كتب الأمين العام لجمعية المصارف الدكتور فادي خلف افتتاحية التقرير الشهري للجمعية بعنوان "المصارف اللبنانية وتحديات اللائحة الرمادية"، جاء فيها:

"شهد القطاع المصرفي اللبناني في الآونة الأخيرة تطورات جديدة مع إدراج لبنان ضمن "اللائحة الرمادية" لمجموعة العمل المالي (FATF). رغم هذا الإدراج، أكد القطاع المصرفي اللبناني مرارًا التزامه تطبيق جميع المعايير والأنظمة التي تفرضها FATF، وبالتالي، لا تتوقع المصارف أي تأثيرات مباشرة تهدد علاقاتها مع المصارف المراسلة الدولية.

غير أن بعض التأثيرات غير المباشرة قد تبرز على المدى الطويل، وتتطلب تخطيطًا واستجابة ملائمة للتعامل معها بشكل فعّال."

أولاً: التزام المصارف اللبنانية بمعايير FATF

منذ سنوات، اتخذت المصارف اللبنانية خطوات جادة للامتثال للمعايير الدولية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ولوائح العقوبات الدولية، وذلك في إطار سياساتها للتعاون مع المؤسسات المالية الدولية. يشمل هذا الامتثال تبنّي الأنظمة الحديثة، وتطبيق السياسات الصارمة التي تفرض الرقابة والمتابعة على كافة العمليات المالية، بالإضافة إلى تدريب الموظفين في هذا المجال. وأكدت المصارف اللبنانية التزامها المستمر بتحديث وتطوير أنظمتها تماشياً مع تطور متطلبات FATF، وهذا يشمل اعتماد أحدث التقنيات لتسهيل عملية الالتزام التلقائي وتعزيز الشفافية.

ثانيًا: المحافظة على العلاقات مع المصارف المراسلة الدولية

بفضل تطبيقها للمعايير الدولية، نجحت المصارف اللبنانية في الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع المصارف المراسلة الأجنبية، والتي تعتبر شريانًا حيويًا لربط السوق اللبناني بالاقتصاد العالمي. هذه العلاقات هي نتيجة عقود من التعاون المستمر والالتزام الثابت بالقواعد والتشريعات الدولية. بالتالي، من غير المتوقع أن يكون لإدراج لبنان على "اللائحة الرمادية" تأثيراً مباشراً على هذه العلاقات، حيث تعي المصارف المراسلة مدى التزام المصارف اللبنانية بالإجراءات الوقائية المطلوبة. وقد أظهرت الاتصالات معها بأنها لا ترى أي مبرر لإنهاء التعاون مع القطاع المصرفي اللبناني أو الحدّ منه.

ثالثًا: تأثيرات اللائحة الرمادية: تأثيرات غير مباشرة على القطاع المصرفي

في حين أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لا يشكل تهديدًا مباشرًا للقطاع المصرفي، إلا أن هناك تأثيرات غير مباشرة قد تظهر تدريجيًا، والتي قد تفرض بعض التحديات التي يتعين التعامل معها بعناية. يمكن تلخيص هذه التأثيرات كالتالي:

1- تزايد التدقيق من قبل المصارف المراسلة

قد يؤدي إدراج لبنان على اللائحة الرمادية إلى تزايد التدقيق من قبل بعض المصارف المراسلة في العمليات التي تقوم بها المصارف اللبنانية، وذلك للتأكد من عدم وجود أية مخالفات تتعلق بتبييض الأموال أو تمويل الإرهاب. هذا التدقيق الإضافي قد يزيد من الوقت الذي تحتاجه المصارف لإتمام بعض العمليات المالية، مما قد يؤثر بشكل غير مباشر على التكلفة التشغيلية ويتطلب جهداً متزايداً من قبل المصارف للحفاظ على سرعة وجودة خدماتها.

2- تراجع في جاذبية الاستثمار الأجنبي

قد يشكل إدراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية عاملاً سلبياً لبعض المستثمرين الأجانب الذين يتطلعون للاستثمار في البلاد، إذ قد يُنظر إلى الإدراج على اللائحة الرمادية على أنه مؤشّر على وجود مخاطر إضافية. وقد يُحجم بعض المستثمرين الدوليين عن الاستثمار في السوق اللبناني، مما قد يضع مزيدًا من الضغوط لجهة إقناع المساهمين الأجانب في المصارف اللبنانية بالمشاركة في إعادة رسملتها في حال الحاجة إلى ذلك.

3- تأثيرات محتملة على التسهيلات المالية الدولية

على الرغم من عدم وجود تهديد مباشر للعلاقات مع المصارف المراسلة، إلا أن بعض المؤسسات المالية الدولية قد تنظر إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية كتحدٍ إضافي، مما قد يؤدي إلى تغيير في الشروط أو الحد من بعض التسهيلات المالية الممنوحة. قد يشمل هذا التشديد في شروط الإقراض، أو فرض بعض الرسوم الإضافية على التحويلات الدولية، أو حتى إعادة تقييم المخاطر المالية المرتبطة بلبنان.

4- تأثيرات على تصنيف الائتمان الدولي

قد يتسبب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية في مزيد من التأثير السلبي على تصنيفه الائتماني لدى المؤسسات المالية العالمية. مزيد من التصنيف الائتماني السلبي قد يجعل من الصعب على لبنان، سواءً كدولة أو كشركات، الحصول على قروض دولية بتكاليف معقولة. ومع أن هذه التداعيات قد لا تكون ملموسة فورًا، فإنها قد تشكل عقبة على المدى الطويل في حال عدم استجابة لبنان لمتطلبات شطب اسمه عن اللائحة الرمادية.

رابعًا: قدرة القطاع المصرفي اللبناني على مواجهة التحديات

رغم ما سبق، لا تزال المصارف اللبنانية واثقة من قدرتها على التعامل مع أي تأثيرات غير مباشرة قد تنشأ عن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية. فقد أثبت القطاع المصرفي اللبناني قدرته على التكيف مع التحديات المختلفة منذ بداية الأزمة النظامية في لبنان، خاصة مع حرصه على تعزيز الشفافية، والمحافظة على الكفاءة التشغيلية، والالتزام بالتوجيهات الدولية.

ومن أجل تقليل التأثيرات غير المباشرة، تعمل المصارف اللبنانية حاليًا على تعزيز علاقتها مع الهيئات التنظيمية الدولية وزيادة التعاون مع المؤسسات المالية المراسلة. كما تسعى إلى إظهار شفافية إضافية في جميع عملياتها، وتطبيق أنظمة رقابة داخلية أكثر فعالية لضمان الالتزام التام بمعايير FATF.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إدراج لبنان على اللائحة الرمادیة المصارف اللبنانیة المؤسسات المالیة تأثیرات غیر

إقرأ أيضاً:

الخارجية اللبنانية ترفض تصريحات مستشار خامنئي.. تدخل سافر

اعترضت وزارة الخارجية اللبنانية على التصريحات الصادرة عن علي ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني ، مؤكدة أنها تشكّل تدخلًا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية.

وقالت الخارجية اللبنانية في بيان لها: "ليس هذا التدخل الأول من نوعه، إذ دأب بعض المسؤولين الإيرانيين الرفيعين على التمادي في إطلاق مواقف مشبوهة على قرارات داخلية لبنانية لا تعني الجمهورية الإسلامية بشيء"، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية.

وأضافت الوزارة: "هذه الممارسات المرفوضة لن تقبل بها الدولة اللبنانية تحت أي ظرف ولن تسمح لأي طرف خارجي صديقًا كان أم عدوًا، بأن يتحدث باسم شعبها أو أن يدّعي حق الوصاية على قراراتها السيادية.

وذكرت الخارجية اللبنانية في بيانها، أنه "من الأجدر للقيادة في بإيران أن تلتفت إلى قضايا شعبها وتركّز على تأمين احتياجاته وتطلعاته، بدل التدخل في أمور لا تخصها , مشددة على أن مستقبل لبنان وسياساته ونظامه السياسي هي قرارات يتخذها اللبنانيون وحدهم عبر مؤسساتهم الدستورية الديموقراطية، بعيدًا عن أي تدخلات أو إملاءات أو ضغوط أو تطاول.
تشجب وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية اللبنانية التصريحات الأخيرة الصادرة عن السيد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تشكّل تدخّلًا سافرًا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية.

وليس هذا التدخل الأول من نوعه، إذ دأب بعض المسؤولين… — Youssef Raggi (@YoussefRaggi) August 9, 2025


في وقت سابق ، أكد علي ولايتي مستشار المرشد الإيراني، أن طهران تعارض قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك وفق ما نقلت عنه وكالة تسنيم للأنباء .

ورأى ولايتي، وهو وزير خارجية سابق لإيران، أنها "ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مثل هذه الأفكار في لبنان، لكنها كما فشلت سابقا ستفشل هذه المرة أيضا، والمقاومة ستصمد في مواجهة هذه المؤامرات , مشددا على أن بنية حزب الله لا تزال "قوية جدا"، رغم الضربات التي تلقاها خلال المواجهة مع إسرائيل وأبرزها اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله


هذا وسبق أن أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان بيانًا يوم الـ8 من آب / أغسطس أدانت فيه التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي، متهمة إياه بتناول مسائل لبنانية داخلية لا تعني الجمهورية الإسلامية بأي شكل من الأشكال، مؤكدة رفضها لما تشكله من مساس بسيادة لبنان ووحدته واستقراره، وتعدّ تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته.

وكان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أكد أن إيران تدعم حزب الله في قراراته وتعتبر أن محاولات نزع سلاح الحزب في لبنان "ستفشل" , مضيفا أن الحزب أعاد بناء قدراته بعد الانكسارات التي تعرض لها في الحرب مع إسرائيل العام الماضي، ويملك القوة الكافية للدفاع عن نفسه , وأن القرار النهائي بشأن سلاح حزب الله يعود له , واصفا خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح الحزب بأنها "خطيئة كبرى"، وأن الحزب سيتجاهلها.

والخميس الماضي ، أعلنت الحكومة اللبنانية عن موافقتها على أهداف ورقة أميركية تتضمن جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله، وتهدف إلى تمديد وتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي أنهى الحرب في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله.

فيما أعلن حزب الله رفضه قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش وضعَ خطة لحصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً أنه سيتعامل مع هذا القرار وكأنه غير موجود , متهما حكومة نواف سلام بارتكاب خطيئة كبرى تصب في مصلحة إسرائيل، من خلال تجريد لبنان من قوته.

مقالات مشابهة

  • السلاح والسيادة والدولة اللبنانية
  • الأمين العام للأمم المتحدة يدعو للتحقيق في مقتل صحفيي الجزيرة في غزة
  • الأمين العام لمجلس التعاون يرحِّب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • بشأن تأمين فرص عمل للطلاب أو الخريجين.. تحذير من الجامعة اللبنانية
  • عاجل: لون متجانس والخلو من الآفات.. اشتراطات جديدة للخضراوات المجمدة سريعًا
  • رسالة ايران اللبنانية: لن نترك الحزب وحيدا
  • الخارجية اللبنانية ترفض تصريحات مستشار خامنئي.. تدخل سافر
  • الأمين العام للناتو: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستمر
  • هيئة الخدمات المالية تصدر لائحة تنظيم سوق الشركات الواعدة
  • المجلس العام الماروني ينعى شهداء الجيش: تحديات خطيرة تواجه المؤسسة العسكرية