شهدت جامعة دراية بمحافظة المنيا، مساء اليوم الثلاثاء، رابع الجلسات البحثية للمؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين، "دورة الكاتب الكبير جمال الغيطاني"، والمنعقدة تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، وتنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي.

. خمسون عاما من العبور"، برئاسة الفنان الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل.

أقيمت الجلسة بعنوان "كتابات من واقع الحرب" (الرسائل، السير الذاتية، الشهادات) وأدارها د. الضوي محمد الضوي، واستهلت بدراسة "كتابات من واقع حرب 1973.. البحث عن القيم في خطاب المعركة" للدكتور أحمد إبراهيم الشريف، قدم به مجموعة مميزة من النصوص تعد في مجملها حقلا دالا على ثراء الوسيط الثقافي الذي تناول الحرب وما جرى فيها.

وأكد "الشريف" أنه اطلع على هذه الرسائل التي توجد في حيازة أسرة أحد الجنود، موضحا أن الرسائل تكشف جانبا مهما من حياة الجنود في الفترة التي سبقت الحرب مباشرة، كما أنها حافلة بقيم مهمة مثل الشجاعة والصداقة والوطنية والتفاني.

وذكر "الشريف" الرسائل التى تناولها البحث منها رسائل شخصية للشهيد أحمد محمد جعفر، الذي استشهد في نهاية شهر أكتوبر ۱۹۷۳، وكذلك مذكرات جندي مصري في جبهة قناة السويس، لأحمد حجي، التي تناولت صورة حرب الاستنزاف، من خلال اليوميات المكتوبة في الفترة من ١٩٦٩ وحتى نهاية ۱۹۷۰، وكشفت هذه اليوميات مدى الاستعداد والشجاعة والمعاناة أيضا في تلك الفترة الحرجة من تاريخ الحرب.

وأشار "الشريف" إلى أن البحث تناول أيضا يوميات الكاتب جمال الغيطاني بعنوان "على خط النار" التي نشرت في صحيفة الأخبار زمن الحرب، ومثلت يوميات مباشرة للأحداث التي وقعت والانتصارات التى توالت، وأيضا مذكرات العميد أركان حرب عادل يسرى "رحلة الساق المعلقة"، موضحا أن أهميتها تأتي بسبب التضحية الكبيرة التي قدمها صاحب المذكرات، وكيف تقبل هذه التضحية بكل صبر ومحبة في حرب أكتوبر المجيدة.

وجاء الدراسة الثانية بعنوان "نساء في قلب المعركة"، للكاتب أحمد محمد عبده، وأوضح خلالها أنها تسلط الضوء على بعض النماذج للمرأة المصرية الفدائية، في جبهة القناة، وفي وديان وجبال سيناء، موضحا أن لهن دور عظيم في بعض المشاركات الفدائية، ومساعدة رجال الجيش، أيام حرب الاستنزاف وحرب السادس من أكتوبر، فهن فلاحات في الغرب، وبدويات في الشرق.

ثم استعرض أبرز تلك النماذج وهن "أم الصاعقة" فلاحة من عزبة أبو عطوة بجنوب محافظة الإسماعيلية، لها دور في معارك ثغرة الدفرسوار، وكذلك "أم الأبطال" والتي استشهد زوجها في حرب الاستنزاف، فجندت نفسها، واحتشدت مع أولادها للمقاومة، ولم تستسلم للحزن، وتعلمت فك وتركيب الألغام في الصحراء على يد ابنها أثناء وتحت ستارة رعي الأغنام، وأيضا "أم رفاعي" وهي فلاحة من ضواحي مدينة فايد.

وفي دراسة بعنوان "أطياف من الكتابة الأخرى حول أكتوبر 73" للكاتب السيد نجم، أكد بها أن مصطلح أدب الحرب مصطلح غير دقيق، والأصح هو أدب التجربة الحربية، ويعني معايشة أحداث المعارك قبل وأثناء وبعد النصر.

وقال نجم: الطفل والمرأة والشيوخ أحيانا، يمكنهم أن يقدموا هذا النوع من الأدب دون أن يشاركوا في الحرب، موضحا أن التجربة الحربية من أثرى التجارب البشرية، وهو ما انعكس على الفن والإبداع في حرب أكتوبر المجيدة.

واختتمت الجلسة بدراسة "أدب الانتصار.. خمسون عاما من الانتصار المجيد" للكاتب والباحث شعبان يوسف، أكد بها أنه ينحاز إلى مصطلح أدب النصر، قائلا: كما كان هناك مصطلح أدب الهزيمة فمن حقنا أن يكون لدينا أدب النصر.

وأضاف: إن أدب الانتصار هو أدب التفاؤل والأمل والقوة، وبدأ من كتابات الأدباء الذين كانوا على الجبهة، وأبرزهم كان الكاتب الراحل الكبير جمال الغيطاني الذي عمل كمراسل حربي منذ عام ١٩٦٩، ورأى وعاش كل الأحداث العسكرية التي قلبت الموازين، وكذلك حرب الاستنزاف التي كانت بطولة وشجاعة نادرة لشعب قرر أن يحقق الانتصار، ومن بين هؤلاء كذلك الضابط الدكتور أحمد حجي الذي استشهد على الجبهة كما كان يتمنى، وترك لنا تراثا غاليا في أدب الحرب والانتصار في وقت واحد.

وقدم "يوسف" قراءة لبعض البيانات العسكرية واليوميات الصحفية، للمقاتل أحمد حجي رائد أدب الحرب والانتصار.

وفي مداخلة أخرى طالبت د. هويدا صالح بأهمية إتاحة كتب لحفظ الذاكرة التاريخية للنصر وإتاحة إنتاج أعمال جديدة تزيد وتنير من وعي وتثقيف الأجيال الصاعدة. 

وقدم العقيد سعيد الصباغ في مداخلته باقتراح أن تقوم بيوت وقصور الثقافة بنشرة دورية لأبطال أكتوبر تحكي بطولاتهم وسوف تكون هناك حكايات جديدة ومختلفة.

اقترح الكاتب الصحفي سعيد البيلي عمل موسوعة تسمى "أدب النصر" تحتوي على كتابات قادة حرب أكتوبر وشهادات الإعلاميين وأبطال الحرب وتكون هذه بداية لتسجيل كل ما حدث بحرب أكتوبر.

ومن جهته عقب الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، مؤكدا أن الهيئة بالفعل لديها سلسلة "العبور" وسيتم دراسة زيادة أعداد هذه السلسلة، مطالبا المبدعين بأن يقوموا بتزويد السلسلة بكتب حول مذكرات الجنود والمشاركين في حرب أكتوبر.

حضر الجلسة الشاعر د. مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ضياء مكاوي رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي، رحاب توفيق مدير فرع ثقافة المنيا، والشاعر وليد فؤاد مدير إدارة المؤتمرات ونوادي الأدب، ولفيف من الأدباء والمبدعين والإعلاميين.

المؤتمر العام لأدباء مصر بالمنيا يقام بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة المنيا.

ويشهد المؤتمر طوال فترة إقامته عددا من الجلسات البحثية، والموائد المستديرة، بجانب الأمسيات الشعرية والقصصية ومعارض الكتب والحرف والفنون، وندوات ثقافية، بمشاركة عدد كبير من الأدباء والباحثين والنقاد والإعلاميين ونخبة من الشخصيات العامة بالإضافة إلى ممثلي أندية الأدب والأمانة العامة، وتستمر فعالياته حتى ٢٧ نوڤمبر الحالي.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

الهندية بانو مشتاق الحائزة بوكر: على الكاتب وصف الوردة وأشواكها

تؤمن الكاتبة الهندية والناشطة في مجال حقوق المرأة بانو مشتاق، التي نالت في مايو/أيار الماضي جائزة بوكر الأدبية الدولية، بأن الكتابة الحقيقية تستلهم من الواقع، ولو كان شديد العنف والقسوة. ومن هذا المنطلق، لم تتردد في جعل إحدى أقصوصات مجموعتها الفائزة بالمكافأة المرموقة تتناول محاولة انتحار حرقا، مشابهة لتلك التي أقدمت عليها بنفسها.

وقالت بانو، البالغة 77 عاما، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: "لا يمكن للمرء أن يكتب لمجرد وصف وردة. لا يكفي أن يقول إن لها هذا العطر وتلك البتلات وذلك اللون. عليه أيضا أن يكتب عن الأشواك. إنها مسؤوليته، وعليه أن يفعل".

في مجموعتها القصصية الفائزة بجائزة بوكر، والتي تحمل عنوان "هارت لامب" (Heart Lamp) (سراج القلب)، تتناول بانو في أقصوصاتها الـ12 القوية، جوانب من حياة نساء مسلمات يعانين توترات أسرية ومجتمعية، تحمّل بعضهن العنف المنزلي، أو ابتليت أخريات بوفاة أطفالهن، أو تعرضن للخيانة من أزواجهن.

القصص، التي كتبتها بين عامي 1990 و2023، شكلت أول عمل أدبي بلغة "الكانادا" (Kannada) (وهي اللغة التي يتحدث بها نحو 65 مليون شخص في جنوب الهند) يترجم إلى الإنجليزية، وهو ما جعل فوزها بالجائزة حدثا فارقا في تاريخ الأدب الهندي والعالمي على حد سواء.

إعلان

قامت بترجمة العمل إلى الإنجليزية ديبا بهاستي، الصحفية والكاتبة من جنوب الهند، وقد وصفت لجنة التحكيم الترجمة بأنها "جذرية ومبتكرة تحدث اضطرابا في اللغة وتخلق نسيجا جديدا لتعددية الإنجليزية".

وقد نالت الجائزة مناصفة مع المؤلفة، في تكريم مزدوج للنص والترجمة، رغم الرقابة التي تعرض لها الكتاب من جانب الدوائر المحافظة في الهند، كما ذكر منظمو الجائزة، وتجاهله من قبل الجوائز الأدبية الكبرى في الدولة الآسيوية العملاقة.

رئيس لجنة التحكيم، ماكس بورتر (يسار)، مع بانو مشتاق، مؤلفة رواية "سراج القلب"، (وسط)، وديبا بهاستي، المترجمة، الفائزتين بجائزة بوكر الدولية 2025 (غيتي) كتابة تنبض بالألم والفكاهة

نال أسلوب بانو إعجاب النقاد لما يجمعه من فكاهة ساخرة تخفي خلفها ألما عميقا وقسوة واقع شخصياتها. ووصفت لجنة تحكيم جائزة بوكر شخصيات قصصها بأنها "صور مذهلة للقدرة على الاستمرار"، مشيدة بموقفها الحازم بلا مهادنة من طغيان النظام الأبوي والطبقية والتطرف الديني على المجتمع الهندي.

واحتفت لجنة التحكيم بالمجموعة بوصفها "قصصا جميلة مليئة بالحياة، تترجم بلغة مبتكرة توسع فهمنا للترجمة والاختلاف الثقافي"، مؤكدة أن هذه القصص الحية والمؤلمة تقدم "وثيقة أخلاقية وسياسية" عن معاناة النساء المسلمات في جنوب الهند.

وتنتمي بانو المولودة عام 1948 إلى عائلة مسلمة، لكنها تلقت تعليمها بلغة الكانادا لا بالأردية، اللغة الثقافية التقليدية لمسلمي الهند. وبعد أن بدأت حياتها المهنية في مجالي الصحافة والتعليم، عملت لاحقا في المحاماة، وناضلت بصفتها الحقوقية ضد الأصولية وغياب العدالة الاجتماعي.

أما حياتها الخاصة، فلم تكن أقل قسوة من قصصها. فقد تزوجت بعد قصة حب، لكنها شعرت لاحقا بالاختناق بسبب القيود المفروضة عليها. وقد قالت "لم يكن يُسمح لي بنشاطات فكرية (…) وبالكتابة".

إعلان

حتى وصلت بها المعاناة النفسية إلى محاولة إحراق نفسها في أواخر العشرينيات من عمرها، وهرع زوجها إليها مع ابنتهما البالغة 3 أشهر، واسترجعت هذه اللحظة قائلة: "وضع زوجي ابنتنا الصغيرة عند قدمي، وجعلني أركز انتباهي إليها، وعانقني، ثم ضمني إليه، وبهذه الطريقة تمكن من ثنيي عن الانتحار".

وفي أقصوصتها، تستلهم الكاتبة هذه اللحظة، إذ تكون الطفلة هي صاحبة الفضل في إنقاذ أمها. وعن هذا التقاطع بين السيرة الذاتية والخيال، تقول بانو: "شيء من شخصية الكاتب ينعكس في مؤلفاته، سواء بوعي أو من دون وعي".

جدران منزل بانو في بلدة حسان الصغيرة جنوب الهند تمتلئ بالشهادات والجوائز، وآخرها جائزة بوكر التي تسلمتها في لندن (الفرنسية) عبء الشهرة

اليوم، تمتلئ جدران منزل بانو في بلدة حسان الصغيرة جنوب الهند بالشهادات والجوائز، وآخرها جائزة بوكر التي تسلمتها في لندن، والتي تصفها بأنها غيرت حياتها "بشكل إيجابي"، مع أنها شكت مما تفرضه هذه الشهرة من عبء عليها.

وتستقبل الكاتبة الكثير من الزوار، لكنها قالت بأسف "لم يعد لدي وقت للكتابة التي تشعرني بمتعة وارتياح كبيرين".

وشددت بانو مشتاق على أن شخصياتها ليست خاصة ببلد بعينه أو مجتمع بذاته، بل تنطبق على كل زمان ومكان. وقالت "في كل مكان، تعاني النساء هذا النوع من القمع والاستغلال والسلطة الأبوية. المرأة هي المرأة، في كل مكان من العالم".

مع ذلك، لا تنوي بانو التوقف عن الكتابة، حتى لو لم تحظ أعمالها دائما بإعجاب من تكتب عنهن أو لأجلهن. وتقول: "الكاتب دائما مؤيد للشعب".

بانو مشتاق إلى جانب عملها محامية وناشطة نسوية، ألفت 6 مجموعات قصصية، ورواية واحدة، ومجموعة مقالات، وديوان شعر، جميعها بلغة الكانادا (الفرنسية) قصص حية ومؤلمة

وتتألف مجموعة بانو مشتاق من 12 قصة قصيرة، كتبت بأسلوب سردي يتميز بالحيوية والعاطفة اللاذعة، وترسم صورا عميقة لحياة نساء وفتيات يعشن في مجتمعات أبوية محافظة. وتدور القصص حول أمهات، وجدات، وأطفال أذكياء، وأزواج مهزوزين، ومشايخ ساخرين، وإخوة متسلطين، وسط واقع تحكمه قيود اجتماعية ودينية صارمة.

إعلان

وجاء تتويج "سراج القلب" في وقت يشهد فيه الهند توترات متزايدة حول قضايا الحريات الفردية وحقوق الأقليات. ويعد فوز هذا العمل المكتوب بلغة محلية ومن منظور امرأة مسلمة تحديا صريحا للهامشية الثقافية السائدة في البلاد، ورسالة دعم للغات الأصلية والمهمشة.

جدير بالذكر أن بانو مشتاق تنتمي إلى الجيل الذي انخرط في حركة "باندايا ساهيتيا" (الأدب الاحتجاجي) في السبعينيات والثمانينيات في جنوب غرب الهند. وهي واحدة من النساء القلائل اللواتي برزن في هذه الحركة التي انتقدت النظام الطبقي والاجتماعي الهندوسي، وأبرزت أصوات المنبوذين (الداليت) والمسلمين.

وإلى جانب عملها محامية وناشطة نسوية، ألفت 6 مجموعات قصصية، ورواية واحدة، ومجموعة مقالات، وديوان شعر، جميعها بلغة الكانادا. كما حازت جوائز كبرى منها جائزة أكاديمية كارناتاكا ساهيتيا وجائزة دانا تشينتاماني أتيمابي.

وقد عبرت عن رؤيتها الأدبية بقولها: "قصصي تدور حول النساء، كيف يطالب الدين والمجتمع والسياسة بالطاعة العمياء منهن، وبذلك، يلحقون بهن قسوة غير إنسانية. لا أجري أبحاثا مستفيضة، قلبي هو مجال دراستي".

ومع هذا الفوز، دخلت لغة الكانادا ولأول مرة إلى المحفل الأدبي العالمي، ليصبح "سراج القلب" شهادة ثقافية وأدبية نادرة في مشهد الأدب العالمي الذي طالما هيمنت عليه أصوات المركز الثقافي الغربي.

مقالات مشابهة

  • تأجيل اولي جلسات محاكمة 8 متهمين بإستهداف مركز ملوي بالمنيا لـ 14 سبتمبر
  • الهندية بانو مشتاق الحائزة بوكر: على الكاتب وصف الوردة وأشواكها
  • ماجد الكدواني ضيف رابع حلقات «فضفضت أوى» لـ معتز التوني.. غداً
  • ماجد الكدواني ضيف رابع حلقات "فضفضت أوى" لـ معتز التوني على Watch it.. غدًا
  • والي ولاية القضارف يشيد بالمنظمات التي ساهمت في توفير الأضحية لفئات مجتمع الولاية
  • إصابة سائق وطالب، في حادث تصادم سيارة ملاكي، بتوك توك، بمركز بني مزار بالمنيا
  • ارتفاع عدد مصابي حادث تسمم داخل مطعم بالمنيا إلى 33 شخصا..بالاسماء
  • بعد إجازة العيد.. المحكمة تحدد مصير المتهمين فى حادث انفجار خط غاز أكتوبر
  • غرق شخصين في حادثين منفصلين بالمنيا
  • الرعاية الصحية: استمرار صرف أدوية الأمراض المزمنة وإجراء جلسات الغسيل الكلوي خلال عيد الأضحى