في ظل توجه الحكومة نحو التخارج من الشركات الحكومية وطرحها للاكتتابات العامة ضمن إطار زمني محدد، شهدت بورصة مسقط موجة من الإدراجات المتتالية التي أثرت بشكل واضح على أداء السوق، ولوحظ خلال هذه الفترة تذبذب ملحوظ في المؤشر العام، مما أثار تباينًا في آراء المحللين والمستثمرين حول جدوى هذه الخطوات وتأثيرها على استقرار السوق واستقطاب رؤوس الأموال.

أكد مشاركون في استطلاع أجرته "عمان" أن الإدراجات المتتالية للشركات الحكومية كانت خطوة استراتيجية لدعم السوق، إلا أن تأثيرها كان متباينًا؛ حيث أشار البعض إلى أنها ساهمت في زيادة السيولة وجذب المستثمرين، بينما لفت آخرون إلى أنها أحدثت ضغوطًا على المؤشر العام وأثرت سلبًا على أسعار الأسهم، كما أشاروا إلى أن دخول صغار المستثمرين والمضاربة خلال الطروحات ساهم في تذبذب البورصة، داعين إلى وضع جدول زمني منظم للطروحات لتجنب الضغوط السوقية وضمان استقرار الأداء.

ويروا أهمية أن يقوم جهاز الاستثمار العُماني بالإعلان المسبق عن خطط إدراج الشركات، بما في ذلك تحديد مسمياتها وتوقيتاتها، لتعزيز الشفافية وتمكين المستثمرين من ترتيب أولوياتهم، بما يحقق توازنًا أكبر للسوق ويدعم نموه على المدى الطويل.

تعزيز الاكتتابات

أكد محمد بن أحمد الشيزاوي، صحفي متخصص في الشؤون الاقتصادية، أن تخصيص الشركات الحكومية وتحويلها إلى شركات مساهمة عامة عبر طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام يمثل أحد المحاور الأساسية لدعم بورصة مسقط، وأوضح أن هذه الخطوة تسهم في تعزيز حجم البورصة، وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين، وتوظيف المدخرات المحلية، بالإضافة إلى جذب مستثمرين جدد، مشيرًا إلى أن الاكتتابات العامة تُعد ضرورة استراتيجية لتطوير السوق المالي.

وعن أهمية التنظيم، أشار الشيزاوي إلى أن غياب برنامج زمني واضح للاكتتابات يتم الإعلان عنه في بداية كل عام أثّر سلبًا على بورصة مسقط. وأوضح أن هذا القصور لا يقتصر على الاكتتابات الأخيرة فقط، بل يشمل جميع الطروحات السابقة. وبيّن أن عدم تنظيم الاكتتابات يؤثر على خطط المستثمرين، سواء الأفراد أو المؤسسات، الذين غالبًا ما يحددون أهدافهم الاستثمارية والقطاعات المستهدفة مع بداية العام. وأكد أن الوضوح في تنظيم الطروحات يُمكّن المستثمرين من اختيار الفرص الأنسب، مما يعزز توجههم نحو البورصة، مؤكدا أن عدم التنظيم وما شهدناه خلال الفترة الأخيرة من إصدار نشرة الاكتتاب وطرح الأسهم بعد بضعة أيام فقط، أثر سلبًا على البورصة. ونتيجة لذلك دعا المستثمرون إلى بيع أسهمهم بسعر السوق لتوفير السيولة اللازمة للاكتتاب، مما أدى إلى تراجعات ملحوظة في أسعار الأسهم. هذا الانخفاض أضعف ثقة المستثمرين في بورصة مسقط التي تُعد إحدى الأدوات المهمة لدعم التنويع الاقتصادي والادخار المحلي.

وأضاف أن هناك أمرًا آخر يتعلق بتقييم الشركات وتحديد سعر الطرح، لافتا إلى الملاحظة أن بعض الأسهم تم طرحها بأسعار مبالغ فيها وهو ما أثر بعد ذلك على سهمها في البورصة، ويرى الشيزاوي أنه ينبغي الحرص على أن تكون الأسعار جذابة وتحقق مكاسب للجميع بما في ذلك المستثمرون في البورصة والمكتتبون وليس فقط الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام.

وحول أداء بورصة مسقط خلال الشهر الماضي، أوضح الشيزاوي أن الضغوط التي شهدتها البورصة أسهمت في تراجع المؤشر الرئيسي بنحو 186 نقطة، مما قلّص من المكاسب التي حققها منذ بداية العام الجاري. ودعا إلى ضرورة مراجعة بورصة مسقط وهيئة الخدمات المالية لخططهما بهدف تعزيز الثقة في السوق، والحد من أي تأثيرات سلبية محتملة خلال العام المقبل.

كما أكد على أهمية وضع استراتيجيات محكمة لاستقرار البورصة وتعزيز مكانتها بصفتها منصة استثمارية موثوقة، وأشار إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تنسيق الجهود بين الجهات المعنية لضمان نمو مستدام للبورصة، وزيادة الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين، والمحافظة على دورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.

جدولة الاكتتابات

من جهته أكد سيف بن حمد النقبي، مستثمر في بورصة مسقط: أن الاكتتابات العامة تمثل مطلبًا رئيسيًا لجميع البورصات، خاصة عندما يكون هناك إدراج شركات كبرى تعمل في قطاعات واعدة، كما أن الإدراجات تسهم في زيادة السيولة وتنشيط حركة الاستثمار مما يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على الدخول إلى السوق.

لافتا أن تأثر الشركات المدرجة أثناء فترات الاكتتاب أمر طبيعي خاصة مع الإقبال الكبير، موضحا أن السوق يشهد عمليات بيع مكثفة لجمع السيولة، كما أنه رغم الإيجابية العامة للاكتتابات السابقة إلا أن مشكلة شح السيولة كانت واضحة، حيث يواجه المستثمرون صعوبة في العثور على طلبات شراء، مما يدفع البعض إلى البيع بأسعار أقل من القيمة السوقية.

وفيما يتعلق بجدولة الاكتتابات، أوضح النقبي أن الإدراجات المتتالية قد تضع ضغطًا على السوق، مقترحًا تخصيص فترات زمنية كافية بين الاكتتابات لضمان استقرار السوق وإتاحة الفرصة للمستثمرين لتنظيم استثماراتهم بشكل أفضل، لافتا أن دعم صغار المستثمرين من خلال زيادة التخصيص وتسهيل الإجراءات أسهم في تعزيز الثقة بالسوق.

وأشار النقبي أن السلوك الاستثماري في المضاربة على الأسهم خلال الاكتتابات تسهم نوعا ما في خفض أسعار الأسهم عن قيمتها العادلة، ودعا المستثمرين إلى اتباع خطط استثمارية واضحة واستغلال الفرص المتاحة عند انخفاض الأسعار في الشركات، مؤكدًا أنه مع تحسن الظروف سيعود السوق إلى استقراره بمجرد.

أما بشأن شح السيولة، أشار إلى أن بعض الشركات تعاني من غياب طلبات الشراء، مما يؤدي إلى اضطرار المستثمرين إلى البيع بأسعار أقل، وأشار إلى جهود المسؤولين لتفعيل أدوات مثل مزود السيولة لمعالجة هذا التحدي، ولكنه أكد أن المشكلة ما زالت قائمة، ودعا جهاز الاستثمار العُماني إلى الإعلان عن خطط الإدراج المستقبلية بشكل تقديري لعام أو عامين مع التركيز على إدراج شركتين سنويًا بفواصل زمنية مناسبة، لضمان استقرار السوق وتجنب التأثيرات السلبية للإدراجات المتتالية.

توازن الاكتتابات

فيما لفت خالد الشماخي، المستثمر في بورصة مسقط، أن تسريع الاكتتابات المتتالية من الجهات المختصة خلال فترة زمنية قصيرة يعكس توجّهًا استراتيجيًا نحو ترقية بورصة مسقط من سوق مبتدئة إلى سوق ناشئة، وهذا التوجه يعتبر خطوة حيوية لوضع البورصة على رادار المستثمرين العالميين، وتعزيز الإقبال على الاستثمار في سلطنة عمان، مما يعزز مكانتها الاستثمارية عالميًا، كما أنه يمهّد الطريق لانضمام البورصة إلى المؤشرات العالمية واستقطاب صناديق استثمارية جديدة تُلزم بعضها بالاستثمار في الأسواق الناشئة، مما يؤدي إلى زيادة السيولة وحجم التدفقات الاستثمارية وارتفاع القيمة السوقية للبورصة، التي تُعد مرآة للأداء الاقتصادي للبلاد.

وأشار الشماخي إلى أن الاكتتابات المتتالية تسببت في ضغوط كبيرة على المحافظ الاستثمارية للمستثمرين، حيث شهدت غالبية الأسهم تراجعًا نتيجة لتحوّل السيولة نحو الاكتتابات الجديدة التي تقدم عوائد ممتازة، وأوضح أن غياب صانع سوق حقيقي للشركات المدرجة سابقًا، بالإضافة إلى عدم وجود صناديق سيولة فعّالة، أثر بشكل سلبي على أداء العديد من الأسهم وعلى المؤشر العام للبورصة، الذي لم يتجاوز حاجز 5000 نقطة رغم الإدراجات المتتالية للشركات الحكومية.

وشدد الشماخي على أهمية وضع جدول زمني مدروس بعناية للاكتتابات الكبيرة، مشيرًا إلى أن الاكتتابات القوية يجب أن تركز على الطرح الجزئي للشركات ذات رأس المال الكبير بنسبة لا تتجاوز 30% من رأس المال، وذلك لضمان بقاء رؤوس الأموال في السوق وتعزيز السيولة، كما دعا إلى ضرورة تعاون جهاز الاستثمار العماني مع الجهات المعنية، مثل بورصة مسقط، وهيئة الخدمات المالية، وشركة مسقط للمقاصة والإيداع، لوضع خطة واضحة للإدراجات قبل عام على الأقل، مما يتيح للمستثمرين الوقت الكافي لترتيب أوراقهم.

وأضاف أن التخارج المخطط من شركات في قطاعات متعددة، مثل الصناعة والمعادن والسياحة واللوجستيات، يحتاج إلى تنسيق دقيق لضمان تحقيق التنويع الاقتصادي المرجو، كما دعا إلى إصدار نشرة الاكتتاب قبل شهر من موعد الاكتتاب، لإتاحة الوقت الكافي للمستثمرين وشركات الوساطة المالية لتحليل البيانات بشكل متأنٍ واتخاذ قرارات مستنيرة.

وعن التحديات والفرص في سوق المال أشار الشماخي إلى أن الهدف الأساسي من الاكتتابات هو جذب رؤوس أموال جديدة وزيادة السيولة في السوق، لكن ما زالت قيم التداول اليومية ضعيفة، ولا تتجاوز غالبًا 5 ملايين ريال عماني، باستثناء حالات نادرة، وبيّن أن السيولة الجديدة هي نتاج صناديق السيولة المرتبطة بالشركات المدرجة، وليس استثمارات جديدة من المستثمرين.

وفيما يتعلق بفترة الطروحات الأخيرة، يرى أن إدراج شركتين كبيرتين في قطاع النفط والغاز خلال فترة زمنية قصيرة أثر سلبًا على قيمة الطرح وأدى إلى تراجع قيمة الأسهم عن سعر الاكتتاب، كما أن المستثمرين الأفراد يركزون بشكل رئيسي على تحقيق أرباح سريعة، دون النظر إلى الوضع المالي للشركات أو نشاطها الأساسي، مما يقلل من الاستفادة الحقيقية من هذه الاكتتابات على المدى البعيد، ودعا إلى إعادة النظر في استراتيجية الطروحات المستقبلية، بما يضمن استدامة السوق المالية وتعزيز ثقة المستثمرين، مع التأكيد على أهمية التوازن بين الطروحات الجديدة والأداء العام للسوق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: زیادة السیولة فی بورصة مسقط سلب ا على التی ت کما أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

من يحمي المستثمرين في قطاع الإعلام ؟

صراحة نيوز- خاص

من الطبيعي لاي دولة ان تهتم بالمؤسسات الاعلامية الوطنية سواء الرسمية او الخاصة بكونها نافذة الدولة التي يرى منها الداخل والخارج ما يجري فيها وتعكس وجهات النظر الرسمية والقطاعات الاخرى سواء سياسية واقتصادية وعلمية ومجتمعية.

ولقد كانت المؤسسات الاعلامية التابعة للقطاع الخاصة في الاردن والمتمثلة بقنوات التلفزة والاذاعة والصحف اليومية والاسبوعية والمواقع الاخبارية الالكترونية هي النافذة التي تمتثل دوما للدفاع عن الدولة وتترجم رؤيتها في المجالات المختلفة.

الا ان الحكومات المتعاقبة وعلى الرغم من استفادتها الكبيرة من هذه المؤسسات في نقل وجهة نظرها ونشر اخبارها وتجسيد دور وطني خالص في الدفاع عن قضايا الامة ، والوقوف دوما وبحس وطني الى في ابراز دور الاردن القومي والاسلامي.

لم تقابل هذا الفعل برد فعل مناسب ، لا بل انها لم تضعها من ضمن خطط رؤية التحديث الاقتصادي ، والاستفادة من وجود مؤسسات اعلامية وظفت امكانياتها المالية والفنية في خدمة الاردن من خلال حجم الاستثمار في هذا القطاع ، والبحث في امكانيات الاستثمار فيه كجانب مهم في تعزيز رؤية التحديث الاقتصادي ، وما لهذا القطاع الحيوي من اهمية في توليد فرص عمل لخريجي الجامعات في التخصصات الاعلامية والصحفية.

واخذ دور مهم كان على عاتق الحكومة في توفير فرص عمل لجيش الخريجين من الجامعات الحكومية والخاصة ، دون وجود خطط واضحة لكيفية استيعاب هؤلاء الخريجين ، او البحث مع الجامعات في هيكلة هذا التخصص الذي يعاني من تراجع فرص العمل المتوفرة ، في ضوء عدم التنبه الى اهمية دعم القطاع الخاص ، الموفر لفرص العمل تلك.

وكذلك التركيز على اعداد خطط لجذب استثمارات عربية واجنبية لتعزيز هذا القطاع الجاذب في ضوء المتغيرات العالمية ، والحاجة لوسائل اعلام خاصة تقدم خدماتها للقطاعات الاقتصادية والمساهمة في تعزيز الاستثمار في الاردن.

وعلى نفس النهج والاتجاه ، غابت عن مجالس النواب ولجانه المتخصصة البحث في شؤون وتحديات الاعلام الخاص ، وركز مجلس النواب جهوده في عقد اجتماعات عديدة لبحث دعم الصحفي دون الالتفات الى ان الصحفي بلا مؤسسة لا يمكن ان يفعل شيء ، وان العاملين في المؤسسات الاعلامية قبل ان تكون اولوية بحث ظروفهم لا بد من تهيئة مناخ ملائم عبر دعم المؤسسات الاعلامية التي تحتضن او ستحتضن خريج الصحافة والاعلام او الصحفيين.

وهنا نسأل ماذا فعلت الحكومة لدعم المؤسسات الاعلامية الخاصة ؟؟ وبصيغة اخرى اكثر دقة ماذا لم تفعل للتضييق على المؤسسات الاعلامية الخاصة ؟؟

عبر اقحام هذه المؤسسات في صراع مع نقابة الصحفيين عبر ادخال نصوص في قانونها يلزم المؤسسات الاعلامية الخاصة بدفع مبالغ لهذه النقابة ، على الرغم من عدم وجود علاقة قانونية تربط الطرفين ولا خدمات بإستطاعة نقابة الصحفيين ان تقدمها للمؤسسات الاعلامية التي اسست وتعمل وفق قانون الشركات وتخضع رقابيا لهيئة الاعلام؟؟

والجميع يعلم ان الدستور الاردني حصر قرار فرض رسوم وضرائب على المواطنين والشركات بالحكومة الاردنية ولم يفوضها ان تمنح هذه الصلاحية لاي جهة ، وربط فرض الرسوم والضرائب بتقديم خدمات مقابلها!!

كيف تسلل النص القانوني بفرض رسم على المؤسسات الاعلامية لقانون نقابة الصحفيين ؟؟؟

من هنا يجب ان تتم مراجعة هذه التشريعات وضبطها بما يتوافق مع النص الدستوري والغاء اي تضارب مع الدستور الاردني ، والا فإن هذه السابقة سوف تفتح المجال امام مختلف النقابات المهنية والعمالية لفرض رسوم على الجهات التي تشغل اعضائها بداعي وجود سابقة لذلك في قانون نقابة الصحفيين!!

وهو الامر الذي يقع على عاتق السلطة التشريعية والتنفيذية على حد سواء ، لازالة التشوه في قانون نقابة الصحفيين ، وتعزيز دور المؤسسات الاعلامية الخاصة في الاردن وارسال رسائل تطمين لمن يرغب في دخول هذا القطاع مستثمرا بأن لا عوائق ولا محددات تحول دون زيادة حجم الاستثمار في القطاع الاعلامي لنصل الى المستوى الذي وصلته دول عديدة

نقلا عن عكاظ نيوز

مقالات مشابهة

  • إصلاح العملات" مهنةٌ طارئة في غزة لمواجهة شحّ السيولة
  • 111.6 مليون ريال تداولات بورصة مسقط الأسبوع الماضي
  • 111.6 مليون ريال تداولات بورصة مسقط في الربع الأول
  • من يحمي المستثمرين في قطاع الإعلام ؟
  • حاجيات الأبناك من السيولة بلغت 114 مليار درهم خلال يونيو (بنك المغرب)
  • مؤشر بورصة مسقط الأسبوعي يكسب 52.558 نقطة .. والتداول 111.6 مليون ريال
  • خام الحديد يحقق ثالث أسبوع مكاسب مع توقعات بدعم صيني للسوق
  • «آي صاغة»: نقص السيولة يكبح صعود الذهب محليًا رغم دعم عالمي من ضعف الدولار وتفاقم العجز الأمريكي
  • بورصة مسقط تكسب 5.9 نقطة .. والتداول 22.5 مليون ريال
  • البنوك المصرية حاضرة بقوة في دبي لدعم المستثمرين