زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للكيان الصهيوني، وعقد مؤتمر شرم الشيخ، جاءا في أثناء تبادل الأسرى، وإعلان وقف الحرب، وعدم العودة إليها. أي في أثناء الاحتفالات، بنجاح وقف المجازر، وحرب الإبادة والتجويع.
وقد اتخذت كلمة ترامب في الكنيست، وقتاً طويلاً، في محاولة لمراضاة نتنياهو، على ما تلقاه من هزيمة سياسية، بسبب الضغط عليه، ليوافق على مفاوضات المرحلة الأولى، وإعلان وقف الحرب، ووقفها من جانبه، وعدم العودة إليها.
على أن المدهش في خطاب ترامب، تطرقه بالحديث عن براعة مساعديه كلهم، خصوصاً مبعوثه لحلّ الملمّات، ستيف ويتكوف، ووزير خارجيته ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيث، والآخرون، وبتفصيل ممل عن كل واحد. وهذا كله في العرف السياسي الدولي، وفي الخطب الرسمية، ليس من اللياقة في شيء. فهو شأن داخلي.
إن مجلس السلم وهيئة إدارة غزة، سيواجهان، صراعاً فلسطينياً واسعاً، كما معارضة عربية، عند الحديث عن غزة في اليوم التالي. لأن هذين المشروعين، لا إجماع عليهما، داخل "اتفاق غزة"، الموقّع عليه من الدول الأربع. ويصادران حق الشعب في غزة، أو أي دور فلسطيني وعربي، وإسلامي. ومن ثم يكون عدم التخلي عنهما، سببًا في فشل المرحلة الثانية.أما عقده، لمؤتمر شرم الشيخ، فأراده دولياً- عربياً- إسلامياً. وقد ضمّ عشرين رئيس دولة، ووزير خارجية، وأمناء عامين دوليين. وذلك لدعم ما أنجزه في المرحلة الأولى، خصوصاً، في وقف الحرب. ولكن أيضاً ليهيّء لاستكمال، مشروعه في تشكيل "شرق أوسط جديد".
وهذا البُعد المستبطن، في مشروع ترامب، وعقده للمؤتمر الدولي، يشكل البُعد الأخطر، والذي دون تحقيقه، صراعات وحروب، لما يحمله من هيمنة أمريكية، وصهينة لدول عربية وإسلامية. ومن ثم سوف يواجه هذا البُعد، ألواناً من المقاومة الشعبية وربما بعض الرسمية. وسيكون الفشل مصيره.
كان ترامب حريصاً على عقد "اتفاق غزة"، المشكّل من أمريكا، ومصر وقطر وتركيا. وهذه الأطراف الثلاثة، أسهمت في التوصل إلى إنجاح المرحلة الأولى من الاتفاق، مما يجعل اتفاق غزة، مخصصاً لمواصلة المراحل المتعلقة بغزة. فهدف اتفاق غزة، كما يبدو، سيكون مركزاً على المرحلة الثانية.
ومن هنا يكون مؤتمر شرم الشيخ، بمجموعه، دعماً معنوياً لترامب، فيما مشروعه الأبعد الذي تحدث عنه في تناوله، إحياء "الشرق الأوسط الجديد" سيظل مركوناً على الرف، إلى أن يُعرف مصير مفاوضات المرحلة الثانية. وذلك فضلاً عن تأجيله، لبينما يقر رأيه في موضوع إيران، الذي وضعه على الأجندة، جنباً إلى جنب، مع مشروع المرحلة الثانية.
وبهذا يكون مؤتمر شرم الشيخ، في خدمة الراهن، وكمثل الاحتياط للمرحلة الأبعد، التي وضعها ترامب، لما يسمّيه وهماً بـ"الشرق الأوسط الجديد".
أما العقبة الكأداء، فستكون إذا أصرّ ويتكوف، على نزع سلاح غزة، الذي ستقوم عليه، ثلاثة اعتراضات (1) إنه يتنكر لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، بما فيها المقاومة المسلحة. (2) يُعرّض أمن أهل غزة، لعودة حرب الإبادة، من دون أيّة مقاومة. (3) تعريض الأمن في غزة للدخول في فوضى، حيث يصبح الاغتيال فيها كشربة ماء.والأهم ثمة فشل أمام المرحلة الثانية، سيُواجِه ترامب، ما لم يتراجع عن تشكيل "مجلس سلم" برئاسته، وتشكيل هيئة إدارة غزة، برئاسة طوني بلير. ثم أمامه التراجع عن نزع سلاح حماس والجهاد ومختلف فصائل المقاومة. مما يرجح الفشل، ويفرّغ مؤتمر شرم الشيخ، مما أُريدَ منه.
إن مجلس السلم وهيئة إدارة غزة، سيواجهان، صراعاً فلسطينياً واسعاً، كما معارضة عربية، عند الحديث عن غزة في اليوم التالي. لأن هذين المشروعين، لا إجماع عليهما، داخل "اتفاق غزة"، الموقّع عليه من الدول الأربع. ويصادران حق الشعب في غزة، أو أي دور فلسطيني وعربي، وإسلامي. ومن ثم يكون عدم التخلي عنهما، سببًا في فشل المرحلة الثانية.
أما العقبة الكأداء، فستكون إذا أصرّ ويتكوف، على نزع سلاح غزة، الذي ستقوم عليه، ثلاثة اعتراضات (1) إنه يتنكر لحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، بما فيها المقاومة المسلحة. (2) يُعرّض أمن أهل غزة، لعودة حرب الإبادة، من دون أيّة مقاومة. (3) تعريض الأمن في غزة للدخول في فوضى، حيث يصبح الاغتيال فيها كشربة ماء.
لهذا ما لم يتخل ترامب عن مجلس السلم وهيئة بلير ونزع السلاح، فلا أمل بنجاح مفاوضات المرحلة الثانية، هذا إذا لم يسبقه تأزيم في عملية تبادل الجثث من جانب نتنياهو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة رأيه فلسطيني فلسطين غزة رأي خطة ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرحلة الثانیة مؤتمر شرم الشیخ اتفاق غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
المرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة.. ترقب فلسطيني وعرقلة إسرائيلية
تترقب الأوساط الفلسطينية دخول المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة حيز التنفيذ بفارغ الصبر، بعد أن عمدت حكومة الاحتلال إلى عرقلتها، والتملص من استحقاقاتها على مدار الأسابيع الماضية، في محاولة لحصر الخطة في مرحلتها الأولى فقط.
ورغم ضابية المشهد وعدم الوضوح بشأن الموعد المحدد لدخول المرحلة الثانية، قالت مصادر صحفية، إن إدارة الرئيس الأمريكي تمارس ضغوطا على "إسرائيل" لإكمال بنود الخطة المعلنة بشأن غزة، على رأسها "المرحلة الثانية" التي ينتظرها أهالي القطاع بفارغ الصبر، كونها تعني تثبيت وقف إطلاق النار، والبدء بخطة الإعمار. وسط مخاوف من استمرار عرقلتها من قبل حكومة الاحتلال.
وقال موقع "أكسيوس" إن الرئيس الأمريكي يعتزم الإعلان قبل عيد الميلاد الذي سيحل بعد نحو ثلاثة أسابيع عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب في غزة، وتشكيل هيئة حاكمة جديدة لحكم القطاع، كما ذكر مسؤولون أمريكيون.
علام تنص بنود المرحلة الثانية؟
تنص بنود هذه المرحلة على إلى إدارة القطاع بواسطة هيئة حكم انتقال مدنية تتكون من مستقلين فلسطينيين وخبراء دوليين.
كما تتضمن انتشار قوة استقرار دولية في غزة، واستكمال انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الخط الأصفر إلى الأحمر، بالإضافة إلى إزالة أطنان من الركام والأنقاض وبدء إعادة الإعمار.
ولكن قبل البدء في البنود أعلاه، لا بد من "نزع سلاح حركة حماس وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة"، كشرط للتقدم في المرحلة الثانية، وهو الأمر الذي يثير مخاوف الفلسطينيين من وضع هذا الشرط الذي يصعب تحقيقه في المرحلة الحالية، كذريعة لوقف التقدم نحو المرحلة الثانية، رغم وجود مؤشرات أمريكية على إمكانية تأجيله إلى مراحل لاحقة.
خلافات عميقة
وتشير تقارير عبرية إلى أن "إسرائيل" لا تزال تعتبر نزع سلاح حركة حماس بالكامل شرطا غير قابل للتفاوض، وترى أن أي صيغة بديلة مثل تخزين السلاح أو إخراجه مؤقتا من الخدمة، أمر غير مقبول بالنسبة لها، في المقابل، تتحدث أوساط إسرائيلية عن طرح أمريكي جزئي لـ"إخراج السلاح من الخدمة"، على غرار تجارب نزاعات أخرى، وهو ما ترفضه إسرائيل خشية إعادة استخدام السلاح لاحقا، أو تأجيل ملف السلاح إلى ما بعد المرحلة الثانية.
ونقلت "يديعوت أحرنوت" قبل أيام عن مسؤولين إسرائيليين تهديدات صريحة بأن عدم تنفيذ نزع السلاح سيقابل بتدخل عسكري مباشر، ما يفرغ اتفاق وقف النار من مضمونه، ويبقي خيار الحرب حاضرا في أي لحظة.
محاولات لإفشال المرحلة الثانية
ويعتقد رئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، جمال زحالقة أن أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، لن يتغيّر في المرحلة الثانية لتنفيذ اتفاق ترامب، مؤكدا أنه لا مؤشّرات أنّ حكومة نتنياهو ستبدّل تعاملها في المرحلة المقبلة. العكس هو الصحيح، فهي ستواصل خرقها لوقف إطلاق النار والتضييق على المساعدات وعلى فتح المعابر، وسوف تنقل خروقات المرحلة الأولى كأدوات ضغط ومناورة في المرحلة الثانية.
وشدد زحالقة في مقال له، نشرته "عربي21" على أنه كان من المفروض أن يكون دخول لمساعدات إنسانية كاملة، وفتح للمعابر ووقف فعلي لإطلاق النار، مقابل تسليم المحتجزين في غزة ، لكن "إسرائيل" استلمتهم كما نص الاتفاق، لكنّها لم تدفع الثمن، إلا جزئيا واحتفظت لنفسها بالجزء الأكبر للمقايضة به لاحقا.
ويعتقد زحالقة أن إمكانية التقدم في المرحلة الثانية ليست صعبة فحسب، بل شبه مستحيلة. محذرا من أن الذي قد يحدث في حال انسداد الأبواب السياسية هو العودة إلى الحرب الشاملة في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من الكوارث والدمار.
لماذا لا يريد "نتنياهو" المرحلة الثانية؟
يقول الكاتب محمد صابر في مقال له، إن المرحلة الثانية تفرض على "إسرائيل" انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية، وهذه المرحلة تعني أنه يجب على "إسرائيل" أن تدفع ثمنا، فيما المرحلة الأولى من الاتفاق كانت مريحة لإسرائيل: إطلاق بعض الأسرى، خفض نسبي للقصف، لا التزامات سياسية، لا انسحاب حقيقيا. أما المرحلة الثانية فتفرض لأول مرة: انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية. وهذا أمر يرفضه نتنياهو لأنه سيعني نهاية "حربه" التي يستخدمها للبقاء في السلطة، فتح ملفات التحقيق في فشل 7 أكتوبر، وبدء نقاش جدي حول من يحكم غزة. لذلك جمّد المرحلة الثانية تماما.
ويرى صابر أن سبب رفض نتنياهو للدخول للمرحلة الثانية، لأنه يعيش على حرب لا تنتهي؛ الحرب بالنسبة لنتنياهو ليست معركة، بل وسيلة للبقاء. إذا بدأت المرحلة الثانية ستبدأ لجان التحقيق، وستظهر حقيقة أن "النصر الكامل" مجرد شعار، وسيُسأل: لماذا لم يتم إنقاذ الرهائن؟ لماذا استمر القتل بلا هدف؟.. لذا يبقي نتنياهو الوضع بين: لا حرب شاملة، ولا سلام حقيقيا، بل قتل يومي منخفض الإيقاع.
وإضافة إلى ذلك، قال المحلل السياسي إن هناك خلاف جذري بين مشروعين متناقضين، فحماس تريد وقفا نهائيا للحرب، ورفع الحصار، وضمانات مكتوبة بعدم إعادة الاحتلال، و"إسرائيل" تريد تجريد المقاومة من القوة، ووصاية أمنية دائمة، وحكما مدنيا ضعيفا لا يملك قرارا مستقلا. لذلك تحوّل الاتفاق إلى صدام بين مشروعين لا يلتقيان.