صور الأقمار تكشف: ماذا تخطط إسرائيل على حدود سوريا؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
شمسان بوست / سكاي نيوز
اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب “انتهاكات جسيمة” لاتفاقية عمرها 50 عاما مع سوريا، قائلة إنها شاركت في “أنشطة هندسية أساسية” تعتدي على منطقة عازلة رئيسية في مرتفعات الجولان.
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية من شركة “بلانت لابس” ووكالة الفضاء الأوروبية، أن قوات إسرائيلية كانت تجري منذ أشهر أنشطة حفر قرب قرية جباتا الخشب السورية الواقعة في هضبة الجولان.
ويتم إنشاء “ساتر ترابي” كبير في المنطقة، يبلغ عرضه حوالي 12 مترا.
وقالت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، إن الأنشطة الهندسية الإسرائيلية واسعة النطاق تجري على طول ما يسمى “خط ألفا” الذي يفصل بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتلة.
وضمن حلقة برنامج “غرفة الأخبار” على “سكاي نيوز عربية”، تم التطرق إلى دلالات هذه التحركات الإسرائيلية، وسط مخاوف من تصعيد عسكري محتمل في المنطقة.
ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، فقد بدأت هذه الأنشطة منذ يوليو الماضي، وهو ما يطرح تساؤلات حول النوايا الحقيقية لهذه التحركات.
أبعاد عسكرية
استضاف البرنامج الخبير العسكري اللواء حسن حسن من دمشق، الذي رأى أن هذه الأنشطة تمثل مؤشرا على تصعيد إسرائيلي محتمل.
وأشار حسن إلى أن الساتر الترابي قد يهدف إلى منع أي تسلل أو هجمات من الجانب السوري، إلا أنه في الوقت نفسه يعكس استعدادا لتحركات عسكرية محتملة من قبل إسرائيل.
وأضاف أن “هذا السلوك يعكس استراتيجية إسرائيلية أوسع لتعزيز قبضتها الأمنية والعسكرية في الجولان المحتل”.
وناقش حسن خلال الفقرة الادعاءات الإسرائيلية التي تشير إلى أن الهدف من بناء الساتر هو منع تهريب الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود السورية، واعتبر أنها تستخدم كغطاء لتحركات عسكرية محتملة، مشيرا إلى أن السواتر الترابية بهذا الحجم “تعكس تحضيرا ميدانيا لعمليات أكبر قد تشمل توغلا عسكريا في حال تطورت الأوضاع”.
استهداف خطوط الإمداد السورية
كما تناول البرنامج الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع في دمشق ومحيطها، حيث أكدت إسرائيل أن العمليات استهدفت خطوط إمداد تابعة لحزب الله اللبناني.
واعتبر حسن أن هذه الضربات تأتي ضمن “المعركة بين الحروب” التي تتبعها إسرائيل لشل قدرات حزب الله وحلفاء إيران في سوريا، لكنه لفت إلى أن قدرات الحزب باتت أكثر تطورا، لا سيما فيما يتعلق بالصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة، مما يطرح تحديات جديدة لإسرائيل.
رسائل إقليمية وتوازنات القوى
في سياق متصل، أوضح الخبير العسكري أن التحركات الإسرائيلية تهدف إلى إرسال رسائل متعددة إلى خصومها في المنطقة، بدءا من سوريا وحتى حليفتها إيران.
واعتبر أن التصعيد الإسرائيلي في الجولان يحمل رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل لن تتوانى عن ضرب أي تهديدات عسكرية تتبلور على حدودها.
تجد الإشارة إلى أن استمرار الأنشطة العسكرية الإسرائيلية على الحدود السورية وتصاعد الضربات الجوية، قد يؤدي إلى تعقيد المشهد الإقليمي بشكل أكبر، ما يثير تساؤلات حول قدرة الأطراف المعنية على ضبط النفس أو التوجه نحو تصعيد أوسع.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى المشهد مفتوحا على كل الاحتمالات، من التصعيد العسكري إلى محاولات التهدئة عبر الوساطات الدولية
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاستراتيجي والعاطفي في التعامل مع الحرب الإيرانية الإسرائيلية
بين دعم صريح لإيران ودعم خفي للكيان الصهيوني، تنوعت المواقف الرسمية وحتى الشعبية العربية تجاه الحرب وفقا لخلفيات وحسابات كل دولة أو كيان. بطبيعة الحال لا يجرؤ الداعمون لإسرائيل وهم أقلية على إعلان موقفهم في وسط بيئة عربية وإسلامية رافضة لهذا الكيان، وإن دلت عليهم أفعالهم على مستوى بعض الحكومات التي تتعاون مع الكيان سرا عسكريا ومعلوماتيا، أو على مستوى النشطاء الذين يتباهون بعلاقتهم مع العدو!!
بعيدا عن الموقف الرسمي أو الشعبي المندد بعدوان الكيان (صدقا أو نفاقا) فإن المعضلة الكبرى هي التعامل مع إيران، حيث تتباين المواقف خاصة غير الرسمية بين من يراها عدوا مساويا للكيان الإسرائيلي، في مقابل من يراها دولة مسلمة شقيقة، وهذا التباين في المواقف انتقل إلى داخل التيارات والجماعات السياسية العربية والإسلامية مع اتفاقها على العداء لإسرائيل وإن بدرجات متفاوتة.
بين الحسابات العاطفية والإستراتيجية تتباين المواقف، فالكثيرون ممن يشمتون إيران ويتمنون هزيمتها، لم ينسوا لها ما فعلته بهم وبأوطانهم، وخاصة السوريين، وهم معذورون في موقفهم، ولكننا حين نمسك برؤوسنا، وننظر إلى المستقبل بنظرة إستراتيجية متعقلة فإننا سنصل إلى نتيجة مغايرة، فانتصار الكيان سيكون هزيمة للأمتين العربية والإسلامية وليس لإيران فقط، وسيمنح هذا الفوز للكيان الهيمنة الكاملة على المنطقة، والتحكم فيها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وحتى دينيا، وسيكون الكيان هو القائد المنفرد للمنطقة، ولن يسمح لغيره بمشاركته في هذه القيادة سواء ممن تولوا القيادة سابقا مثل مصر أو تركيا، أو من يطرحون أنفسهم للقيادة الجديدة مثل السعودية، أو من يحاول إعادة بناء وطنه مثل سوريا، وستنتهي القضية الفلسطينية وفقا للرؤية الإسرائيلية بتهجير من تشاء من أهل فلسطين وإلى أي مكان تشاء ولن تجد معارضة في ذلك، وسيفرض الكيان من يشاء من الحكام بإرادة منفردة دون تشاور حتى مع واشنطن، وسيفرض على الشعوب الإسلامية طريقة الحياة التي يراها مناسبة له، وبالمحصلة فرض سايكس بيكو جديدة على المنطقة، وهو ما أشار إليه بالأمس الرئيس التركي أردوغان في كلمته أمام وزراء خارجية الدول الإسلامية وتعهد بمواجهته..
قد يقول البعض إن إيران ستفعل الشيء ذاته مع المنطقة والعالم السني حال انتصارها، وهو كلام منطقي نسبيا، لكنه يقوم على افتراض صعب إن لم يكن مستحيلا، ذلك أن انتصار الكيان ممكن بحكم ما يتمتع به من أسلحة ومعلومات، وبحكم الدعم الأمريكي المفتوح والدم الغربي عموما الذي لن يسمح بهزيمة الكيان، وبالتالي فإن الطرف الأضعف الذي يحتاج دعما ومساندة هو إيران حتى تظل متماسكة وقادرة على دحر العدوان، ووقف انتصار الكيان، واستنزافه إلى أكبر مستوى ممكن، وساعتها لن يتمكن من تحقيق رؤيته في شرق أوسط جديد كما تعهد نتنياهو، بل سيكون منهمكا في سد الثغرات التي ظهرت خلال الحرب، وكذا في تعمير ما دمرته الحرب.
وفقا للخبرة التاريخية فهذه معركة لن تنتهي غالبا بانتصار كاسح لطرف، أو هزيمة ساحقة لطرف (وهو ما حدث من قبل في حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق)، فكل طرف فيها يتمتع بمصادر قوة وميزات نسبية لا يملكها الطرف الآخر، وإذا كان الكيان يمتلك من الأسلحة أحدثها بما فيها النووية فإن إيران لم تعدم الأسلحة بدورها، وهي قادرة على تحويل مشروعها النووي السلمي إلى عسكري فورا، وقد تمكنت تحت الحصار الطويل من تطوير منظومة صاروخية أثبتت كفاءة عالية خلال الأيام الماضية، وإن ظلت نقطة ضعفها هي الاختراق المخابراتي الصهيوني في أعلى مستوياتها، وهو ما مكن الكيان من قتل عدد كبير من قادتها العسكريين وعلمائها النوويين. لكنها ليست صفرا في هذا المجال أيضا، فدقة تصويبات صواريخها ووصولها إلى أهدافها يعني امتلاكها معلومات دقيقة عن هذه الأماكن. وقد ذكرت قبيل أيام من الحرب أنها تمتلك معلومات كاملة عن المواقع العسكرية والنووية الإسرائيلية، كما يتمتع الطرفان بعقيدة قتالية صلبة، والأهم هو قناعة كل طرف أن الهزيمة تعني نهاية مشروعه سواء المشروع الصهيوني أو المشروع الإيراني، وبالتالي سيقاتل كل طرف بكل جسارة وحتى آخر نفس تجنبا لهذه الهزيمة، وستنتهي المعركة بما يشبه التعادل في المباريات الرياضية.
وبما أن الكيان هو من بدأ الحرب وحدد أهدافه منها، فإن عجزه عن تحقيق تلك الأهداف، مثل محو المشروع النووي الإيراني وإسقاط النظام الإيراني، سيعني انتصارا معنويا لإيران، لكنه ليس الانتصار الذي يدفعها للتغول على جيرانها، والانتقام منهم، بل ربما يدفعها لتصحيح أخطائها السابقة تجاه المنطقة.. أما الكيان فهو يدعي كذبا منذ اليوم الأول للحرب انتصاره ونجاحه في تحقيق أهدافه!!
من سوء حظ نتنياهو أن عدوانه على إيران تم في لحظة هدوء وتحسن للعلاقات الخليجية الإيرانية، وكان نتنياهو يراهن على دعم خليجي لهذا العدوان، بل إنه صرح علنا بأنه شن هذه الحرب دفاعا عن كيانه وعن بعض الدول في المنطقة، محاولا استغلال مخاوف خليجية تقليدية قديمة من إيران، لكن دول الخليج انتهجت مؤخرا سياسة التصالح وتطبيع العلاقات مع إيران، بدلا من العداء معها والخوف منها وانتظار الحماية الأمريكية المكلفة جدا. وأصدر وزراء الخارجية الخليجيون عقب اجتماع استثنائي بيانا أدانوا فيه العدوان الإسرائيلي، وانتهاك القانون الدولي.
ومن جهة أخرى، أدانت 21 دولة عربية وإسلامية بينها مصر وتركيا وباكستان ودول الخليج، في بيان مشترك لوزراء خارجيتها، العدوان الإسرائيلي على إيران، وأعربت عن "قلقها البالغ حيال هذا التصعيد الخطير، والذي ينذر بتداعيات جسيمة على أمن واستقرار المنطقة بأسرها". كما عبرت الدول العربية والإسلامية الرئيسية، بشكل منفرد في رسائل أو اتصالات أو حتى مقابلات مباشرة مع كبار المسئولين الإيرانيين، عن رفضها للعدوان.
يدرك حكام المنطقة إذن خطورة هذه الحرب حتى وإن دعم بعضهم العدو سرا، فنيران الحرب ستطال دولا أخرى في المنطقة، وستؤثر على أمنها واقتصادها، والشرق الأوسط الجديد الذي يريد نتنياهو تدشينه سيكون على حساب سيادة وأمن كثير من هذه الدول. ورغم التوترات السابقة لهذه الدول العربية والإسلامية مع إيران إلا أن حساباتها الاستراتيجية تدفعها لرفض الحرب، بل يفترض أن تدفعها إلى العمل بكل ما تستطيع لمنع انتصار الكيان، فهذه الدول العربية والإسلامية قادرة على إدارة علاقاتها بشكل متوازن مع إيران، بينما لا تستطيع فعل الشيء نفسه مع الكيان في وضعه الحالي فما بالك لو خرج من المعركة منتصرا.
x.com/kotbelaraby