يمانيون:
2025-10-07@23:38:23 GMT

خذلان

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

خذلان

يحيى يحيى السريحي

إن هبوط منسوب الحرية في المجتمعات العربية والإسلامية أثر بشكل مباشر على الإنتاج الفكري، كماً ونوعاً، وتعطيل الفكر العربي والإسلامي جعل المتلقي عرضة للاستهلاك الفكري والمعلوماتي في مختلف المجالات بالطريقة البروباغندية. فهذه الظاهرة من التراخي مع العدو الصهيوني التي نعيشها اليوم ليست حالة طارئة أو وليدة الصدفة، بل هي مدبرة منذ عقود.

إن العقل والمنطق يقولان إنه طالما كان مصدر المعلومات خارجيًا، وطالما كانت النتائج مرتبطة بالمقدمات، فإن النتيجة هي ما نراه اليوم ونسمعه من حالة التبلد واللامبالاة المتفشية في الشارع العربي، وموقف الغالبية المتخاذل مما يحدث في غزة ولبنان منذ أكثر من عام. فقد ظهر على غالبية الشعوب العربية والإسلامية الأعياء الشديد، وكأنها أصيبت بشلل الأطفال المفضي للعجز، وهو مرض مزمن وخطير نال من هذه الأمة وأصابها في وطنيتها وقوميتها وتدينها.

واقع الأمة يؤكد أن الخذلان قد استوطنها، وتمكّن منها الخوف. الخوف من الحكام المتماهين مع العدو الصهيوني والأمريكان، والخوف على لقمة العيش وفقدان المنصب والوظيفة. الأمر نفسه ينطبق على النخبة التي كانت سابقاً الدينامو المحرك للحركة الشعبوية، وتحرير القرار السياسي من ديكتاتورية الحاكم المتسلط في أي دولة ومجتمع عربي وإسلامي. فقد كانوا صفوة المجتمعات، ومحل ثقة الشعوب، لكن الحاصل اليوم هو أن خوف هؤلاء النخبة قد نالهم من الخوف ما نال العوام، إن لم يكن خوفهم أكبر، خوف على مكانتهم الاجتماعية والرسمية، وفقدان المال الوفي، والعيش الرغيد، على عكس من سبقهم.

لقد ماتت الأمة بموت ضمائر العلماء والمثقفين، الذين جفت أقلامهم، وخفتت أصواتهم، وصار غالبية الناس بلا إحساس مما يجري لشعب غزة ولبنان المكلوم، وكأن لسان حال هؤلاء يقول إن قلوبهم قلوب واجفة. فما عادت تلك الأحداث المؤلمة التي تحدث كل يوم على شعب غزة ولبنان تؤلمهم، ولا صرخات واستغاثات الأطفال والنساء توقظهم، لأنهم ببساطة ميتون فقط يتنفسون، وأحياء فقط ليأكلوا ويشربوا ويتناكحوا.

أما بالنسبة للقادة العرب والمسلمين، فيكفيهم عقد تلك القمة العربية الإسلامية التي انعقدت واختتمت أعمالها في السعودية يوم الثلاثاء 12 نوفمبر. صحيح أن ظاهر القمة من أجل غزة ولبنان، غير أن باطنها هو محاولة لترميم الوجوه المتساقطة لأولئك الشخصيات وليس غير ذلك. أما رابعة الأثافي فهي ما حصل في اليوم التالي لانتهاء القمة، حيث افتتحت المملكة السعودية موسم الرياض بعري فاضح وانحطاط واضح، دون أدنى حياء أو مراعاة لما يحدث في غزة ولبنان من جرائم إبادة وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: غزة ولبنان

إقرأ أيضاً:

7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع

 

 

 

عباس المسكري

 

في حياة الأمم لحظات تصنع وعيها وتعيد تعريف شرفها، لحظات لا تمرّ كغيرها، بل تترك في الذاكرة أثرًا لا يُمحى، والسابع من أكتوبر كان تلك اللحظة الفاصلة التي بدّدت الضباب وكشفت الجوهر، فبان الصادق من المدّعي، والشريف من الخانع، إنه اليوم الذي تكلّم فيه الفعل، فصمتت الشعارات، وتهاوت الأصنام التي صُنعت من وهم القوة والخوف.

في ذلك اليوم، انقلبت موازين الفهم والقول رأسًا على عقب، وسقطت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" تحت أقدام الحقيقة، فإذا به جيشٌ أوهن من بيت العنكبوت، يتهاوى أمام عزيمة لا تُقاس بالعتاد، وما إن انكشفت هشاشته حتى هرع يستنجد بحلفائه، فلو لا مظلة أمريكا وسلاحها ومالها، لكان اليوم خبرًا من التاريخ لا أكثر، فلقد فضح السابع من أكتوبر زيف القوة المصطنعة، وكشف أن من يستقوي على الضعفاء لا يملك في داخله إلا الخوف.

ومن قلب غزة خرجت الحكاية، ومن أزقّتها المهدّمة انبعث المجد من جديد، هناك، في أضيق رقعة وأقسى حصار، وُلد رجال من نورٍ ودم، لا يعرفون الانكسار. مجاهدون جعلوا من أجسادهم سورًا يحمي كرامة الأمة، ومن إيمانهم وقودًا لا ينطفئ، هم أبناء الأرض والحق، سلاحهم يقينهم، وقوتهم في صدقهم، بصمودهم علّموا العالم أن الكرامة لا تُشترى، وأن النصر يولد من رحم الألم، لا من موائد المساومة.

لقد صار أبناء غزة عنوانًا للعزة، ورمزًا لكل عربيٍّ ومسلمٍ لا يرضى بالهوان، وفي كل خطوةٍ من خطواتهم تذكيرٌ للأمة بأن الشرف لا يُستورد، وأن البطولة قرارٌ لا شعار، نعم هناك، تحت القصف والجوع، كُتبت أنصع صفحات التاريخ بمدادٍ من دمٍ وصبرٍ وإيمانٍ لا يلين.

لكن ذلك اليوم لم يكشف ضعف العدو فحسب، بل فضح أيضًا زيف بعض من تزيّنوا بلباس الدين والسياسة، فخرجت أصوات تدّعي الورع وهي تلعن المقاومة وتكفّر المجاهدين، فأسقطها التاريخ قبل أن يسقطها الناس، لقد أرادوا أن يُطفئوا نور الصدق بفتاواهم، فإذا بهم ينكشفون أمام الله والخلق، أولئك الذين اصطفّوا إلى جانب الباطل خسروا مكانتهم، وذهبت هيبتهم أدراج الرياح، لأن الأمة بطبعها تعرف أن الحق لا يُحارب باسم الدين، وأن من يخذل المظلوم شريكٌ في ظلمه. لقد باءوا بغيظهم وحقدهم، وبقيت دماء الأحرار أصدق من كل خطبةٍ جوفاء.

مرّت سنتان، وما زال صدى ذلك اليوم يهزّ الضمائر، فلقد أعاد السابع من أكتوبر تعريف العزة في الوعي العربي والإسلامي، وأيقظ في الشعوب يقينًا كان يُراد له أن يموت، فصار ميزانًا يُعرف به الناس، من مع الأمة، ومن عليها، من اختار الكرامة، ومن باعها في سوق الخنوع، ذلك اليوم لم يكن مجرّد معركة، بل لحظة وعيٍ كبرى أعادت للأمة ثقتها بنفسها، وأثبتت أن من يتوكّل على الله لا يُهزم، مهما اشتدّ الحصار وتكاثر الأعداء.

سيبقى السابع من أكتوبر شاهدًا على أن الكرامة لا تموت، وأن الشرفاء مهما ضاق بهم الواقع لا ينكسرون، يومٌ كان عزًّا للأحرار، وفضيحةً للمتخاذلين، يومٌ فيه سقطت الأقنعة، وارتفعت الهامات، مرّت سنتان، وما زال وهجه يضيء القلوب، يذكّر الأمة أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الباطل، مهما علا، زائل، وسيظل السابع من أكتوبر تاريخًا لا يُنسى، ويومًا تعلّمت فيه الأمة من جديد كيف يكون الشرف، وكيف يُصان الحق بالدم لا بالكلام.

مقالات مشابهة

  • برلماني: الشراكة المصرية السعودية درع الأمة العربية وسند استقرارها الإقليمي
  • 7 أكتوبر.. اليوم الذي أسقط أسطورة القوة وفضح زمن الخضوع
  • روسيا تدعو 22 دولة وأمين عام الجامعة العربية لحضور قمة موسكو
  • انطلاق ندوة القمة الروسية العربية الأولى.. خطوة إستراتيجية لتعزيز مسيرة التعاون.. اليوم
  • العشري: صناعة الصلب العربية أمام مرحلة تحول محورية
  • قطر تُعلن حضورها القمة "الروسية العربية" في موسكو
  • يرلماني: مصر والسعودية صمام أمان الأمة العربية ودورهما التاريخي ثابت في دعم القضايا المشتركة
  • وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم.. أشهر مقولات فقيد الأمة العربية والإسلامية عن مصر والرئيس السيسي
  • سفير الصومال بالقاهرة: انتصارات أكتوبر المجيدة رمز للفخر والعزة في وجدان الأمة العربية
  • الوساطة بين الحق والباطل خذلان وخيانة