يمن مونيتور:
2025-12-14@13:48:29 GMT

مثقفون سائلون في اليمن !

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

مثقفون سائلون في اليمن !

نملك عددا هائلا من “المثقفين السائلين” في اليمن، خصوصا في هذه المرحلة التي يعيش فيها بلدنا واحدة من أسوأ المراحل في تاريخه.

وهنا نقصد بالسائلين ليس الذين يسألون الناس أو يقدمون أسئلة للبحث عن جواب، بل كلمة مشتقة من “سائل” وهي معاكسة لكلمة صلب.. أي أن عصر الثقافة الصلبة القوية ربما لم يعد لها مكانا في اليمن!

ومفهوم الثقافة السائلة خاص بعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان الذي توفي عام 2017، بعد أن ألف سلسلة كتب مهمة تتحدث عن “زمن السيولة” بما في ذلك “الثقافة السائلة”.

ويقصد هذا المفكر الشهير بالسيولة تلك المواد السائلة التي تختلف عن المواد الصلبة وذلك لعدم قدرتها على التماسك والثبات، وعدم الاحتفاظ بشكلها ومضمونها، وتعرضها بسهولة إلى التغير السريع نتيجة عوامل محيطة.

وبالنظر إلى الواقع اليمني حاليا، نجد كمية هائلة من “المثقفين” الذين يتحدثون عن كل شيء ويناقشون في كل مجال ويجادلون في كل صغيرة وكبيرة سواء داخل البلاد أو خارجها.

واستغل الكثيرون مواقع التواصل الاجتماعي في سبيل نشر قناعاتهم وأفكارهم، وتحول البعض منهم فجأة إلى ناشط يدلي برأيه في معظم الأشياء، معتبرا نفسه مثقفا يجب على الجميع أن يسمع لوجهة نظره وموقفه في قضية ما.

وبدلا من أن يكون هناك نشاط فكري ثقافي فعال للمثقف اليمني مثل كتابة مقالات أو أبحاث معمقة، تحول الكثيرون إلى نشر منشورات أو صور أو مقاطع فيديو بما يتوافق مع متطلبات ورغبات العوام، وربما هذا المسار ناجم على ظروف نفسية وأمنية عقدت حرية القول الواعي والفعل الهادف.

واللافت أن العديد من المثقفين باتوا ينقادون إلى اهتمامات ورغبات العوام ويوجهون أفكارهم وفقا لذلك، وتحول المثقف من قائد وخالق رأي عام وصانع فكر إلى خادم لرغبات العوام.

وبدلا من أن يكون المثقف على قدر كبير من الصلابة في الرأي والموقف والفكر، نجد ثمة من يتغير موقفه وفكره وحتى مبدئه وفقا لتقلبات “السوق الثقافي” وبحسب المصالح الذاتية أو إعجابات الجمهور العام، وربما يتغير الموقف نتيجة تعليقات في مواقع التواصل.

وكذلك، بدلا من أن يكون المثقف مصدر تنوير وتوعية للجمهور في قضايا وشؤون متعددة كما كان في الزمن الصلب، تحولت وظيفته إلى مجرد إغواء وإلهاء في هذا الواقع السائل المتغير بين لحظة وأخرى.

انغمس الكثير من المثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي، وغرقت أفكارهم وتلاشت أهدافها إلى الحد الذي بات فيه المثقف يسعى فقط إلى تحقيق قدر عال من الإعجابات أو المشاهدات.

وبحثا عن “الترند” تورط بعض المثقفين في صنع سلوكيات وإنتاج معرفة لا تمت بأي صلة للفكر العميق أو الثقافة الصلبة، بل تم التماهي تماما مع العوام، بحيث لا تستطيع أن تفرق بين فكر المثقف أو العامة.

وفي ظل هذه المرحلة السائلة، قل أن تجد “مثقفين عضويين” لهم فاعلية ودور إيجابي في تنوير الجمهور وتوعيته وخلق رأي عام مشرق.

وهنا من المهم التفريق بين المثقف العضوي والمثقف التقليدي، فالأول وفقا للفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي(ت عام 1937) هو الذي يشكل وعي الجماهير ويقودها في سبيل قيم الحرية والعدالة والفكر، وهو من يكون منظرا ومنخرطا في الواقع ومتصلا بهموم الناس وأحلامهم بعيدا عن مصالح السلطات أو المصالح الذاتية، بعكس المثقف التقليدي الذي ينعزل عن هموم الناس وقضاياهم ويعيش وفقا لمصالحه الآنية وتماهيه مع السلطات على حساب البسطاء وحقوقهم.

واللافت أن الكثير من المثقفين عزلوا أنفسهم عن قيادة الرأي العام والعمل من أجل خلق تحول فكري وثقافي يخلق حراكا فعليا بما يؤدي إلى إعادة إنتاج واقع جديد صلب يقاوم الظروف الصعبة الحالية ويدفع نحو حلها.

وبدلا من أن يكون للمثقف دور فاعل في تشكيل الواقع، نلحظ كيف أن الساسة والعسكر فقط هم من يقودون البلد ويشكلون حاضره ومستقبله بعيدا عن أحلام وطموحات الناس، بينما انقسم المثقفون بين تابع لهذا الطرف السياسي أو ذاك، أو الانعزال التام عن الواقع بدعوى”الحياد” سعيا وراء “راحة الدماغ” أو سلامة الروح والجسد!

والمحزن أن العديد من المثقفين باتوا مجرد مستهلكين للمعرفة المنشورة أو التي يتم بثها من قبل العوام أو الساسة والعسكر، بدلا من أن يكونوا منتجين للمعرفة وصانعين لها، وهو أمر معاكس لما يفترض أن يكون.

وفي هذا الزمن السائل، تصدر المشهد العام أناس لا علاقة لهم بالفكر النير والثقافة الحية، بل جل ما يميزهم قدرتهم على إغواء الجماهير الذين يفكرون بعواطفهم فقط، وقد استغل هؤلاء الفراغ الذي تركه المثقفون والمفكرون وقاموا بملئه بكميات هائلة من المعرفة الاستهلاكية التي باتت بمثابة وجبات يومية يستهلكها العوام يوميا كغذاء لمشاعرهم وسط جفاء واضح للعقول.

وفي الوقت نفسه، باتت العقول المستمرة في التفكير تعاني من علل متعددة، نتيجة تلقيها أغذية معرفية ضارة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تدمير الأدمغة، وكله بسبب غياب الغذاء المعرفي الصحي الذي يفترض أن يصنعه المثقفون والمفكرون!

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: كتابات مثقفون محمد السامعي من المثقفین من أن یکون

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: فحص احتمال أن يكون هجوم سيدني ردًا على اغتيال رئيس أركان حزب الله علي الطبطبائي

كشفت القناة 15 العبرية، إسرائيل تفحص احتمال أن يكون الهجوم في سيدني ردًا على اغتيال رئيس أركان حزب الله علي الطبطبائي.

تشهد أستراليا حالة من الصدمة بعد الهجوم المسلح الذي استهدف الجالية اليهودية في مدينة سيدني خلال احتفالات عيد الأنوار (حانوكا)، وأسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، بينهم مبعوث حركة حباد إيلي شلانجر وطفل يهودي.

إيران تحت مجهر التحقيق بعد مقـ.ـتل 12 شخصا خلال احتفال يهودي في سيدنيوزير الخارجية الإسرائيلي: هجوم سيدني نتيجة تصاعد العنف المعادي للساميةالشرطة الأسترالية بعد حادث سيدني: ندعم الجاليات اليهودية في بلادنامنفذ ثالث للهجوم..الشرطة الإسترالية: إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي

وذكرت التقارير أن الإرهابيين، اللذين ارتديا ملابس سوداء، أطلقوا النار من فوق جسر على مئات المحتفلين، واستمر إطلاق النار لعدة دقائق، في حين استغرق وصول الشرطة حوالي 15 دقيقة، وسط غياب شبه كامل للإجراءات الأمنية في المكان.


في غضون ذلك، بدأت إسرائيل وأستراليا في مناقشات لتحديد الجهة المسؤولة عن المجزرة، بين منظمة حكومية أو عمل إرهابي فردي.

ومع مرور الساعات، تعززت في إسرائيل القناعة بأن إيران تقف خلف الهجوم، على الرغم من استمرار التحقيقات في احتمال تورط جماعات إرهابية أخرى مثل حزب الله، وحماس، وجماعة الشريعة الطيبة الباكستانية المرتبطة بالقاعدة.


وتشير المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية إلى أن إيران كانت تعمل على إنشاء بنية تحتية لإلحاق الضرر بالجالية اليهودية، تشمل تهريب الأسلحة وتكوين «خلايا نفوذ» على الإنترنت.


من جانبها، دعا رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، المواطنين إلى ضبط النفس وعدم اللجوء للانتقام. ويأتي هذا الحادث بعد سلسلة من الهجمات المعادية للسامية التي نسبت الحكومة الأسترالية مسؤوليتها لإيران، بما في ذلك حريق شركة أغذية كوشير في سيدني وكنيس في ملبورن في 2024، وهو ما دفع أستراليا لاستدعاء السفير الإيراني وقررت طرده، ونقل دبلوماسييها إلى دولة ثالثة.


وقالت السلطات الأسترالية إن الهجمات الإيرانية تهدف إلى زعزعة النسيج الاجتماعي وإثارة الفتنة بين أفراد المجتمع، مؤكدة أنها أعمال عدوانية استثنائية على الأراضي الأسترالية.

طباعة شارك إسرائيل سيدني علي الطبطبائي اغتيال رئيس أركان حزب الله عيد الأنوار

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: فحص احتمال أن يكون هجوم سيدني ردًا على اغتيال رئيس أركان حزب الله علي الطبطبائي
  • شيكابالا: أنا مش ضد إدارة الزمالك لكن لازم يكون في حلول جذرية للأزمات المالية
  • إسلام عيسى: محمد بسام أفضل من «الشناوي» .. ويستحق أن يكون حارس مصر في أمم إفريقيا
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • دراسة جديدة: الزلزال القادم في إسطنبول قد يكون الأعنف منذ 1766
  • ائتلاف المالكي:الحاج أبو إسراء قد يكون هو رئيس الحكومة المقبلة او مرشحا عنه
  • بالقانون الجديد .. متى يكون الحكم باتًا ونهائيًا؟
  • رسالة اللاغفران.. جحيم المثقف العربي وتكسير أصنام الثقافة
  • إقبال دبلوماسي كثيف نحو السودان.. كيف يمكن أن تتم ترجمة نتائجه على أرض الواقع
  • عمرو أديب : الله يكون بعونك يا مو