بعدما نأى بنفسه على مدى نحو ستة أيام عن الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار التي بلغت ذروتها يوم الإثنين، مع سقوط أكثر من شهيد في غارات إسرائيلية استهدفت مناطق متفرّقة من الجنوب، بينهم أحد عناصر المديرية العامة لأمن الدولة، كسر "حزب الله" ما وُصِفت بسياسة "الصمت السياسي والإعلامي"، فاستهدف موقع رويسات العلم التابع لجيش العدو الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة.


 
وفي بيانٍ أصدره، وضع "حزب الله" هذا الاستهداف في سياق ما عدّه "ردًا دفاعيًا أوليًا تحذيريًا"، على إثر الخروقات المتكررة التي يبادر إليها العدو الإسرائيلي، والتي تتخذ أشكالا متعددة منها إطلاق النيران على المدنيين والغارات الجوية في أنحاء مختلفة من البلاد، إضافة إلى استمرار انتهاك الطائرات الإسرائيلية المعادية للأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، "وبما أن المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروقات لم تفلح"، بحسب تعبيره.
 
وعلى الرغم من أنّ عملية الحزب جاءت برأي كثيرين "مضبوطة ومحدودة"، قد تختصرها العبارة الختامية التي وردت في بيانه، وقوامها "أعذر من أنذر"، فإنّها أثارت مخاوف جدّية من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، وعودة الحرب من حيث انتهت، ولا سيما في ضوء التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين، والتي تقاطعت على اعتبار الأمر "خرقًا خطيرًا"، والتهديد بـ"ردّ قوي وقاسٍ"...
 
"رفع عتب"
 
على الرغم من أنّ عملية "حزب الله" في تلال كفرشوبا المحتلة تشكّل في مكانٍ ما خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنّ العارفين يرفضون اعتبارها بمثابة "استدعاء للحرب" من جديد، باعتبار أنّها جاءت "دفاعية"، لا "هجومية"، ردًا على الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة للاتفاق، والتي تجاوزت حتى ساعات ما بعد ظهر الإثنين الخمسين خرقًا، من دون أن يسجَّل ضغط "جدّي" على إسرائيل لوقفها من قبل الجهات الدولية، المفترض أن تكون ضامنة للاتفاق.
 
ويلفت هؤلاء العارفون إلى أكثر من معطى في ردّ "حزب الله"، يجعله أقرب إلى "الرسالة" منه إلى "الهجوم"، بينها أنّ الاستهداف جاء بصاروخين فقط، كما أنّه استهدف منطقة مفتوحة، أي أنه تعمّد عدم إيقاع الإصابات ولا حتى الأضرار، وهو ما اتضح أيضًا في بيان الحزب، الذي وضع العملية في إطار "الرد التحذيري الأولي"، ما يعني أنّه مجرّد "لفت نظر"، إن صحّ التعبير، من أجل وضع حدّ للخروقات والانتهاكات المتكرّرة.
 
أكثر من ذلك، ثمّة من يعطي ردّ "حزب الله" هذا بُعدًا مختلفًا قوامه "رفع العتب"، خصوصًا بعد الانتقادات التي وُجّهت للحزب على مدى الأيام الأخيرة، بتجاهل الخروقات الإسرائيلية بالمُطلَق، على الرغم من أنها تفرغ سردية "الانتصار" التي يتمسّك بها من مضمونها، بل هناك من يسجّل على الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّه في خطابه الأخير، لم يُشر إلى هذه الخروقات من قريب أو من بعيد، ما وضع الحزب برأي البعض في موقف ضعف.
 
ضغط على الجهات الدولية؟
 
في السياق نفسه، ثمّة من يرى في ردّ "حزب الله" الأولي على الخروقات الإسرائيلية محاولة للضغط على الجهات الدولية التي يفترض أنها ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، والتي لا يبدو أنها تمارس الضغوط الجدّية على إسرائيل لوقف خروقاتها المتكرّرة، على الرغم من الاتصالات التي يقوم بها لبنان في هذا الصدد، بانتظار أن تباشر آلية المراقبة المنصوص عليها في الاتفاق عملها رسميًا، بعد وصول رئيسها الأميركي إلى بيروت الأسبوع الماضي.
 
وإذا كان هذا البعد يكتسب أهميته في مكان ما، من خلال حثّ الجهات الدولية، ولا سيما الأميركية، على الضغط من أجل الحفاظ على ما تعتبره الإدارة الأميركية "إنجازًا لها"، تسعى لاستنساخه في قطاع غزة قبل انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن، وهو ما ترجم في حديث البنتاغون الذي سارع إلى التأكيد على أنّ الاتفاق "صامد" على الرغم من بعض "الحوادث"، فإنّ هناك من يخشى أن يتذرّع الإسرائيلي بالرد للانقلاب على الاتفاق بالمُطلَق.
 
لكنّ العارفين يستبعدون مثل هذا السيناريو، وإن كانوا يتوقعون أن يرفع الإسرائيليون السقف، خصوصًا أنّ الخروقات المتكرّرة شكّلت في مكانٍ ما محاولة لملاقاة الشارع الرافض للاتفاق، الذي وُصِف إسرائيليًا بـ"الاستسلامي"، ويشدّدون على أن كل المؤشرات تؤكد أنّ الخروقات ستبقى "موضعية" للاتفاق، وهو ما ألمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أساسًا بحديثه عن التصميم على مواصلة تطبيق الاتفاق، والرد على أي انتهاك لحزب الله.
 
في النتيجة، لا يُعتقَد أنّ اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل قد انهار كليًا بفعل عملية "حزب الله"، ولو عدّها الإسرائيليون الذين بادروا إلى خرق الاتفاق أساسًا، بـ"الاختراق الخطير" للاتفاق. لعلّ المعادلة الأرجح تبقى أن يُقابَل الخرق بخرق مضاد، من دون العودة إلى مسار الحرب بالمُطلَق، أو أقلّه هذا ما سيحاول الأميركيون ضمانه، بانتظار أن تبدأ آلية المراقبة عملها، لتستقيم الأمور معها، بصورة أو بأخرى!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مسيّرة إسرائيلية تلقي قنابل باتجاه جرافة جنوب لبنان

بيروت- ألقت طائرة مسيّرة إسرائيلية، الأربعاء 4 يونيو 2025، قنابل باتجاه جرافة بمحافظة النبطية جنوب لبنان، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن "مسيرة معادية ألقت على ثلاث مراحل قنابل باتجاه جرافة".

وأوضحت أن الجرافة "في منطقة السلطاني جنوب شرق بلدة يارون الحدودية بقضاء بنت جبيل (النبطية)".

وأضافت أن الهجوم لم يسفر عن إصابات، دون تفاصيل أكثر.

وفي وقت سابق الأربعاء، ذكرت الوكالة أن "زوارق إسرائيلية خرقت المياه الإقليمية اللبنانية متجاوزة الطفافات البحرية (أجسام عائمة توضح حدود المياه)، وطوقت زورق صيد كان على متنه شخصان".

وأضافت أن "القوات الإسرائيلية أقدمت على خطف أحد الصيادين، ويدعى (ع. ف)، واقتادته إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما أبقت على الآخر في المكان".

وخضع الصياد الثاني لتحقيق لدى مخابرات الجيش اللبناني، قبل أن يفرج عنه لاحقا، في حين لا يزال مصير الصياد الأول مجهولا، وفق الوكالة.

وحتى الساعة 17:30 (ت.غ) لم تصدر إفادة رسمية إسرائيلية بشأن الاختطاف.

وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح قرابة مليون و400 ألف شخص.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكبت إسرائيل آلاف الخروقات التي خلفت ما لا يقل عن 208 قتلى و501 جريح، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.

وفي تحد لوقف إطلاق النار انسحب الجيش الإسرائيلي جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال سيطر عليها في الحرب الأخيرة.

وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.

وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضي في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط يدين غارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية ويؤكد: خرق وقف إطلاق النار يهدد بإشعال الموقف
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • حماس: لم نرفض اقتراح ويتكوف وطلبنا بعض التغييرات لضمان إنهاء الحرب
  • البيوضي: تثبيت وقف إطلاق النار محطة من محطات مسار التغيير
  • زيلينسكي يتحدى الصمت الروسي ويطالب بمحادثات مباشرة.. هل سيُعيد بوتين حساباته؟
  • مسيّرة إسرائيلية تلقي قنابل باتجاه جرافة جنوب لبنان
  • واشنطن تبلغ دولة الاحتلال بأنها ستعارض مشروعا لوقف الحرب في غزة بمجلس الأمن
  • مشروع وقف إطلاق النار في غزة مهدد بالسقوط| وخبير يوضح
  • زيلينسكي يكشف عن مقترح قبل لقاء بوتين
  • محادثات إسطنبول وصعود تركيا الدبلوماسي