حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة، وأطبق على فعلها السلف الصالح، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير، ومَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.
فضل الاجتماع والتعاون بين المسلمين
وجاء الشرع الشريف بالدعوة إلى الاجتماع والتعاون بين المسلمين في أعمال الخير والبر؛ فقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، ومن حثه على ذلك كان الأمر بالاجتماع على ذكر الله، حيث إن الاجتماع على ذكره تعالى من أفضل العبادات؛ قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]، وجاءت النصوص من السنة النبوية ببيان ما أعده الله تعالى للمجتمعين على ذكره من جزيل عطائه؛ فهم ممن تحفهم الملائكة، وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم الله تعالى فيمن عنده؛ فروى مسلم في "صحيحه" عن الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أنه قال: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
الأدلة على استحباب اجتماع المسلمين على قراءة القرآن الكريم
كما أنه قد وردت النصوص من السنة النبوية الشريفة في خصوص استحباب اجتماع المسلمين على قراءة القرآن الكريم، وبيان ما أعد الله لهم على ذلك من جزيل الثواب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقْرَءُونَ وَيَتَعَلَّمُونَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي الرُّدَيْنِ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَجْتَمِعُونَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَتَعَاطُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا كَانُوا أَضْيَافًا لله عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَقُومُوا أَوْ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، والشجري في "ترتيب الأمالي"، والهيثمي في "بغية الحارث".
حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت والأدلة على ذلك
وأضافت الإفتاء أن إهداؤهم ثواب قراءتهم لموتاهم فهو أيضًا مما تواردت النصوص وآثار السلف الصالح على جوازه، وتوارثه المسلمون جيلًا بعد جيل.
فأما ما يستدل به من نصوص شرعية على جواز إهداء الموتى ثواب قراءة القرآن الكريم:
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرَّم وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَقَرَأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ وَهْبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ، أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ» خرَّجه الخلَّال في "القراءة على القبور" والسمرقندي في "فضائل قل هو الله أحد" والسِّلَفِي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآلـه وسلم: «مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ ثَوَابَ مَا قَرَأْتُ مِنْ كَلَامِكَ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، كَانُوا شُفَعَاءَ لَهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى» خرَّجه أبو القاسم الزنجاني في "فوائده".
أقوال الفقهاء في انتفاع الميت بثواب ما يهدى إليه
ونص أصحاب المذاهب المتبوعة على انتفاع الميت بثواب ما يهدى إليه:
فعند الحنفية: قال الإمام الميرغيناني في "الهداية" (1/ 178، ط. دار إحياء التراث): [الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها عند أهل السنة والجماعة لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله تعالى وشهد له بالبلاغ] اهـ.
وعند المالكية: المحققون منهم -وهو المعتمد عند متأخِّريهم- على جواز ذلك وأن ثواب القراءة يصل إلى الميت؛ ففي "حاشية العلامة الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 423، ط. دار الفكر): [وفي آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾، قال: وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك وحصل للميت أجره. اهـ وقال ابن هلال في نوازله: الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غيرُ واحدٍ مِن أئمتنا الأندَلُسِيِّين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم ويصل إليه نفعه، ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له، وبه جرى عمل المسلمين شرقًا وغربًا ووقفوا على ذلك أوقافًا واستمر عليه الأمر منذ أزمنةٍ سالفة، ثم قال: ومن اللطائف أن عز الدين بن عبد السلام الشافعي رُئِيَ في المنام بعد موته فقيل له: ما تقول فيما كنتَ تُنكِر مِن وصول ما يُهدَى مِن قراءة القرآن للموتى؟ فقال: هيهات وجدتُ الأمر على خلاف ما كنت أظن اهـ] اهـ.
وعند الشافعية: فقال الإمام النووي في "الأذكار" (1/ 288، ط. دار ابن حزم): [ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين. قال الشافعي والأصحاب: يُستحب أن يقرأوا عنده شيئًا من القرآن؛ قالوا: فإن ختموا القرآن كله كان حسنًا] اهـ.
وعند الحنابلة: قال الإمام بهاء الدين المقدسي في "العدة شرح العمدة" (ص: 134، ط. دار الحديث): [وأما قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت، فالإجماع واقع على فعله من غير نكير، وقد صح الحديث: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله» [رواه البخاري] والله سبحانه أكرم من أن يوصل إليه العقوبة ويحجب عنه المثوبة] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ختمة ختمة القرآن ختمة للميت صلى الله علیه وآله وسلم قراءة القرآن الکریم رضی الله عنه ی الله ع على ذلک
إقرأ أيضاً:
آداب وفضل صيام يوم عرفة.. ماذا كان يقول الرسول؟
صيام عرفة.. تزامنا مع قرب حلول يوم عرفة الذي يفضل معظم المسلمين صومه، تزايد البحث من قبل الكثيرين عن فضل آداب صيام هذا اليوم، وعن أحاديث سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم حول فضل صيامه.
آداب صيام يوم عرفةالأصل في الصيام تبيين النية له من الليل، ولكن الشرع استثنى صوم النقل فخفف فيه وأجاز للإنسان أنه إذا استيقظ بعد الفجر أن ينوي الصيام بشرط أن تكون هذه النية قبل الزوال أي قبل وقت الظهر، أما إذا جاوز الوقت الظهر فاستيقظ مثلًا بعد العصر أو قبل المغرب فلا يجوز له أن ينوي الصيام ولا يصح، ويكون صيامه في هذه الحالة غير صحيح، وفقا لدار الإفتاء المصرية.
ويجب ألا يأتِ الشخص بشيء منافٍ للصيام، فإذا استيقظ بعد الفجر أو قبل الظهر بقليل ولم يأكل أو يشرب أو يأت بشيء ينافي الصيام ونوى الصيام صح صومه وجاز له أن يصوم ذلك اليوم ويُثاب عليه، واستدل على ذلك بما روي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» أخرجه مسلم في «صحيحه».
واتّفق الفقهاء جميعاً على استحباب وفضل صيام يوم عرفة، ولم يقل أحدٌ منهم بخِلاف ذلك، وصيامه أفضل من صيام غيره من الأيّام باستثناء صيام فريضة رمضان، ولصيامه فضل عظيم يترتّب عليه، فهو يُوجِب مغفرة الله -تعالى- للعبد، كما يُستحَبّ في هذا اليوم الإكثار من الأعمال الصالحة، كالحرص على أداء النوافل، والإكثار من ذِكر الله -تعالى-، والصدقة في سبيل الله -تعالى-، فللأعمال الصالحة في هذا اليوم فضل عظيم
ويتفضلّ الله -سبحانه- على عباده في يوم عرفة بعدد من الفضائل، إذ يعتق فيه رقاب العباد من النار، ويغفر لهم وتجتمع في يوم عرفة عدّة خصائص من شأنها أن تجعل له مكانة عظيمة، ومنها ما يأتي: «يُعَدّ من أيّام شهر ذي الحجّة الذي هو من الأشهر الحرم، كما أنَّ شهر ذي الحجّة من أشهر الحجّ، ويوم عرفة من الأيّام التي أثنى الله -تعالى- عليها في القرآن الكريم واصفاً إيّاها بالأيّام المعلومات، فقد قال: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ».
يُعَدّ من الأيّام العَشر التي أقسم الله -تعالى- بها في سورة الفجر، قال -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وهذا دليل على شرفها وعظمها. يُعَدّ من الأيّام التي لها فضل وميّزة على باقي أيام السنّة، وفيه أتمّ الله نعمته على الأمّة الإسلاميّة، وأكمل لهم دينهم، قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا)
يوم عرفةالعتق من النار قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).
عِظم رحمة الله تعالى فيه قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث: (ما رُئِيَ الشَّيطانُ يَومًا هو فيه أصغَرُ، ولا أدحَرُ، ولا أحقَرُ، ولا أغيَظُ منه يَومَ عَرَفةَ، وما ذاك إلَّا لِمَا يَرى مِن تَنزُّلِ الرَّحمةِ، وتَجاوُزِ اللهِ عنِ الذُّنوبِ العِظامِ).
مباهاة الله -تعالى- ملائكته بالحُجّاج قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عَرَفاتٍ أهلَ السَّماءِ، فيَقولُ لهم: انظُروا إلى عِبادي جاؤوني شُعْثًا غُبْرًا).
يُعَدّ يوماً للتكبير وهو رُكن الحَجّ، قال -عليه الصلاة والسلام-: (الحَجّ عَرَفةٌ -أوْ عَرَفاتٌ- فمَنْ أَدْرَكَ عَرَفةَ قبلَ طُلوعِ الفَجْرِ فقد أَدْرَكَ الحَجَّ).
يُعَدّ من أيّام العيد بالنسبة إلى حُجّاج البيت الحرام قال -عليه الصلاة والسلام-: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدَنا أَهلَ الإسلامِ، وَهيَ أيَّامُ أَكلٍ وشربٍ).
اقرأ أيضاًهل صيام يوم عرفة سنة أم فرض؟.. الإفتاء توضح
«من القرآن والسنة».. دعاء يوم عرفة 2025 وأفضل الأعمال المستحبة
رددها من الآن.. أفضل الأدعية والأعمال المستحبة في يوم عرفة 2025