بين شرعية الممول والشرعية الشعبية.. المجلس الرئاسي سنتان من الفشل الوطني
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
بعد مرور أكثر من عامين ونصف على تشكيل “مجلس القيادة الرئاسي” في اليمن، تبدو صورة المجلس في أذهان قطاع واسع من اليمنيين أقرب إلى كيان تم تشكيله لخدمة مصالح الداعمين الإقليميين أكثر من تحقيق مصالح الشعب اليمني. وبناء على هذه الصورة، سيكون من الصعب الرهان عليه لاستعادة الدولة سواء بالقوة أو عبر مفاوضات للسلام العادل.
عندما أُسِّس المجلس بمبادرة سعودية إماراتية تحت مظلة مشاورات يمنية واسعة في الرياض، كان الهدف المعلن توحيد القوى اليمنية المناهضة للحوثيين في إطار الشرعية بعد إعادة هيكلة سلطتها التنفيذية، من خلال دفع الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي لتفويض صلاحياته بشكل نهائي إلى المجلس، إلا أن الوحدة المنشودة لم تتحقق في الواقع كما كان مأمولا.
على الرغم من أن توحيد القوى الفاعلة على الأرض وإشراكها في السلطة يعد أمرا ضروريا لتحقيق الهدف الأساس المتمثل في استعادة الدولة، إلا أن المجلس أثبت عجزه عن تحقيق هذه المهمة. وهذا يعزز الانطباع بأن الداعمين له لجؤوا إليه كحل للتخلص من الفشل في إعادة الرئيس هادي إلى العاصمة صنعاء، باعتباره رمز الشرعية الذي استنجد بهم، وبالتالي، كان تسليم صلاحياته إلى هيئة جديدة مخرجا مناسبا لهم تحت ذريعة توحيد الصف الوطني.
تعكس تشكيلة المجلس بوضوح النفوذ الواسع لداعميه، إذ يضم قادة المليشيات والتشكيلات العسكرية المدعومة منهم، بدلاً من تمثيل القوى السياسية بشكل حقيقي، وهذا ينسجم مع رغبتهم في تقليص تأثير الفاعلين السياسيين.
في هذا السياق، يرى البعض أن النقطة الوحيدة المتعلقة بالوحدة في المجلس تتمثل في رفض العودة للاقتتال فيما بينهم كما حدث في السنوات الماضية، مع الحفاظ على الخلافات في إطار سلمي، وهو ما يعد مكسبا لو تم البناء عليه لتوحيد التشكيلات العسكرية ضمن إطار وزارة الدفاع وجهاز أمن الدولة، مما يساعد في بناء مؤسسات الدولة وتوحيد القدرات العسكرية نحو الهدف المشترك.
ومع ذلك، ظل أعضاء المجلس يمارسون مهامهم من الخارج بدلا من الانتقال للداخل الوطني في إطار المناطق التابعة للشرعية، وبالتالي لم تتغير طريقة إدارة البلاد حتى مع زوال بعض التحديات الأمنية المرتبطة بالمجلس الانتقالي الذي أصبح جزءا من المجلس، علما أن هذه القضية هي مما كان يؤخذ على الرئيس هادي إبان فترة إدارته من الرياض رغم أن بعض المبررات المنطقية كانت قائمة مثل صراعه مع الانتقالي.
تم تفسير تشكيل المجلس كمؤشر على تحوّل في أولويات الداعمين الخارجيين، فقد اتخذت السعودية مسارا للخروج من اليمن بعد استهداف منشآتها النفطية من قبل الحوثيين في عام 2019، ولأجل تحقيق ذلك، تخلصت من مسؤولية فشل إعادة الشرعية الى صنعاء، بالتركيز على استعادة السلام من خلال التفاوض السياسي مع الحوثيبن. أما الإمارات، وبعد سحب معظم قواتها، كانت تهدف إلى إشراك المجلس الانتقالي في السلطة للمساهمة في اتخاذ قرارات تخدم مشروع الانفصال تحت غطاء شرعية الدولة.
بناء على ذلك، جاءت قرارات وسياسات المجلس استجابة لمطالب الداعمين، حتى وإن بدا بعضها في الظاهر لصالح اليمنيين. على سبيل المثال، التنازلات التي تم تقديمها للحوثيين، كفتح مطار صنعاء وتسهيل دخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، كانت استجابة لمطالب الحوثيين في مشاوراتهم مع المملكة.
بل إن التنازلات وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مثل رفع التحالف، الذي تقوده الرياض، الحظر عن تفتيش السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة، مما ساهم في زيادة موارد الحوثيين. وآخر هذه التنازلات كان إلغاء قرارات البنك المركزي، والتوقف عن اتخاذ قرارات مستقبلية مما بدا وكأنه مصادرة لحق الحكومة في اتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها تأكيد وجودها.
للأسف، تم تقديم هذه التنازلات دون الحصول على ما يُقابلها من جانب الحوثيين الذين حققوا فترة الهدنة التي بدأت عام 2022 ما لم يحققوه في السنوات الماضية، وذلك بسبب استغلالهم رغبة الرياض في التفاهم معهم للخروج من اليمن.
من الواضح أن هذه التنازلات لم يكن من الممكن تقديمها في ظل الرئيس هادي، الذي كان يتمتع بشرعية مستمدة من الانتخابات الشعبية، ما يجعل الضغوط عليه محكومة بسقف معين بغض النظر عن طبيعتها، في حين أن أعضاء المجلس، الذين تم اختيارهم من قبل الرياض وأبو ظبي، لا يمانعون في تنفيذ ما يُطلب منهم.
وعطفا على ما سبق، طالما أن شرعية المجلس مستمدة من داعميه الخارجيين، فسيستمر في تمثيل مصالحهم أكثر من تمثيل مصالح اليمنيين. ومن الصعب تصوّر رفضه لأي مطلب، حتى وإن كان على حساب الشأن الوطني.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
انا في محافظة المهرة...
نحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...
شجرة الغريب هي شجرة كبيرة يناهز عمرها الألفي عام، تقع على بع...
الله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة الحوثیین فی فی الیمن أکثر من
إقرأ أيضاً:
كاتب فلسطيني: حشر الحوثيين قضية فلسطين لتبرير جريمة قتلهم معلم القرآن في اليمن ابتذال
قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، ياسر الزعاترة، إن حشر جماعة الحوثي قضية فلسطين لتبرير جريمة قتلهم معلم القرآن السبعيني صالح حنتوس في اليمن، ضرب من الابتذال والإساءة للقضية الفلسطينية.
وقال الزعاترة في تدوينة على منصة (إكس) "لا أسوأ من الجريمة غير تبريرها، إذ زعم بيان لشرطة الحوثيين أمس الأربعاء أن "المدعو"، كما وصفته كان "يعمد إلى الدعوة للفوضى والتمردّ، ورفض مواقف الدولة والشعب اليمني الداعمة للقضية الفلسطينية".
وأضاف "حشر فلسطين في السياق ضرب من الابتذال والإساءة لقضيتها، فهي ليست موضع خلاف بين اليمنيين، ولم تكن كذلك يوما، فضلا عن أن يصدر ما ذُكر عن شيخ جليل نذر نفسه لتعليم القرآن الكريم، وهو شهيد، بإذن الله، لأنه قضى دون بيته وأسرته".
والثلاثاء، فرض مسلحو الجماعة حصاراً خانقاً على منزل الشيخ حنتوس، الذي استهدفوه بالأسلحة المختلفة، ورفضوا إدخال المساعدات الطبية والغذائية إلى داخل المنزل المحاصر، ما أدى إلى مقتل الشيخ وإصابة زوجته ونجل شقيقه. ولم يكتف الحوثيون بذلك، فقاموا باختطاف العديد من رجال القرية، بمن فيهم بعض الجرحى، وقاموا باحتلال عدد من المنازل، ونهبها، والعبث بمحتوياتها، بهدف بث الرعب في صفوف الأهالي.
وكانت الجماعة قد زعمت أن الداعية الشيخ صالح حنتوس أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في اليمن، قتل برصاص عناصرها بتهمة نشر الفوضى والتمرد وعدم مساندة القضية الفلسطينية في مشهد قوبل باستهجان وسخرية واسعتين.
وأثارت جريمة مقتل معلم القرآن الشيخ حنتوس على يد مسلحي الحوثيين، حالة من الاستنكار في الأوساط الشعبية والرسمية اليمنية، التي اعتبرت الجريمة دليلاً دامغاً على سياسة جماعة الحوثيين في محاولتها تركيع اليمنيين بالقوة.