قالت دار الإفتاء المصربة، إن الشريعة الإسلامية أباحت كلَّ معاملة تقوم على الحقِّ والعدل والصدق وتحقيق مصالح الناس في حدود ما أحلَّهُ الله تعالى لهم، ولكنها في الوقت ذاته قد حَرَّمَتْ كل معاملة يخالطها الظلم أو الغش أو الربا أو غير ذلك من الرذائل.

وأوضحت الإفتاء أن شريعة الإسلام حرمت الاحتكارأي شراء الشيء وحبسه ليقِلّ بين الناس فيزيدُ سعره عن حدود الاعتدال، فتضطرب أحوال الناس، ويلحقهم الضرر والعنت، وفي الحديث الصحيح: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» أي: فهو بعيد عن الحق والعدل، وفي حديث آخر: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وفي حديث ثالث: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» رواه الإمام ابن ماجه في "السنن".

كما حرمت الشريعة الإسلامية الغَرَر أي المعاملة التي يشوبها الخداع والجهالة التي تؤدي إلى المنازعة.

وحرَّمت الغِش والحلف الكاذب من أجل ترويج السلع، وفي الحديث الصحيح: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ» أي: ليس على ديننا الكامل من استعمل الغش في معاملاته، وفي حديث آخر: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه"، أي: احذروا كثرة الحلف في بيعكم وشرائكم؛ فإنَّ الحلف قد يؤدي في الظاهر إلى رواج التجارة إلا أنَّه بعد ذلك يزيل بركتها.

وحرَّمت التطفيف في المكيال والميزان وأمرت بالقسط فيهما؛ قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ۝ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [المطففين: 1-3]، وعندما مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ برجل يَزِنُ للناس بالأجر قال له: «يا وَزَّانُ، زِنْ وَأَرْجِحْ» رواه الإمام ابن ماجه في "سننه".

وحرَّمت النَّجْش بإسكان الجيم، وهو أن يزيد الشخص في ثمن السلعة لا ليشتريها وإنما لِيَخْدَع غيره.

وحرَّمت شراء الشيء المغصوب أو المسروق؛ لأن شراءه يمثل لونًا من التعاون على الإثم والعدوان، وفي الحديث الشريف: «مَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ، فَقَدْ اشتركَ فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا» رواه الإمام الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وشبيه بذلك في الحرمة: أن يبيع الإنسان العنب لمن يعلم أنه سيتخذه خمرًا، أو يبيع السلاح لمن يعلم أنه يستعمله في الأذى أو في القتل ظلمًا؛ وذلك لأنَّ البيع في هذه الحالات وأمثالها يؤدي إلى الفساد والضرر.

روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» رواه الإمام أبو داود في "السنن" وأحمد في "المسند"، وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع السلاح في أيام الفتن" رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" والبيهقي في "السنن الكبرى"، وشبيه بذلك في الحرمة والإثم بيع أو شراء كل ما يؤدي إلى إفساد الأخلاق ويعين على نشر الرذائل.

وقالت الإفتاء إنه إذا كانت شريعة الإسلام قد نهت عن كل معاملة يشوبها الغش أو الظلم أو الاحتكار أو الغرر؛ فقد أمرت أتباعها بآداب معينة في معاملاتهم:

-  أمرتهم بالتيسير على الـمُعْسِر والرأفة به، وتأجيل ما عليه من ديون حتى يوفقه الله تعالى لسدادها؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280]، ومن الأحاديث النبوية التي وردت في ثواب الذين ييسرون على المعسر ما جاء في "الصحيحين" عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لاَ. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ».

- تحري الحلال وبالبعد عن الشبهات؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 168].

- الحرص على العمل النافع الذي يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير، ويكفي في هذا المعنى قوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].

- أداء الحقوق إلى أصحابها دون مماطلةٍ أو تسويفٍ؛ ففي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى»، وفي حديث آخر: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الإفتاء الاحتكار ضوابط السلع صلى الله علیه وآله وسلم رواه الإمام وفی حدیث رضی الله ى الله ع ه وآله حدیث ال الله عن

إقرأ أيضاً:

هل كثرة الأحلام من الشيطان؟.. انتبه لـ7 حقائق وتحصن بـ4 آيات

لعل السؤال عن هل كثرة الأحلام من الشيطان ؟، يعد من أهم الاستفهامات التي تشغل الكثيرون، ممن تؤرقهم الأحلام ويبحثون عن دلالاتها وإشاراتها، خاصة إذا كثرت، فمن شأنها حينئذ أن تنغص حياة الرائي، والذي يترقب تحققه في توجس وخيفة ، وهذا ما يطرح أهمية معرفة حقيقة هل كثرة الأحلام من الشيطان ؟.

هل الأحلام المتكررة رؤى تتحقق؟.. 15 حقيقة لا يعرفها الكثيرونأحلام حذر النبي من تفسيرها حتى لا تتحقق في الواقع.. هل تعرفها؟هل كثرة الأحلام من الشيطان

قد يختلف الأمر من شخص لآخر تبعًا لحالته النفسية ومدى ذكره لله تعالى قبل النوم أو على مدار يومه ، كما أن تدخل الشيطان في الأحلام قد يصبح واضحًا نتيجة لظهور بعض العلامات، وليس بالضرورة أن ترتبط كثرة تردد الاحلام بالشيطان ؛ حيث أنها قد ترتبط بالقلق النفسي الداخلي للإنسان أو المعاناة النفسية نتيجة لظروف قاسية في حياته تجعل لديه ما يُعرف بحديث النفس الذي ينتج عنه أضغاث الأحلام ، ولكن الشيطان قد يقترن بالإنسان في منامه مستغلًا ضعفه ، وقد قال الله تعالى “إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” ، ويبدو ذلك في بعض الأعراض التي تقتحم الإنسان أثناء نومه ومنها :

الشعور بالأرق والقلق : وهو شعور الإنسان بعدم القدرة على النوم إلا بعد مرور مدة طويلة من الاسترخاء ، كما يشعر كأن أحدًا يوقظه من وقت إلى آخر ، وهو ما يجعله يستيقظ بالفعل ويظل هكذا في حالة من الأرق والقلق ، كما أن الأمر قد يكون أكثر سوءًا حينما لا يستطيع الإنسان أن ينام لمدة طويلة قد تصل إلى عدة أيام ، و قد يشعر الإنسان بأن هناك رعشة وحركات غير عادية تسري في جسده أثناء النوم، والأحلام المفزعة والكوابيس : يأتي الشيطان إلى الإنسان في منامه متمثلًا في صورة مختلفة مثل الزواحف أو الحيوانات المفترسة التي تعادي الإنسان مثل صور الثعابين والكلاب المخيفة والنمور والقرود وغيرهم الكثير ؛ حيث يلجأ الشيطان إلى تخويف النائم وترويعه ، وهو ما يجعله يستيقظ شاعرًا بالضيق الذي يملأ روحه بالفزع والخوف ، وقد يصل الأمر إلى أن يتخيل الإنسان هذه الحيوانات في يقظته أيضًا ، ليتمكن منه الخوف في كل الأوقات.

أحلام من الشيطان

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، رواه البخاري ومسلم، فقد جعل الله تعالى -لحكمة أرادها سبحانه وتعالى- قوة وقدرة للشيطان على الاتصال بنفس الإنسان، والوسوسة لها بالشر وإلقاء الأحلام المزعجة إليها ليحزنها بذلك، فالشيطان عدو للإنسان كما قال الله تعالى: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا» الآية 6 من سورة فاطر.

وورد أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وبناء على هذه الأحاديث فإن الشيطان يتدخل في أحلام الإنسان ويوسوس له فيها ليحزنه بها، وقد جعل الله تعالى له القدرة على ذلك في هذه الدنيا ابتلاء وامتحانا، فالأمر كله بيد الله تعالى ولا يخرج شيء منه عن مشيئته وإرادته.

فإذا وجد العبد شيئاً يزعجه في نومه فعليه أن يعالج ذلك بالاستعاذة بالله تعالى وينفث عن يساره ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه، ولا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره، وكذلك إذا نام متوضئاً وقرأ أذكار النوم (آية الكرسي وغيرها) فإن الله تعالى يحفظه بسبب ذلك مما يكره في نومه.

تمنع الكوابيس

ورد أن رؤية الكوابيس باستمرار أمر مزعج لأي إنسان، وقراءة آخر أربع آيات من سورة الكهف قبل النوم؛ أثبتت التجارب أنها تقي العبد مما يزعجه في نومه، لذا على من يشاهد أحلامًا مزعجة فعليه أن يقرأ آخر أربع آيات من سورة الكهف، وذلك تعينه أيضًا على صلاة الفجر دون أن يوقظه أحد، و لم يرد نص شرعي يدل على ذلك وإنما راجع إلى تجربة الصالحين.

دعاء الأحلام السعيدة

-اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ.

- اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بوجهِكَ الكريمِ، وكلماتِكَ التامةِ من شرِّ ما أنتَ آخذٌ بناصيتِهِ، اللَّهمَّ أنتَ تكشفُ المغرمَ والمأثمَ، اللَّهمَّ لا يهزمُ جندُكَ، ولا يخلفُ وعدُكَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجدُّ، سبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ.

- الحمد لله الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والذي منّ عليّ فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء ومليكه، وإله كل شيء أعوذ بك من النار.

طباعة شارك هل كثرة الأحلام من الشيطان كثرة الأحلام من الشيطان هل الأحلام من الشيطان الأحلام من الشيطان أحلام من الشيطان تمنع الكوابيس دعاء الأحلام السعيدة

مقالات مشابهة

  • دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول الزلازل: ليست انتقامًا من الله
  • الإفتاء تحذر من هذا الفعل عند نحر الأضاحي| احترس الملاعنَ الثلاثَ
  • كل أسبوع.. «الأضحية» تكافل وتراحم وصلة
  • أذكار الصباح اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025
  • فضل صوم يوم عرفة وحكم الأكل أو الشرب ناسيا أثناء الصيام
  • هل كثرة الأحلام من الشيطان؟.. انتبه لـ7 حقائق وتحصن بـ4 آيات
  • لماذا أمر رسول الله بإغلاق باب الحمام عند النوم وخاصة في الليل؟
  • آداب وفضل صيام يوم عرفة.. ماذا كان يقول الرسول؟
  • كيف أعرف أن الله قد عفا عني وسامحني؟.. الإفتاء تجيب
  • اشتريت الأضحية ثم أردت بيعها لحاجتي إلى المال.. دار الإفتاء تكشف الحكم