كيف ينعكس التعداد السكاني على الواقع السياسي في العراق؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
أثارت نتائج التعداد السكاني في العراق، العديد من التساؤلات عن كيفية تأثيرها على المشهد السياسي في البلد، الذي من المقرر أن يشهد انتخابات برلمانية في عام 2025، وبالتالي ضرورة إجراء تعديلات على القانون الانتخابي حتى يتناسب مع الواقع الجديد.
أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين، أن عدد سكان البلاد بلغ 45.
وينص الدستور العراقي الذي أقر في البلاد عام 2005، أن لكل مئة ألف مواطن نائب واحد يمثلهم في البرلمان، بمعنى أن عدد النواب سيرتفع من 329 نائب إلى 454، وذلك وفقا للزيادة الحاصلة النسبة السكانية.
تعديلات مطلوبة
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الانتخابي العراقي، سعد الراوي، لـ"عربي21"، إن "الدستور تضمن نسبة نائب لكل مئة ألف نسمة ، لكن استبعد أن ترفع عدد مقاعد البرلمان إلى أكثر من 450 مقعدا في الانتخابات البرلمانية المقبلة".
وعزا الراوي عدم إمكانية رفع عدد المقاعد إلى أن "الوقت غير كاف، وكذلك يتطلب الأمر تعديل قانون الانتخابات وفقا لنتائج التعداد السكاني، رغم أن هذا الخيار أسهل من تعديل الدستور".
وتابع: "من المقرر أن يعطينا التعداد السكاني، بيانات دقيقة عن عدد السكان لكل محافظة، وإذا لم يُرفع عدد مقاعد النواب فنحن بحاجة إلى تعديل ذلك بالدستور كونه ينص على تمثيل نائب لكل مئة ألف نسمة".
وأشار إلى أنه "في المرحلة السابقة أوقفوا عدد نواب البرلمان إلى 329 لحين إجراء تعداد سكاني، والآن وجد هذا الأمر، فهل ستمضي القوى السياسية في تعديل عدد المقاعد بناء على ذلك؟".
ولفت الراوي إلى أن "المحافظات المختلطة لن تتأثر في التمثيل السكاني بالبرلمان، ولاسيما العاصمة بغداد التي ربما يصل عدد مقاعدها إلى 100 مقعد، وإنما الكل ستزيد حصصها في البرلمان طبقا لزيادة عدد السكان التي أثبتها التعداد السكاني".
ورأى الخبير الانتخابي أن "المشكلة ليست في التعداد، وإنما في افتقار المشاريع السياسية الوطنية، والعزوف الكبير للناخبين عن المشاركة في الانتخابات، وخصوصا في مناطق النخب المثقفة ومراكز المحافظات".
وأردف: "على سبيل المثال قضاء المنصور غرب العاصمة بغداد، كانت نسبة مشاركته 18 بالمئة فقط في الانتخابات البرلمانية لعام 2021، وهذا تراجع كبير ممكن تعميمه على جميع مراكز المحافظات".
وخلص الراوي إلى أن "التمثيل البرلماني سيبقى ضعيفا إلى حين إيجاد مشاريع سياسية وطنية وبرامج انتخابية للأحزاب التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2025".
تداعيات محتملة
وفي السياق ذاته، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، معتز النجم إن "التعداد السكاني جاء للابتعاد عن التخمين والاحتمالات، أما انعكاسه على الواقع الانتخابي فإن غياب المهجرين والنازحين والمغتربين سيكون سلبيا على واقع المحافظات السنية".
وأوضح النجم لـ"عربي21"، قائلا: "إذا طبقت نتائج التعداد السكاني على الانتخابات المقبلة، فإنه يجب أن يكون عدد أعضاء البرلمان أكثر من 454 نائبا، لكن أعقد أنه لن يفعل إلى ما بعد دورتين انتخابيتين".
وأشار إلى أنه "عدم تفعيل نتائج التعداد السكاني في الانتخابات المقبلة يعود إلى عدم وجود إمكانيات مادية أو اتفاقيات سياسية، كذلك لن ينعكس على الموازنات المالية للإقليم أو المحافظات".
وتابع: إن "إقليم كردستان العراق عدد سكانه يصل إلى أكثر من 6 مليون نسمة، وإذا طبقنا التعداد فإن ميزانيته لن تصل إلى 10 بالمئة من الميزانية العامة للبلد، لكن الأمر مرتبط بالاتفاقات السياسية وليس الدستور".
وبرأي النجم فإن "تطبيق نتائج التعداد السكاني على الصعيد الانتخابي أو ما يتعلق بالموازنة المالية لا يمكن حصوله لأسباب اقتصادية، لأن البلد يعتمد على الاقتصاد الريعي أحادي الجانب (بيع النفط)".
وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، خلال مقابلة تلفزيونية، الاثنين، أن "الزيادة السكانية هذه ستؤثر بشكل كبير جدا على نسب تمثيل المحافظات وستطرأ خارطة للثقل السياسي في بعض المحافظات على حساب محافظات أخرى".
وأردف: "على اعتبار أن بعض المحافظات غير مكتملة من ناحية التعداد بسبب وجود نازحين ومهجرين، إضافة إلى عدم احتساب عراقيي الخارج، وهذه جميعها تؤثر على مستوى التمثيل السياسي لتلك المدن".
وأشار إلى أن "نسبة التعداد السكاني أظهرت وجود فئة شبابية تشكل نسبة 60 بالمئة من المجتمع، بالتالي ستؤثر ليس على مستوى التحالفات السياسية، وإنما على البرامج الانتخابية ومنهاج الأحزاب ومؤسسات الدولة حتى تؤثر في الناخب العراقي وخصوصا هذه الشريحة".
وبناء على ذلك، رأى الشمري، أن "القوى السياسية ستكون أمام إرادة ناخب تختلف بشكل كبير عما كانت عليه في السنوات السابقة".
وكان البلد الغني بالنفط يترقّب نتائج هذا التعداد، لا سيّما لأسباب تتعلق بالميزانية والتمثيل البرلماني للسكان.
وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حاليا 2.3 بالمئة، وذلك "نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق"، حسبما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق مهدي العلاق خلال مؤتمر صحفي، الأثنين.
وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة، بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات بعد الاحتلال الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم الدولة في 2014 إلى 2017 على أجزاء واسعة منه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية التعداد السكاني العراق بغداد العراق بغداد البصرة التعداد السكاني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
صورة تشرح الواقع.. استشهد جائعا يبحث عن لقمة حياة بغزة
في غزة، حيث تولد الصور من رحم الألم، وتحمل في تفاصيلها شهادات حية على فصول الإبادة، انتشرت صورة لشاب شهيد محمول على عربة مخصصة لنقل الطحين، لتجسد حجم الفاجعة التي يعيشها سكان القطاع منذ أكثر من 20 شهرا من حرب الإبادة المستمرة.
مشهد الصورة المنتشر لا يحتاج إلى شرح؛ جسد نحيل، أنهكه الجوع، ممدد على عربة لم تصنع لنقل الجثامين، بل لنقل ما بات اليوم أغلى من الأرواح: أكياس الطحين، بعد خروجه، كآلاف غيره، بحثا عن قوت يسند به جوع أسرته، فعاد شهيدا، ملفوفا بالقهر والخذلان.
اجتاحت الصورة منصات التواصل الاجتماعي، ولم تكن مجرد لقطة عابرة، بل أصبحت عنوانا يوميا للموت والجوع تحت حصار خانق وعدوان مستمر لا يرحم.
وقد أثارت موجة واسعة من الغضب بين المغردين الفلسطينيين والعرب، الذين عبروا عن صدمتهم واستنكارهم لاستمرار المجازر وتفاقم المجاعة في غزة.
وأكد مغردون أن الجيش الإسرائيلي يستدرج ويستهدف المجوعين في غزة بشكل متعمّد وممنهج، في استهداف مباشر للإنسانية، وانتهاك صارخ لكل قيمها، بينما يلتزم العالم الصمت، مكتفيا بدور المتفرج، وهو دور يرقى إلى المشاركة في الجريمة.
وأشار مغرّدون آخرون إلى أن الصورة لا تحتاج إلى تعليق؛ شهيد يُنقل على ما لا يشبه نقالة إسعاف، بجسدٍ هدّه الجوع، ووجوهٍ أنهكها الخوف والقهر، لافتين إلى أن هذا الجسد النحيل، الذي برزت عظامه من شدة الجوع، يُعد شاهدًا حيًا على ما يجري يوميًا في مراكز توزيع المساعدات الأميركية.
وأوضح آخرون أن هذا الشاب لم يكن أول شهيد يُنقل على عربة؛ فقد أنهك الجوع جسده، وأضناه نقص الغذاء والتغذية، بعد خروجه في محاولةٍ يائسة للحصول على شيءٍ يسدّ به جوعه، لكنه لم يعد بالطعام، بل عاد محمولًا شهيدًا إلى عائلته.
وكتب أحد النشطاء: "بطون خاوية ومجاعة قاتلة في غزة. لم تعرف الإنسانية شيئا كهذا من قبل. استُشهد جائعًا… يبحث عن لقمة حياة".
صورة لا تحتاج إلى شرح؛ شهيد يُنقل على ما لا يشبه نقالة إسعاف، بجسد نحيل هدّه الجوع، ووجوه أنهكها الخوف والقهر. pic.twitter.com/G8p42gAyEZ
— محمد حامد العيلة || Mohammed H. Alaila (@Moh_Aila) June 22, 2025
إعلانوأضاف آخر: "تفاصيل الصورة مؤلمة؛ جسد نحيل أنهكه الجوع، خرج يسعى خلف لقمة تسد رمقه وتطعم أهله، فعاد إلى أهله محمولًا جثة هامدة، وصدره ملتصق بجلده الرقيق".
المجازر تتكرر والمجاعة لا ترحم…
هذه إحدى عربات المساعدات في شمال غزة، كان من المفترض أن تعود محمّلة بالطحين، لكنها عادت بجثمان شهيد خرج بحثًا عن لقمة عيش تنقذ عائلته من الجوع. pic.twitter.com/NWMIv1eCAs
— بلال نزار ريان (@BelalNezar) June 22, 2025
وفي تعليقات أخرى، أكد مدوّنون أن عربات المساعدات في غزة من المفترض أن تعود محمّلة بالطحين، لكنها عادت بجثمان شهيد خرج بحثًا عن لقمة عيش تنقذ عائلته من الجوع، في ظل المجازر المتكررة ومجاعة لا ترحم.
وأشاروا إلى أن ذلك يحدث على مرأى ومسمع من العالم، ففي كل فجرٍ دامٍ يُسفك دم الأبرياء على أعتاب المساعدات، في رحلة يومية من الجوع والموت، حيث تحوّلت ما تُسمّى بـ"المساعدات الإنسانية" إلى مصيدة أميركية إسرائيلية.
وتساءل المدونون: "فأي إنسانية هذه؟ وأي عالمٍ هذا الذي يشاهد المذبحة اليومية ولا ينطق؟ إلى متى سيظل العالم متواطئا؟ إلى متى ستبقى أميركا تموّل القتل وتغلفه بورق مساعدات؟".
وفي السياق ذاته، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إحصائية رسمية تكشف عن حصيلة الضحايا جراء المجاعة الناتجة عمّا وصفه بـ"مصائد الموت" الإسرائيلية الأميركية، حيث بلغ إجمالي عدد الشهداء 450 شهيدا، إضافة إلى 3466 مصابا، في حين لا يزال 39 شخصًا في عداد المفقودين.