بسبب المرسوم 54.. عمران: رقابة السلطة تكبل الكاريكاتير في تونس
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
اشتهر رسام الكاريكاتير التونسي توفيق عمران برسومه الناقدة الساخرة، تفاعلا مع قضايا الشأن العام في تونس، وهي مهمة كانت محفوفة بمخاطر المتابعات القضائية، خصوصا بعد بدء تطبيق المرسوم 54 المثير للجدل والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة الاتصال والمعلومات.
وكان المرسوم الرئاسي الصادر منذ سبتمبر 2022 محل جدل واسع، واعتبرته أحزاب ومنظمات حقوقية خطرا على حرية التعبير في البلاد.
وعلى امتداد مسيرة مهنية تعود انطلاقتها إلى فترة الثمانينات، واجه الرسام الكاريكاتوري توفيق عمران الكثير من العقبات والتحديات، بدءا بفترة الركود في هذا المجال تزامنا مع وصول نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر 1987 إلى سدة الحكم، مرورا بمرحلة ما بعد الثورة التونسية في 2011، ووصولا إلى ما بعد إجراءات 25 يوليو 2021.
ويقول توفيق عمران لـ "الحرة" إنه دأب على نشر رسومه الكاريكاتورية على منصات التواصل الاجتماعي في تونس، معتمدا في ذلك على أسلوب فني يقوم على رسوم ناقدة وساخرة ذات طابع سياسي، مرفوقة بكلمات باللهجة التونسية الدراجة لاستهداف شريحة واسعة من التونسيين.
هاجس المرسوم 54في سبتمبر 2023، تم إيقاف الرسام الكاريكاتيري توفيق عمران والتحقيق معه على خلفية رسوم كاريكاتورية تتعلق برئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني، قبل أن يُطلق سراحه، في حادثة خلفت انتقادات حقوقية واسعة في البلاد.
وفي هذا الخصوص، يؤكد توفيق عمران أن تلك القضية جاءت في سياق تطبيق المرسوم 54 لسنة 2022 الذي يتضمن نصوصا قانونية تتعقب كل ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي.
ويتابع أن تلك الواقعة أعقبها تحقيق آخر معه في مايو الماضي على خلفية رسم كاريكاتوري انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد موضحا أنه تمسك بضوابط المهنة وأخلاقياتها دون الإساءة إلى طرف مهما كان منصبه السياسي أو مكانته الاجتماعية.
ويرى توفيق عمران أن المرسوم 54 "ضيق بشكل أكبر على حرية التعبير"، معتبرا أن "السبيل الوحيد لمواجهته" هو "احترام أخلاقيات المهنة وضوابطها كي تكون وسيلة الدفاع عن كل رسام أمام القضاء".
وبحسب التقرير السنوي لنقابة الصحفيين التونسيين للعام 2024، تم تسجيل 37 متابعة قضائية لصحفيين سجن منهم أربعة بسبب قضايا رفعت بموجب المرسوم 54.
ورغم الانتقادات التي يواجهها هذا المرسوم، يؤكد الرئيس التونسي قيس سعيد على أنه "يرفض المساس بأي كان من أجل فكرة، فهو حر في اختياره وحر في التعبير".
وقال في مايو الماضي عقب لقائه بوزيرة العدل ليلى جفّال إنه "لم يتم تتبع أي شخص من أجل رأي"، وأضاف "نرفض رفضا قاطعا أن يرمى بأحد في السجن من أجل فكره فهي مضمونة في الدستور".
مسار متعب"رغم أن فترة الثمانينات شهدت هامشا من الحرية، كانت معها انطلاقة مسيرتي في فن الكاريكاتير من خلال نشر رسوم ساخرة وناقدة في عدد من الصحف وكذلك الجامعات التونسية، إلا أن هذا الفترة لم تدم طويلا حيث جاء نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ليزيل هذا الهامش"، يستطرد توفيق عمران.
ويضيف أنه نتيجة لـ"رقابة السلطة" في ذلك الوقت، عاش الكاريكاتير فترة "انقطاع طويلة" لجأ فيها في بعض المناسبات القليلة مثل الأحداث الاحتجاجية بالحوض المنجمي بقفصة (وسط غرب تونس) ضد النظام في 2008، إلى إنجاز رسوم ناقدة مستعملا يده اليسرى، مع إضافة ألوان على لوحاته، حتى يتمكن من إخفاء بصمته خشية الملاحقة الأمنية والقضائية آنذاك.
وبخصوص عودة الرسم الكاريكاتوري إلى البروز مجددا في تونس بعد ثورة 2011، يوضح توفيق عمران أنها كانت مرحلة جديدة شهد فيها فن الكاريكاتير طفرة في البلاد، مشيرا إلى أنه "رغم اتساع دائرة الحقوق والحريات، إلا أن صعود التيار السلفي في البلاد في ذلك الوقت جعله يتلقى تهديدات بالقتل على خلفية رسوم ناقدة وساخرة".
ويذكر المتحدث أن تجربته مع نشر رسومه في الصحف والمواقع الإلكترونية، لم تتجاوز فترة الخمس سنوات الأولى بعد الثورة، حيث توقفت في العام 2016 ليبدأ مرحلة جديدة في النشر على منصات التواصل الاجتماعي مرجعا ذلك إلى رغبته في التحرر من قيود خطوط التحرير التي تفرضها المؤسسات الإعلامية، فضلا عن البحث على هامش حرية أكبر في تناول قضايا الشأن العام في تونس.
ويؤكد أن مجال الرسم الكاريكاتيري في البلاد "يحتاج إلى هيكل ينظمه ويسعى إلى تطويره حتى يكون أكثر فاعلية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: رسام الکاریکاتیر توفیق عمران المرسوم 54 فی البلاد فی تونس
إقرأ أيضاً:
بولندا تعتزم فرض ضوابط حدودية مع ألمانيا وليتوانيا بدءًا من الغد
ستفرض بولندا رقابة حدودية مؤقتة على حدودها مع ألمانيا وليتوانيا بدءًا من 7 يوليو، ردًا على إعادة ألمانيا مهاجرين غير شرعيين، في خطوة تأتي رغم التزام الدول الثلاث بمنطقة شنجن. اعلان
أعلنت بولندا عن إعادة فرض رقابة على حدودها مع ألمانيا وليتوانيا بدءًا من يوم الاثنين، وذلك ردًا على الانتقادات المتزايدة لقرار ألمانيا بإعادة مئات المهاجرين إلى بولندا، بعد ادعاءات بعبورهم الحدود بشكل غير قانوني.
وأفاد مركز الأمن الحكومي بأن "رقابة حرس الحدود ستعاد على الحدود مع ألمانيا وليتوانيا (عند الدخول إلى بولندا) بدءًا من 7 يوليو"، مشيرًا إلى تفعيل حالة التأهب في جميع أنحاء البلاد.
وجاء الإعلان عن القرار من قبل رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، خلال اجتماع لحكومته يوم الثلاثاء الماضي، حيث أكد أن "الإجراءات المتعلقة بإعادة فرض رقابة مؤقتة على الحدود مع ألمانيا ومع ليتوانيا ستبدأ في 7 يوليو".
ويجدر بالذكر أن بولندا وألمانيا وليتوانيا تعدّ من الدول الأعضاء في منطقة شنجن، التي تتسم بحرية التنقل بين دولها دون رقابة على الحدود، باستثناء الحالات الاستثنائية التي يُسمح فيها بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي بفرض رقابة مؤقتة.
وهو ما حدث أثناء جائحة كوفيد-19، أو "كملاذ أخير" للتعامل مع التهديدات الأمنية. ويُفترض أن تكون هذه التدابير مؤقتة، لكنها عمليًّا يمكن تجديدها عدة مرات.
ومنذ عام 2023، فرضت ألمانيا ضوابط على حدودها مع بولندا وجمهورية التشيك استجابةً للهجرة غير الشرعية. وفي العام الماضي، وسعت هذه الضوابط لتشمل جميع حدودها.
رد المستشار الألماني فريدريش ميرتس على قرارات توسك خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء لوكسمبورج يوم الثلاثاء، حيث قالت: "بالطبع نريد الحفاظ على منطقة شنغن، ولكن حرية التنقل داخلها لن تنجح على المدى الطويل إلا إذا لم يتم استغلالها من قبل أولئك الذين يروجون للهجرة غير الشرعية، وخاصة مهربي المهاجرين".
Relatedتعديل قانون الهجرة في ألمانيا: إجراءات صارمة بشأن الجنسيّة و"لمّ الشمل" المفوضية الأوروبية: نعمل على تبديد مخاوف دول المتوسط من اتفاق الهجرة الأنجلو-فرنسيتحول في سياسة الهجرة.. ألمانيا تفقد لقب الوجهة الرئيسية لطالبي اللجوءكما أعلنت بولندا أنها ستطبق ضوابط مع ليتوانيا فيما يتعلق بالمهاجرين الذين يدخلون البلاد غربًا من بيلاروسيا ودول البلطيق المجاورة.
وردت ليتوانيا على هذا الوضع بالدعوة إلى تعاون أوثق بين البلدين، لكنها أكدت أنها لن تطبق ضوابطها الخاصة على طول حدودها المشتركة مع بولندا.
وقال رئيس وزارة الخارجية الليتوانية يوم السبت إن البلاد "ليس لديها خطط لإعادة فرض ضوابط على الحدود"، وأضاف: "ومع ذلك، فإن قواتنا، أي ضباط ليس فقط من حرس الحدود ولكن أيضًا من الشرطة، ستتعاون بشكل وثيق".
وعلى الرغم من الشكوك حول مدى توافق الإجراءات مع المبادئ التوجيهية لمنطقة شنجن، أكد وزير الداخلية والإدارة في بولندا، توماش سيمونياك، أن هذه الإجراءات ستُنفذ.
وقال: "سنقوم في ليلة الأحد إلى الاثنين بتطبيق إجراءات مراقبة الحدود على هذه الحدود. ويتم ذلك وفقًا للوائح الاتحاد الأوروبي وقانون حدود شنجن"، وذلك خلال تصريح له في بودزيسكو على الحدود البولندية الليتوانية.
وأضاف الوزير: "السبب وراء هذا القرار هو مشكلة مشتركة لدينا كليتوانيا وبولندا والاتحاد الأوروبي، وهي مكافحة الهجرة غير الشرعية".
وشدد سيمونياك على أنه يمكنه إعادة العمل بالإجراءات نفسها "إذا رفعت ألمانيا ضوابطها".
في ليتوانيا، سيتم تنفيذ الضوابط في 13 موقعًا، من بينها ثلاثة معابر حدودية رئيسية، بينما ستكون المواقع العشرة المتبقية "مواقع مراقبة مخصصة" يُسمح باستخدامها من قبل السكان المحليين.
أما في ألمانيا، فستُجرى عمليات المراقبة الحدودية في 52 موقعًا.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة