أكد وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري اهتمام الحكومة ببناء الإنسان، ارتكازا على التعليم والصحة والعمل وجودة الحياة، وذلك حيث أن التعليم والأسرة هما الأساس في بناء الإنسان، إلى جانب التعليم والمؤسسة الدينية والإعلام والشارع.

جاء ذلك خلال مشاركة وزير الأوقاف في مؤتمر «الإنسان في الدولة الوطنية الحديثة»، والذي ينظمه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية برئاسة الدكتور القس إندريه زكي، وبحضور الكاتب الصحفي أحمد كمال رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، والكاتب الصحفي حمدي رزق عضو الهيئة الوطنية للصحافة، ومجموعة من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، وعدد من الشخصيات العامة والمثقفين والإعلاميين.

ووجه الأزهري الشكر للدكتور إندريه زكي، مشيدا بالعلاقة الطيبة التي تجمع بينهما، والتي تتسم بالصداقة والتفاهم، قائلا: «إنها علاقة تمتد لسنوات كثيرة، وهو رجل يستحق كل المحبة والاحترام»، كما أكد أنه يكن كل الاحترام للكاتب الكبير حمدي رزق، قائلا: «إنه قيمة وطنية وثقافية كبيرة نعتز به دائما».

وأضاف وزير الأوقاف «إن كل إنسان غال عند الله، فمن أجل الإنسان أسس السموات والأرض وأرسل الأنبياء وخلق من أجله كل شئ»، موضحا أن إحياء الإنسان يأتي بالتمسك بالرقي والتمسك بالحضارة والتقدم.

ونوه إلى أن مصر بكل التعريفات التي قيلت على مدى العصور تتلخص في «الإنسان»، فمن قام بالحضارة هو الإنسان، فالجيش المصري والانتصار في أكتوبر المجيد والأزهر الشريف والكنيسة، كلها قائمة على الإنسان المصري القوي، فمعنى مصر هي «إنسان مصري قوي»، وتابع: «مصر هي الإنسان المسلم والمسيحي معا، وهى أبناء الوادي وكل المحافظات معا، والمجتمع كله يجتمع لبناء الإنسان وإعادة تشغيل كل المؤسسات بكامل طاقتها، في بناء يراعى الوعى الصحيح».

ولفت الأزهري إلى أن إسرائيل تلتهم الأرض الفلسطينية قطعة ورا قطعة، موجها نداءً باسم ملايين المصريين للشعب الفلسطيني بالثبات على أرضهم رغم كل التحديات حتى لا يتم تصفية القضية، مشددا على أن حل القضية لن يتم إلا بإعلان الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

ومن جهته، قال الدكتور إندريه زكي «إن الدكتور أسامة الأزهري صاحب علم مستنير ووفير، ويؤمن بالتعددية وقيم التسامح التي يتحلى بها المجتمع، وهو يلعب دورا مهما في تماسك المجتمع»، موجها التهنئة للكاتب الصحفي حمدي رزق بعضوية الهيئة الوطنية للصحافة.

وأضاف: أن «التنمية والحضارة تأتيان من بناء الإنسان أولا، فكل النظريات منذ القدم ترتبط بتطوير وتنمية الإنسان وفكرة رأس المال البشري التي تقوم عليها الأمم، وأن ذلك الأمر يعد أمرا يحتاج للإعداد والبناء لخلق أجيال تشكل شخصية الإنسان»، لافتا إلى أن عملية بناء الإنسان متشعبة وتراكمية تقوم على خطة مركبة نبنى محاورها على استيعاب الأفراد لها، كما أنها عملية متغيرة وتختلف باختلاف ظروف كل مجتمع، وهي ليست مسئولية الدولة فقط، بل تشاركية بين كافة الأطراف.

وأشاد بمبادرة «بداية جديدة» الهادفة إلى الاستثمار في رأس المال البشري، وترسخ قيم الوطن والمشاركة بفاعلية في بناء الوطن، كما تتكاتف فيها كافة الجهود للوصول إلى هذه الأهداف، منوها إلى أنه من أهم المؤسسات التي تسهم في بناء الإنسان، هي المؤسسات الدينية لتأثيرها الشديد في حياة الناس، نظرا لقوة تأثير الخطاب الديني على الأفراد.

وتابع: «من الضروري أن نفرق بين الدين والخطاب الديني، فالدين نصوص مقدسة وردت في الكتب المقدسة وترسم علاقة الإنسان مع الله، في حين أن الخطاب الديني هو رؤى وتفاسير بشرية، وبناء عليه لابد من التركيز على قيم الرحمة والعدالة مع قبول التفاسير المختلفة للنص، فضلا عن التعامل باحترام مع المختلفين في الرأي مع التمسك بالقيم الأخلاقية التي ترسخ للسلام مع تعزيز التفكير النقدي، وربط النص الديني بسياقه التاريخي والعودة به لعصرنا الحالي مع تعزيز لغة الحوار والتأكيد عليها، على ألا يكون الحوار فقهيا ولاهوتيا، بل يكون مجتمعيا باعتبار أن المؤسسات الدينية جزء غير منفصل عن الوطن».

وشدد رئيس الطائفة الإنجيلية على أهمية السلوك الإنساني، وأن يكون الخطاب الديني محفزا على السلوك القويم من خلال الأمانة في العمل والحفاظ على البيئة.

ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي حمدي رزق «إن العالم في حال حوار مستمر ودائم في مصر والخارج من خلال الهيئة الإنجيلية.. والدكتور إندريه زكي بمثابة جواهرجي يستطيع أن يختار الموضوعات ومن يقوم الحديث فيها.. والمجتمع به عدد من المشكلات يجب أن نقف عندها ونتحاور بشأنها من أجل الوصول للصورة المثلي لبناء الإنسان».

وأضاف: أن «الخطاب الديني يواجه عثرات ومقاومة، وذلك بسبب الخلط بين الدين والخطاب الديني، وهذا الأمر مهمة كبرى أمام وزارة الأوقاف»، مؤكدا أن لغة الحوار من أهم الآليات التي تسهم في تحقيق الغرض والهدف من تجديد الحوار الديني.

وبدورها، قالت رئيس قطاع أول الحوار بالهيئة القبطية الإنجيلية سميرة لوقا «إن المشاركة في مؤتمر اليوم يمثل مصر الحقيقية، ودعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخاصة بمبادرة «بناء الإنسان الجديد» تأتي تماشيا مع ما تقوم به الهيئة الإنجيلية على مدى تاريخها».

وتنظم الهيئة القبطية الإنجيلية على مدار اليوم وغدا الثلاثاء مؤتمر «الإنسان في الدولة المدنية الحديثة»، بحضور عدد رجال الدين الإسلامي والمسيحي والواعظات والراهبات والمفكرين والإعلاميين وأعضاء البرلمان وممثلين عن الأحزاب السياسية، ويضم جلسات عن دور مؤسسات التنشئة والمؤسسات الدينية في بناء الإنسان والمسؤولية الاجتماعية لمؤسسات الإعلام والثقافة.

اقرأ أيضاًوزير الأوقاف: هدفنا إعداد كوادر بشرية ذات مهارات إعلامية وإيجابية

وزير الأوقاف: سيناء ذات قيمة جليلة وعميقة في وجدان كل مصري

بالأسماء.. الأوقاف تفتتح 22 مسجدًا اليوم في عدد من المحافظات

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: وزير الأوقاف الأزهر الشريف الهيئة الإنجيلية الدكتور أسامة الأزهري الهيئة القبطية الإنجيلية الأرض الفلسطينية بناء الإنسان السلوك الإنساني فی بناء الإنسان الخطاب الدینی وزیر الأوقاف إندریه زکی حمدی رزق إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: سنغافورة أنموذج في ترسيخ قيم التعايش الديني والاندماج الحضاري

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الخطاب الإفتائي في عالمنا المعاصر يمرّ بتحديات متسارعة، لا يمكن مواجهتها إلا بوعي دقيق بالواقع، وتفاعل رشيد مع مستجداته، وانضباط علمي رصين بالمنهج الصحيح، مشيرًا إلى أن الفتوى لم تعد مجرد استجابة لحادثة أو سؤال، بل أصبحت فاعلًا محوريًّا في ضبط حركة المجتمعات، وصناعة الاستقرار، وبناء السِّلم الأهلي، وهو ما يحتم على المفتين والمؤسسات الإفتائية أن يطوّروا أدواتهم وخطابهم بما يواكب تحولات العصر وتعقيداته.

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها فضيلته اليوم الإثنين، في ندوة "مختبر الإفتاء" التي تنظمها هيئة الإفتاء بسنغافورة، بمشاركة عدد من المفتين والعلماء من مختلف دول العالم، ضمن مسار علمي رائد يهدف إلى تبادل الخبرات بين الجهات والمؤسسات الإفتائية، وإتاحة المجال للتلاقي العلمي وتطوير الأداء الإفتائي بما يتوافق مع خصوصيات المجتمعات وواقعها.

مفتي الجمهورية عن استهداف كنيسة مار إلياس بدمشق: جريمة إنسانية مرفوضةمفتي الجمهورية يتوجه لـ سنغافورة للمشاركة في المؤتمر الدولي للمجتمعات المتماسكةمفتي الجمهورية: جرائم البطش الصهيوني بحق أهل غزة عار على الإنسانيةمفتي الجمهورية يلتقي وزير الشئون الدينية الجزائري لبحث تعزيز التعاون.. صورمفتي الجمهورية يصل الجزائر للمشاركة في مؤتمر المجلس الإسلامي الأعلىمفتي الجمهورية: العنف الأسري ناقوس خطر يهدد سلامة المجتمع.. صور

وأوضح المفتي، أن المؤسسات الدينية أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز آليات التعاون العلمي، والتكامل الفقهي والإفتائي، في مواجهة خطاب العنف والكراهية، ومحاصرة تيارات التشدد والانغلاق، التي باتت تهدد بنية المجتمعات واستقرارها الداخلي، مؤكدًا أن وحدة المقاصد الدينية العليا يجب أن تكون الإطار المرجعي المشترك الذي يحكم أي اجتهاد أو فتوى تصدر عن الجهات المختصة، مشيدًا في هذا السياق بتجربة سنغافورة المتميزة في حفظ التوازن المجتمعي، وصيانة التعددية الدينية والثقافية، وهو ما يعكس وعيًا حضاريًّا ورؤية استشرافية لواقع العالم وتحدياته المستقبلية.

وأضاف مفتي الجمهورية، أن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تبنّت خلال السنوات الماضية رؤية شاملة تهدف إلى تطوير الخطاب الإفتائي، من خلال برامج التدريب والتأهيل، ومراكز الرصد والتحليل، والمراكز البحثية المتخصصة، إيمانًا منها بأن صناعة الفتوى لا تقتصر على الجانب النظري فحسب، بل تحتاج إلى دراسة متأنية للواقع وتحليل دقيق للمستجدات. 

وأكد أن تجربة "مختبر الإفتاء" تمثل خطوة نوعية في هذا المسار، بما يتيح بناء خطاب ديني يتسم بالوعي والانفتاح، ويعالج قضايا الواقع بعيدًا عن الجمود أو الانفلات، ويتصدى للأفكار المتطرفة بأساليب علمية رصينة، تستند إلى أصول الشرع وقيم العقل والعصر معًا.

ونوّه مفتي الجمهورية بأن المؤسسات الدينية اليوم ليست مجرد منصات للتعليم أو الإفتاء فحسب، بل هي مؤسسات استراتيجية تسهم في توجيه الوعي، وتشكيل الرأي العام، وتحقيق الأمن الروحي والاجتماعي، مشددًا على أن دار الإفتاء المصرية حرصت على أن تتحول من مجرد جهة تُسأل وتُجيب إلى مؤسسة بحثية معرفية لها حضور علمي وتأثير دولي واسع النطاق، وهو ما يعكسه التعاون البنّاء مع الدول الإسلامية، وفي مقدمتها سنغافورة، التي أثبتت أنموذجًا رائدًا في التنسيق والعمل المشترك من أجل ترسيخ ثقافة الاعتدال والعيش المشترك.

وتناول فضيلة مفتي الجمهورية في كلمته، أبرز التحديات الجسيمة التي تواجه الخطاب الإفتائي المعاصر، مشيرًا إلى أن من أخطرها، تصدُّر غير المتخصصين لهذا المجال دون تأهيل شرعيّ منضبط، وهو ما يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام وإثارة الفوضى في المجتمع، إلى جانب فوضى الفتاوى في الواقع الافتراضي، التي تُنشر دون أهلية علمية، وتُستخدم أحيانًا كأدوات للإفساد باسم الدين. 

كما حذّر فضيلته من الفتاوى التي تصدر عن جماعات العنف والتطرف، والتي شرعت التكفير والعنف واستباحت الدماء تحت مسميات دينية مزيفة.

وأشار فضيلته أيضًا إلى خطورة التساهل والتشدد في الفتوى، باعتبارهما مسلكين يخلان بوظيفة الإفتاء الشرعية، إلى جانب ضعف التأهيل العلمي والروحي لدى بعض من يتصدّرون للإفتاء، وغياب المرجعية المؤسسية الموحَّدة في عدد من المجتمعات، مما أتاح المجال للفوضى الإفتائية وأفقد الناس الثقة في الخطاب الديني الرشيد، وهو ما يستوجب مضاعفة الجهود لإعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية وتكثيف برامج التأهيل والرقابة والمواكبة.

وفي ختام كلمته، عبّر فضيلة المفتي، عن تقديره العميق للجهود المبذولة من قبل المؤسسات الدينية في سنغافورة، وحفاوة الاستقبال والتنظيم، مؤكدًا أن مثل هذه المبادرات تعكس إدراكًا عميقًا لحيوية الدور الديني في صناعة السلام العالمي، وترسيخ قيم الأخوة الإنسانية، والتعاون الحضاري، وأن "مختبر الإفتاء" بما يحتويه من أنشطة وبرامج ومداولات علمية، يمثّل منصة علمية مرموقة تسهم في بناء كوادر علمية قادرة على فهم العصر، وتقديم الفتوى بمنهج وسطي راشد، يجمع بين أصالة المرجعية وجِدّة الواقع، ويحمل في مضمونه رسالة السلام، وكرامة الإنسان.

وتأتي مشاركة فضيلة مفتي الجمهورية في هذه الندوة، تأكيدًا على الدور الريادي لدار الإفتاء المصرية في تعزيز الحضور العلمي، والتنسيق الإفتائي بين مختلف الجهات المعنية بالشأن الديني، وإسهامًا فعّالًا في بناء الجسور الفكرية بين المجتمعات الإسلامية حول العالم، وتعميق مفاهيم الاعتدال والتسامح، ونقل التجربة المصرية الرائدة في مجال الإفتاء ومواجهة التطرّف، وهو ما يتكامل مع رؤية الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم نحو ترسيخ خطاب ديني رشيد يخدم حاضر الأمة ومستقبلها، ويُسهم في بناء عالم أكثر أمنًا وتفاهمًا وسلامًا.

طباعة شارك الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية الإفتاء الخطاب الإفتائي سنغافورة مختبر الإفتاء

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الهجري الجديد
  • محامو قضيتي تيران وصنافير وعزل وزير التعليم يشكون من تضييق قضائي ومخالفات قانونية
  • البابا خلال افتتاحه فصلا للتعليم الفني بالكاتدرائية: بناء الإنسان وتمكين الشباب من أولويات الكنيسة
  • هشام عبد العزيز: إدراك العصر لا يعني معرفة سطحية بل فهماً عميقاً
  • وزير التعليم العالي ومحافظ الفيوم ورئيس الجامعة يضعون حجر الأساس لمركز علاج الأورام بجامعة الفيوم
  • مفتي الجمهورية: سنغافورة أنموذج في ترسيخ قيم التعايش الديني والاندماج الحضاري
  • وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم
  • وزير الأوقاف المصري: استهداف كنيسة بدمشق عدوان على الإنسانية
  • الشيوخ يناقش آليات وزارة التعليم في مكافحة التنمر والعنف في المدارس
  • وكيل الشيوخ: كليات التربية ركيزة أساسية في بناء الإنسان