قدرت الأضرار المادية وحدها جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان بـ3.4 مليار دولار أميركي، والخسائر الاقتصادية بـ5.1 مليار دولار أميركي، هذا ما خلص إليه التقييم الأولي للأضرار والخسائر في لبنان الذي صدر في تقرير جديد صدر أمس عن البنك الدولي. ويأتي ذلك بالتوازي مع إشارة وكالة "بلومبيرغ" إلى أنّ لبنان شهد للمرّة الأولى منذ عام تراجعا في احتياطات المصرف المركزي، الذي خسر أكثر من 400 مليون دولار من هذه الاحتياطات خلال شهر تشرين الأوّل الماضي.

وأفادت الوكالة أنّ المصرف سجّل هذا التراجع لأوّل مرّة منذ تمّوز 2023، لتصل قيمة الاحتياطات السائلة إلى نحو 10.3 مليار دولار، بالإضافة إلى 5 مليارات دولار من سندات اليوروبوند التي تخلفت الدولة اللبنانية عن سدادها.   لقد غطى تقييم الأضرار الصادر عن البنك الدولي المحافظات الست الأكثر تأثراً، فيما تم تقييم الخسائر الاقتصادية على نطاق البلد ككل، وذلك حسب البيانات المتوفرة. ويغطي التقييم الأضرار التي وقعت حتى 27 تشرين الأول 2024 في أربع قطاعات (التجارة والصحة والإسكان والسياحة/الضيافة)، وحتى27 أيلول 2024 في القطاعات الثلاثة الباقية (الزراعة والبيئة والتعليم).   وتشير التقديرات على صعيد النمو الاقتصادي، إلى أن الصراع أدى إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 6.6٪ على الأقل في عام 2024، مما يفاقم الانكماش الاقتصادي الحاد المستمر على مدى خمس سنوات والذي تجاوز 34% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.   وبحسب التقديرات هناك أكثر من 875 ألف نازح داخلياً، مع تعرض النساء والأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة واللاجئين لأشد المخاطر. كما تشير التقديرات إلى فقدان نحو 166 ألف فرد لوظائفهم، وهو ما يعادل انخفاضاً في المداخيل قدره 168 مليون دولار أميركي.   ووفق التقرير، فإن قطاع الإسكان هو الأكثر تضررًا، حيث تضرر نحو 100 ألف وحدة سكنية جزئيًا أو كليًا، وبلغت الأضرار والخسائر في القطاع 3.2 مليار دولار. وبلغت الاضطرابات في قطاع التجارة نحو ملياري دولار أمريكي، مدفوعة جزئيًا بنزوح الموظفين وأصحاب الأعمال. وأدى تدمير المحاصيل والماشية وتشريد المزارعين إلى خسائر وأضرار في قطاع الزراعة بلغت حوالي 1.2 مليار دولار أميركي.   هذا وسيتم إعداد تقييم سريع شامل للأضرار والاحتياجات (RDNA) لتحديد الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن الاحتياجات التمويلية للتعافي وإعادة الإعمار، حينما يسمح الوضع بذلك. ومن المتوقع أن تكون تكلفة الأضرار والخسائر والاحتياجات التي سوف تُقدر من خلال التقييم الشامل أعلى بكثير من التكلفة المقدرة بموجب التقييم الأولي هذا.   بطبيعة الحال، ووسط ما تقدم، فإن لبنان عاجز عن مواكبة مرحلة ما بعد الحرب على المستوى المالي والتمويلي لإعادة النهوض، خاصة وأن أزمتة الاقتصادية والمالية الحادة صنفت من قبل البنك الدولي في العام 2021، كواحدة من أسوأ الأزمات التي شهدها العالم منذ أكثر من 150 عاماً. وعليه، فإن لبنان بحاجة ماسة إلى الدول العربية والخليجية لمساعدته على النهوض مجدداً بإعادة الاعمار، ولكن الأمر يرتبط أيضاً بمسار التسوية التي يُعمل عليها للبنان من الداخل و الخارج، ولابد أيضاً من دعم لا محدود من المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي و صندوق النقد و الصناديق الفاعلة في العالم.   إذا ما أخد عدوان تموز 2006 كمقياس فالتقديرات ستفوق 12 مليار دولار بين الخسائر المباشرة وغير المباشرة، علماً أن الحرب مستمرة و الخسائر إلى مزيد من الارتفاع في ظل العدوانية الإسرائيلية والتي تضرب الاقتصاد في الصميم.   مع الإشارة إلى أن لبنان مر بمراحل ثلاث على المستوى الاقتصادي منذ العام 2019 وهي: الأولى بين 2019 و حتى السابع من تشرين الأول 2023 حيث الاقتصاد المنهار والمالية المنهارة المصاحبة لأزمة المصارف والمودعين والمصرف المركزي. أما المرحلة الثانية فجاءت بعد عملية "طوفان الاقصى" وحضور جبهة الاسناد اللبنانية والتي خلقت بلبلة اقتصادية على مستوى القطاعات الخدمية و السياحية والزراعية والصناعية. أما المرحلة الثالثة فهي الأخطر والتي تجلت من 23 ايلول 2024 حيث دخل البلد واقتصاده دائرة العدوان الاسرائيلي الذي ضرب كل شي وولد الازمات المتلاحقة من أزمة النزوح الهائلة وصولاً الى ضرب القطاعات على اختلافها بداية من مالية الدولة وإيراداتها وصولاً إلى قطاعاتها المختلفة والتي يصعب تحديد حجم خسائرها طالما العدوان لا يزال مستمراً ولكنه حتماً يقدر بالمليارات من الدولارات.   ويقول أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد موسى ل"لبنان 24" أن مالية الدولة مرهقة وربما بالكاد تستطيع مواكبة المرحلة الحالية، ولكن حكماً موارد الدولة غير كافية على الإطلاق و حسناً فعل الرئيس نجيب ميقاتي خلال القمة العربية – الإسلامية في الرياض بمخاطبته القادة العرب و حثهم على دعم لبنان.   إن سيناريوهات الازمة مفتوحة إلى أبعد الحدود وفق المفهوم العسكري والسياسي والاقتصادي طالما أن الحرب مستمرة وطالما أن الولايات المتحدة لم ترسم بعد حدود الحل لتفرضه على الأطراف المعنية وفي مقدمتها إسرائيل، يقول موسى.   وعلى الصعيد الاقتصادي، ربما بستطيع لبنان، بحسب موسى، مواكبة الأزمة لفترة ولكن لا ضمانات لما بعد هذه الفترة في ضوء ما يعانيه على المستوى الاقتصادي والمالي، ومشيداً بكل الدول التي أرسلت المساعدات، والتي لا بد أن تستمر وتتضاعف لأن الأعباء هائلة والعبرة دائما تبقى بالاتفاق على وقف إطلاق النار لأنه يشكل المدخل الحقيقي لأي حل على كل المستويات.   ويعتقد موسى جازماً أن المجتمع الدولي يرغب بفعالية السلطات القضائية في محاكمة الفاسدين وحضور سلطة سياسية تبعث الثقة في الداخل والخارج على حد سواء. ولذلك ليس مستبعداً بعد انتهاء الحرب أن تكون المساعدات مشروطة، على المستوى المالي بتعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال بغية تدعيم الشفافية والمساءلة، ربطاً باتخاذ عدد من الإجراءات والتشريعات الإصلاحية، وعلى المستوى السياسي بضرورة القيام بالإصلاحات السياسية التي من شأنها أن تعيد الثقة المحلية والدولية بهذا البلد.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

95 مليار يورو خسائر سرقات المتاجر في ألمانيا خلال عام

صراحة نيوز – شهدت سرقات المتاجر في ألمانيا ارتفاعاً ملحوظاً مجدداً، وفقاً لدراسة حديثة أجراها معهد أبحاث تجارة التجزئة “EHI” في كولونيا. وأفادت الدراسة بأن العملاء سرقوا خلال عام 2024 بضائع من المتاجر بقيمة تقارب 2.95 مليار يورو، ما يمثل زيادة بنسبة 4.6% مقارنة بعام 2023، مسجلة بذلك أعلى مستوى خسائر على الإطلاق، رغم أن الزيادة كانت أقل من عام 2023 الذي شهد ارتفاعاً بنسبة 15%.

ووفقًا للخبير فرانك هورست، معدّ الدراسة، فإن ارتفاع حالات السرقة يعود إلى عدم قدرة عدد متزايد من الأفراد على تحمّل تكاليف بعض المنتجات، أو رفضهم الدفع بدافع الاحتجاج على الأسعار، لافتاً إلى أن “كبار السن والعائلات أيضاً باتوا يرتكبون سرقات بشكل متزايد”.

وشملت الدراسة استبيانًا شمل 98 شركة تضم نحو 17,433 متجراً، أظهرت نتائجه أن إجمالي خسائر السرقات في قطاع التجزئة بلغ 4.95 مليار يورو هذا العام، بزيادة قدرها 3% عن العام السابق. وتُشكل سرقات العملاء أكثر من نصف هذه الخسائر، في حين بلغت سرقات الموظفين نحو 890 مليون يورو، فيما توزعت الخسائر المتبقية بين الموردين، وموظفي الخدمات، والأخطاء الإدارية.

وأشارت الدراسة إلى أن ثلث السرقات تقريباً ينفذها لصوص محترفون أو عصابات، وغالباً ما تستهدف السلع المسروقة منتجات مثل الكحول، الملابس ذات العلامات التجارية، الأحذية الرياضية، الأجهزة الإلكترونية، والتبغ.

كما أرجعت الدراسة جزءًا من الزيادة في السرقات إلى الانتشار المتزايد لأنظمة الدفع الذاتي، حيث أفاد نحو نصف تجار التجزئة الذين يستخدمون هذه الأنظمة بارتفاع ملحوظ في خسائرهم. ولفت المعهد إلى أن 98% من حوادث السرقة لا يتم اكتشافها، ما يعادل حوالي 24.5 مليون حالة سنوياً، بمتوسط 120 يورو لكل حادثة.

مقالات مشابهة

  • أستاذ تمويل وإستثمار : خسارة إسرائيل فى الحرب على إيران تجاوزت 1 مليار دولار يوميا
  • 95 مليار يورو خسائر سرقات المتاجر في ألمانيا خلال عام
  • بقيمة 200 مليون دولار... وزارة الزراعة ترحّب بإقرار اتفاقية القرض مع البنك الدولي
  • كم كلفت الضربة الأمريكية التي أنهت الحرب بين إيران والاحتلال؟ (أرقام)
  • صندوق النقد الدولي يقر تمويلا بقيمة 1.3 مليار دولار لبنغلاديش
  • خسائر كبيرة للذهب في البورصة العالمية والسوق المصري
  • اللجان النيابية تقر قرض البنك الدولي ومنح العسكريين بدءًا من هذا التاريخ
  • البنك المركزي: 12.4 مليار دولار تحويلات المصريين العاملين بالخارج أول 4 أشهر
  • البنك المركزي: 29.4 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج خلال 10 شهور
  • مخاوف من تأجيل المؤتمر الدولي لإعادة إعمار لبنان