خفض الأسعار كالجهاد في سبيل الله
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
التلاعب بالأسعار واحتكار السلع من أهم التحديات التي تزيد من وطأة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب، وقديما قالوا: إن التاجر الشاطر ليس فقط الذي يمتلك خبرة وذكاء في البيع والشراء، لكنه التاجر الذي يتفهم جيدا متطلبات السوق ويعرف كيف يحقق أرباحا دون التخلي عن إنسانيته فى إدراك ظروف الناس واحتياجاتهم.
ولكن للأسف الشديد التجار هذه الأيام ـ إلا من رحم ربى ـ يبادرون برفع سعر السلعة التى يمتلكونها، لمجرد علمهم بأن سعرها سيرتفع، أو أنه قد ارتفع بالفعل، علما بأنهم اشتروها بسعر أقل، وحجتهم فى ذلك أنهم إذا باعوا ما لديهم، وذهبوا لشراء السلعة نفسها بالسعر الجديد، فسوف يخسرون قيمة الزيادة من رأس مالهم، بمعنى أن التاجر لو كان يمتلك عشر سيارات مثلا وارتفع سعرها ثم باعها بالسعر القديم، فإنه حين يشتري بالسعر الجديد فلن يتمكن من شراء عشر سيارات مكانها، فإذا اشترى تسعة مثلا، فيكون قد فقد سيارة من رأس ماله، وهذه الحسبة الشيطانية صارت مبدأ عاما وقاعدة يتعامل بها التجار ويعتقدون أن هذا هو الصحيح الواجب الاتباع، بل وصل الأمر إلى أن كثيرا من المستهلكين يقتنعون بهذه الحسبة الشيطانية، ويلتمسون الأعذار للتجار فى بيعهم السلع التى لديهم قبل الزيادة بالسعر الجديد.
والرد على هذه الحسبة الشيطانية ببساطة، أن التاجر حين يبيع السلعة بالسعر القديم، فهو قد حقق فيها ربحا، وحين يشترى بعد ذلك بالسعر الأعلى فسوف يبيعها ويحقق ربحا أيضا، ولن يتأثر رأس ماله، وكيف يرتضي لنفسه ألا يتأثر بالتضخم وزيادة الأسعار التى يعانى منها الجميع، ويستغل حاجة الناس ويرفع عليهم أسعار السلع قبل أن يشتريها بالزيادة؟. إنها مغالطة كبرى، وخيانة عظمى لا تجعل هذا التاجر من الصادقين الأمناء.
وعار علينا أن نتغنى بأمانة التجار فى الغرب، الذين يعرضون السلعة الواحدة بسعرين، وحين تسأله عن ذلك يجيبك بأنه اشترى هذه بسعر أقل من تلك، ولك حرية الشراء بأى السعرين شئت.
إن التاجر المسلم الصدوق ـ وهي صيغة مبالغة من الصدق ـ أي الذي يتحرى الصدق والكسب الحلال، فلا يغش ولا يخون ولا يحتكر ولا يستغل وقت الأزمات، فما أعظمه حين يكون مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية، أن التاجر الذي يساهم بخفض أسعار سلعته في تلبية حاجات الناس وضبط إنفاق الأسر، له أجر عظيم عند الله تعالى، وذكرت دار الإفتاء على صفحتها الرسمية على "فيس بوك": أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مر برجل بالسوق يبيع طعاما بسعرٍ هو أرخص من سعر السوق فقال: "تَبِيعُ فِي سُوقِنَا بِسِعْرٍ هُوَ أَرْخَصُ مِنْ سِعْرِنَا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "صَبْرًا وَاحْتِسَابًا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "أَبْشِرْ، فَإِنَّ الْجَالِبَ إِلَى سُوقِنَا كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْمُحْتَكِرُ فِي سُوقِنَا كَالْمُلْحِدِ فِي كِتَابِ اللهِ".
وناشدت دار الإفتاء التجار والبائعين وأصحاب المحال التجارية ألا يقوموا باحتكار السلع لبيعها للمواطنين بأغلى من سعرها، مؤكدة أن احتكار السلع ورفع أسعارها على المشترين لا يجوز شرعا ويعد خيانة للأمانة. وقالت: يحرم الاحتكار لكل ما يحتاج إليه الناس دون تحديد للطعام أو لغيره، لأن العلة هي الإضرار بالناس، فحيثما وجدت العلة مع أي سلعة وجد الحكم.
وأخيرا: لابد لوسائل الإعلام المختلفة أن تركز على توضيح كل تلك المعانى، ترغيبا وترهيبا، لعل هذا يكون زاجرا ورادعا لهؤلاء التجار، ومرغبا لهم فى الوقت نفسه فى أن يكونوا مع الصادقين فى جنات النعيم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات خفض الأسعار إبراهيم نصر
إقرأ أيضاً:
سرير تحت النجوم
bed under stars
عبارة قرأتها من دفتر الزوَّار في نُزُلِ أُوْنَتِّي أي القمر، يقع سبعة كيلومترات شمال مدينة وادي حلفا علی ضفاف بحيرة النوبة، بناه صاحبه محمد صالح أمين تحت سفح جبل وجعل غُرَفَه من ثلاثة أضلاع، ليكون صدر الجبل هو الضلع الرابع ويطل علی ضفاف البحيرة ويقدم النُزُل خدماته الفندقية الفريدة الراٸعة من وجبات ومشروبات سودانية شعبية لذيذة.
ويعتبر طبق سمك البلطي والعِجل من أشهی الوجبات الطازجة (حرفياً) حيث يقوم العم محي الدين دونجا بجلب الأسماك التی إصطادها مسبقاً واحتفظ بها داخل شبكة في وسط البحيرة ليخرجها عند الطلب، بحيث لا تحتاج السمكة لأكثر من ربع الساعة منذ خروجها من الماء حيَّةً،وحتی تستقر فی جوف الزبون وجبةً، بجانب المشروبات الكركدي والآبري وغيرهما والمكسرات من البلح والدوم والنبق.
كان رفقاء الرحلة من الشباب الأستاذ بدر الدين إبراهيم (الدكتور) فی ما بعد، والأستاذ سيف الدين حسن، (المخرج العالمي) فی مابعد، والذی يحمل هم توثيق ماحدث لبلادنا في المٶامرة العالمية من العدوان مستنداً علی ذخيرة ضخمة وراٸعة من معلومات حقيقية جسَّدها فی حلقات أرض السُمر من إخراجه ليریٰ الناس ما آلت إليه حال الخرطوم من تدمير ممنهج وكذا الجزيرة وسنَّار وغيرها من مدن وقریٰ بلادنا نسأل الله له ولفريقه المتكامل التوفيق .
تداعت علی ذهني كل هذه الذكريات والتداعيات وأنا أستلقي علی سرير تحت النجوم فی حوش الزبيراب الوسيع بأبْ دوم محلية مروی، علی بعد ما لا يزيد عن كيلومتر واحد من مطار مروی حيث أطلقت المليشيا سهام غدرها الأولیٰ فی بداية هذه الحرب، ويتساءل العملاء الخبثاء عن من هو الذی أطلق الطلقة الأولیٰ !!
الشٸ الوحيد الذی لم يزعجني هو إنقطاع الكهرباء بسبب الهجمات الجبانة بمسيرات mbz ، إذ إن مسقط رأسي لم يعرف الكهرباء طيلة حكم دولة 56، أي طيلة فترة الصِبا والشباب، حتی جاء عهد الإنقاذ بعد ثلاثة وثلاثين عاماً من الإستقلال فدخلت الكهرباء علی استحياء من محطة توليد حراری فی كريمة إمتدت علی طول لا يزيد علی عشرين كيلومتر منقولة علی اعمدة خشبية، ولم تصل إلیٰ مروي بالضفة الأخری من نهر النيل، وظلت مروي بلا كهرباء حتی انتاج الكهرباء من السد!!ويتحدث الجهلة عن التهميش!!!
رأيت أهلي فی الشمالية المُفْتَرَیٰ عليها،يكابدون فی سبيل الحصول علی لقمة العيش الحلال،طيلة النهار الشديد الحرارة،للدرجة التی تجعل الهاتف النقال يحتاج (مكمدات باردة لكی يعمل) وهذه ليست مُزحة!!
ومع ذلك تراهم يستلقون علی (سرير تحت النجوم) يتأملون فی بديع صُنع الله،ويٶمنون بأن الله قاهرٌ فوقهم، غير آبهين بالمسيرات ولا المخيرات.
وكلهم إصرار علی دعم جيشنا،الذی يدعون له بالنصر، لايضرهم انقطاع كهرباء ولا ماء.
– النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب