقق في غياب الأمن والاستقرار. ولذلك، فإن هذه السيطرة تُمثل نقطة جذب لأي انخراط دولي يسعى لحماية المصالح الاستراتيجية في ليبيا.
رابعًا: واشنطن والمنافسة الدولية في إفريقيا
في الوقت الذي تُرسّخ فيه الصين وجودها الاقتصادي في إفريقيا، وتتابع فيه روسيا تعزيز مصالحها الاستراتيجية في عدد من الدول الإفريقية، تسعى واشنطن لإعادة التمركز في القارة، انطلاقًا من بوابة ليبيا.
فالتحرك الأمريكي يحمل طابعًا مزدوجًا: مواجهة تنامي النفوذ الروسي – الصيني، وتأمين إمدادات الطاقة، خصوصًا في حال تدهور الوضع في الخليج أو شرق المتوسط. وليبيا تُعد خيارًا مطروحًا، خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن غياب الدور الأمريكي فتح المجال لتنافسات إقليمية ودولية معقدة.
خامسًا: آفاق التحرك الأمريكي وحدوده
ورغم هذا الاهتمام المتجدد، لا تزال السياسة الأمريكية في ليبيا تتسم بالغموض النسبي، إذ لم تُعلن الإدارة الأمريكية حتى الآن عن مبادرة واضحة أو رؤية متكاملة للحل، كما أن تعاطيها مع خريطة الطريق الأممية الحالية لا يزال ضبابيًا.
ويُثير هذا تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للانتقال من الدور الرمزي إلى دور فاعل في حلحلة الأزمة الليبية، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المؤسسات، وانتشار السلاح، وفشل المبادرات السابقة.
ليبيا بين الفرصة والتنافسإن عودة ليبيا إلى حسابات الإدارة الأمريكية تعكس تغيرًا في التقديرات الاستراتيجية، لكنها تظل مرهونة بمدى قدرة الأطراف الليبية على استثمار هذه اللحظة، والذهاب نحو توافق حقيقي يتيح بناء دولة مستقرة.
ففرص التنمية والشراكة مع القوى الكبرى قائمة، لكن تحقيقها يتطلب أولًا التأسيس لسلطة وطنية موحدة تُنهي الانقسام، وتفتح الباب أمام استثمار الموقع والثروات في مصلحة الليبيين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.