تحديات مخاض ولادة سوريا وشرق أوسط جديدين!
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
أحدث سقوط نظام الأسد زلزالا سياسيا بارتدادات ديناميكية غير مسبوقة، انتكاسة لروسيا، وإيران ليكون عام 2024، الأكثر كارثية على إيران ومحورها ومشروعها.
ونشهد تغيرا كبيرا في موازين القوى وفي تحالفات إقليمية، وصعود قوى وتراجع قوى أخرى، يدفع ذلك لتشكيل نظام شرق أوسطي جديد؟! وذلك تطبيقا لما يكرره نتنياهو برؤيته «لشرق أوسط جديد»- تحضيراً لرئاسة ترامب وإدارته التي ملأها بالمتشددين والموالين لإسرائيل ومواقفها وحربها على الفلسطينيين واستمرار حرب إبادتها على غزة للشهر الخامس عشر، وسط توقعات متشائمة بأن تكون مواقف ومقاربة ترامب شخصيا وإدارته مختلفة عن السياسة المنحازة والمصطفة كلياً مع الموقف الإسرائيلي المتطرف الذي لا يؤمن للفلسطينيين حقوقا بالوجود وحق قيام دولة فلسطينية، حسب رؤية الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عقود.
يشكّل سقوط نظام الأسد فرصة نادرة لسوريا وللمنطقة لاستثمار ذلك التحول الكبير في واقع المنطقة للانخراط بعمل جدي لخفض التصعيد والعمل الجماعي بين الدول الفاعلة والنظام العربي ككل، وكذلك مع الدول الإقليمية التي لعبت وتلعب دورا مؤثرا فيما يجري من تفاعلات سواء في سوريا وأدوار إسرائيل وتركيا وإيران.
واليوم بعد أسبوعين من سقوط نظام الأسد وفراره إلى موسكو وتحوله لعبء حتى على بوتين- لانتهاء صلاحيته والفائدة منه- تاركا أقرب حلفائه وجيشه وزبانيته وأبواقه الذين مكنوه من حكم سوريا في الداخل، وحلفاء الخارج، بإذلال وقمع السوريين لأكثر من خمسة عقود من حكم آل الأسد- تقف سوريا والمنطقة على مفترق طرق.
ومع تراجع نشوة الاحتفالات بالنصر وبدء عمل الحكومة الانتقالية لمدة ثلاثة أشهر، وإعادة فتح السفارات وتقاطر الوفود الرسمية وخاصة الأوروبية والأمريكية في تناقض واضح بالتواصل الرسمي مع «أحمد حسين الشرع» زعيم «هيئة تحرير الشام»-أو «أبو محمد الجولاني» قائد «هيئة تحرير الشام» المصنف كإرهابي! لتجتمع مع الشرع يوم الجمعة الماضي باربرا لييف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى! وتُلغي مكافأة 10 ملايين دولار.
وتصف أحمد الشرع بالبراغماتي والعملي وتُشيد بالمناقشات معه، وتعلن دعم إدارة بايدن عملية سياسية تُفضي لتشكيل حكومة جامعة لا تستثني أحداً. وحتى إعادة النظر بدعم قوات سوريا الديمقراطية (الأكراد)لإرضاء تركيا- وتقديم دعم فني لمساعدة الحكومة السورية الانتقالية بتوثيق جرائم الأسد، وأولوية لتوثيق جرائم مقابر النظام الجماعية.
ترى الولايات المتحدة، أنه لم يعد هناك دور لإيران في مستقبل سوريا ولا ينبغي أن يكون لها دور.. ولطمأنة مكونات المجتمع في الداخل وكسب ثقة الخارج الذي يراقب عن كثب المشهد السوري، أعلنت الحكومة الانتقالية بدء حوار وطني بين مختلف الكتل والفصائل والمجتمع المدني في سوريا، لا يقصي أي طرف على خلفية دينية أو عرقية أو أثنية.
واضح أولوية الشرع بلقاءاته مع المسؤولين الغربيين الزائرين الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين وغيرهم هو رفع العقوبات التي فُرضت على النظام السابق، وإزالة هيئة تحرير الشام والشرع نفسه من قائمة الإرهاب، لأن المنطق لا يمكن الاجتماع والتعامل مع شخصية مصنفة إرهابية!
واضح أن الشرع يطبق خطة مدروسة وذكية لطمـأنة الأطراف المشككة بنواياه وأهدافه. ويحاول إعادة إنتاج نفسه بعيداً عن سجله ومواقفه، فقد سبق انتماؤه لتنظيم القاعدة وقاتل في العراق واعتقل من القوات الأمريكية وسجن ليخرج ويشكل جبهة النصرة في سوريا، ثم يشكل ويقود هيئة تحرير الشام- ويقاتل تنظيم داعش في سوريا.
اليوم يتحول الشرع إلى العقلانية والاعتدال، ويقدّم خطابا معتدلا، بعدما تخلّى عن البزة العسكرية إلى اللباس المدني والبدلة، وغيّر شكله وقصّر لحيته
واليوم يتحول الشرع إلى العقلانية والاعتدال، ويقدّم خطابا معتدلا، بعدما تخلّى عن البزة العسكرية إلى اللباس المدني والبدلة، وغيّر شكله وقصّر لحيته. وطمأن الداخل وخاصة الأقليات السورية من علويين وأزلام النظام وحتى جنرالات وجنود النظام السابق بتقديم تسوية لأوضاعهم. ليبدو نظاما يشمل الجميع دون إقصاء. كما أن حكومة الإنقاذ المؤقتة ترسل رسائل طمأنة للغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وتشكيل حكومة جامعة لجميع الكتل والتيارات والأقليات. وتنبذ الإرهاب برغم بقاء الشرع وهيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب.
من مطالب الولايات المتحدة التي تفكر برفع الشرع وهيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، عدم السماح بعودة تنظيم داعش، اغتالت قوات القيادة الوسطى الأمريكية زعيم التنظيم أبو يوسف في سوريا بعملية نوعية في دير الزور الجمعة الماضي. وضمان حقوق الأقليات، وتدمير مخزون السلاح الكيمياوي والبيولوجي.
تُثار أسئلة مشروعة من السوريين والمعنيين في المنطقة وخارجها حول مستقبل سوريا، وكل طرف يسعى لتحقيق مكاسب، أبرز هذه الأسئلة عن مستقبل قيادة أحمد الشرع و»هيئة تحرير الشام»، وعلاقتهم مع مكونات الداخل السوري ومع الدول الإقليمية والغرب وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا.
وأبرز تحد في ادماج مكونات وفسيفساء المجتمع السوري وأقلياته من علويين وشيعة وأكراد ومسيحيين. وكذلك مواجهة توسيع الاحتلال الإسرائيلي والاقتراب من العاصمة دمشق بعد تدمير القدرات العسكرية السورية بعدوان متكرر. وكذلك تبرز تحديات تحضيرات تركيا لشن عملية ضد الأكراد في الشمال، وطمأنة الجيران في لبنان والأردن.
وهكذا نشهد بوضوح تغير موازين القوى في سوريا، وتصاعد عربدة وعدوان إسرائيل وصولا إلى إيران واليمن. ما يُهدد الأمن الإقليمي كما نشهد في لبنان وبعد سقوط نظام الأسد، باحتلال المنطقة الفاصلة في الجولان وجبل الشيخ- وحجة نتنياهو أن ذلك لأسباب أمنية ولمنع وصول الميليشيات المتطرفة إلى الحدود. وصدّقه الأمريكيون ودافعوا عن منطقه أن «الوجود العسكري مؤقتاً (الاحتلال)، بينما هو غير شرعي لخرقه اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974 بعد حرب أكتوبر-تشرين الأول 1973.
لكن هل تشكل المتغيرات الكبيرة إدعاء نتنياهو أن حرب الجبهات السبع «غيّرت الشرق الأوسط»؟!
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الشرع الولايات المتحدة الاحتلال سوريا الولايات المتحدة الاحتلال الشرع سقوط الاسد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام سقوط نظام الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بيان مشترك فرنسي أمريكي يدعم وحدة سوريا.. إلغاء مذكرة التوقيف بحقّ «بشار الأسد»!
أكد بيان مشترك صدر عن الاجتماع السوري الفرنسي الأمريكي، الذي استضافته باريس يوم الجمعة، على دعم وحدة سوريا وسيادتها واستقرارها، وتعزيز التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب.
وجاء ذلك بعد لقاء جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الفرنسي جان نويل باروت، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، وفقًا لوكالة الأنباء السورية “سانا”.
وأشار البيان إلى دعم جهود سوريا في محاسبة مرتكبي أعمال العنف، واستمرار المشاورات لتنفيذ اتفاق الحكومة مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، الذي تم توقيعه في مارس الماضي.
كما شدد البيان على ضرورة الانخراط الجاد في مسار الانتقال السياسي بما يضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وتعزيز قدرة مؤسسات الدولة السورية لمواجهة التهديدات الأمنية، ودعم جهود الحكومة السورية لتحقيق مصالحة وطنية، خصوصًا في شمال شرق سوريا ومحافظة السويداء.
ولفت البيان إلى التحضير لجولة مشاورات مرتقبة في باريس بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، بهدف استكمال ترتيبات الانتقال السياسي.
إضافة إلى ذلك، شجب البيان الهجمات على المقرات الأمنية والبنية التحتية الرسمية في الساحل السوري، وأكد رفض التصعيد المتكرر. وشمل البيان أيضًا التأكيد على مبدأ عدم التهديد المتبادل بين سوريا ودول الجوار كخطوة ضرورية لضمان الاستقرار الإقليمي.
محكمة النقض الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد وتؤكد استمرار التحقيق
أفادت وسائل إعلام فرنسية بأن محكمة النقض الفرنسية ألغت مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، التي كانت قد أُصدرت في نوفمبر 2023، بتهمة “التورط في هجوم كيميائي” وقع عام 2013.
ونقلت الوسائل عن رئيس المحكمة كريستوف سولار قوله إن المحكمة اعتبرت أنه “لا توجد استثناءات يمكنها إلغاء الحصانة الشخصية لرئيس الدولة”، ما يجعل المذكرة غير قابلة للتنفيذ طالما كان الأسد يتمتع بوضعه الرسمي كرئيس.
وأوضح سولار أن “الأسد لم يعد رئيسًا، وبالتالي قد تصدر أو صدرت بالفعل أوامر اعتقال جديدة ضده، مما يسمح باستمرار التحقيق القضائي في القضية”.
وكان الرئيس السوري السابق بشار الأسد قد غادر السلطة في ديسمبر 2024، بعد سيطرة المعارضة المسلحة على العاصمة دمشق وإعلانها سقوط الحكومة. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن الأسد غادر سوريا طوعًا بعد مفاوضات، وسلم السلطة بشكل سلمي، مشيرة إلى منحه اللجوء الإنساني في موسكو مع عائلته.
آخر تحديث: 25 يوليو 2025 - 16:33