فبعد 13 عاما من محاولات قمع الثورة -التي لعبت روسيا فيها دورا حاسما- رفرف علم الاستقلال فوق سفارة دمشق في موسكو، التي استقبلت الأسد وعائلته كلاجئين سياسيين.

ويمثل رفع هذا العلم على السفارة السورية اعترافا رسميا من الكرملين بالسلطة الانتقالية في سوريا، وقد أكدت موسكو أنها على اتصال بجماعات المعارضة السورية، وحثت جميع الأطراف على نبذ العنف.

وقالت روسيا -في بيان رسمي- إن قواعدها العسكرية في سوريا لا تواجه أي مخاطر في الوقت الراهن، وإنها متأهبة في الوقت نفسه للتعامل مع أي تطور.

كما دعت موسكو مجلس الأمن لاجتماع طارئ بخصوص سوريا اليوم الاثنين لمناقشة التطورات في الساحة السورية بعد رحيل بشار الأسد.

وفي الولايات المتحدة، قال الرئيس جو بايدن المنتهية ولايته إن الوقت قد حان لحصول السوريين على حريتهم، مؤكدا أن الولايات المتحدة تنتظر من السلطة الجديدة عدم تهديد أمن جيران سوريا، في إشارة واضحة لإسرائيل.

وقد نقلت واشنطن بوست -عن مسؤولين في إدارة بايدن- أن واشنطن قد تفكر في رفع هيئة تحرير الشام -التي قادت عملية إسقاط الأسد- من قائمة المنظمات الإرهابية لضمان استقرار سوريا.

وفي بريطانيا، كشف وزير شؤون مجلس الوزراء بات مكفادن أن بلاده قد تدرس رفع الحظر عن هيئة تحرير الشام بناء على التطورات المستقبلية.

إعلان

وفي السياق، قالت المفوضية الأوروبية إنها لا تتواصل مع هيئة تحرير الشام في الوقت الحالي، وإنها بحاجة لتقييم أفعالها من حيث حماية الأقليات قبل النظر في إزالتها من لائحة العقوبات.

أما إيران -التي تعتبر من أشد داعمي الرئيس المخلوع- فقالت إنها ستحدد علاقتها مع المعارضة السورية بناء على سلوكها، وعلى السياسات التي ستتبناها تجاه طهران والجمعات الشيعية في سوريا، وبناء على موقفها من إسرائيل أيضا ومع من وصفتها بـ"الجماعات الإرهابية الأخرى".

دعوة للمحاسبة والاستفادة من الماضي

وقد أثارت ردود الفعل الدولية تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل حيث أعرب "علي" عن اعتقاده بأن "المجتمع الدولي كله سيتحاور مع هيئة تحرير الشام، لأنها الفاعل الرئيسي اليوم".

وقال علي "نأمل من الهيئة الاستفادة من دروس الماضي لعدم تكرار السيناريوهات السابقة ولبقاء سوريا موحدة".

أما سليمان أبو عقل، فيرى أنه "بعد أن سيطرت هيئة تحرير الشام على كل سوريا لم تنتقم من الأقليات بالرغم من تأييد أغلبهم للنظام وعلى الرغم من كل جرائمهم بحق الشعب السوري". وأضاف "لكن يجب أن نفصل بين التسامح وبين وجوب محاسبة المتورطين في جرائم حرب من النظام".

كما كتب أبو معاوية الصومالي: "على الإخوة في سوريا أن يقطعوا العلاقات مع روسيا المجرمة التي ارتكبت المجازر وساندت نظام الأسد المجرم وقامت بتهريبه إلى موسكو".

أما مي، فقالت إنها تتمنى أن "تتعامل الإدارة الجديدة في سوريا الحرة مع أميركا ولا تتجه نحو جهة ثانية كالصين وغيرها".

9/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هیئة تحریر الشام فی سوریا

إقرأ أيضاً:

المرأة التي أيقظت العالم بطريقتها

"حينما ينام العالم"، هو عنوان لكتاب صدر قبل أسابيع، للمقررة الخاصة للأمم المتحدة حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، وصدرت ترجمته إلى الفرنسية، بالتزامن مع صدوره بالإيطالية، وهو تشخيص لما أسمته الكاتبة بـ"إغفاءة العالم"، أو نوعٍ من اللامبالاة، والإخلال في التعاطف مع الفلسطينيين.

غزة ليست شأن الفلسطينيين وحدهم ولكنها امتحان للضمير الإنساني، واختبار للقانون الدولي، وللمؤسسات الدولية، وضرورة وضع حد لهيمنة الأحكام المسبقة، والمَعْبر لمستقبل البشرية، يعيد الأمل بعد اليأس.

العالم تكلس، وينبغي -وفق ألبانيزي- أن يستلهم من الفلسطينيين الدروس: الكرامة رغم المعاناة، والجمال رغم الخراب، والحقيقة رغم التسييج والحصار.

في مستهل الكتاب، تستشهد ألبانيزي بامرأة، كنسية أميركية، أليسا وايز، إذ تقول إن التضامن هو الشكل السياسي للمحبة. تعرف ألبانيزي قضايا الشرق الأوسط، وقضايا الفلسطينيين؛ لأنها كانت مقررة للأمم المتحدة عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 2022، واشتغلت قبلها مع وكالة الأونروا، وعرفت ما يتعرض له الفلسطينيون في الضفة من سلب ممتلكاتهم، وحرمانهم وإخضاعهم.

اصطدمت في مسرى مهامها، بسلاح الأحكام المسبقة، والتمثلات، والقراءات المغرضة، وبناء الآخر، ولذلك وظفت في كتابها إدوارد سعيد عن الاستشراق حول بناء الآخر والتمثلات، والسرديات الموجهة، واستنجدت بالمفكر الإيطالي الكبير "أنطونيو غرامشي"، وكيف أن الثقافة تدعم السلطة.

ولذلك استشعرت الحاجة إلى إعادة النظر في السرديات، من أجل أن تكون الشاهد الحق، حسب تعبير لإدوارد سعيد. وكما تقول، مما أترجمه عن النص الفرنسي: " فالحياد لا يعني اللامبالاة، و(النزاهة) تفترض التنقيب بصرامة، ومواجهة الأحداث بالقانون، وقول الحقيقة للسلطة، ولو أزعجت، وفي فلسطين يتعين كشف عدم التوازن بين المحتل، ومن هو ضحية الاحتلال، بين المستعمِر والمستعمَر، وكيف أن عقودا من سلب الحقوق أضحت أمرا طبيعيا من قِبل منتظم دولي عاجز".

إعلان

الرهان أمس كما اليوم، ليس بروفة غائمة وغامضة حول إحلال السلام، بل في احترام القانون الدولي بإنهاء الاحتلال، والمستوطنات، وإيقاف الضم.

ترى ألبانيزي أن السلم ممكن، ولكن وفق شروط، من شأنها أن تجعل المنتظم الدولي يكتشف معنى التضامن، في إطار أسرة واحدة.

اختارت الكاتبة أن تتحدث، بعد هذه المقدمة، من خلال فصول عشرة، عبر أشخاص، التقتهم في مسرى حياتها، ويرتبطون بمأساة الفلسطينيين، وكل فصل يحيل إلى جانب منها.

أول فصل هو عن "مَلك معطر" الفتاة التي التقتها في القسم الثانوي 2010 وأحدث اهتمامها رسوما تعبق بحب الحياة أو شوق الحياة، لكن شوق الحياة لا ينفصل عن الحدث المؤسس الذي يسكن وجدان الفلسطيني ألا وهو النكبة، ولذلك أفردت في الكتاب مقطعا أوليا عن النكبة، قبل أن تقف عند مَلك، من تحمل مأساة الفلسطينيين، وتُعبر عنها برسوماتها، ومنها اختارت رسما لغلاف كتابها.

تختار ثلاثة أصوات فلسطينية من الداخل، منها الطفلة هند ذات الست سنوات، من وُجدت قتيلة في سيارة، عليها آثار 300 قذيفة أثناء الحرب على غزة، وقرب السيارة، سيارة إسعاف، مع مسعفين قتيلين، ومن خلال هند تستحضر وضع طفولة الفلسطينيين، وتذكر ما قالته لها وديعة الفتاة ذات الـ 14 سنة: "الخوف من الموت لا يمنعك من الموت، يمنعك من الحياة".

أبو حسن دليل مدينة القدس، التقته ألبانيزي، هي وزوجها ماكس، منذ أن حلت بالقدس سنة 2010، حيث يأخذهما إلى أوجه الحياة، وأوجه المعاناة، في مخيم بلاطة، وجنين، والمستوطنات، وأزقة القدس، ولكن أكثر ما علمته من الدليل أبو حسن هو الاعتقال، والمعاناة اليومية، والثقل البيروقراطي.

جورج، مهندس فلسطيني من القدس، قدِم من الولايات المتحدة سنة 2000 لكي يسهم في بناء الدولة الفلسطينية، ولكنه لا يستطيع أن يشتغل مع المنظمات غير الحكومية الغربية التي تشترط عليه عدم إثارة الاحتلال، والأبارتيد، ولا يمكنه العمل مع الإسرائيليين، مَن يُبدون مركب استعلاء حيال الفلسطينيين.

"الحياة في القدس، بالنسبة للفلسطينيين، تقول ألبانيزي، هي التعرض للدونية البنيوية التي تفرضها إسرائيل". تتحدد الهوية، في القدس، ليس بين فلسطيني وإسرائيلي، ولكن بين عربي ويهودي.

وتلحظ ألبانيزي الاستحواذ الثقافي، أو تبني الطبخ الفلسطيني، والمزج مع موروثات أوروبا الوسطى، وهو أمر مقبول، وطبيعي، لولا أنه يقترن بالأبارتيد. كيف تأخذ نتاج من ترفضه أصلا، أو تزري به؟

من الضفة الأخرى، أو الشهود الحق، تختار ألبانيزي ألون كونفيو، وهو إسرائيلي إيطالي يُدرّس في الولايات المتحدة، من يختص في تاريخ الإبادات عبر التاريخ. تقف عند إنغريد من تنتصب ضد الأبارتيد، وتعيش في بيت جالا، مع زوجها محمد جاردات.

تستشهد بغسان أبو ستة، وهو طبيب جراح، وُلد بالكويت من أسرة فلسطينية، وزاول الطب في غزة، إلى أن اضطر للمغادرة في 2023، إذ يرى أن الإبادة هي الجانب الظاهر من الجبل الثلجي، وأن هناك ما لا يظهر، من تواطؤ إعلام دولي.

هناك من الشهود الحق إيال ويزمان، وهو مهندس معماري إسرائيلي بريطاني، من يقف على أسلوب القضاء على الآخر، من خلال إخراجه من بيته. غابور ماتي، وهو طبيب نفسي، كندي من أصول هنغارية، يلح على ضرورة حفظ الذاكرة. يرى أن ديانته اليهودية تم توظيفها، باسم أيديولوجية تمييزية. يتولد عن واقع الاحتلال كدمة، ولتجاوزها يلزم الوعي، والتعاطف، ويبقى المهم هو حفظ الذاكرة.

إعلان

والفصل الأخير، عن ماكس، شريك حياة ألبانيزي من عاش معها المغامرة، في القدس، والضفة وغزة، حمل معها عبء أسرة، وشاطرها توجهها.

تُنهي ألبانيزي سردها بأشعار من الشاعر الفلسطيني، رفعت العرعير، من قُتل في غزة في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023.

وحين ينام العالم، تقول ألبانيزي: إنه مع اللامبالاة أو سيادة الأحكام المسبقة، يتوجب أن توقظه الشعوب.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ضغوط على بيروت لتسليم مدير المخابرات الجوية السورية السابق
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • لوفيغارو: الأسد يخضع للمراقبة في موسكو.. هل يتم تسليمه لدمشق؟
  • سوريا تُحيل وسيم بديع الأسد للمحاكمة: أبرز تجار المخدرات و«رجل الكبتاغون»
  • العدالة السورية تحيل وسيم الأسد للمحاكمة في قضايا مخدرات وتجسس
  • من هي المرأة التي أيقظت العالم بموقفها ؟
  • سوريا تعلن القبض على أحد كبار المطلوبين ضمن نظام الأسد
  • المرأة التي أيقظت العالم بطريقتها
  • يا غزة حنا معاكي للموت.. هتافات الجيش السوري دعما لغزة تلفت الأنظار
  • احتفالات في مدينة حلب السورية بمرور عام على إسقاط نظام الأسد