سوريا… بزوغ فجر الحرية بعد عقود من الاستبداد
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
#سواليف
#سوريا… بزوغ #فجر_الحرية بعد عقود من #الاستبداد
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة
لم يكن سقوط نظام الأسد مجرد حدث عابر في تاريخ سوريا، بل هو نقطة تحول تاريخية تحمل معها أحلام الملايين من أبناء هذا الشعب الذي عانى لعقود تحت وطأة الطغيان والقمع. إنه لحظة انتصار للإرادة الشعبية التي رفضت الاستسلام، وأكدت أن الشعوب قادرة على كسر قيود الظلم مهما طال أمده.
منذ أن سلم حافظ الأسد الجولان لإسرائيل عام 1967 دون أن يطلق رصاصة واحدة، اتضح أن هذا النظام لم يكن يوماً معنيّاً بحماية الأرض أو الدفاع عن الوطن. لقد تحوّل النظام إلى حارس لحدود الاحتلال الإسرائيلي، بينما انشغل بتدمير سوريا من الداخل. لم يُحرر شبراً، ولم يبنِ وطناً، بل قاد البلاد نحو الخراب، وحوّلها إلى سجن كبير لشعبها. تحت شعار المقاومة، ارتكب أبشع الجرائم بحق السوريين وشعوب المنطقة، فكانت المجازر والاعتقالات والتعذيب عنوان حكم الأسد.
ما فعله نظام الأسد يفوق في وحشيته ما ارتكبه المستعمرون الفرنسيون في الجزائر أو الإيطاليون في ليبيا. فقد كان قمعه لشعبه بلا هوادة، واستهدف المدنيين الأبرياء بالبراميل المتفجرة والغازات السامة، وشرّد الملايين، وهدم مدناً بأكملها. لم يكن هذا النظام سوى رمز للظلم والاستبداد، حيث سحق الكرامة الإنسانية وقضى على كل أمل في الحرية والعدالة.
الثورة السورية لم تكن يوماً مؤامرة خارجية كما يحاول البعض تصويرها، بل كانت صرخة شعب بأكمله ذاق طعم الذل لعقود تحت حكم آل الأسد. إنها ثورة كل سوري حمل في قلبه حلماً بالحرية والكرامة. إنكار هذه الحقيقة هو إهانة لتضحيات السوريين، واستخفاف بدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل مستقبل أفضل. إنها ثورة ولدت من رحم المعاناة، وستبقى شاهدة على أن الشعب السوري لم يرضَ الظلم ولم يرضخ للطغيان.
اليوم، ومع سقوط هذا النظام المجرم، تبدأ سوريا صفحة جديدة من تاريخها. أمام السوريين تحديات جسيمة لإعادة بناء الوطن الذي دمرته آلة القمع والاستبداد. إعادة الإعمار ليست مجرد إعادة بناء حجر على حجر، بل هي إعادة بناء وطن يتسع للجميع، وطن يسوده العدل والمساواة، ويقوم على احترام حقوق الإنسان والحريات. سوريا الجديدة لن تكون إلا دولة مدنية ديمقراطية، تليق بعراقة تاريخها وحضارتها.
إلى أولئك الذين يتباكون على سقوط الطاغية، نقول: أين كنتم عندما كان الأطفال يدفنون تحت الأنقاض؟ أين كان حزنكم عندما مزّقت البراميل المتفجرة أجساد الأبرياء؟ التاريخ لن يرحم المدافعين عن الظلم، ولن يغفر لمن اختاروا الوقوف إلى جانب الطغاة. سوريا اليوم تنتصر، لا فقط على نظام الأسد، بل على كل من برر جرائمه وصمت عن معاناة شعبها.
الشعب السوري الذي تحمل كل هذه الآلام قادر على بناء وطن جديد. سوريا التي يتطلع إليها الأحرار ستكون نموذجاً للعدالة والكرامة، وستعيد مكانتها كقلب العروبة النابض. إن هذا الشعب العظيم، الذي صمد في وجه أعتى أنواع القمع، سيواصل نضاله حتى تتحقق كل أحلامه.
لن يكون هناك مكان للطغاة في سوريا المستقبل. العدالة ستطال كل من أجرم بحق هذا الوطن، والحرية ستشرق من جديد على كل شبر من أرضها. عاشت سوريا حرة أبية، والمجد للشعب الذي لم يعرف يوماً الخضوع. سوريا ستنهض من تحت الركام، وستبنى بسواعد أبنائها، وستبقى منارة للأمل لكل الشعوب الحرة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف فجر الحرية الاستبداد نظام الأسد
إقرأ أيضاً:
تفاقم أزمة الخطوط البيضاء في إيران
يعني مصطلح الخطوط البيضاء "سیمکارتهای سفید" الخطوط التي لديها حرية استخدام الإنترنت دون قيود، في مقابل الخطوط السوداء " سیمکارتهای سياه" الذي يعني الخطوط المفلترة من قبل النظام الإيراني. حيث إن آثار التحديث الجديد الذي كان قد أطلقه موقع إكس (تويتر سابقاً) بشأن معرفة الموقع الجغرافي للمستخدمين لازالت آثاره تلقي بظلالها الثقيلة في العديد من البلدان في العالم، ومن أهم تلك الأزمات ما أثاره ما يسمى "اينترنت بدون فيلتر يا سیمکارتهای سفید" أي الإنترنت غير المفلتر أو خطوط الاتصالات البيضاء في إيران خلال الأيام السابقة، والذي تجاوز حدود القطر الإيراني إلى البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي.
كان فرض حصار على الإنترنت في إيران وتقييد وصول الإيرانيين إلى العديد من مواقع التواصل الاجتماعي ومن أبرزها فيسبوك وتويتر سابقاً مطبقاً منذ سنوات عديدة، وكان الإيرانيون يتحايلون على ذلك الحظر باستخدام برامج فك الحظر VPN، التي كانت تظهر الحسابات من خارج إيران، حتى يتم فتح تلك المواقع، فيما أعلن عضو لجنة الصناعة والمعادن بالبرلمان أن أرباح بيع برامج كسر الحظر ما بين 20 إلى 50 ألف مليار تومان سنوياً.
لكن التحديث الجديد الذي أطلقه موقع إكس والذي أتاح الوصول للموقع الحقيقي للمستخدمين، صدم الشعب الإيراني بأن حسابات العديد من سياسيّ النظام الإيراني ومن بينهم وزير الاتصالات ونوابه، وكذلك جميع أعضاء مجلس البرلمان (حسب تصريح أحد أعضاء البرلمان أن حظر الإنترنت على بطاقات SIM يرفع بمجرد دخول البرلمان) وكذلك بعض الفنانين بالإضافة إلى الإعلاميين والصحفيين مفتوحة من داخل إيران وليست من أماكن أخرى خارج البلاد، ما يعني أن الحظر الذي يفرضه النظام على الشعب الإيراني منذ عدة سنوات، لا يطبق على قيادات النظام ورجال الدولة، وهو ما أثار موجة شديدة من الغضب تجاه ما وصفه الإيرانيون بأنه تمييز ضد الشعب الإيراني وإزدواجية في التعامل مع أبناء الوطن الواحد.
ورداً على ذلك أطلق الإيرانيون هاشتاج #اینترنت_آزاد_برای_همه، وأنشأوا حملة لجمع التوقيعات عبر موقع "كارزار" مخاطبين كل من رئيس السلطة القضائية ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان الإيراني، لوقف كل الخطوط البيضاء، وأدان الموقعون على الحملة أي تمييز بين الشعب، وأكدوا على حق جميع المواطنين في الوصول الحر إلى الإنترنت، وطالبوا بحظر ومصادرة بطاقات SIM البيضاء، والإنترنت الطبقي، وأي وصول خاص إلى الإنترنت بشكل كامل.
وشدد البيان كذلك على عدم وجود أي مبرر مقبول لتمتع بعض الناس بحرية الوصول إلى الإنترنت، وخاصة المسؤولين الذين طالما دافعوا عن فكرة التصفية وسعوا دائمًا إلى فرض المزيد من القيود على الإنترنت لعامة الناس، كما شدّد البيان على أن الوصول الحر إلى الإنترنت حق بديهي للمواطن وفقًا لميثاق الحقوق المدنية، وأن التمييز في هذا الوصول يؤدي إلى زيادة الغضب، وتوسيع الفجوة الرقمية، و تراجع ثقة الجمهور. وأنه إذا كان الإنترنت أداة عمل للصحفيين، فهو أيضًا جزء من ضروريات الحياة للعمال والموظفين والمعلمين والأطباء وسائقي سيارات الأجرة عبر الإنترنت والبائعين على الإنترنت وملايين آخرين، واختتموا بيانهم بعبارة "ضعوا حدًا لهذا التمييز الجائر!" وجدير بالذكر أن عدد الموقعين على تلك الحملة وصل حتى تاريخ كتابة هذه السطور 36187 توقيع.
حددت الحملة إجراءاتها التصعيدية بناءً على أعداد الموقعين عليها النحو التالي:
بعد جمع ١٠٠٠ توقيع، سوف يتم عرض هذا المطلب على الصفحة الرئيسية للحملة لمدة ٢٤ ساعة.
في حالة جمع ٢٠٠٠ توقيع، سيتم تسجيل المطلب رسميًا لدى أمانة المؤسسة المعنية.
عند جمع ٥٠٠٠ توقيع، سيتم إرسال أخبار الحملة إلى وسائل الإعلام، وسيتم متابعتها من المسؤولين.
عند وصول إلى ٣٠ ألف توقيع سيتم تشكيل فريق عمل خاص لعقد فعالية خاصة للعصف الذهني والتنسيق، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة.
بعد جمع ١٠٠ ألف توقيع، سيُعقد اجتماع بحضور كبار المسؤولين، ووسائل الإعلام، والناشطين، ومسؤول الحملة.
البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي:
تجاوزت أزمة الإنترنت غير المحدود حدود إيران إلى البرلمان الأوروبي حيث وجّه رئيس لجنة العلاقات مع الشعب الإيراني في البرلمان الأوروبي ونائباه رسالةً إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك جوجل، وميتا (الشركة الأم لإنستغرام وواتساب وفيسبوك)، ويوتيوب، وأمازون ويب سيرفيسز (AWS)، وسيجنال، داعين إياها إلى "اتخاذ خطوات ملموسة للحفاظ على حرية الوصول إلى الإنترنت للمواطنين داخل إيران".
جاءت هذه الرسالة- التي أُرسلت نسخة منها إلى يورونيوز، عقب سلسلة من التقارير التي سلّطت الضوء على تصاعد القمع الرقمي في إيران، بما في ذلك الاستخدام المتزايد للمراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، وانقطاعات الإنترنت المتكررة، والكشف عن نظام يُسمى "بطاقات SIM البيضاء" التي تُتيح الوصول إلى الإنترنت دون رقابة لأتباع النظام فقط.
وقالت الدكتورة هانا نيومان، رئيسة لجنة العلاقات مع الشعب الإيراني في البرلمان الأوروبي وأحد أعضاء "حزب سبز" في أوروبا، في بيان هذا الشأن" "بالنسبة لشعب إيران، فإنه مثل بقية العالم، حيث تُعدّ حرية الإنترنت هي الحاجز الوحيد المتبقي ضد دعاية الدولة والعزلة والخوف. وشركات التكنولوجيا هي الحارسة هذه الحرية، وقد حان الوقت لكي تتحمل مسؤوليتها بجدية. ويجب أن تكون مهمتها حماية الأصوات، لا السماح بإسكاتها. وقد طلبوا من جوجل دراسة إمكانية دمج Outline VPN في تطبيقات مثل Gmail وPlay Store وYouTube. كما طلبوا من Meta دمج تقنيات تجاوز التصفية والاتصالات المشفرة في تطبيقات مثل Facebook وInstagram وThreads.
في الوقت نفسه، أعلن أعضاء الكونجرس الأمريكي، يوم الخميس 4 ديسمبر، عن طرح مشروع قانون جديد يُسمى "قانون بحث جدوي الأجهزة الحديثة للوسائط الرقمية المجانية" (FREEDOM). وفي حالة الموافقة، فينبغي على وزير الخارجية الأمريكي ولجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) ووزارة الخزانة الأمريكية دراسة إمكانية تطبيق تقنيات جديدة لتحسين وصول الإيرانيين الآمن وغير المقيد إلى الإنترنت.
رد فعل النظام الإيراني:
جاء رد فعل النظام الإيراني مخيباً للأمال، حيث قام وزير الاتصالات الإيراني بتغيير موقع حسابه على منصة إكس، بينما وصف موقع "خبر آنلاين" رد فعل الرئيس الإيراني بأنه عدالة معكوسة؛ حيث جاء رد فعل الرئيس بزشكيان إزاء هذا التمييز بقراره تطبيق الحظر على جميع بطاقات SIM، بدلاً من رفع الحظر عن باقي الشرائح، حيث صرح الرئيس بزشكيان بأنه أمر بعودة جميع شبكات الإنترنت البيضاء إلى وضعها الطبيعي. وذكر الموقع أنه رغم أن هذه الخطوة من جانب الرئيس تهدف في ظاهرها إلى القضاء على التمييز، إلا أنها تنفذ ذلك بطريقة سلبية، فبدلاً من القضاء على التمييز بالقضاء على التصفية وحرية الشعب في الوصول إلى الإنترنت، يتم تطبيق العدالة من خلال فرض الحظر على الجميع، ورغم تصريحات الرئيس الإيراني السابقة برفضه لحظر الإنترنت، فإن قراره المتناقض هذا بفرض الحظر على الجميع، يطرح تساؤلاً حول قدرة الرئيس الإيراني على إلغاء القيود على الإنترنت، وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد خاصةً مع التدخل الأوروبي الأمريكي، وسوف يتم متابعة مستجداته في مقالات قادمة.
أستاذ الدراسات الإيرانية، كلية الآداب، جامعة عين شمس