عبدالرحيم علي يكتب: الإعصار.. خمسة وأربعون عامًا.. والتاريخ يعيد نفسه
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خمسة وأربعون عامًا بالتمام والكمال، هي المدة التي تفصل بين عملية الإعصار التي بدأها مستشار الأمن القومي الأمريكي «زبيجنيو بريجنسكي» لدعم المجاهدين الأفغان في أفغانستان باعتبارهم مقاتلين من أجل الحرية، وبين قرار الإدارة الأمريكية الذي أوصى به جهاز مخابراتها برفع اسم «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب؛ بعد دراسة لسلوك أعضائها لم تستغرق سوى ساعات، وبالتالي رفع اسم زعيمها أبو محمد الجولاني «أحمد الشرع» من ذات القوائم.
البداية:
نجح برجينسكي في منتصف عام 1979 في إقناع الرئيس الأمريكي الديمقراطي كارتر بتوقيع أمر بتزويد المعارضين الإسلاميين في باكستان بالأسلحة، وذلك قبل ستة أشهر كاملة من الغزو السوفيتي لأفغانستان، عكس ما تروج له الروايات الأمريكية التقليدية بأن الدعم الأمريكي للمجاهدين الأفغان جاء ردًا على التدخل السوفيتي في أفغانستان.
ووسط هتافات المجاهدين الأفغان والعرب، وقف بريجنسكي يخطب قائلًا: «لدينا فكرة عن إيمانكم العظيم بالله.. ونحن على ثقة بأنكم ستنتصرون.. تلك الأرض هناك هي أرضكم وسوف تعودون إليها في يوم من الأيام، لأن نضالكم سوف يسود، وستملكون بيوتكم ومساجدكم مرة أخرى».
وفي أوائل عام 1980، قرر الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بدء عملية «الإعصار»، وهي برنامج لتدريب وتسليح المجاهدين الأفغان من خلال التعاون مع المخابرات الباكستانية وبتمويل خليجي.
ومع رحيل كارتر وبريجنسكي وقدوم «رونالد ريجان» رئيسًا للولايات المتحدة عام 1981، وسّع الرئيس الأمريكي الجمهوري العملية «الإعصار» وقام بدعمها بملايين الدولارات والعديد من أمهر ضباط مخابراته آنذاك.
وفي عام 1985، التقى الرئيس ريجان بقادة هؤلاء المجاهدين داخل البيت الأبيض واصفًا إياهم بأنهم «المعادل الأخلاقي للآباء المؤسسين لأمريكا».
كما خصص في وقت سابق من عام 1982 المكوك الفضائي كولومبيا لما أسماه مقاتلي الحرية في أفغانستان، مؤكدًا أنه إذا كان كولومبيا «يمثل أرقى طموحات الإنسان في مجال العلم والتكنولوجيا، فإن نضال الشعب الأفغاني يمثل أعلى تطلعات الإنسان للحرية».
الأفغان العرب:
في نفس العام الذي استقبل فيه رونالد ريجان المجاهدين الأفغان في البيت الأبيض، كان عمر عبد الرحمن أمير الجماعة الإسلامية المصرية التي اغتالت الرئيس الراحل أنور السادات بفتوى منه وصديقه عبد الله عزام موفد التنظيم الدولي للإخوان يصلان إلى بيشاور ملتحقين بصديقهما الثالث «قلب الدين حكمتيار»، أبرز قادة المقاومة الأفغانية آنذاك وأكثرهم حصولًا على الدعم الأمريكي.
وعلى مدار أكثر من عشر سنوات، تدفق نحو أكثر من 25 ألف شاب مسلم، من نحو ثلاثين بلدا حول العالم، عبر بيشاور إلى أفغانستان، لتبدأ اكثر حقبة سوداء في تاريخ الإنسانية تلك المسماة بحقبة «الأفغان العرب».
وعبر مكتب خدمات المجاهدين الذي أسسه عبد الله عزام وقاعدة المعلومات التي استخدمها داخل هذا المكتب لقيد الشباب القادمين من الدول العربية والإسلامية كافة، وُلِدَ تنظيم قاعدة الجهاد المعروف إعلاميًا باسم «تنظيم القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن، هذا التنظيم الذي روع الشعب الأمريكي وقتل منه ثلاثة آلاف مواطن كما دمر سمعة الأمريكيين الدفاعية والاقتصادية عبر مهاجمة البرجين ومبنى البنتاجون في سبتمبر من عام 2001.
وتنظيم القاعدة هو ذات التنظيم الذي خرج منه بعد الهجوم الأمريكي على أفغانستان ردًا على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في تنظيم التوحيد والجهاد بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي بدوره كان النواة الأولى لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
والمصادفة الكبرى تكمن في أن بن لادن هو النموذج الأسمى لمحمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام، وأبو مصعب الزرقاوي أستاذه وكل من عبد الله عزام وعمر عبد الرحمن شيوخه المؤثرين لديه.
لقد عانينا كثيرًا من التخبط الأمريكي «المدروس» في منطقة مضطربة كمنطقتنا وحملت مصر واجب الكفاح ضد الإرهاب نيابة عن العالم وقدمنا آلاف الشهداء من أبنائنا من ضباط الجيش والشرطة لذا فمن حقنا، بل من واجبنا، أن نوضح لهم الآتي:
أولًا: إن الهدف النهائي لكل تلك الجماعات، كما تقول أدبياتهم، هو السعي نحو خلافة إسلامية تضم أكبر عدد ممكن من الدول تحت قيادتها.
ثانيًا: إن الوصول لذلك الهدف هو حق مشروع سواء عن طريق استخدام العنف أو أي طريقة أخرى طالما ستؤدي في النهاية إلى تحقيقه.
ثالثًا: عندما تكون هناك معوقات أمام ذلك الهدف البعيد، يحب اتباع مفهوم التقية وهو إيهام الآخر بالتغيير والقبول بالحوار وبالمبادئ التي يؤمن بها الآخرون.
رابعًا: إن الطريق إلى السلطة، سواء تم استخدام العنف أو الديمقراطية، هو تذكرة ذهاب فقط بلا عودة.. وأي شخص يحلم بتراجع هؤلاء الناس عن السلطة لصالح سلطة وطنية أو ليبرالية أو حتى تكتل غير إسلامي هو واهم.
خامسًا: إن إيمان تلك الجماعات بمفهوم التقية يجعلها لقمة سائغة دائمًا للتجنيد من قبل أجهزة المخابرات المختلفة ظنًا منهم دائمًا أنهم من يقومون بالخداع وليس تلك الأجهزة.
سادسًا: إن هذا الطريق الذي تفكر الإدارة الأمريكية في سلكه سيوصل المنطقة إلى مرحلة الزلازل السياسية الكبرى.
سابعًا: إن أي تفكير في أن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستكون بعيدة عن تلك الزلازل، هو واهم فسوف يطالهم ما طالهم في الحادي عشر من سبتمبر. ولكن هذه المرة «في عصر الذكاء الاصطناعي» لن يطول الوقت.
وأخيرًا، أهمس في آذانهم بنصيحة: كفوا عن التجريب في أوطاننا، فلن تسلموا هذه المرة من جراء إعادة إنتاج كابوس قض مضاجعكم من قبل وسوف يقض مضاجع الجميع، عندما يخلق حالة من الفوضى لا يعلم إلا الله مداها.
وللحديث بقية..
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی
إقرأ أيضاً:
ترامب يهاجم توقيع بايدن | نخبرك ما نعرفه عن الجهاز الذي يغني عن قلم الرئيس
هل تساءلت يوما عن الوقت الذي يمضيه الرؤساء في توقيع الأوراق الرسمية وغير الرسمية، أو دعوات العشاء، أو رسائل التهاني، أو عن الوقت الذي يحتاجه رئيس جامعة لتوقيع مئات شهادات التخرج؟
ورغم أن بعض التوقيعات تحمل رمزية في حالات الأوامر التنفيذية الهامة، أو الاتفاقات الدولية الكبيرة، إلا أنها في كثير من الأحيان تصبح عبئا على الشخصيات المهمة لا سيما الرؤساء، فكيف إذا كان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي آخر مظاهر الجدل حول معاركه مع سلفه بايدن، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء بإلغاء كل التوقيعات التي وقعها سفله باستخدام القلم الإلكتروني.
ما اللافت في الأمر؟
يعتبر اتهام ترامب الأخطر من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، ويشكك في جميع القرارات التي اتخذها بايدن على مدار أربع سنوات.
وكان ترامب روج قبل أيام على منصته تروث سوشيال للنظرية القائلة بأن بايدن ليس إنسانا بل روبوتا مستنسخا.
أين المشكلة؟
اتهم ترامب المقربين من بايدن بالاستيلاء على توقيعه الخاص عبر نظام إلكتروني يسمى "أوتوبن" أو القلم الآلي، الذي يقوم بوضع توقيع الرئيس على الوثائق أتوماتيكيا.
ومن شأن ذلك إن ثبتت مزاعم ترامب أن يؤثر على قانونية وصحة العديد من القرارات التي صدرت بتوقيع سلفه الديمقراطي.
ما هو القلم الآلي؟
القلم الآلي جهاز يقوم بتقليد التوقيع بعد مسحه ضوئيا وتكراره بشكل دقيق ويستخدم لتوقيع الوثائق الكثيرة التي لا يستطيع الشخص العادي توقيعها مثل مئات شهادات التخرج في الجامعات التي تحمل توقيع رئيس الجامعة، على سبيل المثال.
هل يستخدمه الرؤساء الأمريكيون؟
نفى البيت الأبيض لسنوات طويلة استخدام القلم الآلي لوضع توقيع الرؤساء على الأوراق المهمة والقرارات التنفيذية، لكن هذا لا يعني بالضرورة عدم وجود جهاز مماثل في البيت الأبيض.
وتشير مؤسسة "شابيل للمخطوطات" إلى أن الرئيس الثالث وأحد مؤسسي البلاد، توماس جيفرسون اشترى أحد الأجهزة بعد فترة وجيزة من تسجيل براءة اختراعه عام 1803.
واستخدم الرئيس ليندون جونسون القلم الألي وسمح بتصويره لصالح صحيفة "ذي ناشونال إنكواير" إلى جانب مقال عام 1968 بعنوان "الروبوت الذي يحل محل الرئيس".
وزعم الكاتب تشارلز هاميلتون الذي ألف كتابا حول القلم الآلي أن اعتماد الرئيس جون إف. كينيدي على التوقيع الآلي جعل توقيعه الأصلي أندر التوقيعات الرئاسية، لكنه مزاعمه لم تثبت.
وخلال إدارة الرئيس جيرالد فورد، كان الرئيس والسيدة الأولى بيتي فورد يوقعان وثائق ومراسلات أخرى يدويًا، لكن موظفي البيت الأبيض كانوا يستخدمون القلم الآلي في كثير من الأحيان لإعادة إنتاج توقيعاتهم على الرسائل والصور.
وفي عام 2005، سأل الرئيس جورج دبليو بوش وزارة العدل عما إذا كان أمرا دستوريا استخدام القلم الآلي لتوقيع مشروع قانون، وخلصت الوزارة إلى أن "الرئيس ليس بحاجة إلى القيام شخصيا في وضع توقيعه على مشروع قانون يوافق عليه"، لكنه فضل رغم ذلك التوقيع على القرارات بنفسه.
في مايو/أيار 2011، وأثناء مشاركته في قمة مجموعة الثماني في فرنسا، أصبح باراك أوباما أول رئيس أمريكي يستخدم جهاز القلم الآلي عن بعد لتوقيع قانون "باتريوت آكت" الذي كان على وشك الانتهاء.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، وقع من إندونيسيا مشروع قانون للمخصصات باستخدام الجهاز ذاته. ثم عاد لاستخدامه مجددًا في عام 2013 من هاواي لتوقيع قانون "الهاوية المالية" قبل انقضاء المهلة المحددة.
هل استخدمه ترامب؟
نعم، استخدم ترامب القلم الآلي بنفسه، لكنه قال إنه يستخدمه لتوقيع الأوراق غير المهمة للغاية، مبررا ذلك بأنه يتلقى آلافا من الرسائل، مثل رسائل دعم الشباب، وأصحاب الأمراض، في إشارة إلى أنه يرد على آلاف الرسائل بتوقيع إلكتروني، لكن ليس الأوامر التنفيذية وأوامر العفو الرئاسية.
ماذا قالوا؟
◼ قالت الرئاسة الأمريكية إنّ ترامب كلّف محامي البيت الأبيض بالتحقيق بشأن ما إذا كان بعض الأفراد مارسوا صلاحيات الرئيس ومسؤولياته خلافا للدستور.
◼ قال ترامب إنه يتّضح بشكل متزايد أنّ مستشارين سابقين للرئيس بايدن استولوا على سلطة التوقيع الرئاسية من خلال استخدام نظام توقيع آلي، إنها مؤامرة وفضيحة خطيرة ومقلقة.
◼ قال بايدن: "أنا من اتّخذ القرارات خلال رئاستي. أنا من اتّخذ القرارات المتعلقة بالعفو والأوامر التنفيذية والتشريعات والإعلانات. أيُّ تلميح إلى أنّني لم أفعل ذلك هو أمر سخيف وكاذب".
◼ قالت شركة "أوتوبن" أشهر مصنعي آلات القلم الآلي إن أجهزتها مستخدمة بشكل واسع في الجامعات والوكالات الحكومية والمؤسسات الأخرى منذ أكثر من 60 عاما.
الخلاصة
يخول القانون الأمريكي الرئيس الأمريكي بالطلب من أي من موظفيه بوضع توقيعه على وثيقة معينة، أو في حالات أخرى "جهاز القلم الآلي".