المرصد السوداني لحقوق الإنسان: الاعتداء على المحامية ازدهار واعتقال الصحفية رشا خرق للدستور والمعايير الدولية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
أدان المرصد السوداني لحقوق الإنسان بشدة تصاعد الانتهاكات الموجهة ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان، وكان آخرها حادثتين منفصلتين طالتا كلّاً من المحامية إزدهار جمعة والصحفية رشا حسن، وترتبط هذه الانتهاكات بالفساد المؤسسي واستغلال النفوذ
الخرطوم _ التغيير
وترتبط هذه الانتهاكات بالفساد المؤسسي واستغلال النفوذ، وتشكّل خرقاً واضحاً للحقوق الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي التزم بها السودان.
و أوضح المصدر أنه في 24 أكتوبر 2024، تعرضت المحامية وعضوة برلمان الولاية الشمالية السابقة، ازدهار جمعة، لجريمة اختطاف تبدو كأنها محاولة للتخلص منها. فبعد مغادرة ازدهار محكمة كريمة، اعترضت مجموعة مسلحة طريق السيارة التي كانت تقلّها مع ركاب آخرين. وتحت تهديد السلاح، جُرّت المحامية من السيارة وأُلقيت على الأرض ثم نُقلت إلى سيارة أخرى حيث تعرضت لضرب عنيف على وجهها وجسدها.
و توجّهت السيارة إلى منطقة خلوية تُدعى “وادي الضباع”، حيث تم ضربها بشكل وحشي، إذ لوى المعتدون يديها وحشوا فمها بقطعة بلاستيكية لمنعها من الاستغاثة، كما غطوا وجهها ورأسها بالكامل.
ووفقاً لإفادة المحامية، وجّه أحد المعتدين زملائه بعبارة “تموها بس”، ما يُظهر نية واضحة للتخلص منها. وبعد تسبيب إصابات بالغة، منها كسور في ذراعيها وإصابات في وجهها وعينها اليسرى، تُركت في حالة فقدان للوعي في المنطقة الخلوية.
ونوه المرصد إلى أنه بعد مرور أكثر من شهر على وقوع الحادث، لم يتم القبض على أي متهم، في حين وجهت الأستاذة إزدهار اتهاماً مباشراً إلى مسؤول محدد بوصفه المتهم الأول في الحادثة وفي محاولة التأثير على سير العدالة. كما ذكرت المحامية أن الجريمة ارتكبتها عناصر فاسدة في إحدى القوات النظامية سبق أن حركت ضدهم شكاوى تتعلق بجريمتي الابتزاز والنهب نيابة عن بعض موكليها.
و ازدهار جمعة محامية بارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وقد ترافعت في السنوات السابقة عن أشخاص تعرضوا للاعتقال والتعذيب، بما في ذلك الاعتداء الجنسي أثناء الاعتقال. وهذ الجريمة توقع مرتكبيها تحت طائلة القانون الجنائي لسنة 1991، وبالتحديد المواد 162 (الخطف)، المادة 142 (الأذى) والمادة 115 (التأثير على سير العدالة)، كما تعتبر انتهاكاً صريحاً للحصانة الممنوحة لها بموجب قانون المحاماة لسنة 1983.
اعتقال تعسفي
و في مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، تعرضت الصحفية رشا حسن لاعتقال تعسفي من قبل أفراد عرّفوا أنفسهم بأنهم يتبعون لـ”قوات العمل الخاص”، وهي جهة لا تتمتع بوضعية قانونية واضحة تخوّل لها الاعتقال أو التفتيش أو الاحتجاز.
وقد اعتقلت رشا أثناء تواجدها في محل لخدمات الإنترنت، حيث نُقلت إلى سوق الدويم واستُجوبت في الشارع تحت ظل شجرة.
خلال الاستجواب، تعرّضت الصحفية لضغط نفسي كبير، حيث أصر المحققون على تفتيش حقيبتها في الشارع العام وأقدمت سيدة أُحضرت لإجراء التفتيش على الضغط على قدمها بشكل مؤلم. بعد ذلك، نُقلت رشا إلى مقر الاستخبارات العسكرية حيث احتُجزت بصورة غير قانونية حتى اليوم التالي. وخلال التحقيقات، سُئلت عن علاقتها بتقارير منشورة بشأن قضايا فساد. كما سئلت عن مصادرها الصحفية وسبب تواجدها في مدينة الدويم.
و أوضح المرصد أنه تم أُطلق سراح رشا وقدّم لها قائد الاستخبارات العسكرية اعتذاراً عن المضايقات التي تعرضت لها، لكن بدون ضمانات كافية بعدم التكرار.
و أكد تقرير المرصد أن رجال الأمن استولوا على هواتف الصحفية رشا وفتشوها وتمكّنوا من استعادة الصور والبيانات المحذوفة والاطلاع عليها في تعدٍ صارخ على خصوصيتها وعلى عملها المهني.
وشدد المركز السوداني لحقوق الإنسان على أن هذه الإجراءات تنتهك بشكل فاضح الحماية والحقوق الممنوحة للصحفي/ة بموجب قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2014، حيث منحت المادة 28 منه الصحفي الحق في حماية مصادر معلوماته، والحماية من التعرض لأفعال غير مشروعة للتأثير على عمله، ومن القبض عليه بتهمة تتصل بممارسته لمهنته إلا بعد إخطار النقابة (ماعدا في حالة التلبس).
و قال المرصد :ارتكبت الحادثتين جهات أمنية في مخالفات صريحة لوثيقة الحقوق المضمنة في الوثيقة الدستورية 2019 (التي لاتزال سارية)، كما يتعارض هذا السلوك مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها السودان، مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المواد، 7 و9)؛ واتفاقية مناهضة التعذيب (المواد 2 و16 ).
و أكد المرصد السوداني لحقوق الإنسان، أن ظروف الحرب الاستثنائية التي تمر بها البلد، لا تخوّل للسلطات القائمة، محلية كانت أم اتحادية، إهدار حقوق المدنيين، أو كرامتهم، أو تهديد حياتهم بأي شكل من الأشكال. بل، على العكس، تتطلب ظروف الحرب الراهنة اهتماماً أكبر من قبل السلطات، بإعمال حقوق الإنسان خاصة بالنسبة للسكان المدنيين والعمل على حمايتهم وصون كرامتهم.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السودانی لحقوق الإنسان حقوق الإنسان الصحفیة رشا
إقرأ أيضاً:
المحامية إيمان الحيدر: من يتحمل المسؤولية القانونية لأخطاء الذكاء الاصطناعي؟
قالت المحامية إيمان الحيدر إن كل إنجاز تكنولوجي يؤدي إلى توسع الفجوة بين القدرة على اللحاق بالتقنية والتشريع، وبين ما يمكن للخوارزميات أن تفعله وما يمكن للقانون ملاحقته، ومع هذا الفراغ تتسرب الأخطاء ويصبح الذكاء الاصطناعي خصماً لا يمكن استجوابه ولا يمكن حبسه ولا حتى توجيه اللوم له. فقد أنجز الإنسان تقنية حديثة في العصر الحديث تسمى الذكاء الاصطناعي وفي هذه اللحظة فتح على نفسه باباً من الأسئلة الأخلاقية والقانونية التي تتحدى المفاهيم، ولم نعد أمام فاعلين بشريين تنسب إليهم الأفعال والخطايا بل أمام أنظمة تنتج قرارات تبدو مستقلة ولكنها تفتقر إلى الوعي والنية والضمير. وأكدت أن قطر تخطو بثقة نحو التحول الرقمي واقتصاد المعرفة، وتصبح هذه الأسئلة اليوم أكثر إلحاحاً، وحين يخطئ الذكاء الاصطناعي، يؤدي إلى إلحاق الضرر بالأفراد، والتشريع ليس مجرد أداة تنظيم بل أصبح ضرورة وجودية لضمان العدالة.
مخاطر قانونية متوقعة
وأوضحت أن أهم المخاطر القانونية المتوقعة في ظل استخدام الذكاء الاصطناعي والذي يشكل استخدامه تحديًا قانونيًا خطيراً ومتسارعاً، نظراً لتنوع المخاطر التي قد تترتب عليه. ومن أبرز هذه المخاطر انتهاك الخصوصية، حيث تقوم بعض الأنظمة بجمع البيانات وتحليلها دون موافقة صريحة من الأشخاص نفسهم،.
ومن التحديات مسألة المساءلة القانونية، إذ لا يزال من غير الواضح من يتحمل المسؤولية عند وقوع خطأ ناتج عن الذكاء الصناعي هل هو المطور أم المستخدم أم الشركة؟ يضاف إلى ذلك خطر انتهاك حقوق الملكية الفكرية، فضلاً عن التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني، مما يفتح المجال لاستخدام الذكاء الاصطناعي في أنشطة إجرامية أو تضليل إعلامي. وفي ضوء هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى أطر تنظيمية عاجلة وواضحة، وإلى تطوير تقنيات تراعي مبادئ المساءلة واحترام حقوق الأفراد.
وأوصت لتقليص الفجوة بإصدار قانون خاص بالذكاء الاصطناعي: يتضمن تعريفًا واضحًا، وتحديد المسؤوليات، وتنظيم استخدام البيانات، والالتزام بالشفافية والرقابة، وإنشاء هيئة وطنية للذكاء الاصطناعي والأخلاقيات التقنية تتولى وضع المعايير، ومراقبة الالتزام، ومنح التراخيص للتطبيقات عالية المخاطر.
تطوير أطر تنظيمية
و تبرز أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به «الوكالة الوطنية للأمن السيبراني» في دولة قطر، ليس فقط في حماية البنية التحتية الرقمية، بل أيضاً في التعاون في تطوير أطر تنظيمية وتشريعية تواكب المخاطر القانونية الجديدة الناتجة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووضع سياسات استباقية، وتوجيه كل المؤسسات نحو استخدام مسؤول وآمن للتقنيات، بما يضمن حماية الحقوق الأساسية وتعزيز الثقة في البيئة الرقمية، وتحديث قواعد المسؤولية المدنية والجنائية بإدراج قواعد جديدة تتناسب مع طبيعة الذكاء الاصطناعي، خصوصًا فيما يتعلق بالإثبات والتسبب غير المباشر في الضرر، والتدريب القضائي والتشريعي بهدف رفع كفاءة القضاة والمشرعين وتدريبهم لفهم الجوانب التقنية للذكاء الاصطناعي .
ومن التوصيات التعاون الإقليمي والدولي: الاستفادة من المبادرات الدولية، وتطوير اتفاقيات خليجية مشتركة لتنظيم الذكاء الاصطناعي.
واقترحت لمعالجة الأخطاء المتوقعة للذكاء الاصطناعي وضع تعريف قانوني موحد للذكاء الاصطناعي وتصنيف الأنظمة حسب خطورتها، ومن الضروري أن يبدأ أي تشريع بتحديد ماهية الذكاء الاصطناعي، وأنواعه، ومدى استقلاليته، وذلك بهدف تحديد نطاق تطبيق القانون بوضوح.
كما يجب على القانون أن يصنّف الأنظمة الذكية وفقًا لمستوى الخطورة (منخفض – متوسط – مرتفع)، بحيث تفرض ضوابط أكثر صرامة على التطبيقات عالية الخطورة، والأهم ضبط المسؤولية عند وقوع أخطاء في الذكاء الاصطناعي، ويجب أن يوضح القانون بشكل بسيط ودقيق من هو المسؤول قانونيًا عند حدوث خطأ في أنظمة الذكاء الاصطناعي، ؟ .
كما يمكن فرض آلية تأمين إلزامية على الشركات المطورة أو المشغلة للأنظمة الذكية، لضمان تعويض المتضررين من أخطاء الذكاء الاصطناعي، على غرار تأمين السيارات، ويجب مواءمة قانون الذكاء الاصطناعي مع قانون حماية البيانات الشخصية، بحيث لا تستخدم الأنظمة الذكية البيانات بشكل ينتهك الخصوصية أو يؤدي إلى التمييز غير المشروع.
وقالت: لتنفيذ إطار قانوني فعال للذكاء الاصطناعي، يُقترح تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء قانونيين وتقنيين وممثلين عن القطاعين العام والخاص لصياغة التشريع المناسب، كما يمكن إنشاء «صندوق للمخاطر التكنولوجية» لتعويض المتضررين، خصوصًا في الحالات التي يصعب فيها تحديد المسؤول، ويُستحسن تحديث المناهج القانونية في الجامعات، وتنظيم برامج تدريبية للقضاة والمحامين لتعزيز فهمهم للتقنيات الحديثة.
الشرق القطرية
إنضم لقناة النيلين على واتساب