ما وراء عودة التصعيد الحوثي في مختلف الجبهات؟ ( تقرير خاص )
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
يمن مونيتور/ تعز/ من إفتخار عبده
خلال الشهرين الأخيرين من هذا العام عاودت مليشيات الحوثي، تصعيدها في مختلف الجبهات بمحافظة تعز، بالتزامن مع سقوط نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران، واستيلاء الشعب السوري على السلطة.
وأعلن الجيش الوطني في محافظة تعز يوم الاثنين/ الموافق 2 ديسمبر/ كانون الأول، عن إحباط 16 محاولة تسلل للحوثيين في جبهات محافظة تعز خلال شهر نوفمبر الماضي، لترد المليشيات آخرها بستهداف الأحياء السكنية والمدنيين.
وقال محور تعز في بيان ” ضمن تصعيدها المتواصل خرقا للهدنة استهدفت المليشيات الحوثية مواقع الجيش بمختلف الأسلحة والطيران المسير ونفذت عددًا من محاولات التسلل الفاشلة إلى مواقع قواتنا قبل أن تعود مكبدة بخسائر كبيرة بالأرواح العتاد”.
وفي أول يوم من شهر ديسمبر استهدفت مليشيات الحوثي بطائرة مسيرة سوقا شعبيا في مديرية مقبنة في الجهة الشمالية لمحافظة تعز، أدت إلى قتل ستة مدنيين وأصيب ثمانية بجروح.
ويوم الثلاثاء/ الموافق 3 ديسمبر الجاري قال محور تعز العسكري إن الحوثيين استهدفوا أحياء سكنية في محيط البنك المركزي السابق، قرب المنفذ الشرقي الذي ينتقل من خلاله المواطنون من وإلى مدينة تعز” دون مزيد من التفاصيل.
ويوم الخميس الموافق 12 ديسمبر أعلن الجيش الوطني عن مقتل اثنين من مسلحي الحوثي وإحباط 3 محاولات تسلل للجماعة في تعز.
وقال محور تعز في بيان “تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية تصعيدها في جبهات القتال واستهداف المدنيين في مدينة تعز بالتزامن مع قصف مواقع للجيش والقرى السكنية بالطيران المسير”.
ويوم الثلاثاء الموافق 17 ديسمبر قصفت جماعة الحوثي، الطريق الرابط بين مدينة تعز والمنفذ الشرقي للمدينة، والأحياء السكنية المحيطة بالمنفذ.
وأوضح المركز الإعلامي لمحور تعز، في منشور على صفحته بفيس بوك، الثلاثاء، أن القصف الحوثي تسبب في حالة هلع في أوساط المسافرين والسكان وتوقف حركة السير في المنفذ الشرقي للمدينة.
ويوم الاثنين الماضي أعلن الجيش الوطني، إحباط عملية هجومية عنيفة شنّها الحوثيون على جبهة الدفاع الجوي شمال غرب مدينة تعز، بالتزامن قتل طفل وإصابة ثلاثة آخرون، بنيران قذيفة أطلقها الحوثيون في مديرية مقبنة بمحافظة تعز.
وقالت السلطة المحلية في مقبنة في بيان إن” قذيفة أطلقتها مليشيات الحوثي سقطت بجوار منزل المواطن بكر قائد مهيوب ، أثناء لعب الأطفال خارج المنزل في قرية بومية بالمديرية “.
ويوم الاثنين أعلن المركز الإعلامي لمحور تعز عن مواجهات عنيفة دارت في الجبهة الشمالية والشمالية الغربية لمدينة تعز.
وقال المركز إن المواجهات تجددت في جبهة عصيفرة شمالي مدينة تعز بالتزامن مع إحباط محاولة تسلل حوثية في جبهة الأحطوب – مديرية جبل حبشي بالريف الغربي للمحافظة.
ويوم أمس الثلاثاء أعلن الجيش الوطني، عن مقتل 8 حوثيين وإصابة 15 آخرين في مواجهات بجبهة الدفاع الجوي شمال غرب مدينة تعز.
ويأتي استمرار هذا التصعيد من قبل مليشيات الحوثي على محافظة تعز، بالتزامن مع قلقها الكبير من أن تكون محافظة تعز هي الانطلاقة الأولى التي ستقضي على هذه المليشيات.
*تصعيدٌ يعكس قلق مليشيا الحوثي وتخبطها*
بهذا الشأن يقول الصحفي والمحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي” خلال الأيام الماضية لوحظ أن مليشيا الحوثي تصعد من هجماتها العسكرية في مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، لا سيما في محافظة تعز، تليها محافظة مأرب، ففي محافظة تعز تركز الهجمات على الجبهة الشرقية، والشمالية، والشمالية الغربية، وريف غرب تعز، في منطقة، الضباب وجبهة مقبنة وجبهة الأحطوب( جبل حبشي) “.
وأضاف الفاتكي لموقع” يمن مونيتور” المليشيات الحوثية بين الفينة والأخرى تستهدف الأحياء السكنية المدنية، وتقصف بعض المنازل، وقد قصفت قبل فترة سوقا في مقبنة، وقبل أيام قصفت منزلا قتل فيه طفل وأصيب ثلاثة آخرون من أسرته”.
وأردف” هذا التصعيد تقوم به المليشيا الحوثية يمكن أن تقرأه بأنه يأتي في إطار أن المليشيات تريد أن توصل رسائل لحاضنتها ومناصريها في الداخل أنها ليست كنظام الأسد وبأنها، مستعدة لأي هجوم، وأنها ليست فقط قادرة على أن تدافع بل هي قادرة على أن تهاجم ولديها القدرات العسكرية التي من شأنها أن تصد أي هجوم وبالتالي أرادت أن توصل تلك الرسائل من خلال تلك الهجمات التي تقوم بها على مواقع الجيش الوطني والتي تبوء بالفشل، ومحاولات التسلل التي تنتج عنها خسائر فادحة في المعدات والأرواح في صفوف مليشيا الحوثي”.
*اختبار مقدرة الجيش الوطني على صد الهجمات*
وتابع” المليشيات الحوثية تريد أن تختبر مدى مقدرة واستعداد الجيش الوطني، كمجسات استشعار لصد تلك الهجمات وبالذات في محافظة تعز، فقد أرادت المليشيات أن تكثف الهجمات عليها؛ لأنها تعتقد أن أي تحرك ضدها سينطلق من هذه المحافظة وأن الجيش الوطني يمكن أن يزحف عليها من هذه المحافظة”.
وواصل” قيام المليشيات الحوثية بتلك العمليات العسكرية، وكأنها تريد أن تظهر للرأي العام أنها على استعداد تام لمواجهة أي هجوم، وليس كذلك فقط؛ بل إنها ستقوم بشن هجمات عسكرية مكثفة والسيطرة على مواقع عسكرية بيد الجيش الوطني والزحف نحو المدينة؛ فهي تريد أن تعزز هذا الانطباع من خلال تلك الهجمات المتكررة التي تقوم بها بين الفينة والأخرى، كان أشدها ما حصل ليلة الأمس الأول من هجوم كبير على مواقع الجيش الوطني في الدفاع الجوي، الذي كان مصيره الفشل وتكبيد المليشيات خسائر فادحة”.
في السياق ذاته يقول الناشط الإعلامي أبو فاهم، فؤاد العسكري، إن” انهيارات المحور الإيراني الحوثي في المنطقة يقلق الحوثيين بشكل كبير وهو ما دفعهم لشن هجوم استباقي في محافظة تعز، فكل الهزائم الميدانية المتسارعة التي يتكبدها حلفاؤهم من الطوائف المسلحة التابعة لإيران في الوطن العربي قد أرعبت قيادة الحوثي وأصبحت تتخوف من عمليات مماثلة ضدها من قبل الجيش الوطني”.
وأضاف العسكري لموقع” يمن مونيتور” تزايد السخط المحلي والدولي ضد مليشيا الحوثي يقلقها أكثر ، فقد أدرك الحوثي أن أنصاره قد أصابهم الخور والضعف والإرباك، والأشد من هذا هو تخلي إيران بيوم وليلة عن أكبر القيادات التابعة لها في الوطن العربي، التي استمرت لعقود بإنشائها وسخرت كل ماتمتلك لدعمها وبنائها بكل وسائل الدعم والبناء”.
وأردف” تصنيف بعض قيادة الحوثي القائمين على سجونها في قائمة الإرهاب كانت الضربة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير؛ إذ أصبح لسان حال قيادة الحوثي يقول: إيران باعت وتخلت عن أكبر القيادة وما نحن إلا نقطة في بحر من تخلت عنهم وقد وصفونا سابقًا بشيعة شوارع ومانحن حتى تقف معنا، لقد وجب علينا أن نقف وننقذ أنفسنا… حالهم اليوم مثل الغريق الذي يتشبث بقشة”.
وتابع” استبق الحوثي بشن هجوم على مواقع الجيش الوطني في محافظة تعز؛ لأنه يدرك أن تعز هي إدلب الثانية ومنها سيكون السقوط، فهي من خلال ذلك تريد أن تبعث رسالة بأنها ما تزال قوية، وأن اليمن غير سوريا من ناحية التضاريس والسياسة أيضا”.
*البحث عن نصر وهمي*
وأكد” في الوقت نفسه تبحث المليشيات عن نصر وهمي، من أجل أن يبعث الأمل لدى عناصرها، ومع ذلك لن تفلح ولن تنقذ الغريقَ القشةُ مهما تشبث بها، والحوثي دائما ما يركب الموجة؛ ففي السابق استغل الشعب لجمع الأموال لبناء الأرصدة وشراء السلاح والعقارات من خلال الاحتفال بالمولد النبوي، ثم استعطف القبائل و حشد تحت شماعة العدوان، ثم الدواعش، وعندما توقف التحالف العربي وتوقفت الجبهات سارع إلى تبني قضية فلسطين؛ لأنه يدرك أن قضية فلسطين تجارة رابحة”.
وأشار إلى أنه” اليوم حتى الأطفال تعرف أن ما تقوم به المليشيات الحوثية ضد إسرائيل عبارة عن مسرحيات، وقد حاول مرار وتكرارا أن يدعوا إسرائيل وأمريكا والعالم لاستهداف المناطق التي يسيطر عليها حتى يقنع الشعب أنه في حرب مع أعداء الإسلام”.
واختتم” أذرع إيران في الوطن العربي عبر تاريخهم لا تهمهم الشعوب بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصيه التي جعلوها فوق الجميع، وعاشوا برفاهية تامة على أنقاض الشعب، لكنه ورغم ذلك سيأتي اليوم الذي تحتفل به الشعوب بالخلاص من هذه المليشيات، وستأتي فرحة سوريا لليمن بإذن الله تعالى”.
*الخوف من تكرار السيناريو السوري في اليمن*
من جهته يقول الصحفي والناشط السياسي، وليد الجبزي” بعد أن بدأت تتساقط الأذرع الإيرانية في المنطقة العربية ابتداء بحزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا، زاد القلق وبشكل كبير في بقية الأذرع الإيرانية الأخرى في العراق واليمن؛ وشعرت مليشيا الحوثي، الذراع الإيراني في اليمن، بقلق وتخوف كبير من أن يتكرر السيناريو السوري في اليمن، ويتم الانقضاض عليهم من قبل الجيش الوطني وفي أي لحظة”.
*رعبٌ غير مسبوق يتوسط المليشيات*
وأضاف الجبزي لموقع” يمن مونيتور” من خلال متابعتنا لناشطين وسكان محليين في المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، اتضح جليا أنه هناك رعب غير مسبوق يتوسط المليشيات الحوثية وقيادتها وخاصة في العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة؛ خوفًا من انتفاضة مسلحة قد تظهر في أي وقت؛ لذا حاولت مليشيا الحوثي في تلك المناطق من تشديد قبضتها العسكرية والأمنية”.
*لرفع معنويات عناصرها المنهارة*
وأردف” أصيبت مليشيا الحوثي بانهيار كبير بين أنصارها عقب سقوط نظام الأسد بسوريا في الـ8 من ديسمبر 2024م؛ ولهذا عمدت على شن هجوم على عدد من مواقع الجيش الوطني في محافظة تعز لتسجيل انتصارات وهمية لرفع معنويات اتباعها الذين لم يفيقوا من هول الصدمة عقب سقوط نظام الأسد في سوريا”.
وتابع” معروف أن تعز تمثل كابوسًا مرعبًا لمليشيا الحوثي وحجر عثرة أمام المشروع الإيراني الذي تقوده مليشيا الحوثي في اليمن، كما أنه لهذا الهجوم دلالات أخرى للمليشيات وهو إظهار أنهم ما يزالون أقوياء أمام أي هجوم، والحقيقة أنه يدل على الانهزام الداخلي لدى جماعة الحوثي وقيادتها”.
وواصل” من المؤكد أن بقاء هذه الجماعة في اليمن أصبح شبه مستحيل ومسألة زوالها من على كاهل ورقاب اليمنيين بات وشيكا لا محاله”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الجبهات الجيش الوطني تعز مواقع الجیش الوطنی الملیشیات الحوثیة الجیش الوطنی فی ملیشیات الحوثی ملیشیا الحوثی فی محافظة تعز بالتزامن مع یمن مونیتور على مواقع مدینة تعز الحوثی فی فی الیمن من خلال أی هجوم ترید أن
إقرأ أيضاً:
المليشيات والأذرع العسكرية للمشروع الإسرائيلي تنفذ مخطط التفكيك والتقسيم في اليمن
لم تعد التحركات الأخيرة في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة مجرد “صراعات داخلية” حسبما يصورها البعض، فالأحداث التي شهدتها حضرموت، والمهرة ، وعدن وغيرها خلال الأيام الماضية كشفت بوضوح حجم المخطط الخارجي الذي يدار من الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة ودعم اماراتي، وينفذ عبر أدوات محلية تتمثل في مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي و طارق عفاش، اللذين يقدمان نفسيهما كقوى محلية، بينما هما في الحقيقة أدوات احتلال بالوكالة، تعمل ضمن صفقة مكتملة الأركان تهدف إلى تفتيت اليمن والسيطرة على ثرواته وموانئه وموقعه الاستراتيجي.
الثورة / مصطفى المنتصر
وقد شهدت المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ، وفي مقدمتها حضرموت والمهرة وعدن، خلال الأيام الماضية تحولات خطيرة كشفت حجم التورط الخارجي في الشأن اليمني، ووضعت المجلس الانتقالي الجنوبي وميليشيات طارق عفاش في واجهة المشهد باعتبارهما الأدوات المحلية المنفذة لأجندة إماراتية–إسرائيلية–أميركية تهدف إلى تفكيك اليمن وتقويض سيادته ، فالتطورات الميدانية التي جرت بوتيرة خاطفة لم تكن نتيجة صدامات داخلية بقدر ما كانت انعكاساً لمخطط خارجي محكم، بدأ مع الانتشار المفاجئ لمليشيات الانتقالي في مدن وادي حضرموت والمهرة ومحيط عدن، وسط انسحابات غير متوقعة من بعض المليشيات المحسوبة على حزب الإصلاح الموالي للسعودية في مشهد حمل كل ملامح الترتيب المسبق والتنسيق عالي المستوى.
قواعد إماراتية إسرائيلية تدير التحركات العسكرية للسيطرة على الممرات
وتشير المعطيات السياسية والأمنية إلى أن تلك التحركات لم تكن وليدة اللحظة ولا تعبيراً عن نزعة انفصالية فحسب، بل جاءت استجابة مباشرة لتوجيهات صادرة من غرف عمليات إماراتية وإسرائيلية أُنشئت خلال الأشهر الماضية في قواعد وجزر جنوبية، وارتبطت بمنظومة مراقبة ومعلومات توفرها واشنطن وتل أبيب ضمن ما يُعرف بـ “التحالف الأمني الجديد” الذي تسعى أبوظبي إلى تثبيته شرق البحر العربي. وتؤكد مصادر عسكرية أن سرعة السيطرة على المواقع العسكرية والنقاط الحساسة لم تكن ممكنة لولا أن الانتقالي تلقى دعماً عملياتياً مباشراً، سواء في الخطط أو في وسائل الاتصال والتوجيه، وهو ما جعل الأداء العسكري يتجاوز قدرات هذه المجموعات التي اعتادت العمل بأسلوب عشوائي لا علاقة له بتنفيذ عمليات منظمة بهذا المستوى.
وفي جوهر هذا التحرك العسكري، ظهرت مصالح إسرائيلية واضحة تتجاوز وجود الإمارات في الجنوب اليمني المحتل فالمناطق التي اندفع إليها الانتقالي ليست مجرد مدن يمنية، بل مساحات ترتبط بالساحل العربي ومحطات النفط والغاز وممرات بحرية تشكل أهمية خاصة للبحرية الإسرائيلية، الساعية منذ سنوات لإيجاد موطئ قدم آمن لها في المحيط الهندي وباب المندب. وقد سبق أن كشفت تقارير محلية ودولية عن وجود خبراء إسرائيليين في سقطرى وفي قواعد إماراتية داخل عدن والمكلا والمهرة والساحل الغربي، مما يجعل التحركات الأخيرة امتداداً طبيعياً لمسار اختراق مدروس للجنوب اليمني بهدف إحكام السيطرة على مواقع حيوية يمكن استخدامها في التجسس وعمليات الرصد أو حتى كمنصات عسكرية ضد محور المقاومة.
الانتهاكات وعمليات التطهير العنصري
ومع الاندفاعة العسكرية للانتقالي، شهدت حضرموت والمهرة موجة واسعة من الانتهاكات التي طالت ضباطاً وجنوداً ومدنيين من أبناء المحافظات الشمالية، في سلوك يعكس العقلية العنصرية التي تغذيها أبوظبي داخل أذرعها العسكرية والتي تتشابه إلى حد ما مع الانتهاكات التي تنفذها مليشيات الدعم السريع الموالية للإمارات في السودان. أقدمت مليشيات الانتقالي على إعدام عدد من المواطنين والضباط في ما يسمى المنطقة العسكرية الأولى بعد اعتقالهم، وحجز جثثهم قبل أن يُسلموا جثثاً إلى المستشفيات.
وبحسب مصادر حقوقية التي كشفت عن خسائر ما وصفته بالهجوم “المنظم” الذي شنته مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، على مدينة سيئون وعدد من مديريات وادي حضرموت ومحافظة المهرة، سقوط ما يقارب 100 قتيل في المواجهات الأخيرة.
كما طالت الاعتقالات مئات المدنيين الذين جرى اقتيادهم من الشوارع والأسواق ومن نقاط التفتيش بسبب انتمائهم المناطقي، في انتهاكات صارخة وصفتها منظمات حقوقية بعمليات تطهير عرقي لا علاقة لها بالقانون ولا بالأعراف.
وفي سيئون تحديداً، وثق شهود عمليات نهب منظمة للمقرات الحكومية والممتلكات الخاصة بالتزامن مع دخول مليشيات الانتقالي وطارق عفاش، في وقت تحدث فيه سكان مناطق عدة عن سطو على المركبات والمحلات التجارية ومحاولات للاستيلاء على منازل مملوكة لمدنيين.
وانتقلت هذه الانتهاكات إلى الاعتداء على شخصيات اجتماعية جنوبية رفضت التواجد وتأييد هذه العمليات العسكرية، وتعرض بعض الناشطين للتهديد بالتصفية، في محاولة لإسكات أي صوت رافض وتحويل الجنوب إلى منطقة خاضعة بالقوة لحكم الميليشيات ،وتزامن هذا الانتشار مع إدخال مجموعات تابعة لطارق عفاش إلى مناطق متفرقة من المهرة وحضرموت، في خطوة بدت مكشوفة من حيث الهدف والدافع، خصوصاً أن الإمارات تعتمد على هذه الميليشيات كذراع عسكرية ثانية موازية للانتقالي، تستخدمها لضبط إيقاع المشهد وضمان عدم خروج القرار المسلح عن قبضتها.
ويصف مراقبون هذا التوزيع للقوى بأنه محاولة لصناعة “مليشيات دولة موازية” تتقاسم النفوذ وتتبع جميعها القيادة الإماراتية، بحيث لا يملك اليمنيون أي قدرة على فرض قرار وطني مستقل في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي.
توحيد الجبهة الوطنية لمواجهة مشروع احتلال
ان توقيت هذه التحركات لا ينفصل عن المشهد الإقليمي، إذ يرى محللون أن صعود العمل المقاوم اليمني ضد الكيان الصهيوني في البحر الأحمر وباب المندب دفع واشنطن وتل أبيب إلى البحث عن أوراق ضغط داخلية لإعادة تشكيل الجبهة الجنوبية وخلق إرباك يحد من قدرة صنعاء على مواصلة عمليات الردع ، ويبدو أن الإمارات تولت دور “المقاول” التنفيذي لهذه الخطة، محاولة تحويل الجنوب المحتل إلى قاعدة ضغط بديلة، عبر استخدام أدواتها المحلية لإشعال الفوضى وتأجيج الصراع الداخلي.
ولأن المشهد يرتبط بصورة مباشرة بمخطط احتلال جديد، فإن خطورته لا تقتصر على الانتهاكات أو السيطرة الميدانية، بل تتعدى ذلك إلى تهديد وجودي لوحدة اليمن وسيادته. فالمشروع الذي يجري تنفيذه في حضرموت والمهرة وعدن لن يقف عند هذا الحد وتكريس لحدود الانفصال المعلن الذي يتبناه الانتقالي، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة تشكيل المناطق الجنوبية والشرقية المحتلة ككيان تابع للإمارات وإسرائيل، تتحكمان بموارده وثرواته وموانئه وممراته البحرية، فيما يُترك أبناؤه رهائن لمليشيات تعمل بالوكالة ولا تؤمن بالانتماء للوطن والوحدة ولا بالنسيج الوطني.
إن التطورات الأخيرة تضع اليمن أمام مرحلة دقيقة، فالصمت على ما يجري يعني القبول بالاحتلال الجديد الذي يتخفى خلف شعارات سياسية زائفة بينما يعمل على تدمير ما تبقى من سيادة وطنية ، والوقائع الميدانية تؤكد أن الانتقالي وميليشيات طارق عفاش لم يعودا قوى محلية، بل أصبحا جزءاً من منظومة إقليمية ودولية تستهدف اليمن أرضاً وشعباً وهوية، وتعمل على تمزيق الجنوب واستخدامه منصة عدائية ضد مصالح اليمنيين ، ومع كل ذلك، فإن إرادة الشعب اليمني ومسار التحرر الذي تقوده صنعاء يشكلان السد الحقيقي في مواجهة هذا المشروع، وقد أثبتت التجارب أن اليمنيين قادرون على إفشال المخططات الخارجية مهما بدت معقدة ومتعددة الأطراف.
وما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ليس سوى مرحلة من مراحل التهديد الخارجي ، والتي تتطلب توحيد الجبهة الوطنية وإسناد القوى الوطنية الرافضة للاحتلال، وتحويل الوعي الشعبي إلى قوة مواجهة قادرة على إفشال جميع محاولات فرض الوصاية والهيمنة الأجنبية.