من السعودية للجزائر.. درجات حرارة العالم العربي ستشتعل قبل نهاية القرن
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
أشارت دراسة جديدة إلى أن العالم العربي سيشهد ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة، حيث ستصل إلى مستويات حرجة قبل عقدين أو 3 عقود من المناطق الأخرى، مما يضع العالم العربي في حالة ضغط مناخي شديد، الأمر الذي يؤثر بطبيعة الحال في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
لقد ارتفعت درجة الحرارة العالمية المتوسطة بشكل ملحوظ منذ عصر ما قبل الصناعة.
ولا تظهر التغيرات عبر المناطق المختلفة أي أنماط موحدة أو اتساق، وقد لوحظت تباينات إقليمية مذهلة في القطب الشمالي على سبيل المثال، حيث ترتفع درجات الحرارة بمعدل أسرع من المتوسط العالمي بمرتين إلى 4 مرات، كما شهدت شبه الجزيرة القطبية الجنوبية ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة (أكثر من 3 درجات مئوية في السنوات الـ50 الماضية).
كما ارتفعت درجات الحرارة في المناطق الصحراوية بمعدلات تتجاوز متوسط معدل الاحترار العالمي، خاصة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتشمل هذه المناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ووفقا للدراسة التي نشرت يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة "جي جيه أتموسفير"، قد تصل الزيادة في درجات الحرارة إلى 9 درجات مئوية بحلول عام 2100، مما يثير المخاوف بشأن احتمال عدم صلاحية أجزاء كبيرة من المنطقة للسكنى في غياب تدابير التكيف.
وتظهر البيانات أن أجزاء من شبه الجزيرة العربية والجزائر ترتفع درجات الحرارة فيها بنحو 3 أضعاف المتوسط. حتى في أفضل السيناريوهات لانخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في المنطقة بأكثر من 2.5 درجة مئوية. أما في سيناريو معتدل للانبعاثات، فقد تصل الزيادة إلى 3.41 درجات مئوية، مما يبرز ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة للحد من الانبعاثات عالميا.
تجاوز عتبات الاحترار العالمييقول المؤلف المشارك في الدراسة "جورجي ستينشيكوف" أستاذ فخري في علوم وهندسة الأرض في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بالسعودية، إن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستصل إلى عتبات الاحترار العالمية الرئيسية (1.5 درجة مئوية، درجتان مئويتان، 3 درجات مئوية، و4 درجات مئوية) قبل باقي العالم بفترة تتراوح بين عقدين و3 عقود.
ويضيف ستينشيكوف: "ويزيد هذا الجدول الزمني المعجل من الحاجة الملحة إلى إستراتيجيات التخفيف والتكيف المصممة خصيصا لمواجهة نقاط ضعف المنطقة".
ويوضح ستينشيكوف في تصريحات لـ"الجزيرة نت" "تشمل التحديات الرئيسية تفاقم ندرة المياه، وزيادة المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة، والتهديدات التي تواجه الزراعة. ويمكن لهذه التغيرات أن تدمر النظم البيئية المحلية وتفرض ضغوطا هائلة على الموارد بالنسبة للسكان الأكثر ضعفا، لا سيما في دول مثل العراق وسوريا والجزائر، المتوقع أن تواجه بعضا من أشد التأثيرات".
اعتمدت الدراسة على تقنيات متقدمة، حيث جمعت بين البيانات التاريخية ومخرجات من 26 نموذجا مناخيا عالميا عالي الدقة.
وأتاح هذا النهج الشامل تفاصيل مكانية غير مسبوقة، مما مكن من تقييم دقيق للاتجاهات الحالية والمستقبلية للاحترار. وعزز التحقق من صحة النتائج باستخدام البيانات الملاحظة من موثوقية التنبؤات، مما يجعل هذه النتائج أساسا قويا للنقاشات السياسية حول المناخ.
وتتوافق تلك النتائج مع عدة دراسات أخرى، منها مثلا دراسة في دورية "ساينتفك ريبورتس" عمل عليها الدكتورة ديانا فرانسيس والدكتور ريكاردو فونسيكا من جامعة خليفة في الإمارات، تتبعت التحولات المناخية في العالم العربي.
استخدم الفريق مزيجا من البيانات الرصدية ونماذج المناخ المتقدمة ووجدوا تغييرات كبيرة في مناخ المنطقة على مدى العقود الأربعة الماضية، مع توقع حدوث تحولات أكثر دراماتيكية بحلول نهاية القرن الـ21.
وكان أحد الاتجاهات الأكثر جذبا للانتباه الذي رصدته الدراسة، هو زيادة درجات حرارة الهواء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 1981 و2020، حيث ارتفعت درجة حرارة الهواء السنوية بمعدل 0.36 درجة مئوية لكل عقد.
وقد تبين أن درجات الحرارة ترتفع في الصيف بشكل أسرع، حيث ترتفع درجات الحرارة بمقدار 0.45 درجة مئوية لكل عقد.
في هذا السياق شهدت المنطقة بالفعل موجات حر قياسية، مثل يوليو/تموز 2023 عندما ارتفعت درجات الحرارة إلى 51 درجة مئوية في الجزائر، و49 درجة مئوية في تونس، و46 درجة مئوية في الأردن. هذه درجات الحرارة الشديدة خطيرة، وتؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، وأزمات صحية، وحتى الوفيات.
الأولويات السياسية والتكيف الإقليميويشدد المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة عبد الملك، باحث ما بعد الدكتوراه في علوم وهندسة الأرض بجامعة الملك عبد الله التقنية، في تصريحات لـ"الجزيرة نت" على الحاجة الملحة للتدخلات السياسية، مؤكدا الحاجة المزدوجة للتخفيف والتكيف.
ومن بين التوصيات المهمة التي يقترحها تحسين أنظمة إدارة المياه لمواجهة ندرتها المتزايدة، وتجهيز أنظمة الصحة العامة لموجات حرارة أكثر تواترا وشدة، والانتقال إلى مصادر طاقة متجددة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
كما يوصي عبد الملك باختبار ونشر تدابير تكيف مبتكرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي يمكن أن تكون نموذجا يحتذى به للمناطق ذات المناخ الحار في جميع أنحاء العالم، ويؤكد أهمية التعاون العالمي لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
ففي غياب هذه الالتزامات، تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -وبالتالي العالم بأسره- مجموعة من التحديات البيئية والاجتماعية.
ويلفت المؤلفون إلى أن تأثيرات تغير المناخ لن تكون موزعة بالتساوي في جميع أنحاء المنطقة. بينما يتوقع أن تواجه سلطنة عمان واليمن معدلات احترار أبطأ، فإن دولا مثل إيران والجزائر والمملكة العربية السعودية قد تشهد زيادات كبيرة في درجات الحرارة.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن ترتفع درجات حرارة الصيف في مصر بما يصل إلى 7.42 درجة مئوية في ظل السيناريوهات عالية الانبعاثات بحلول نهاية القرن. وتبرز هذه الاختلافات الحاجة إلى إستراتيجيات تكيف خاصة بكل دولة، حتى مع بقاء التعاون الإقليمي ضرورة أساسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشرق الأوسط وشمال أفریقیا منطقة الشرق الأوسط وشمال ترتفع درجات الحرارة الاحترار العالمی فی درجات الحرارة العالم العربی درجات مئویة درجة مئویة مئویة فی
إقرأ أيضاً:
حرائق ممتدة بعدة محافظات عراقية بالتوازي مع وصول درجات الحرارة لمستويات قياسية
تتواصل الحرائق في الاتساع في هور الحويزة في محافظة ميسان جنوبي العراق لليوم الثالث على التوالي، ما دفع السلطات العراقية إلى الاستعانة بطائرات مكافحة الحرائق الإيرانية لإخماد النيران.
واندلع الحريق بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في أغلب مدن البلاد خصوصا الوسطى والجنوبية، نصف درجة الغليان، الأمر الذي دفع مسؤولي الحكومات المحلية في هذه المنطقة إلى إعلان تعطيل الدوام الرسمي.
وذكر خبراء مناخ نقل عنهم مرصد العراق الأخضر، أن هنالك عناصر مشجعة على استمرار اشتعال النيران في تلك المنطقة، منها هبوب الرياح والجفاف التام للقصب ودرجة الحرارة العالية.
وأشار الخبراء إلى أن مثل هذه الحرائق حصلت في عام 2021 واستمرت 16 يوماً لحين إخمادها حيث استعانت الحكومة العراقية بنظيرتها الإيرانية من أجل إخماد الحرائق التي لا تزال مستمرة لليوم الثالث على التوالي، عبر الطائرات المحملة بالمياه.
ويُعد هور الحويزة جزءا من منظومة الأهوار الجنوبية المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ عام 2016، والتي تُعد موطناً بيئياً وثقافيا غنيا، وهو مهدد اليوم بمخاطر بيئية جسيمة نتيجة التنقيب والتجفيف والحرق.
وفي سياق متصل، أعلنت مديرية شرطة الغابات والبيئة في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، اندلاع حريق واسع في المناطق الجبلية الواقعة بين قريتي باخان وجافران التابعتين لقضاء قرە داغ، أسفر عن احتراق أكثر من 10 دونمات من المساحات الخضراء، شملت مساحات من الأشجار الطبيعية والمراعي والنباتات البرية.
وقالت المديرية في بيان إن "فرق شرطة الغابات هرعت فور اندلاع الحريق إلى موقع الحادث، وبمساندة فرق الدفاع المدني والأهالي المتطوعين من سكان القريتين، تمكنوا بعد جهود استمرت لساعات من السيطرة على النيران وإخمادها قبل أن تمتد إلى مساحات أوسع".
وأضافت أن "الخسائر اقتصرت على المساحات المزروعة ولم تُسجل أي إصابات بشرية"، مؤكدة أن "التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة الأسباب الرئيسة لاندلاع الحريق، فيما تواصل الفرق المتخصصة مراقبة المنطقة لضمان عدم تجدد النيران نتيجة الحرارة العالية والرياح في المنطقة الجبلية".
كما حذرت الجهات المعنية "المواطنين من إشعال النيران في المناطق الجبلية والغابات خلال هذه الفترة التي تشهد جفافا شديدا وارتفاعا في درجات الحرارة، لما تشكله من مخاطر كبيرة على البيئة والممتلكات".
ويعاني العراق من أزمة جفاف وشحٍ في المياه غير مسبوقة، إذ تعد البلاد واحدة من الدول الخمس في العالم الأكثر تضرراً من تداعيات التغيّر المناخي.
وتصدرت مدينة البصرة قائمة أعلى درجات الحرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضية، بعدما سجّل مطار البصرة الدولي 52.2 درجة مئوية، وفقاً لبيانات موقع "أوكيميت" المتخصص برصد الأحوال الجوية حول العالم.
وأظهرت القائمة أن 12 مدينة عراقية دخلت ضمن قائمة أكثر 15 منطقة حرارة على مستوى العالم، إلى جانب 3 مدن إيرانية، مما يعكس موجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة.