يمن مونيتور:
2025-05-11@21:57:37 GMT

مثقفون سائلون في اليمن !

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

مثقفون سائلون في اليمن !

نملك عددا هائلا من “المثقفين السائلين” في اليمن، خصوصا في هذه المرحلة التي يعيش فيها بلدنا واحدة من أسوأ المراحل في تاريخه.

وهنا نقصد بالسائلين ليس الذين يسألون الناس أو يقدمون أسئلة للبحث عن جواب، بل كلمة مشتقة من “سائل” وهي معاكسة لكلمة صلب.. أي أن عصر الثقافة الصلبة القوية ربما لم يعد لها مكانا في اليمن!

ومفهوم الثقافة السائلة خاص بعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان الذي توفي عام 2017، بعد أن ألف سلسلة كتب مهمة تتحدث عن “زمن السيولة” بما في ذلك “الثقافة السائلة”.

ويقصد هذا المفكر الشهير بالسيولة تلك المواد السائلة التي تختلف عن المواد الصلبة وذلك لعدم قدرتها على التماسك والثبات، وعدم الاحتفاظ بشكلها ومضمونها، وتعرضها بسهولة إلى التغير السريع نتيجة عوامل محيطة.

وبالنظر إلى الواقع اليمني حاليا، نجد كمية هائلة من “المثقفين” الذين يتحدثون عن كل شيء ويناقشون في كل مجال ويجادلون في كل صغيرة وكبيرة سواء داخل البلاد أو خارجها.

واستغل الكثيرون مواقع التواصل الاجتماعي في سبيل نشر قناعاتهم وأفكارهم، وتحول البعض منهم فجأة إلى ناشط يدلي برأيه في معظم الأشياء، معتبرا نفسه مثقفا يجب على الجميع أن يسمع لوجهة نظره وموقفه في قضية ما.

وبدلا من أن يكون هناك نشاط فكري ثقافي فعال للمثقف اليمني مثل كتابة مقالات أو أبحاث معمقة، تحول الكثيرون إلى نشر منشورات أو صور أو مقاطع فيديو بما يتوافق مع متطلبات ورغبات العوام، وربما هذا المسار ناجم على ظروف نفسية وأمنية عقدت حرية القول الواعي والفعل الهادف.

واللافت أن العديد من المثقفين باتوا ينقادون إلى اهتمامات ورغبات العوام ويوجهون أفكارهم وفقا لذلك، وتحول المثقف من قائد وخالق رأي عام وصانع فكر إلى خادم لرغبات العوام.

وبدلا من أن يكون المثقف على قدر كبير من الصلابة في الرأي والموقف والفكر، نجد ثمة من يتغير موقفه وفكره وحتى مبدئه وفقا لتقلبات “السوق الثقافي” وبحسب المصالح الذاتية أو إعجابات الجمهور العام، وربما يتغير الموقف نتيجة تعليقات في مواقع التواصل.

وكذلك، بدلا من أن يكون المثقف مصدر تنوير وتوعية للجمهور في قضايا وشؤون متعددة كما كان في الزمن الصلب، تحولت وظيفته إلى مجرد إغواء وإلهاء في هذا الواقع السائل المتغير بين لحظة وأخرى.

انغمس الكثير من المثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي، وغرقت أفكارهم وتلاشت أهدافها إلى الحد الذي بات فيه المثقف يسعى فقط إلى تحقيق قدر عال من الإعجابات أو المشاهدات.

وبحثا عن “الترند” تورط بعض المثقفين في صنع سلوكيات وإنتاج معرفة لا تمت بأي صلة للفكر العميق أو الثقافة الصلبة، بل تم التماهي تماما مع العوام، بحيث لا تستطيع أن تفرق بين فكر المثقف أو العامة.

وفي ظل هذه المرحلة السائلة، قل أن تجد “مثقفين عضويين” لهم فاعلية ودور إيجابي في تنوير الجمهور وتوعيته وخلق رأي عام مشرق.

وهنا من المهم التفريق بين المثقف العضوي والمثقف التقليدي، فالأول وفقا للفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي(ت عام 1937) هو الذي يشكل وعي الجماهير ويقودها في سبيل قيم الحرية والعدالة والفكر، وهو من يكون منظرا ومنخرطا في الواقع ومتصلا بهموم الناس وأحلامهم بعيدا عن مصالح السلطات أو المصالح الذاتية، بعكس المثقف التقليدي الذي ينعزل عن هموم الناس وقضاياهم ويعيش وفقا لمصالحه الآنية وتماهيه مع السلطات على حساب البسطاء وحقوقهم.

واللافت أن الكثير من المثقفين عزلوا أنفسهم عن قيادة الرأي العام والعمل من أجل خلق تحول فكري وثقافي يخلق حراكا فعليا بما يؤدي إلى إعادة إنتاج واقع جديد صلب يقاوم الظروف الصعبة الحالية ويدفع نحو حلها.

وبدلا من أن يكون للمثقف دور فاعل في تشكيل الواقع، نلحظ كيف أن الساسة والعسكر فقط هم من يقودون البلد ويشكلون حاضره ومستقبله بعيدا عن أحلام وطموحات الناس، بينما انقسم المثقفون بين تابع لهذا الطرف السياسي أو ذاك، أو الانعزال التام عن الواقع بدعوى”الحياد” سعيا وراء “راحة الدماغ” أو سلامة الروح والجسد!

والمحزن أن العديد من المثقفين باتوا مجرد مستهلكين للمعرفة المنشورة أو التي يتم بثها من قبل العوام أو الساسة والعسكر، بدلا من أن يكونوا منتجين للمعرفة وصانعين لها، وهو أمر معاكس لما يفترض أن يكون.

وفي هذا الزمن السائل، تصدر المشهد العام أناس لا علاقة لهم بالفكر النير والثقافة الحية، بل جل ما يميزهم قدرتهم على إغواء الجماهير الذين يفكرون بعواطفهم فقط، وقد استغل هؤلاء الفراغ الذي تركه المثقفون والمفكرون وقاموا بملئه بكميات هائلة من المعرفة الاستهلاكية التي باتت بمثابة وجبات يومية يستهلكها العوام يوميا كغذاء لمشاعرهم وسط جفاء واضح للعقول.

وفي الوقت نفسه، باتت العقول المستمرة في التفكير تعاني من علل متعددة، نتيجة تلقيها أغذية معرفية ضارة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تدمير الأدمغة، وكله بسبب غياب الغذاء المعرفي الصحي الذي يفترض أن يصنعه المثقفون والمفكرون!

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: كتابات مثقفون محمد السامعي من المثقفین من أن یکون

إقرأ أيضاً:

الوجبات السريعة تؤثر على جزء محدد من الدماغ

 

 

الجديد برس|

 

توصل باحثون إلى أن الوجبات السريعة تؤثر سلبا أيضا على جزء محدد من الدماغ، وفقا لموقع New Atlas.

 

وأظهر علماء من جامعة سيدني في أول دراسة من نوعها على البشر أجريت باستخدام نظام الواقع الافتراضي VR، وجود صلة بين الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون والسكر وضعف التنقل المكاني والذاكرة، بما يدعم نتائج دراسات سابقة أجريت على القوارض

 

وأضافوا أن 120 شابا بالغا خضعوا لمسح للدهون والسكريات الغذائية DFS ليتمكن الباحثون من تقييم متوسط استهلاكهم التقريبي على مدار الأشهر الاثني عشر الماضية

 

ثم باستخدام سماعة رأس الواقع الافتراضي، استعمل المشاركون عصا تحكم للتنقل عبر متاهة ثلاثية الأبعاد مع أدلة بارزة للعثور على صندوق كنز في نهاية المطاف

 

وكان عليهم القيام بذلك ست مرات، وإذا عثروا على صندوق الكنز في أقل من أربع دقائق، انتقلوا إلى المحاولة التالية، وإذا فشلوا في الالتزام بهذا الموعد النهائي، فسيتم نقلهم افتراضيا إلى موقع الصندوق حتى يتمكنوا من رؤية المعالم القريبة في المرة التالية.

 

في المرة السابعة والأخيرة، تم إزالة صندوق الكنز، وكان على المشاركين التنقل إلى جزء المتاهة الذي اعتقدوا أنه موقعه السابق

 

ورغم ذلك، أشارت الدراسة إلى خبر سار هو أن الباحثين رجحوا أنه يمكن التعافي من هذا الوضع بسهولة، حيث يمكن للتغييرات الغذائية أن تُحسّن صحة الحُصين، وبالتالي القدرة على التنقل في البيئات المحيطة، كما هو الحال عند استكشاف مدينة جديدة أو تعلم طريق جديد للعودة إلى المنزل

 

كما لفتت النتائج بشكل عام إلى أهمية اتباع نظام غذائي جيد لصحة الدماغ، وهو أمر يزداد أهمية مع التقدم في السن وتراجع الإدراك الطبيعي.

مقالات مشابهة

  • بن عطية: حكومة الدبيبة مطالبة بتحقيق شعارات السلم والأمن على أرض الواقع
  • الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج
  • مجلة لانسيت: عدد شهداء غزة قد يكون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية
  • بمناسبة الذكرى الـ 80 لميلاده| جمال الغيطاني في عيون المثقفين: مشروع وطني وإرث لا يُنسى.. وثائق نادرة ومقالات تنشر لأول مرة
  • الوجبات السريعة تؤثر على جزء محدد من الدماغ
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • ماذا يعني أن يكون البابا أميركياً؟
  • آبل تطوّر نظارات ذكية مزودة بتقنية الواقع المعزز
  • النمر: مرضى قصور القلب يكون الانقباض لديهم طبيعي فوق 55%
  • بعد غضب المثقفين.. بيان رسمي بشأن إغلاق قصور الثقافة المستأجرة