المطران ضاهر: عيد الشهيدة بربارة فرصة للعودة إلى ذواتنا
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
ترأس المدبر البطريركي للروم الملكيين الكاثوليك في بعلبك الهرمل المطر ان أدوار ضاهر القدس الإلهي في كنيسة القديستين بربارة وتقلا في مدينة بعلبك، بمناسبة عيد القديسة بربارة، وعاونه الأب مروان معلوف، الأب شربل طراد، والنائب الأسقفي في مطرانية بعلبك الأب يوسف شاهين، في حضور رئيسة دير جبولة الأخت جوسلين جمعة، مديرة مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في بعلبك ديما شبيب، وحشد من أبناء الأبرشية.
وقال المطر ان ضاهر في عظته: "أيّها الأحبّاء، أشكر الله على نعمة اللقاء بكم، في هذه الرعيّة المباركة، رعيّة القدّيسة بربارة، التي نحتفل بعيدها اليوم، خاصة بعد الأحداث الأليمة التي عصفت ببلدنا الحبيب لبنان، وبمنطقة بعلبك وجوارها. في هذا اليوم المبارك، نجتمع معا في كنيسة القديسة الشهيدة بربارة التي تحمل اسمها، لنستذكر حياتها العظيمة وإيمانها الراسخ. ولدت القديسة بربارة عام 284، في زمن كان فيه الاضطهاد ضد المسيحيين في أوجه، واستشهدت عام 305 على يد والدها نفسه، بعد أن رفضت عبادة الأصنام، وأعلنت بكل شجاعة إيمانها بالمسيح المخلص".
وأشار إلى أن"بربارة، تلك الشابة التي عاشت في قصرها الفاخر، لم تكتفِ بملذات الحياة، بل بحثت عن الإله الحقيقي. وعندما عرفته، حطمت كل الأصنام في حياتها وأعلنت إيمانها دون خوف. رفضت إغراءات الوالي ومحاولاته لجعلها تتراجع عن تكريس حياتها للمسيح، وكانت مستعدة للشهادة من أجله، حتى على يد أقرب الناس إليها".
وتابع: "نحن مدعوون اليوم لنتأمل في حياتها ونتعلم منها الشجاعة في مواجهة أصنام عصرنا. ولنسأل أنفسنا: ما هي الأصنام التي تسيطر على حياتنا المعاصرة؟ هل هي عبادة الجسد والانسياق وراء الشهوات؟ هل هي التعلق بالمظاهر الزائفة وقلة الحشمة؟ هل هي الأنانية وعبادة المال على حساب العدل والمحبة؟ هل هي فساد الحكام والمسؤولين والتباري في سرقة المال العام؟ أم هي القسوة وغياب الرحمة وشن الحروب على الأبرياء؟".
ورأى أن "دعوة القديسة بربارة لنا اليوم هي أن نحطم هذه الأصنام ونعود إلى الإيمان الصادق بالله، إلى المحبة الحقيقية التي تجسدها الحياة المسيحية".
وقال: "جميعنا يعلم أن لهذا العيد تقاليد وعادات شعبيّة تناقلها المسيحيّون منذ أجيال وأجيال، ومنها عادة التنكّر بلبس الأقنعة. التنكّر بلبس الأقنعة هو أن يُخفي المرء وجهه الحقيقيّ بوجه مستعار بحيث لا يعود يعرفه من يراه، والتنكّر بالتالي هو أن يخفي المرء حقيقته ويُظهر للناس حقيقة أخرى غير صحيحة".
أضاف: "إنّ المسيحي مدعو إلى أن يتنكّر، إلى أن يلبس قناعًا، لكنّ هذا القناع ليس إلاّ يسوع المسيح عينه كما يقول لنا الرسول بولس: "أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم"، وكما يقول لنا المسيح نفسه: "من أنكرني قدّام الناس فإنّي أنكره قدّام أبي الذي في السماوات" (متّى 10: 33)، أي إنّ الذي يلبس وجهًا ويُظهر للناس وجهًا غير وجه المسيح فإنّ المسيح لن يُظهر وجهه لله، أي لن يتعرّف عليه ولن يعترف به قدّام الله".
وأكد أن "عيد الشهيدة بربارة مناسبة نرجع فيها إلى ذواتنا لنرى ما الوجه الذي نرتديه، ما القناع الذي نضعه على وجوهنا، ماذا نُخفي عن الناس وماذا نُظهر للناس. إنّ عيد البربارة يسألنا هل نحن صادقون، نسلك بشفافية، نقول للنعم نعم وللاّ لا، أم نحن كاذبون مخادعون مراؤون، لنا وجهان، وجه باطنيّ ووجه خارجيّ".
تابع: "عيد الشهيدة بربارة فرصة نرجع فيها إلى ذواتنا لنرى خصوصًا هل نحن نلبس وجه يسوع أم وجهًا آخر، هل نعكس صورة يسوع أم صورة غيره، هل نستبدل وجهنا بوجه يسوع أم بوجه آخر؟ هل فكّرنا يومًا أن نسعى لكي نضع على وجهنا قناعًا هو وجه الشفيع الذي نحمل اسمه؟ وبتعبير آخر، هل فكّرنا أن نقتدي بسيرة هذا القدّيس الذي سُمّينا باسمه ونطلب شفاعته؟ اليوم عيد الشهيدة بربارة، فلنحاول أن نتأمّل في سيرتها البطوليّة، أن نستشفّ روحانيّتها العميقة، أن نستقرىء إيمانها القويّ. على هذا النحو نكون لبسنا وجهها واحتفلنا حقًّا بعيدها".
وتقدم "بالمعايدة من الأرشمندريت يوسف شاهين النائب الأسقفي العام، ومن كاهن الرعية الأب مروان معلوف. ومن الأخوات الراهبات وكل من يحمل اسم القديسة بربارة أو يطلب شفاعتها، ومن المجلس الراعوي والجوقة وأبناء الرعية، ومع المعايدة نشكر الله على توقف الحرب العنيفة التي مرت على بلدنا لبنان، وخصوصًا على منطقتنا ومدينتنا بعلبك، راجين أن يحل السلام في قلوبنا، وفي العالم أجمع، كما نصلي لأجل راحة نفوس الشهداء الأبرياء الذين ضحوا بدمائهم الطاهرة، ونتضرع من أجل الشفاء العاجل لجميع الجرحى والمتألمين الذين يعانون من تبعات هذه الحرب. لنتذكر كلمات السيد المسيح: "أنتم نور العالم. أنتم ملح الأرض. من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه كل يوم".
وختم: "عالمنا اليوم بحاجة إلى مؤمنين شجعان، مستعدين أن يكونوا شهودًا حقيقيين للمسيح، الذي هو الطريق والحق والحياة. شفاعة القديسة بربارة فلتكن معنا، ولتكن حياتها مثالاً نحتذي به في إيماننا اليومي .والشكر الكبير لله تعالى أبي الأنوار الذي منه كلّ عطيّة صالحة وكلّ هبة كاملة. آمين".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القدیسة بربارة
إقرأ أيضاً:
اليوم العالمي للنحل..أعظم الملقحات التي تطعم العالم
يُبرز اليوم العالمي للنحل الذي يأتي هذا العام تحت شعار "النحل مُلهم من الطبيعة ليغذينا جميعا"، الأدوار الحاسمة التي يلعبها النحل في السلسلة الغذائية للبشرية، وصحة النظم البيئية لكوكب الأرض، بما يشير إلى أن فقدان النحل سيجعل العام يخسر أكثر بكثير من مجرد العسل.
ويواجه النحل وغيره من المُلقّحات تهديدات متزايدة بسبب فقدان موائلها، والممارسات الزراعية غير المستدامة، وتغير المناخ والتلوث. ويُعرّض تناقص أعدادها إنتاج المحاصيل العالمي للخطر، ويزيد من تكاليفها، ويُفاقم بالتالي انعدام الأمن الغذائي العالمي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تراجع أعداد النحل والملقّحات تهدد مصادر الغذاءlist 2 of 4ماذا يحدث للبيئة والبشر إذا اختفى النحل؟list 3 of 4أعجوبة النحلة الطنانةlist 4 of 4دراسة: جزيئات البلاستيك لها أثر مدمر على النحل والملقّحاتend of listوحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) هناك أكثر من 200 ألف نوع من الحيوانات تصنف ضمن المُلقّحات غالبيتها العظمى برية، بما في ذلك الفراشات والطيور والخفافيش وأكثر من 20 ألف نوع من النحل، الذي يعتبر "أعظم الملقحات".
ويعدّ التلقيح أساسيا لأنظمة الأغذية الزراعية، إذ يدعم إنتاج أكثر من 75% من محاصيل العالم، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور. بالإضافة إلى زيادة غلة المحاصيل.
كما تُحسّن الملقّحات جودة الغذاء وتنوعه، وتُعزز حماية الملقحات التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية الحيوية، مثل خصوبة التربة، ومكافحة الآفات، وتنظيم الهواء والماء.
حسب بيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يتم الحصول على 90% من إنتاج الغذاء العالمي من 100 نوع نباتي، ويحتاج 70 نوعا منها إلى تلقيح النحل.
إعلانوأظهرت الدراسات أن الحشرات غير النحل لا تُمثل سوى 38% من تلقيح المحاصيل، مقابل أقل من 5% من تلقيح المحاصيل بالنسبة للفراشات، ويسهم تلقيح الطيور بأقل من 5% من الأنواع المزهرة حول العالم و1% للخفافيش.
وتبلغ تكلفة التلقيح الاصطناعي أعلى بـ10% على الأقل من تكلفة خدمات تلقيح النحل، وفي النهاية لا يمكننا تكرار عمل النحل بنفس الجودة أو الكفاءة لتحقيق نفس الإيرادات.
وعلى سبيل المثال، تتراوح تكلفة تلقيح هكتار واحد من بساتين التفاح في الولايات المتحدة ما بين 5 آلاف و7 آلاف دولار ومع وجود ما يقارب 153 ألفا و375 هكتارا من بساتين التفاح في جميع أنحاء البلاد، ستصل التكلفة إلى نحو 880 مليون دولار سنويا، بالنسبة لحقول التفاح فقط.
وعموما، تمثل الملقحات الحشرية ما يقارب 35% من إجمالي الإنتاج الغذائي العالمي، ويتولى نحل العسل 90% من عبء هذا العمل.
يتعرض النحل والملقحات الأخرى فعليا لتهديد متزايد جراء الأنشطة البشرية مثل استخدام مبيدات الآفات، والتلوث البيئي الذي يشمل جزيئات البلاستيك والتلوث الكهرومغناطيسي (ذبذبات أبراج الاتصالات والهواتف المحمولة وخطوط الكهرباء)، والأنواع الغازية لموائله، والتغير المناخي. ورغم أن الصورة البارزة تشير إلى وضع كارثي يتعلق بتعداد النحل العالمي.
لكن تحليل البيانات التي وردت في نشرة منظمة الفاو تظهر أن فكرة انهيار أعداد النحل عالميا ليست دقيقة تماما، لكن مع ذلك يبقى مستقبل أعداد النحل العالمية غير مؤكد تماما.
وتشير البيانات إلى أن أعداد النحل في بعض الدول الآسيوية تشهد تزايدا مطردا، بينما تواجه في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية بشكل عام تحديات كبيرة في العقود الأخيرة، بسبب تدمير الموائل، والتعرض للمبيدات الحشرية، وتغير المناخ، والأمراض، والطفيليات.
إعلانويعود تزايد أعداد النحل في آسيا إلى التنوع الطبيعي في القارة، والمناخ المعتدل، وتقاليد تربية النحل العريقة، وازدهار تربية النحل التجارية، وعلى سبيل المثال عززت الصين، أكبر منتج للعسل في العالم، أعداد نحل العسل لديها بشكل كبير لتلبية الطلب العالمي.
وإذا اعتمدت المناطق التي تواجه تدهورا سياسات أكثر صرامة للحفاظ على النحل وممارسات زراعية مستدامة، فقد تُسهم في استقرار أعداد النحل، بل وتعزيزها، في السنوات القادمة. في الوقت نفسه، يجب على الدول التي تشهد تزايدا في أعداد النحل أن تظلّ متيقظة للتهديدات الناشئة لحماية إنجازاتها.
ويعتمد مستقبل النحل -الذي خصص في 20 مايو/أيار سنويا كيوم عالمي له- على قدرة البشر على التكيف والابتكار وحماية موائله. فبدلا من التركيز فقط على حالات التناقص، ينبغي دراسة ومحاكاة قصص تكاثره وانتعاش موائله في مناطق مختلفة من العالم.
وتُساعد الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة، مثل الزراعة البينية، والزراعة الحراجية، والإدارة المتكاملة للآفات، وحماية الموائل الطبيعية، وتوفير مصدر غذائي ثابت ووفير للنحل في استدامة الملقحات، مما يضمن استقرار توفر المحاصيل وتنوعها، ويُقلل من نقص الغذاء والآثار البيئية.
وتعزز الجهود المدروسة لحماية الملقحات في نهاية المطاف الحفاظ على مكونات أخرى من التنوع البيولوجي، مثل مكافحة الآفات، وخصوبة التربة، وتنظيم الهواء والماء. وإنشاء أنظمة زراعية غذائية مستدامة، يلعب النحل دورا بارزا فيها.