يمانيون../
تصاعدت الإدانات الفلسطينية المُنددة والرافضة لعمليات القتل التي تنفذها أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، لا سيما في مخيم جنين، مع دعوات لضرورة تحمّل السلطة مسؤوليتها الوطنية وأن لا تكون شريكاً فاعلاً جنباً إلى جنب مع العدو الصهيوني المجرم في إراقة الدم الفلسطيني.

فمنذ عدة أيام وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية تشن حملة عدوانية متواصلة على مدينة جنين ومخيمها، وسط تنسيق ودعم كاملين من العدو الصهيوني الغاصب.

وأسفرت هذه الحملة عن استشهاد عدد من المواطنين الفلسطينيين من بينهم القائد في كتيبة جنين يزيد جعايصة، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة نتيجة إطلاق النار المباشر من قِبَل هذه الأجهزة.

وبحسب القناة 12 الصهيونية فإن هذه الحملة الأمنية تأتي ضمن خطة مشتركة مع الكيان الصّهيوني.

وكشفت القناة أن قادة أجهزة السلطة تلقوا تعليمات مباشرة من مسؤولين صهاينة لإتمام العملية، مع تحذيرات من أن فشلهم سيؤدي إلى تدخل جيش العدو مباشرة.

وأشار تقرير القناة إلى أن العدو الصهيوني منح أجهزة السلطة الفلسطينية مزيدًا من الوقت لتنفيذ الحملة في حال أظهرت جدية في استهداف خلايا المقاومة.

وقد لاقت ممارسات وسياسات السلطة الحالية، استنكاراً فصائلياً واسعاً حيث اعتبرت الفصائل في بيانات منفصلة، ما يجري في جنين “سلوكًا مشينًا” يؤجج خلافات داخلية في وقت حساس ويتماهى مع العدوان الصهيوني وأهدافه.. داعية للوحدة والجلوس على طاولة الحوار الوطني.

وفي هذا السياق استنكرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، استمرار قيام أجهزة السلطة الأمنية بملاحقة المقاومين والمطلوبين للاحتلال، “وحالة الاستهداف المتصاعد والمتعمد لهم في جنين، والتي تتماهى بشكل تام مع العدوان الصهيوني وإجرامه، دون أي اكتراث لكل النداءات بكف يدها عن أبناء الشعب الفلسطيني ومقاوميه”.

وقالت: إن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في جنين “يؤجج خلافات داخلية نحن في غنى عنها، في هذا الوقت الحساس والمصيري من تاريخ قضيتنا وما تتعرض له من مخططات الضم والتهجير”.

ودعت حماس كافة الفصائل والقوى الوطنية، والمؤسسات القانونية والحقوقية لاتخاذ “موقف حاسم” أمام ما تقوم به الأجهزة الأمنية وخاصة في جنين، وعموم الضفة الغربية، والضغط الجاد عليها “لوضع حد لهذه التجاوزات الخطيرة التي تهدد النسيج والاستقرار المجتمعي”.

في غضون ذلك دعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أهالي مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية للإضراب والنفير العام وإعلان يوم غضب والمشاركة في تظاهرة شعبية تحت عنوان “دم الشهداء يوحدنا والعدو يتربص بنا”.

وقالت السرايا في بيانٍ لها: “إن هذا النفير هو أقل واجب أخلاقي وشرعي نؤديه نحو حقن الدم الفلسطيني، وإسنادًا لمخيم جنين حاضنة المقاومة بالضفة، ونصرةً للدماء الزكية التي نزفت من إخواننا المحاصرين بقطاع غزة، والقابعين تحت ظلم ونيران هذا العدو الغاشم”.

بدورها، دعت حركة المبادرة الوطنية السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية لوقف العمليات الجارية بجنين، والاحتكام للغة الحوار الوطني، والحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وسيادة القانون العادل بمواجهة مؤامرات الاحتلال وجرائمه.

وقالت في بيانٍ لها: إن “الصراعات والاشتباكات الداخلية هي آخر ما يحتاجه شعبنا وهو يواجه الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمجاعة في قطاع غزة ومؤامرة ضم وتهويد الضفة الغربية وتطهيرها عرقيا على يد عصابات الاحتلال والمستوطنين”.

لجان المقاومة في فلسطين بدورها دعت كل مكونات الشعب الفلسطيني للتصدي لما تقوم بها أجهزة الأمن وخاصة في جنين “لوضع حد لما وصفته بـ “الخطيئة الكبيرة التي تهدد نسيجنا المجتمعي والوطني وتكرس الانقسام”.

واعتبرت في بيانٍ لها، شن الأجهزة الأمنية حملة تستهدف المقاومين والمطلوبين للاحتلال، “تماهيا واضحا مع أجندة الاحتلال، التي تستهدف القضاء على حالة المقاومة؛ بهدف إفراغ الضفة من المقاومين لتسهيل تنفيذ مخططات الضم والتهويد”.

وطالبت السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية لتغليب صوت العقل والمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وقضيته، والوقف الفوري والتام عن “جميع هذه الاعتداءات المشبوهة، والتي لا تصب الا بمصلحة كيان الاحتلال”.

واعتبر محللون سياسيون الحملة الشرسة التي تشنها أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية في مخيم جنين وإعدامها للمقاومين، بأنها مؤشر خطير، يأتي على حساب المقاومة الفلسطينية، ويمنح العدو الصهيوني ذرائع إضافية لاستهداف الفلسطينيين.

وأكد المحللون أن هذه السياسة المدمرة التي تنتهجها أجهزة أمن السلطة هى تجسيد واقعي لمفهوم التنسيق الأمني الذي حاولت السلطة نفيه أكثر من مرة، بالإضافة إلى كونها، خطوة ضمن مخطط صهيوني ممنهج لتفريغ الضفة الغربية من المقاومة، في تواطؤ مفضوح يعكس انحراف السلطة عن واجبها الوطني وتحولها إلى أداة لخدمة كيان الاحتلال ومصالحه.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة العدو الصهیونی الضفة الغربیة أجهزة السلطة فی جنین

إقرأ أيضاً:

المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب

 

 

 

أحمد الفقيه العجيلي

 

تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.

حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.

هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.

الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.

وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.

والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.

التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.

ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.

بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.

ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.

في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.

لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.

ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.

وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.

هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.

في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.

مقالات مشابهة

  • توغل صهيوني جديد في ريف القنيطرة.. وتحليق مكثف للطيران في دمشق
  • إصابة طبيب فلسطيني برصاص العدو الإسرائيلي في جنين
  • لتحقيق الأمن.. الهباش: يجب عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة
  • محافظة القدس تحذّر من مخطط صهيوني لاقتلاع 33 تجمعًا بدويًا وتهجير أكثر من 7 آلاف مواطن
  • محافظة القدس تحذّر من مخطط اقتلاع ممنهج يستهدف 33 تجمعاً بدوياً شرق المحافظة
  • رئاسة السلطة الفلسطينية تعلق على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية
  • المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
  • الرقب: السلطة الفلسطينية الخيار الوحيد.. وحماية غزة ضرورة وطنية
  • مشعل: السلطة بغزة يجب أن تكون فلسطينية ولدينا مقاربات بشأن السلاح
  • في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة