جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-24@10:34:17 GMT

الأمن الغذائي.. والقطاع الزراعي

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

الأمن الغذائي.. والقطاع الزراعي

 

عمير العشيت

alashity4849@gmail.com

تحتفل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في 31 أكتوبر من كل عام بيوم الشجرة، وهو بمثابة تقييم للنشاط الزراعي على المستوى العام وإدراج خطط مستقبلية ترمي للارتقاء بالأمن الغذائي في القطاع الزراعي، وبمشاركة العديد من المؤسسات في القطاع الخاص والمزارعين وغيرهم، والذي يهدف إلى إلقاء الضوء على أهمية القطاع الزراعي ودوره في الأمن الغذائي، ومساهمته في سياسة تنويع مصادر الدخل والناتج المحلي.

ونظراً لما تحظى به سلطنة عُمان بالعديد من المقومات الزراعية، فإنها تعد من الدول المنتجة والمصدرة لمنتجات هذا القطاع الحيوي المُهم في المنطقة، والمحفز لخلق وظائف للباحثين عن عمل؛ إذ تمتلك أراضٍ زراعية في المدن والسهول والجبال وصالحة لزراعة الكثير من المحاصيل الزراعية، وفيها مخازن مياه جوفية وعيون مياه نابضة ومتدفقة من باطن والأرض وسفوح الجبال. بيد أن أغلب مياهها تتدفق إلى البحر ولم يتم استغلالها كثروة وطنية، ناهيك عن الأعداد الهائلة من المزارعين الذين اكتسبوا مهن الزراعة من أسلافهم ويحملون خبرات واسعة حول الحقل الزراعي، كذلك شهرة أهل عُمان التاريخية في ابتكار الأفلاج وتسخيرها للزراعة مما جعلها من أوائل الدول المبتكرة لنظام الأفلاج وبشهادة المنظمات الدولية المختصة بالقطاع الزراعي والمياه.

ومع توفر كل هذه المقومات لهذا القطاع الواعد، إلّا أنه لم يُستثمر بالشكل المطلوب، فعُمان ما زالت ضمن الدول التي تستورد المنتجات الزراعية من الخارج، وكذلك المزارع الأهلية التي لم تحقق حتى الآن أي عوائد أو فائض مالية للناتج المحلي بسبب عدم توفر خطط استراتيجية تنظم أنشطتها الزراعية لتحقق منظومة الأمن الغذائي وآمال وطموحات المزارعين والمستهلكين، ورؤية عُمان 2040.

وفي الاحتفالات السنوية بيوم الشجرة، نلاحظ أغلب الأوراق المقدمة في تلكم الندوات والمناقشات تتناول التوصيات والمقترحات والمبادرات والمشروعات البحثية والوعي المجتمعي والبحوث المخبرية؛ حيث تميل إلى الجانب التنظيري، أكثر ما تميل للجانب العملي والتركيز في تنفيذ المشاريع الحيوية الملحة والهامة بهذا القطاع، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد سكان السلطنة، ومدى حاجته ومتطلباته اليومية من المنتجات الزراعية، وقد يأتي الوقت الذي تتوقف فيه الدول المصدرة للمنتجات الزراعية عن التصدير للدول المستوردة لتغطي وتسد حاجات شعوبها. وإذن ما مصير الدول المستوردة؟

الأراضي الزراعية في السلطنة ما زالت على حالها السابق وأغلب منتجاتها متواضعة جدا وغير متنوعة لتلبي حاجات السوق، ولديها فائض كبير في المنتجات المتكررة كالتمور والنارجيل والموز والليمون، ولم تصل حتى الآن إلى تحقيق الأمن الغذائي في القطاع الزراعي، والدخول في مشاريع عملاقة توفر حاجات الأسواق في السلطنة؛ فالأسواق المحلية ما زالت تعتمد بشكل مباشر على المنتجات التي تستوردها من الدول المصدرة على الرغم من تكبد تكاليف الشحن وانخفاض جودتها نتيجة تعرضها للتخزين فترة زمنية طويلة أثناء نقلها، كما إن بعض المزارع امتد إليها الزحف العمراني فتحولت إلى أراضٍ سكنية تجارية والأخرى تعرضت للتصحر والجفاف والبعض منها صار ملجأ ومخبأ للعمالة المخالفة لقانون العمل، ومرتعًا للأنشطة الصناعية غير المرخصة، ومكبات للخردة والنفايات، ومغاسل للملابس والسجاد والمفارش وهي مضرة بالتربة والبيئة.

وفي هذا الإطار، لا بُد أن نشيد بالمبادرات والمحاولات الحثيثة التي تقوم بها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وجهاز الاستثمار العُماني وبعض مؤسسات القطاع الخاص والمزارعين في إيجاد مخارج لاستغلال هذا القطاع المُهم، الذي تعتبره أكثر دول العالم بأنه ثروة قومية، وتُسخِّر له ميزانيات ضخمة، ولكن الأمر بحاجة إلى مزيد من الجهد والعطاء وخطط وطنية عملاقة ترصد لها ميزانية خاصة تكفل النهوض بهذا القطاع إلى النور.

ويحتاج الأمر كذلك إلى مراجعة شاملة في سياسة القطاع الزراعي الذي لا تقل أهميته عن القطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والنفط والسياحة، فبدون الغذاء تنعدم الحياة، وذلك من خلال دعم المزارعين ماديًا ومعنويًا ولوجستيًا، وحثهم على استغلال مزارعهم وتسويق منتجاتهم الزراعية كما هو الحال في الدول الأخرى، وتحفيز الأجيال القادمة على العمل في هذه المهن، فضلًا عن ذلك تعزيز أدوار الجمعية الزراعية العُمانية، وأن يكون لها فروع في كل محافظات السلطنة؛ لتكون همزة وصل بين الوزارة والمزارعين والأسواق المحلية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مبادرات وبرامج إماراتية لدعم الأمن الغذائي في السودان

أحمد مراد (أبوظبي)

أخبار ذات صلة تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة وإيمانويل ماكرون.. انعقاد لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي في باريس الإمارات: العقوبات الأميركية على الجيش السوداني تضع النقاط على الحروف

تسبب النزاع الدائر في السودان، منذ أبريل 2023، في انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما جعل المجاعة تفتك بملايين السودانيين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، الذين يصارعون الجوع، والتشتت، والحرمان الشديد.
وتعمل دولة الإمارات بالتعاون مع منظمات المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والعالمية على وقف الحرب، والتوصل إلى تسوية تحقق إرادة السودانيين، وتوقف المعاناة، مؤكدة دعمها الثابت والراسخ للشعب السوداني.
ولا تكل الإمارات ولا تمل من دعواتها ومطالباتها بفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين، داعية إلى تضافر جهود منظمات المجتمع الدولي لإنقاذ الشعب السوداني، والتصدي لمحاولات عرقلة وصول الإمدادات إلى النازحين واللاجئين السودانيين.
وبحسب التقديرات الأممية والدولية، فإن النزاع الدائر في السودان أدخل نحو 25 مليون شخص في دائرة الجوع، لا سيما مع عرقلة قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المنظمات والدول الفاعلة في مجالات العمل الإنساني، وعلى رأسها دولة الإمارات.
وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي للعام 2025 قد حدد 17 منطقة سودانية معرضة لخطر المجاعة نتيجة الصراع المستمر، موضحاً أن أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين في إقليم دارفور.

رسالة تضامن
وأوضح الخبير في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، أنه في ظل الانهيار المتسارع للأوضاع الإنسانية داخل السودان، يبرز الدور الإماراتي كأحد أهم الجهود التي تسعى ليس فقط للتخفيف من حدة الكارثة، بل لبناء جسر عبور نحو استعادة الدولة السودانية لوظيفتها الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد زهدي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات اتخذت مساراً مختلفاً عن كثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، إذ لم تكتف بإصدار البيانات أو دعوات التهدئة، بل انتقلت مباشرة إلى الفعل الميداني، عبر جسر متصل من المساعدات الإنسانية والإغاثية التي طالت شرائح واسعة من السكان المنكوبين، لا سيما في المناطق التي تعاني انعدام الأمن الغذائي بمستويات غير مسبوقة، ما يمثل الأزمة الأخطر والأكثر تعقيداً في السودان.
وأشار إلى أن دعم الإمارات لملف الغذاء والدواء لا يأتي فقط من باب الاستجابة الطارئة، بل يُعبر عن فهم عميق لطبيعة الأزمة السودانية كأزمة مركبة، أمنية وإنسانية وسياسية، لا يمكن معالجتها إلا بمداخل متزامنة، موضحاً أنه حين تُرسل الدولة شاحنات القمح والأدوية، وتُنشئ مستشفيات ميدانية ومراكز إيواء، فهي بذلك تؤسس لمعادلة استقرار قائمة على إنقاذ الإنسان السوداني أولاً، تمهيداً لاستعادة السياسة والمجتمع والدولة لاحقاً.
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، إن السودان لا يحتاج فقط لمن يرفع صوته بالنيابة عنه في المحافل، بل لمن يضع قدماً على الأرض في معسكرات النزوح والمستشفيات، ويُقدم نموذجاً فاعلاً للتضامن الإنساني العملي، مضيفاً أن الإمارات تقدم نموذجاً يستحق التقدير والتثمين، لأنه يتعامل مع السودان كقضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية أو أمنية.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يزداد فيه الجوع ويغيب الدواء، تكتسب كل قافلة إماراتية تصل إلى الداخل السوداني معنى أكبر من مجرد شحنة دعم، مؤكداً أنها تمثل رسالة تضامن، ومحاولة جدية لردم الهوة بين الخراب وإمكانية التعافي.

دعم إماراتي
بدوره، شدد مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الدكتور محمد صادق إسماعيل، على أهمية المبادرات والبرامج التي تتبناها دولة الإمارات لدعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل التداعيات الخطيرة المترتبة على النزاع الدائر منذ أبريل 2023، ما جعل البلاد تواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي، بحسب التقديرات الأممية والدولية.
وأوضح إسماعيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن النزاع تسبب في تداعيات خطيرة، سواءً على مستوى النزوح أو الخسائر الاقتصادية أو تفشي أزمة غذائية معقدة يُعانيها ملايين السودانيين، مؤكداً أن الإمارات تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تخفيف معاناة الشعب السوداني، عبر قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تشكل دعماً بارزاً للأمن الغذائي السوداني.
وفي إطار تضامنها الراسخ والثابت مع الشعب السوداني، تحرص دولة الإمارات على دعم الأمن الغذائي في السودان، في ظل تأثره بتداعيات النزاع الدائر منذ أبريل 2023. 

سياسات متوازنة
وقال مدير المركز العربي للدراسات، إن دولة الإمارات تتبنى سياسات خارجية متوازنة تهدف إلى إحلال السلم والأمن في مختلف مناطق العالم، وتسوية النزاعات والصراعات بالطرق السلمية، إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والغذائية للمتضررين من النزاعات والصراعات، ما يعزز الحضور الإماراتي الفاعل على المستويين الإقليمي والعالمي.

مقالات مشابهة

  • مبادرات وبرامج إماراتية لدعم الأمن الغذائي في السودان
  • محافظ الشرقية: القطاع الزراعي أحد ركائز الاقتصاد المصري
  • المشاط :الابتكار وريادة الأعمال والقطاع الخاص أفضل حلول لتنمية الاقتصاد
  • مصطفى بكري: مشروع مستقبل مصر يساهم في حماية الأمن الغذائي
  • محافظ الغربية: مستمرون في دعم القطاع الزراعي وتعزيز التنمية الريفية
  • محافظ أسيوط يوجه بدعم الأنشطة الزراعية وتدوير المخلفات لتعزيز الأمن الغذائي
  • الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سوريا
  • أحمد موسى: مستقبل مصر الزراعي يوفر 1.5 مليون فرصة عمل ويعزز الأمن الغذائي
  • وزيرة التخطيط تتابع مع “إيفاد” جهود تحقيق التنمية الزراعية ودعم الأمن الغذائي
  • المشاط تتابع مع رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) جهود تحقيق التنمية الزراعية والريفية ودعم الأمن الغذائي