عربي21:
2025-12-09@21:41:15 GMT

في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة

تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT

الانتظار ولا شيء غيره أمام الفلسطينيين لاستشراف مستقبلهم، ففي حالة التأمل العميق لواقعهم المعقد والقاسي، في ظل التشتت وانعدام المواقف والقرارات والخطوات اللازمة لمواجهة هذه الحالة، يجد الشعب الفلسطيني نفسه في مواجهة عارية لصد العدوان عليه وعلى أرضه. ومما يزيد من شهية المؤسسة الصهيونية التكريس الفعلي لنظام الفصل العنصري، افتقار السياسة الفلسطينية لعوامل الكبح والمواجهة بالمعنى السياسي والنضالي المطلوب، رغم المعرفة بضرورات كثيرة، أصبح تكرارها ممجوجا، وبلا أثر وفعل وصدى في الشارع الفلسطيني المثقل بعوامل حرب الإبادة الجماعية في غزة وفي مدن الضفة الفلسطينية والقدس.



فقد أصبحت أفكار ودعوات إنهاء الانقسام الفلسطيني، أو التفكير والعمل خارج بوتقة مؤسسات السلطة المشلولة، رنانة في إطلاقها ومعيبة ومخزية في الفشل الذي تصاب به، من كثرة إعادة صياغتها وترويجها. ولأن السلطة الفلسطينية منشغلة بشكل أبدي بإدارة ذاتها، للحفاظ على نفسها ودورها ومهامها، ومشلولة بالاهتمام بمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني، ولا يمكن لها أن تكون كذلك بحكم الدور والوظيفة، فهي تبقى مسئولة عن تعطيل كافة برامج حشد الطاقات والمواجهة لترتيب الأوضاع الداخلية، لأن منظومة المبادئ المتعلقة بذلك قائمة على عدم المساومة على مواجهة عدوان المستوطنين، وقضم مزيد من الأراضي وخطط بناء جدران عزل وفصل عنصري، والتفرج اليومي على جرائم الإبادة الجماعية والعدوان والقتل والتهجير ونسف المنازل وغيرها، وهي مسائل يفترض أنه لا مساومة فيها ولا تقصير.

كل ذلك وغيره، خلق حالة من الشعور بالسلبية والهزيمة في الشارع الفلسطيني، والذي تساهم السلطة مع الاحتلال في فرضه كأمرٍ واقع يفرض على الفلسطينيين خضوعا للإملاءات الأمريكية الغربية والإسرائيلية، فلا خيارات ولا بدائل أمامه سوى ما تنتجه آلة العجز الفلسطيني في الرد على الاحتلال وعدوانه نيابة عن الشعب.

الجميع يترقب الآن تنفيذ الاحتلال للمرحلة الثانية في غزة، ويراهن على الكلام الأمريكي ورغبته بأن تلتزم الحكومة الإسرائيلية ذلك، مع أنها مستمرة في جرائم الإبادة ومواقف رسم حدود جديدة لخنق القطاع وتهجير سكانه، فضلا عن المضي المتسارع في إجراءات الضم للأرض في الضفة، أي أنه لا يمكن الادعاء أن هناك التزاما إسرائيليا بأي بند أو شرط أو قانون يلجم الهجمة الصهيونية، ولا يمكن الادعاء بأن وقف إطلاق النار المزعوم في غزة وتنفيذ "المقاومة" فيها لتعهدات الخطة الأمريكية سيبني مستقبلا أفضل لغزة، أو للقضية الفلسطينية ومشروع السلام وحل الدولتين، وهذا أصبح عرفا ثابتا في المراوغات الأمريكية الإسرائيلية وبديهيا بعدم التعويل عليه.

ما يحيط بالفلسطينيين وقضيتهم، وعلى مدار الوقت، كان يشير دوما على تصاعد العدوان، وتآكل فرص وتبديد كل الأوهام لعقود طويلة، مع اتضاح استراتيجية إسرائيلية لتعزيز السيطرة على الأرض، تمنع قيام أي كيان فلسطيني جغرافي وديمغرافي متصل أو متحد، وتفشل معه سياسة النفاق الغربي الأمريكي وردود فعلها في ثني حكومة فاشية ويمينية متطرفة عن الالتزام بأي معيار أخلاقي وسياسي وقانوني، بينما يتلقى الفلسطينيون وسلطتهم قائمة لا تنتهي من الاشتراطات الإسرائيلية والغربية، والتجاوب معها لتلبية احتياجات تؤمن المضي الإسرائيلي بسياسات الفصل العنصري.

هذه الحقائق شكلت واقعا مختلف تماما عن الافتراض السائد بمسؤولية "عنف" شعب واقع تحت الاحتلال ومسؤوليته عن تدهور أوضاع عملية "السلام" التي يتشدق بها للآن معظم ساسة الغرب والولايات المتحدة، وباعتبار الشعب الفلسطيني هو الجانب الأضعف ضمن هذه الحقائق، ومطلوب منه افتراضا استغلال مهارات مختلفة عما ظهر عليه أداء قيادته في السلطة طيلة المرحلة الماضية، واستغلال كل الفرص والتجربة مع جملة الإخفاقات التي مني بها رهانهم الخاسر على أدوار غربية ونيات أمريكية ودور عربي عاجز ومفضوح حتى العظم، والميل إلى افتراضات بالغة السخف والتضخيم؛ إذا تخلى شعب تحت الاحتلال عن مجابهة محتله وعن كل وسائله النضالية بما فيها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية.

النتيجة التي حصل عليها الشعب الفلسطيني، بهذه التجربة القاسية، لم تقتصر فقط على تقزيم الحالة الفلسطينية لمستويات الانحدار الكلي فقط أمام المحتل، ولا في تغول وعربدة قادة الفاشية في حكومة نتنياهو، لكن في الهوس في إبقاء العطب متسيّدا ساحة العمل الوطني الفلسطيني، وتعطيل كل المهام العاجلة التي تتطلبها مخاطر تعج بها القضية الفلسطينية من كل جوانبها، فالانسياق المستمر إلى أحابيل الكذب الصهيوني الأمريكي بتشجيع عربي، نتائجه هذا الخنوع السائد الذي يراد تعميمه وتكريسه كبديل يُسقط كل البدائل التي يطالب بها الشعب الفلسطيني في وطنه ومنافيه.

المهانة المستمرة في تعطيل دور الشارع الفلسطيني ودور كل مؤسساته الوطنية، فيها من التخاذل واللا مسؤولية الأخلاقية، بحيث تُبقي حالة الإذعان الرسمي الفلسطيني والعربي للعدوان أمرا بديهيا، يزوّر بديهيات إرادة شعب، ولا يمكن مواجهة هذه المهمة الصعبة والملحة بتحدٍ كلامي مستمر عنها لا يسمن ولا يغني من جوع، وما لم يحدث تغيير في ما هو سائد من عطب، وما لم يكن هناك حيز من فعلٍ حقيقي تبادر له كل القوى الفلسطينية مجتمعة، للخروج من خندق الخطاب والشعارات والعجز ولوم الظروف الى رحاب فعلٍ وممارسة يتلمسها الشارع الفلسطيني، فإننا سنبقى نتداول أخبار ومشاهد بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ونتنياهو وبقية الطبقة الفاشية في إسرائيل تبرهن لنا بطريقة أكثر شدة وإرهابا وسفكا للدماء لتحجيم حقوقنا. فالحاجة الملحة المؤجلة بشكل كارثي للقيام بالتغيير المطلوب على الساحة الفلسطينية، هي آخر الأسلحة المتبقية لدى الفلسطينيين، ويجب استعمالها الآن وعلى نطاق واسع، من قبل من بقي يؤمن ويعتقد بضرورة إنجاز مهام وأجندة فلسطينية عاجلة.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الفلسطينيين الاحتلال الإسرائيلية إسرائيل احتلال فلسطين قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة من هنا وهناك رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشارع الفلسطینی الشعب الفلسطینی لا یمکن

إقرأ أيضاً:

قطر تدافع عن الشعب الفلسطيني وتؤكد دورها في السلام دون تمويل الدمار

أكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، أن دولة قطر ستواصل دعم الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدات الإنسانية له، مشددًا على أن الدوحة لن تتحمل تكلفة إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكدًا أن الفلسطينيين لهم الحق في البقاء على أرضهم ولا يحق لأي جهة إجبارهم على مغادرة بلادهم.

جاء ذلك في حوار مع تاكر كارلسون، مؤسس شبكة "تاكر كارلسون"، على هامش فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الدوحة 2025، الذي يُعقد تحت شعار: "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس".

وأشار وزير الخارجية القطري إلى أن العلاقة بين قطر وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" جاءت بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية منذ 13 عامًا، موضحًا أن جذور العلاقة تمتد إلى نحو 19 عامًا، بدءًا من مشاركة الحركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، ونقل مكتبها إلى الدوحة عام 2012، والذي اقتصر على التواصل لوقف إطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.

وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني أن جميع المساعدات التي وصلت إلى الشعب الفلسطيني نفذت بشفافية تامة وتحت متابعة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتنسيق مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، نافياً تقديم قطر أي تمويل لحركة "حماس"، واصفًا الادعاءات بهذا الخصوص بأنها لا أساس لها من الصحة.

وأوضح أن الدوحة تعرضت لانتقادات وهجمات بسبب استضافة الحركة، لكنها ترى أن وجود كافة الأطراف في النزاعات ضروري لتحقيق الحلول، وأن التواصل مع "حماس" أسهم في توقيع اتفاقات متعددة لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وتخفيف معاناة المدنيين، مشيرًا إلى أن بعض السياسيين يستغلون هذه الجهود لتحقيق مكاسب قصيرة المدى.

كما أعرب عن رفضه القصف الإسرائيلي للدوحة، واصفًا هذا العمل بأنه غير مسبوق ويخالف سيادة الدول والقانون الدولي، مؤكدًا أن الوساطة تقوم على توفير مساحة آمنة للأطراف المتنازعة للتوصل إلى اتفاقات سلمية.

وعن العلاقات القطرية ـ الأمريكية، شدد معاليه على أنها قائمة على التعاون من أجل خفض التصعيد وتحقيق السلام في المنطقة، مؤكدًا أن أي محاولات لتشويه هذه العلاقة أو ربط الضربة الإسرائيلية بموافقة الولايات المتحدة غير صحيحة، وتهدف إلى تضليل الرأي العام.

وفي ما يتعلق بقطاع غزة، أكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن أن الدعم القطري سيظل للشعب الفلسطيني، وليس لإعادة الإعمار الذي تسبب فيه الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى صمود أهالي غزة ورغبتهم في البقاء على أرضهم رغم الدمار الكبير، وأن أي تهجير قسري لهم غير مقبول.

وحذر من أن استمرار الخروقات في غزة قد يؤدي إلى تصعيد جديد، مؤكدًا أن الحل الأمثل يكمن في تنفيذ خطة إعادة الإعمار التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى جانب التوصل إلى حل سياسي شامل عبر إقامة الدولة الفلسطينية وفق حل الدولتين.

كما أعرب عن أمله في عدم وقوع حرب بين إسرائيل وإيران، داعيًا إلى استئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، محذرًا من أن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيكون له تأثير على المنطقة بأكملها.

وعن الأزمة الروسية الأوكرانية، شدد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني على أهمية الجهود الأمريكية الحالية للتوصل إلى حل، مؤكدًا أن استمرار الحرب يضر بالعالم بأسره وله عواقب وخيمة على الاقتصاد والسياسات الدولية.


مقالات مشابهة

  • الخارجية: أهمية تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لعودة السلطة لقطاع غزة
  • الأمن الفلسطيني: سنذهب إلى غزة فور استقرار الوضع لإجراء الانتخابات
  • كيف يتزايد النفوذ السعودي داخل الساحة الفلسطينية؟.. تقرير إسرائيلي يرصد التغير
  • قطر تدافع عن الشعب الفلسطيني وتؤكد دورها في السلام دون تمويل الدمار
  • محمد بن راشد: شكراً للجميع.. وستبقى الإمارات مسانداً وداعماً للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني الشقيق
  • قطر: لن نموِّل إعادة إعمار ما دمّره الآخرون في غزة.. وسنواصل دعم الشعب الفلسطيني
  • قطر: سنواصل دعم الشعب الفلسطيني.. ولن نمول إعادة إعمار ما دمّره الآخرون
  • قطر: لا جهة تملك حق ترحيل الشعب الفلسطيني من أرضه
  • طبيب يكشف الحالات التي يمكن فيها خفض ضغط الدم دون الحاجة إلى أدوية