نحو استعادة البشرية لآدميتها المسلوبة
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
بعد عام ملأت فيه رائحة البارود الدنيا وشغلت الناس في الشرق الأوسط، عادت نيران أوكرانيا لتشعل صفحات الإعلام من جديد، بعد أن صادق الرئيس الأمريكي المنصرف جو بايدن على إمكانية استخدام كييف لصواريخ بلاده الباليستية لدك الأراضي الروسية، في خطوة أعادت لهيب حربي موسكو وكييف إلى مساحة الاشتعال، دونما اكتراث بتعهدات ترامب العائد إلى الحكم ووعوده بإنهاء هذه الحرب خلال أربع وعشرين ساعة.
صواريخ بايدن يقول البعض، جاءت لتعطل مطامح ترامب في إخماد حروب الأرض، حسب المقربين من الأخير، بل تقود المشهد نحو الانفجار والمزيد من التعقيد والقتل والدمار، وفي مسعىً لخلط الأوراق وبعثرتها.
وبين الشرق الأوسط وأوكرانيا تفاقمت رائحة البارود، لتتعرف البشرية على صنوف المسيرات والصواريخ الفرط صوتية والباليستية والاعتراضية ومنظومات حيتس وثاد وطائرات أف 35 وأف 15 المطورة وقائمة لا تنتهي من عتاد الموت، في كوكتيل عجيب من أدوات الفتك التي تتباهى بها مصانع الشر، من دون ضمير أو أخلاق أو روادع تذكر.
ليقودنا هذا كله لنعيش تحت وطأة تواصل الصراع الاستعماري على طرق التجارة ومصادر الطاقة ومنابعها ومواطنها، وذلك عبر تخريجات مفبركة، يتم إلباسها ثوباً مزعوماً ومصطنعاً ومغلفاً بالديمقراطية والإنسانية والحرية الواهية.
فدفاع الاحتلال الصهيوني عن الذات، إنما يعني بالنسبة له تدمير الفلسطينيين ومحقهم وسحقهم وطحنهم
معارك تجترح المزيد من الأفكار الشيطانية، والخطط المسمومة، في محاولة لتغليف مضامين تلك الحروب، بأهداف دفاعية كاذبة ومزيفة. فدفاع الاحتلال الصهيوني عن الذات، إنما يعني بالنسبة له تدمير الفلسطينيين ومحقهم وسحقهم وطحنهم وسط عالمٍ صامت، ما زال يرتعد خوفاً من اللوبي الصهيوني، عالم يسعى على مدار اليوم إلى أن يلوث مسامعنا بأسطوانة مشروخة ممجوجة، تشرعن حق الاحتلال المزعوم بقتل البشر والشجر والحجر، قتل النساء والأطفال والشيوخ ودفنهم أحياء من دون أدنى رحمة ولا حتى ذرة إنسانية تحت ذريعة الدفاع عن النفس!
البشرية ليست بحاجة اليوم لكوكتيل السلاح هذا، بل هي في أشد الحاجة إلى وأد الحروب وتجارها ومدمنيها ومصنعيها وداعميها، وما ارتبط بها من توظيف دنيء وبشع وكارثي للتكنولوجيا القذرة، التي يرتبط نجاحها بقدراتها التدمرية، لتكون فاعلية السلاح مقرونة بكم من البشر تستطيع هذه التكنولوجيا أن تقتل. البشرية بحاجة لكوكتيل حرية وكرامة وتطور وتقدم وازدهار، بعيداً عن اللاهثين وراء حقول الغاز والبترول والمعادن الثمينة والراكضين وراء الثروة المجبولة بالحروب ودماء الأبرياء حول العالم.
معدن البشرية الثمين إنما يجب أن يكمن في ما يكمن بكم الخير الذي توجده المجتمعات قاطبة وقدرتها على الإطاحة بطغاة الأرض وقتلتها وملوثيها. لسنا بحاجة لصنوف السلاح بكل مسمياته ومواصفاته بل بحاجة لمن يقود البشر نحو مباطحة قراصنة العصر، من قتلة ومجرمين وتجار لا تعنيهم حياة البشر، وإنما يعنيهم «تسمين» جيوبهم وثرواتهم وودائعهم، فهل ينفض العالم بعد محرقة الشعب الفلسطيني الغبار عن كرامته والمنظومة الآدمية وأخلاقيات الحياة، أم يبقى مدمناً على الاستسلام لجمهور القتلة الأفاقين؟ هل تذهب الشعوب نحو استعادة البشرية لآدميتها المسلوبة؟ أم تبقى رهينة مطامع حفنة من القطط السمان؟ ننتظر ونرى!
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة الاحتلال مجازر الإبادة الجماعية الدعم الأمريكي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المنتخب المغربي في "شان" 2025: بين جرأة التغييرات ورهان استعادة الهيمنة القارية
يستعد المنتخب المغربي للمحليين لخوض غمار بطولة كأس أمم أفريقيا للمحليين (الشان) 2025، التي ستقام في الفترة من 2 إلى 30 غشت 2025 في كينيا، تنزانيا، وأوغندا.
ويدخل المنتخب المغربي، بقيادة المدرب طارق السكتيوي، هذه النسخة وسط توقعات كبيرة كونه حامل اللقب في النسختين السابقتين (2018 و2020)، لكن التغييرات الكبيرة في لائحة اللاعبين أثارت جدلاً واسعًا بين الجماهير والمحللين.
تغييرات لائحة طارق السكتيوي: تحول استراتيجي مفاجئ
أعلن طارق السكتيوي، في 23 يوليوز 2025، خلال ندوة صحفية بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، عن القائمة النهائية للمنتخب المغربي المحلي، التي تضم 28 لاعبًا من أندية البطولة الاحترافية المغربية.
وشهدت القائمة تغييرات جذرية مقارنة بالمعسكرات الإعدادية السابقة، حيث فاجأ السكتيوي الجميع بالتراجع عن شرط السن الذي كان يقتصر على اللاعبين مواليد 2000 وما فوق، وهو القرار الذي كان قد اعتمده في وقت سابق لضخ دماء جديدة في المنتخب.
أسباب التغييرات
موجة الاحتراف الخارجي أربكت انتقالات عدد كبير من اللاعبين المحليين، إذ أن الاحتراف الخارجي أربك حسابات السكتيوي، حيث غادر ما يقارب 10 لاعبين بارزين، من بينهم أمين زحزوح، حاتم الصوابي، ويوسف النقاش من الجيش الملكي، وياسين تاحيف من نهضة بركان. هذه الانتقالات جعلت من المستحيل الاعتماد على التشكيلة الشابة التي كان ينوي السكتيوي بناءها.
تزامن الاستعدادات مع توقف الدوري، حيث تزامنت فترة التحضيرات مع توقف البطولة الاحترافية، مما جعل اختيار اللاعبين أكثر تعقيدًا بسبب عدم توفر بيانات حديثة عن مستوى الجاهزية البدنية والفنية لبعض اللاعبين.
غياب أسماء بارزة، إذ شهدت القائمة غياب لاعبين كبار مثل أيمن موريد وأكرم النقاش، مما دفع السكتيوي إلى استدعاء لاعبين أكثر خبرة، مع الاحتفاظ ببعض العناصر الشابة من أندية اتحاد تواركة ونهضة بركان.
تفاصيل القائمة
تضم القائمة 28 لاعبًا، مع تمثيل لافت لنادي نهضة بركان (7 لاعبين)، يليه الرجاء الرياضي (6 لاعبين)، والجيش الملكي (4 لاعبين). وجاءت التشكيلة على النحو التالي:
حراسة المرمى: المهدي الحرار، رشيد غانيمي، عمر أقزداو.
خط الدفاع: محمد مفيد، محمد بولكسوت، مهدي مشخشخ، مروان لوداني، بوشعيب عراسي، عبد الحق عسال، يوسف بلعمري.
خط الوسط: فؤاد الزهواني، أيوب خيري، محمد ربيع حريمات، أمين سوان، حسام الصادق، رضا حاجي، أنس باش، خالد أيت أورخان، صابر بوغرين، يوسف مهري.
خط الهجوم: أنس المهراوي، سيف الدين بوهرة، خالد بابا، عماد الرياحي، صلاح الدين الراحولي، أيوب مولوعا، يونس الكعبي، أسامة لمليوي.
هذه القائمة تعكس مزيجًا من الخبرة والشباب، حيث حاول السكتيوي تحقيق التوازن بين اللاعبين القادرين على تحمل ضغط المباريات القارية والوجوه الجديدة التي يمكن أن تضيف ديناميكية للفريق.
تحليل تأثير التغييرات على الأداء المتوقع
الإيجابيات
الخبرة والاستقرار، حيث أن التراجع عن شرط السن سمح باستدعاء لاعبين يتمتعون بخبرة كبيرة في البطولة الاحترافية، مما يعزز الاستقرار التكتيكي للفريق، خاصة في مواجهة منتخبات قوية مثل الكونغو الديمقراطية وزامبيا.
تنوع المواهب، إذ أن تمثيل أندية متعددة، مثل نهضة بركان والرجاء، يعكس عمق الكرة المغربية ويمنح السكتيوي خيارات تكتيكية متنوعة، سواء في الدفاع أو الهجوم.
روح المجموعة، حيث أكد السكتيوي على أهمية الإعداد الذهني والنفسي، مشيرًا إلى أن اللاعبين الجدد يمتلكون رغبة قوية في إثبات أنفسهم، مما قد يعوض نقص الانسجام الناتج عن التغييرات المفاجئة.
السلبيات
نقص الانسجام، حيث أنه غياب 10 لاعبين بارزين وإعادة تشكيل القائمة على عجل قد يؤثران على التناغم بين اللاعبين، خاصة في ظل ضيق الوقت قبل انطلاق البطولة.
ضغط المجموعة الأولى: يواجه المنتخب المغربي مجموعة صعبة تضم كينيا (البلد المضيف)، أنغولا، الكونغو الديمقراطية، وزامبيا، هذه المنتخبات تمتلك لاعبين محليين أقوياء، مما يتطلب أداءً جماعيًا متماسكًا قد يكون صعب التحقيق في ظل التغييرات الأخيرة.
التوقعات العالية، بعد خسارة اللقب في النسخة الأخيرة لصالح السنغال، تواجه « أسود الأطلس » ضغطًا جماهيريًا كبيرًا لاستعادة اللقب، مما قد يؤثر على اللاعبين الجدد الذين لم يعتادوا على مثل هذه الضغوط.
جدول المباريات وتوقعات الأداء
وضعت قرعة البطولة المنتخب المغربي في المجموعة الأولى إلى جانب أنغولا، كينيا، زامبيا، والكونغو الديمقراطية. ويستهل المنتخب مشواره وفق الجدول التالي:
3 غشت 2025: المغرب × أنغولا – ملعب نيايو، نيروبي
10 غشت 2025: المغرب × كينيا – ملعب كاساراني، نيروبي
14 غشت 2025: المغرب × زامبيا – ملعب نيايو، نيروبي
17 غشت 2025: المغرب × الكونغو الديمقراطية – ملعب نيايو، نيروبي
تحليل المجموعة
أنغولا تمتلك فريقًا قويًا يعتمد على السرعة واللعب الجماعي، لكن المغرب يملك الأفضلية التاريخية والفنية.
كينيا، كونها البلد المضيف، ستكون مدعومة بجماهيرها، مما يجعل المباراة صعبة، خاصة على ملعب كاساراني.
زامبيا، تتميز بالقوة البدنية والتكتيكات الدفاعية، مما يتطلب من المغرب اختراق دفاعاتها بعناية.
الكونغو الديمقراطية، منافس قوي يمتلك لاعبين ذوي خبرة في البطولات القارية، مما يجعل المباراة حاسمة لتحديد متصدر المجموعة.
من المتوقع أن يتأهل المنتخب المغربي إلى الأدوار الإقصائية، لكن نجاحه في تجاوز دور المجموعات سيعتمد على قدرة السكتيوي على تحقيق الانسجام بين اللاعبين الجدد والمخضرمين.
التحديات الرئيسية
إعادة بناء الفريق، حيث أن التغييرات الكبيرة في القائمة تتطلب وقتًا لتحقيق الانسجام، خاصة في ظل ضيق الوقت قبل انطلاق البطولة.
الظروف البيئية، إذ أن اللعب في ملاعب كينيا وتنزانيا، مع اختلاف المناخ والارتفاع، قد يشكل تحديًا للاعبين غير المعتادين على هذه الظروف.
المنافسة القارية، حيث أن منتخبات مثل نيجيريا والسنغال، التي فازت باللقب في النسخة الأخيرة، تشكل تهديدًا كبيرًا في الأدوار الإقصائية.
التوقعات
على الرغم من التحديات، يظل المنتخب المغربي مرشحًا قويًا لاستعادة اللقب، مستفيدًا من تاريخه القوي في البطولة (بطل 2018 و2020) وقوة البطولة الاحترافية المغربية. اختيارات السكتيوي، رغم مفاجآتها، تعكس استراتيجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الخبرة والطاقة الشابة. إذا نجح الفريق في تجاوز تحديات الانسجام والتأقلم مع ظروف البطولة، فإن « أسود الأطلس » المحليين لديهم فرصة حقيقية لتحقيق « الثلاثية التاريخية » والفوز باللقب للمرة الثالثة.
خاتمة
يدخل « أسود الأطلس » المحليين بطولة الشان 2025 وسط تحديات كبيرة ناتجة عن التغييرات المفاجئة في لائحة اللاعبين، لكن القيادة الفنية لطارق السكتيوي والروح القتالية للاعبين تجعل المنتخب المغربي مرشحًا بارزًا. مع التحضيرات المكثفة والدعم الجماهيري، يطمح المنتخب إلى تشريف الكرة المغربية واستعادة اللقب القاري. الفترة القادمة ستكون حاسمة لتحديد مدى نجاح السكتيوي في توحيد الفريق وتحقيق الإنجاز المنشود.
كلمات دلالية المنتخب الوطني المغربي المحلي طارق السكتيوي نهائيات كأس الأمم الإفريقية للمحليين 2025