نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان بسبب الحرب والتهجير القسري، وجد العديد من السودانيين في سلطنة عمان ملاذًا لهم، حيث كانوا يأملون في بناء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه الآمال تتلاشى تدريجيًا، خاصة بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمانية، والتي كانت بمثابة ضربة قوية لجميع الذين كانوا يطمحون إلى استقرار حياتهم هناك.
لقد شهدت الفترة الأخيرة توقف جميع انواع التأشيرات للسودانيين، وهو ما أثر بشكل كبير على كل من كان يسعى لتحقيق أحلامه في عمان. لا سيما أن القرارات شملت أيضًا توقف الالحاق العائلي، وهو ما فاقم معاناة العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت في رحلة لم شمل أفرادها بعد تهجيرهم قسرًا بسبب الحرب. هذه الإجراءات كانت بمثابة خيبة أمل جديدة لكل من كان يتطلع إلى لم شمل أسرته وإعادة الحياة إلى طبيعتها في أرض جديدة.
تعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها عمان بمثابة ضربة قوية لمجتمع السودانيين المقيمين في السلطنة، حيث شملت المقيمين لعدة سنوات قبل الحرب، وهو ما يزيد من عمق توهان السودانيين الذين كانوا قد استقروا هناك لفترات طويلة. العديد منهم دفعوا ثمن الاستقرار في بلد آخر، لكنهم تفاجؤوا بأن حياتهم العملية والشخصية أصبحت في مهب الريح بعد هذه القرارات المفاجئة.
أحد القرارات الأكثر تأثيرًا كان توقف اجراءات السجلات التجارية حتى للذين سددوا الرسوم واستلموا شهادة السجل التجاري، مما عطل العديد من المشروعات التي كانت تعتمد على استمرار هذه الإجراءات. هذه الإجراءات كانت قد بدأت وفقًا للنظام، ولكن تم ايقاف اجراءاتهم عند هذا الحد، ما تسبب في حالة من تضرر كبير لأصحاب المشاريع الذين كانوا يراهنون على هذه الفرص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد ما عانوا من ويلات الحرب في وطنهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم توقف اجراءات استقدام الزوجة والابناء، وهو ما جعل العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت الاستثمار في عمان غير قادرة على لم شمل أفرادها. هؤلاء كانوا قد بدأوا إجراءات الاستقدام بتفاؤل، على أمل أن تبدأ حياتهم في عمان بشكل جديد ومثمر، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم عالقين في حلقة مفرغة من الإجراءات المتوقفة التي وضعتهم أمام واقع مرير.
ومنذ بدء الحرب، اتجه السودانيون للاستقرار بالعديد من الدول، حيث سعوا إلى إنشاء مشاريعهم واستثماراتهم في محاولات لتأمين حياة أفضل بعيدًا عن النزاع. الجدير بالذكر أن للسودانيين إسهامات واضحة في بناء العديد من دول الخليج، إذ استعانت بهم هذه الدول في الماضي لدورهم البارز في التأسيس والبناء في قطاعات متعددة.
وفي ظل هذه القرارات، لم تقم السفارة السودانية بأي خطوات ملموسة للتوضيح أو معالجة الموقف، مما زاد من حالة الغموض التي تحيط بالموضوع. حتى الآن، لم تصدر السفارة أي بيانات رسمية تشرح تفاصيل الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات أو تقدم حلولًا للمتضررين. هذا الصمت دفع العديد من السودانيين إلى الشعور بأنهم تُركوا يواجهون مصيرهم المجهول وحدهم، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وفي النهاية، لم يتوقف الأمر عند هذه القرارات وحدها. لم يتم استرداد المبالغ للذين بدؤا اجراءاتهم وتوقفت بسبب القرارات، مما زاد من الضغط المالي على العديد من الأسر التي كانت قد بدأت بالفعل في دفع رسوم لهذه الإجراءات. هذا الموقف أضاف معاناة جديدة للمقيمين الذين كانوا يعولون على تلك المبالغ لإكمال مشروعاتهم وتطوير حياتهم.
كل هذه القرارات، التي جاءت في وقت كان يعاني فيه السودانيون من آثار الحرب والنزوح، ساهمت في تضرر كبير للعديد منهم، وأدت إلى زيادة معاناتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة دون إجابة: هل ستستمر هذه القيود على السودانيين في عمان؟ وهل ستتغير هذه القرارات في المستقبل؟ ما يزال الكثيرون يترقبون في أمل أن يعيد الأفق المستقبلي فرصًا جديدة للعديد من الأسر التي كانت قد تعلق آمالها على هذه الدولة كمصدر للأمان والاستقرار.
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الخرطوم السودان تأشيرات سلطنة عمان هذه الإجراءات هذه القرارات التی کانت قد الذین کانوا العدید من من الأسر فی عمان وهو ما
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. وتكرم المبادرات الرائدة في خدمة ذوي الإعاقة
تغطية: نورة العبرية / تصوير: صالح الشرجي
احتفت سلطنة عمان ممثلة في اللجنة العمانية لحقوق الإنسان اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد أمين عام في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بحضور أكثر من 55 جهة من المؤسسات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص.
وقد جاء الاحتفال هذا العام تحت عنوان "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. جهود وطنية، وإنجازات مستدامة"، ويهدف إلى ضرورة التمكين الفعلي للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل استدامة المنجزات، وتحويل الالتزامات الحقوقية إلى سياسات وبرامج وفرص ملموسة تسهم في تحسين جودة حياتهم وتعزز استقلاليتهم ومشاركتهم الكاملة في المجتمع.
وتم الإعلان عن أبرز المبادرات الرائدة في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى سلطنة عُمان، والنماذج الملهمة من الجهود الوطنية التي ترجمت مبادئ حقوق الإنسان إلى واقع عملي ملموس، بما يؤكد أن الاستثمار في قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة هو استثمار في المجتمع كله، وأن الشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني هي الطريق الأوسع نحو إنجازات مستدامة، وهي شركة تنمية نفط عُمان، والشركة العُمانية القطرية للاتصالات (أوريدو عُمان)، ومعهد التواصل للتدريب، والكلية العلمية للتصميم، وأوج لحلول الأعمال، ودعمتها لتحقيق هذا الإنجاز العديد من المؤسسات من بينها: بنك التنمية، وموريا للتطوير العقاري، ومجموعة الفطيم، والصناعات الوطنية للمنظفات الصناعية، وشركة فولتامب، وشركة أبراج للطاقة.
من جهته قال الأستاذ الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان في كلمة له "لقد شهد العام الجاري مواصلة اللجنة رصد وتلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان من مختلف فئات المجتمع، والمساعدة في تسويتها وحلها بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات والمؤسسات المعنية، كما قامت اللجنة بتقديم الرأي القانوني والحقوقي لأصحاب البلاغات التي لا تقع تحت اختصاصها، ووجهتهم نحو الجهات المعنية لمتابعتها".
وأشار إلى أنه في الإطار الميداني، نفذت اللجنة زيارات متواصلة لمختلف الولايات للحالات التي تم رصدها أو الإبلاغ عنها، كما شملت الزيارات السجن المركزي ومراكز التوقيف للوقوف على حالة النزلاء والموقوفين. وامتدت هذه الزيارات لتشمل أماكن العمل ومقرات العمال، إلى جانب زيارات ميدانية أخرى تم تنفيذها بناء على البلاغات التي تقدم بها الأفراد، تأكيدا على أن الرصد الفاعل لا يكتمل إلا بالحضور المباشر والتواصل الإنساني والاستجابة العملية.
وعرج في كلمته على مشاركات اللجنة على الصعيد الدولي مؤكدا أن اللجنة شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات الخارجية التي نظمتها مؤسسات وهيئات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، كما تابعت ما أصدرته الجهات الدولية الحكومية وغير الحكومية من تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في سلطنة عُمان، وتلقت الاستبانات الخاصة بالمقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، وقامت بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية للتحقق منها ومن ثم الرد عليها، ضمن إطار مؤسسي يعكس احترام سلطنة عُمان لآليات العمل الدولي ذات الصلة بحقوق الإنسان، موضحا أنه في مجال التوعية والتثقيف، عززت اللجنة برامجها التوعوية هذا العام؛ حيث نظمت عددا من الندوات والمؤتمرات والملتقيات والمحاضرات التوعوية والتثقيفية ضمن مجموعة من المبادرات والبرامج لمختلف شرائح المجتمع.
وأشار البلوشي إلى أن اهتمام اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو نهج عملي متواصل، فقد قامت اللجنة خلال العام الجاري بزيارات ميدانية لعدد من المؤسسات والجهات المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وعززت تعاونها مع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة، كما استضافت عددا من المتخصصين للتباحث حول الموضوعات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونظمت برنامجا تدريبيا في لغة الإشارة بالتعاون مع وزارة العمل شاركت فيه العديد من الجهات والمؤسسات في مقر اللجنة، تأكيدا على أهمية تيسير التواصل وضمان الوصول الشامل.
وتخلل الحفل مشاهدة فيلم "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. جهود وطنية وإنجازات مستدامة"، وهو عمل توثيقي يسلط الضوء على مسيرة وطنية متنامية في دعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سلطنة عُمان، ليبرز كيف تتحول المبادئ إلى ممارسات تضمن الكرامة وتكافؤ الفرص، انسجاما مع مبادئ حقوق الإنسان وقيم المجتمع العُماني الراسخة في التضامن والإنصاف.
كما تم عرض موشن جرافيك بعنوان "جهود اللجنة العُمانية في متابعة وحل قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة"، استعرض من خلاله مسار التعامل مع القضايا ذات الصلة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب أبرز الإحصائيات، ودعم الحلول التي تكفل حماية الحقوق وتعزز بيئة أكثر إنصافا للجميع، إضافة إلى عرض موسيقي مميز يقدمه طلاب من ذوي الإعاقة السمعية من مدرسة الأمل للصم، يجسد قدرة الإرادة على تحويل التحديات إلى إبداع، ويؤكد أن الفن لغة جامعة تتجاوز الحواس لتصل إلى القلب مباشرة.
كما تم الاحتفاء بتخريج الدفعة الأولى من المدربين المعتمدين دوليا في حقوق الإنسان من كادر اللجنة الوظيفي، في مسار يهدف إلى تعزيز القدرات الوطنية وفق منهجية علمية وتطبيقية.