سواليف:
2025-06-02@12:08:54 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … رمضانك يا شام

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

#رمضانك_يا_شام

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 27 / 5 / 2017

عندما تتوارى شمس “يوم الشكّ” في غروب اليقين، ويعلن مفتي الديار المُخوّل باستقبال وتوديع الشهور أن غداً اليوم الأول من #رمضان.. تتدلّى حبال الزينة من الشبابيك العالية كأغصان من نور، وتشعل الأهلة الصغيرة على شرفات البيوت، يبحث الغرباء عن بعض المعلبات التي لا تستدرج العطش إلى الشفاه في النهار، وتنشغل الأمهات بتوليف مكوّنات سهلة التحضير في وجبة السحور الأولى بعد ساعات.

مقالات ذات صلة دبلوماسي فلسطيني يكشف عن “سرقة كبرى” لإسرائيل من مدينة القدس 2024/12/11

الليل الأول حالك مثل ثوب أمي الجديد، جادّ بالعتمة الخالصة، مثل شيخ ورع يتعطّر بصوت المآذن الخضراء المرتفعة قارورات مسك وعبادة.. الأطفال فرحون دون أن يعرفوا السبب، يرون الكل مشغول بضيف لا يرى لكنه مُهاب وله حضور، لا يعرفون من أي المداخل سيحضر رمضان بأولاده الثلاثين لذا يخرجون الى الحي، يلتفون حول مصابيح الشوارع يغنون للقادم القريب حتى تنعس الفرحة في الجفون!

**

أشتاق الى رمضانك يا شام ، أشتاق إلى صوت #مدفع_درعا الذي كانت تفطر عليه حوران كلها بصُيّامها وعصافيرها وسنابلها وهضابها الطرية كجفن رضيع ، أشتاق الى صوت الآذان القادم من المزيريب والنعيمة وطفس وأم المآذن ونوى والمسيفرة ودرعا البلد ودرعا المحطة، أشتاق إلى طقطقات الصحون في أيادي باعة التمر هندي، إلى الطرطيرات التي تخترق الحواري والشوارع الضيقة المرصوفة بالبلاط العتيق وقت الغروب، يحملون فوقها كيس خبز للأولاد، وعلى جانبي الكرسي سلة مشمش وشراب الليمون.

أشتاق الى أصوات تجار الملابس في باب تومه ، الى ازدحام البنايات الرمادية القديمة المتشابهة كباقة زعتر في دمشق الذاكرة ، الى تجار المسابح والخرز وأعواد السواك المنثورين على باب الجامع الأموي ، أشتاق الى عيونكم و سكينتكم وابتسامتكم وشفاء جراحكم جميعاً ..أشتاق ان تعود “الشراويل” الواسعة والقبعات البيضاء تملأ الأسواق الشعبية بنفس الشهامة والرجولية والحياة التقليدية ..أن تعود النساء الى عادة “الحبل والسلة” في شراء الحاجيات من “سمّان” الحارة ، وان يعود الأطفال الى اللعب بين البيوت وعلى ادراج الحي المسالمة.

لقد تعبت الشام من رائحة البارود ولون الدم لقد تعبت من أنين الجرحى وصرخات المعذبين في السجون والأمهات المشتاقات لأولادها المهجّرين بين قارات الدنيا، هلاّ أرحتم شامكم قليلاً بترتيل التراويح من مساجد المدينة، هلا رقيتموها قليلاً بآية الكرسي وببوح الياسمين.

أنا معنّي الا يموت ورد “القوّارات” المركون في شرفات الانتظار بعد أن مات ساقيه، معنيّ الا يكون في ذاكرة أطفال الشام سوى الحواجز والفواصل والشبيحة وخطاب التخوين
في رمضان، ومع إجازات المدارس كانت تمر من أمام بيتنا سيارات “السفريات” المتوجهة الى الشام، عائلات عائدة من الخليج الى دمشق لتقضي الصيف هناك، كنا نلوّح للمغتربين المارين من أمام بيتنا، نشاهد حقائبهم المحمولة على ظهور السيارات، دراجات الأولاد، كهربائيات بسيطة حصيلة سنين الاغتراب، وبعض الأثاث الذي يلزم الإجازة، كنا نشّتم رائحة الشام بتلك السيارات الصفراء الطويلة، نشتم ريح دمشق وحلب وحمص ودرعا ودير الزور.. ونشتم الفرح من عيون العائدين الى الوطن.

قُطعت الطريق، وصارت فكرة العودة للوطن انتحار، وتوقفت السيارات أمام بيوتها تقاوم الصدأ وذكرى المسافات المحفوظة بين وطنين.. وبقي المغترب المشتاق يكبت شوقه الى أن ينقشع ضباب الموت الثقيل.

لست معنياً بكل السيناريوهات والصراعات والتفاهمات التي تجري وستجري ولن تجري، أنا معنّي الا يموت ورد “القوّارات” المركون في شرفات الانتظار بعد أن مات ساقيه، معنيّ الا يكون في ذاكرة أطفال الشام سوى الحواجز والفواصل والشبيحة وخطاب التخوين.. معنّي أن يمرّ رمضان ناعماً كالحرير فوق أرض سوريا.. أن يمشي العائدون من المساجد في الحي المعتم ولا يخشون القنص أو الاعتقال.. معنى أن تعود الشام شامنا.. حلم وجنة ووطن لكل المتعبين.

**

رمضانك يا شام.. لا يشبه احداً ولا يشبهه أحد.. رمضانك يا شام بعض من طفولتنا ورجولتنا وبكاءنا في قنوتنا…مثل الأم أنت يا شام.. النظر في وجهك عبادة والشوق اليك عبادة، والموت على أبوابك أيضا عبادة.

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#163يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: رمضان الحرية لاحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی أشتاق الى

إقرأ أيضاً:

من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا

صراحة نيوز ـ بقلم: جمعة الشوابكة

في العاشر من حزيران من كل عام، لا يمرّ اليوم على الأردنيين مرور الكرام، بل ينبض التاريخ في وجدانهم من جديد. إنه اليوم الذي تختصر فيه الأمة مسيرتها المجيدة بين سطرين خالدين: الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن علي عام 1916، ويوم الجيش العربي الأردني، حين توحّدت البندقية بالراية، والعقيدة بالوطن.

لم تكن الرصاصة الأولى التي انطلقت من شرفة قصر الشريف في مكة مجرد إعلان تمرّد على الحكم العثماني، بل كانت البيان التأسيسي للسيادة العربية الحديثة، وبداية مشروع تحرر قومي لا يعترف بالتبعية، ولا يرضى بأقل من الكرامة. قاد الشريف الحسين بن علي هذا المشروع بوعي تاريخي عميق، وسلّمه لابنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك، الذي جاء إلى شرقي الأردن مؤمنًا بأن الثورة لا تكتمل إلا ببناء الدولة، وأن الدولة لا تنهض إلا بجيش عقائدي يحمل راية الأمة ويحميها. وهكذا، وُلد الجيش العربي، من رحم الثورة، ومن لبّ الحلم القومي، لا تابعًا ولا مستوردًا، بل متجذرًا في الأرض والهوية.

كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه أكثر من مجرد تشكيل عسكري، كان المؤسسة التي اختزلت روح الوطن. شارك في معارك الشرف على ثرى فلسطين، في باب الواد والقدس واللطرون، ووقف سدًا منيعًا في وجه الأطماع والعدوان، حتى جاءت اللحظة المفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حين وقف الجندي الأردني بصلابة الرجولة خلف متاريس الكرامة، وردّ العدوان، وسطّر أول نصر عربي بعد نكسة حزيران، بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – ليُثبت أن الكرامة لا تُستعاد بالخطب، بل تُنتزع بالدم. لقد كان هذا النصر عنوانًا حيًا للعقيدة القتالية الأردنية، القائمة على الانضباط، والولاء، والثبات، وفهم عميق للمعركة بين هويةٍ تُدافع، وقوةٍ تُهاجم.

وفي قلب هذه المسيرة، وقف الشهداء، الذين قدّموا دماءهم الزكية ليظل هذا الوطن حرًا شامخًا. شهداء الجيش العربي الأردني لم يكتبوا أسماءهم بالحبر، بل خلدوها بالدم، في فلسطين، والجولان، والكرامة، وفي كل ميدان شريف رفرف فيه العلم الأردني. لم يكونوا أرقامًا في تقارير، بل رسل مجدٍ وخلود، يعلّموننا أن السيادة لا تُمنح، بل تُحمى، وأن كل راية تُرفع، تحمل في طياتها روح شهيد.

ومن بين هؤلاء، كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – أول القادة الذين ارتدوا البزة العسكرية بإيمان وافتخار. تخرّج من الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وخدم جنديًا في صفوف جيشه، ووقف معهم في الخنادق، لا على المنصات. كان القائد الجندي، الذي يرى في الجيش رمزًا للسيادة، وركنًا من أركان الدولة، وظل يقول باعتزاز: “إنني أفخر بأنني خدمت في الجيش العربي… الجيش الذي لم يبدل تبديلا.” فارتقى بالجيش إلى مصاف الجيوش الحديثة، عقيدةً وعتادًا، قيادةً وانضباطًا، ليبقى المؤسسة التي لا تتبدل ولا تساوم.

واليوم، يواصل المسيرة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – الملك الممكِّن والمعزّز – الذي تربّى في صفوف الجيش، وتخرّج من الميدان قبل أن يعتلي عرش البلاد. يرى جلالته في الجيش العربي الأردني شريكًا استراتيجيًا في بناء الدولة، لا مجرد مؤسسة تنفيذية. ولهذا، شهدت القوات المسلحة في عهده قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، والتحديث، والتسليح، والتعليم العسكري، حتى أصبح الجيش الأردني عنوانًا للانضباط والسيادة الإقليمية والإنسانية، وصوت العقل في زمن الفوضى.

ويأتي تزامن يوم الجيش مع ذكرى الثورة العربية الكبرى تتويجًا لهذه المسيرة، ليس كمجرد مصادفة تاريخية، بل كتجسيد حي لوحدة الرسالة، واستمرارية المشروع الهاشمي، من الشريف الحسين بن علي، إلى الملك المؤسس عبد الله الأول، إلى الملك الباني الحسين بن طلال، إلى جلالة الملك الممكِّن والمعزّز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم. فهذه ليست محطات منفصلة، بل خط سيادي واحد، يبدأ بالتحرر، ويُترجم بالجيش، ويُصان بالسيادة. لقد بقي الجيش العربي منذ نشأته على العهد، حاميًا للوطن، وحارسًا للهوية، ودرعًا للشرعية، لا يُبدّل قسمه، ولا يخون ميثاقه.

في العاشر من حزيران، لا نحتفل فقط، بل نُجدد القسم: أن هذا الوطن لا يُمس، وأن هذه الراية لا تُنكّس، وأن هذا الجيش لا يُكسر. من مكة إلى الكرامة، الرصاصة أصبحت جيشًا، والجيش أصبح عقيدة، والعقيدة أصبحت وطنًا لا يُساوم على كرامته، ولا يُفرّط بذرة من ترابه.

مقالات مشابهة

  • واتساب يودّع ملايين الأجهزة ابتداءً من اليوم… هل هاتفك من بينها؟
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • المرصد المصري للصحافة والإعلام يعلن قلقه إزاء الحكم الصادر بحبس الكاتب محمد الباز
  • "حقك تعرف".. الكاتب الصحفي عادل حمودة يطلق قناته الرسمية على يوتيوب
  • كاتيا ثائر الزعبي… من دي لا سال– الفرير تبدأ الحكاية
  • نقيب الصحفيين يعبّر عن انزعاجه من صدور حكم بالحبس ضد الكاتب الصحفي محمد الباز
  • “التقنيات المعاصرة في طب الأسنان”.. مؤتمر علمي لكلية طب الأسنان بجامعة الشام الخاصة
  • مشروع الهيئة: أن تعرف ما تريد خلال الطريق
  • بقاء الفصائل المسلحة في سوريا هل يقود إلى حرب أهلية
  • مجموعة سياحية أوروبية تزور مدينة بصرى الشام وتطلع على معالمها الأثرية