عكست معالم الحركة السياسية في كواليس المسار الرئاسي تصاعداً كبيراً لحمى الاتصالات، والتي بدا العامل الأكثر إثارة للانشداد فيها هو السعي المتعدد الاتجاهات إلى انطلاق مسار مشاورات حتى بين القوى المتعارضة والمتخاصمة سعياً إلى تقارب في طرح أسماء مرشحين "توافقيين" ينتخب أحدهم بأكثرية كبيرة وإلا الاتفاق على أن تكون الجلسة حاسمة بحيث تتحول إلى جلسة بدورات مفتوحة ولو أدت إلى انتخاب رئيس بالأكثرية العادية.



وكتبت" النهار": وترصد الأوساط السياسية والديبلوماسية ما تردّد عن "فاتحة" هذه الحمى بلقاء بين وفد من نواب "كتلة الجمهورية القوية" ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالتوازي مع لقاء متوقع بين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إذ أن من شأن هذه التحركات أن تنقل المسار السياسي المأزوم إلى نقلة جديدة تطل على مرحلة ما بعد الحرب والاستعداد للجلسة الانتخابية. ومع ذلك، فإن المطلعين على معالم الاطلالة على مرحلة تقريرية وحاسمة للاستحقاق الرئاسي بعد طول تعطيل لانتخاب الرئيس يلفتون إلى تعقيدات كبيرة تقف دون الافراط في التفاؤل أو اطلاق توقعات استباقية، إذ أن حسابات ما بعد الحرب تداخلت بقوة مع ملف طرح أسماء المرشحين الجديين وربما تكون الأمور أمام خلط واسع جداً للاوراق والأسماء خصوصاً بعدما ثبت أن الدول المعنية برعاية اتفاق وقف النار كما الدول المعنية بالوضع اللبناني بدأت تتداول بجدية حاسمة أسماء مرشحين وتجري استقصاءات حيالهم تمهيداً لبلورة مواقفها الوشيكة من الاستحقاق.

ولذا أثارت تصريحات جديدة لمستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط  مسعد بولس حول الانتخابات الرئاسية تساؤلات إضافية حيال عدم جزمه بالانتخاب في جلسة 9 كانون الثاني إذ قال في حديث لمجلة "لوبوان" الفرنسية: "أعتقد أن لديهم الوقت. في 9 كانون الثاني سيكون قد مر عامان وشهران على شغور منصب الرئاسة. برأيي، يمكن للبنانيين الانتظار شهرين أو ثلاثة إضافيين لإنجاز الأمور بشكل صحيح وفي إطار اتفاق شامل. لا يجب التسرع لانتخاب أي شخص بشكل عشوائي. يجب الحرص على ضمان مشاركة الأغلبية المطلقة لممثلي الشعب اللبناني، وليس الاكتفاء بانتخاب رئيس بأغلبية 65 صوتًا فقط". كما شدّد على "تحديد رؤية واضحة بشأن تشكيل الحكومة، ومعرفة من سيرأسها، وما هي الأحزاب التي ستكون ممثلة فيها، وما هو برنامجها لإعادة الهيكلة، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والمالي. وأخيرًا، يجب ضمان تمثيل المعارضة، التي تشكل اليوم نحو نصف البرلمان، بشكل جيد".

وكتبت" الاخبار": وسطَ تساؤلات عن أسباب دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة انتخاب رئاسية في 9 كانون الثاني، ومع تأكيده وقيادات من كل القوى أن الجلسة ستشهد نهاية فترة الشغور، أكّدت مصادر مطّلعة أن «الكلام شيء والواقع شيء آخر، ولا مؤشرات إلى أن ثمة ما هو مخطّط له». وأوضحت أنه «في الإطار العام، هناك شعور بتغيّر ما في مقاربة الملف الرئاسي وشبه قناعة بضرورة انتخاب رئيس تحسّباً للفترة المقبلة مع بدء حقبة دونالد ترامب الذي قد تشهد المنطقة في عهده تحولات كبيرة، وبالتالي ما هو متاح اليوم قد لا يكون متاحاً غداً». وتقدّر المصادر المتاح اليوم بالموقف السياسي الذي تبدّل بعد الحرب، إذ إن «الجميع أو الغالبية يشعرون بخطر حقيقي داخلي وخارجي متعلق بالانقسام السياسي، واستمرار الخطر الإسرائيلي جنوباً والخطر الذي استجدّ شمالاً من سوريا»، وهذا ما «دفع هذه الجهات إلى عادة النظر في مقاربتها للملف وقد تجد نفسها مضطرة إلى تقديم تنازلات والتراجع عن أسماء دعمت ترشيحها سابقاً».

وفي هذا السياق، علم أن هناك حراكاً جدياً سعياً للاتفاق على شخصية توافقية لأن الظروف لا تسمح بانتخاب رئيس ينتمي إلى طرف بعينه. ويدخل في هذا الإطار الحراك الذي يقوم به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على القيادات السياسية والمرجعيات الروحية، فيما كشفت مصادر بارزة أن النائب السابق وليد جنبلاط يستعد للقيام بجولة مشابهة، وأنه سيزور معراب للقاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع للبحث عن اسم توافقي.لكن على ما يبدو من المداولات، فإن مهمة الاتفاق تبدو شاقة، حتى ضمن فريق المعارضة الذي لم يتفاهم حول اسم معيّن، وهو سيُبقي اجتماعاته مفتوحة، وفقَ ما اتفقت عليه قوى هذا الفريق في اجتماع معراب أولَ أمس.
لكن ماذا عن الفريق الآخر، وهل تخلّى عن دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية؟ هذا الدعم، بحسب ما تؤكد المعلومات، «لا يزال قائماً وسيبقى إلى حين التوصّل إلى اتفاق على اسم تسووي، وفي حال لم تفض المشاورات في الأسابيع الفاصلة عن موعد الجلسة إلى نتيجة، سينزل الفريق الداعم لفرنجية إلى المجلس ويصوّت له ضمن تنافس ديمقراطي على أن لا تقفل جلسة الانتخاب الأولى، ويصار بعدها إلى عقد عدة دورات متتالية، حتى انتخاب رئيس»، علماً أن فرنجية هو المرشح الذي يحظى حتى الآن بأكبر كتلة من الأصوات (51 صوتاً) قد تزيد لكنها حتماً لن تنقص.
ويبدو لافتاً تعمّد الجميع الحديث عن جلسة الانتخاب باعتبارها الموعد الفصل، كقول نائب رئيس مجلس النواب، الياس بو صعب، بعد لقائه الرئيس بري أمس، إن «جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قائمة بتاريخها في 9 كانون الثاني المقبل، والجلسة ستظل قائمة حتى خروج الدخان الأبيض وانتخاب رئيس»، بما يوحي وكأنّ هناك ضغطاً خارجياً للقيام بالخطوة.
وكان الملف الرئاسي بنداً أساسياً في اللقاء الذي جمع سفير مصر في لبنان علاء موسى مع نواب كتلة «الاعتدال الوطني» الذين قالت مصادرهم إن موسى أكّد دعم بلاده لجهود إنهاء الفراغ وتحدّث عن الجهد الذي تقوم به دول «الخماسية» في هذا الإطار.
مع ذلك، لم تخلُ الساحة من المشكّكين الذين اعتبروا أن دعوة بري لجلسة انتخاب «كانت لهدف ما، وخصوصاً دعوة السفراء لحضورها، فبري تقصّد ذلك لإحراج الجميع والقول إنه كرئيس للمجلس يقوم بما يتوجب عليه لكنّ الكتل السياسية لا تفعل ما هو مطلوب منها». ويقول هؤلاء إن «هناك صعوبة في الانتخاب، فحتى اللحظة لم يضمن أيّ من المرشحين 65 صوتاً، وميزان القوى في مجلس النواب لم يتغير، ما يعني أن الأمور لا تزال على ما كانت عليه»، بينما «الجو الخارجي لا يبدو داعماً لانتخاب رئيس». وكشفت المصادر أن «الموقف الأميركي وهو الأساسي، يحمل إشارات متناقضة، حيث نُقِل عن مسؤولين في السفارة الأميركية في بيروت تأكيدهم أن إدارة بلادهم تدعم انتخاباً فورياً»، وهو ما يتناقض مع ما يكرره مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، الذي قال في حديث إلى صحيفة «لوبوان» الفرنسية إنه «يجب ألا نتسرع في انتخاب أحد مهما كانت الطريقة»، معتبراً أنه «بإمكان اللبنانيين الانتظار شهرين أو ثلاثة أشهر أخرى لتصحيح الأمور، في إطار اتفاق دولي شامل، يتضمن الإصلاحات اللازمة لإعادة بناء البلاد ومؤسساتها». وحين سئل «جماعة السفارة» عن تصريحات بولس، قالوا إن «لا أجواء وصلتنا من هذا القبيل».
أما داخلياً، وفيما تحاول بعض الجهات الإيحاء بوجود أسماء يجري التكتم عليها، قالت مصادر في «المردة» إن فرنجية «لن يسحب ترشيحه ولو بقي له صوت واحد»، مؤكدة أنه «لم يتبلّغ لا من بري ولا من حزب الله تراجعاً عن دعم ترشيحه، وفي حال حصول ذلك فهذا لن يؤثّر على العلاقة معهما. فأمام التضحيات التي قدّمتها المقاومة لا يُمكن لأحد أن يزايد عليها». وتساءلت المصادر: «هل المهم استبعاد فرنجية من الواجهة حتى لو لم يكن السبيل سوى انتخاب رئيس صف عاشر؟ وهل الأسماء التي تُرمى من هنا وهناك لديها تمثيل وحيثية أكثر من فرنجية؟»، مؤكدة أنه «في كل الأحوال لن يتراجع عن ترشيحه».
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: کانون الثانی مجلس النواب انتخاب رئیس

إقرأ أيضاً:

مساع بالكونغرس لمنع ترامب من التدخل بحرب إسرائيل وإيران

طرح سيناتور ديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي -الاثنين- تشريعا لمنع الرئيس دونالد ترامب من استخدام القوة العسكرية ضد إيران دون تفويض من الكونغرس، كما دعا نائب جمهوري النواب للمشاركة في رعاية قرار منع التدخل في الحرب ضد إيران.

ويحاول السيناتور تيم كين، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فرجينيا، منذ عدة سنوات استعادة سلطة الكونغرس في مسألة إعلان الحرب من البيت الأبيض.

وفي 2020 خلال فترة ولاية ترامب الأولى، طرح كين تشريعا مماثلا لكبح جماح ترامب في ما يتعلق بشن حرب على إيران، وحظي بتأييد في مجلسي الشيوخ والنواب بدعم من بعض الجمهوريين، لكنه لم يحصل على الأصوات الكافية ليتغلب على حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه الرئيس.

وقال كين إن التشريع الأحدث الذي طرحه بشأن صلاحيات الحرب يؤكد أن الدستور الأميركي يمنح الكونغرس وحده، وليس الرئيس، سلطة إعلان الحرب، ويقضي بأن الدخول في أي أعمال قتالية مع إيران يجب أن يكون عبر إعلان حرب أو تفويض محدد باستخدام القوة العسكرية.

وذكر كين -في بيان- أنه "ليس من مصلحة أمننا القومي الدخول في حرب مع إيران، إلا إذا كانت تلك الحرب ضرورة لا مفر منها للدفاع عن الولايات المتحدة، يساورني قلق بالغ من أن أحدث تصعيد في الأعمال القتالية بين إسرائيل وإيران سرعان ما سيجر الولايات المتحدة إلى صراع آخر لا نهاية له".

من جهته، كتب النائب الجمهوري توماس ماسي -على منصة إكس- تعليقا بعد تدوينات الرئيس ترامب حول إيران، قال فيها إن هذه "الحرب ليست حربنا"، مضيفا "إذا كان الأمر كذلك، فيجب على الكونغرس أن يقرر مثل هذه الأمور وفقا لدستورنا".

وتابع ماسي، إنه سيقدم "قرارًا ثنائيا بشأن صلاحيات الحرب لمنع التدخل"، داعيا جميع أعضاء الكونغرس إلى المشاركة في رعاية هذا القرار.

https://x.com/RepThomasMassie/status/1934749340813476204

وبموجب القانون الأميركي، تحظى تشريعات صلاحيات الحرب بأولوية النظر، وهو ما يعني أن مجلس الشيوخ سوف يكون ملزما بالبت في المسألة والتصويت عليها على الفور.

إعلان

كما اتهم السيناتور بيرني ساندرز -عضو مجلس الشيوخ عن فيرمونت- إسرائيل باختيار توقيت هجومها على إيران بهدف تقويض المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني التي كانت مقررة يوم الأحد، داعيا واشنطن إلى تجنب الصراع.

وعبر السيناتور الجمهوري راند بول -عضو مجلس الشيوخ عن كنتاكي- عن أمله في ألا يستسلم ترامب للضغوط للتدخل، وأضاف في تصريحات لشبكة "إن بي سي" أن "مهمة الولايات المتحدة ليست التورط في هذه الحرب".

وقال النائب الجمهوري توماس ماسي من كنتاكي -عبر منصة إكس- إن "هذه ليست حربنا، لا ينبغي لنا استخدام جيشنا هنا".

لكن معظم زملاء ترامب في الحزب الجمهوري الذي يسيطر على الكونغرس لم يظهروا رغبة كبيرة في معارضة الرئيس ترامب، ومن المرجح أن يدعموه إذا قرر الانخراط أكثر في الصراع الإسرائيلي الإيراني.

مقالات مشابهة

  • غراندي: أكثر من مليوني لاجئ عادوا إلى سوريا منذ كانون الأول
  • رئيس بورفؤاد: حملات مكثفة لمجابهة فارزي القمامة تحت ستار الليل | صور
  • انتخاب الرميح رئيسًا للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاتحاد الدولي للنقل العام حتى عام 2028
  • انتخاب الرميح رئيسًا للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاتحاد الدولي للنقل العام
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس وزراء صربيا
  • جهود مكثفة لصحة الدقهلية.. دعم مرضى الغسيل الكلوي وذوي الاحتياجات.. و30 جولة مرورية على وحدات وأقسام العلاج الطبيعي بمستشفيات
  • رومانوس من معراب: تم تصحيح المسار الانتخابي في جزين
  • رئيس وزراء صربيا يدعو مدبولي لزيارة بلاده
  • رئيس جامعة بني سويف يتفقد أعمال امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية التجارة
  • مساع بالكونغرس لمنع ترامب من التدخل بحرب إسرائيل وإيران